عقوبات ترمب تعقّد عودة الديمقراطيين إلى الاتفاق النووي مع إيران

عقوبات ترمب تعقّد عودة الديمقراطيين إلى الاتفاق النووي مع إيران
TT

عقوبات ترمب تعقّد عودة الديمقراطيين إلى الاتفاق النووي مع إيران

عقوبات ترمب تعقّد عودة الديمقراطيين إلى الاتفاق النووي مع إيران

ليست المرة الأولى التي يتصاعد فيها الجدل داخل الحزب الديمقراطي حول مصير الاتفاق النووي مع إيران الذي وقع عام 2015، لكن التطورات الأخيرة التي ألقت بظلالها على المشهدين الدولي والإقليمي، وكذلك على الصراع الداخلي بمناسبة السباق الرئاسي الأميركي، أثارت الكثير من التساؤلات حول مدى صحة الوعود التي يطلقها المرشحون الديمقراطيون بالعودة إلى هذا الاتفاق، من دون رؤية التحولات التي جرت والتي قد تحول دون ذلك في المستقبل.
معظم المرشحين الديمقراطيين بدا أنهم يدافعون بشكل رئيسي عن تركة باراك أوباما، التي يواصل دونالد ترمب تمزيقها، بحسب رأيهم. وفيما أعلن غالبيتهم عن رغبتهم في العودة إلى الاتفاق، إلا أن الأمر قد لا يكون بهذه السهولة.
يرى الكثير من المحللين والمراقبين الأميركيين، وخصوصا في الصحف «الليبرالية»، أنه حتى ولو خسر ترمب انتخابات عام 2020، فإن العقبات السياسية واللوجيستية قد تجعل من المستحيل العودة إلى الاتفاق النووي.
مع بداية عام 2021 عندما يتولى الرئيس الجديد مهامه، قد لا يتبقى من هذا الاتفاق أي شيء يمكن الدفاع عنه أو الحفاظ عليه، منذ أن انسحب ترمب منه العام الماضي. ولكن حتى ولو كان لا يزال قائما، فإن بنوده من المقرر أن تنتهي في السنوات القليلة المقبلة، وسيكون من الصعب جدا إلغاء العقوبات التي فرضها ترمب، فيما يتوقع أن تؤدي الانتخابات الإيرانية في تلك الفترة إلى تصاعد دور المتشددين المناهضين للاتفاق النووي أصلا. علما بأن طهران تواصل تخليها عنه تباعا عبر خرقها الكثير من بنوده، فضلا عن احتمال أن تكون الحرب قد اندلعت بين الولايات المتحدة وإيران، وخلقت وقائع سياسية جديدة.
اللافت أن المرشحين الرئاسيين الديمقراطيين، سواء من الوسطيين أو يمين الوسط أو اليساريين، يعترفون بهذه الوقائع. لكنهم يصرون على أن إشهار التمسك بالاتفاق النووي، بطاقتهم للفوز بتأييد قاعدة أوباما الشعبية، وتمييز أنفسهم عن ترمب، وإرسال رسالة إلى العالم، بما فيها إيران، بأن «الولايات المتحدة ستكون مرة أخرى شريكا موثوقا به».
يدافع هؤلاء عن الجهود التي أمضاها أوباما وسنوات التفاوض الطويلة لتوقيع الاتفاق النووي مع إيران. لكن مناهضيه يقولون إن مفاعيله وقضاياه ومدته تقترب من النهاية، ولا شيء يضمن ألا تعود إيران إلى أنشطتها النووية، خصوصا أنها وسعت من أنشطتها وتأثيراتها السياسية في المنطقة وزادت من ترسانتها الصاروخية.
ويحاجج مناصرو ترمب والحزب الجمهوري عموما بأن رفع العقوبات عن إيران سمح لها بمضاعفة مواردها وبتوسيع أنشطتها، بدلا من الرهان على تحولها دولة طبيعية كما كان يأمل أوباما.
التحذيرات التي يطلقها الديمقراطيون من احتمال اندلاع حرب مع إيران، يقابلها برودة وقدر كبير من ضبط النفس يصل إلى حد التلويح بإهمال ملفها ودخولها طي النسيان، فيما تعمل إيران على تعميق تناقضها مع دول العالم، مع تزايد عدد المتضررين، وتحول تأمين الملاحة في الخليج، إلى مطلب دولي.
الاتفاق النووي شكل قاسما مشتركا أساسيا في السياسة الخارجية بين المرشحين الديمقراطيين. وفي فبراير (شباط) الماضي، أصدرت اللجنة الوطنية الديمقراطية قرارا يدعو الولايات المتحدة إلى التمسك به مجددا.
وقال المرشح الوسطي بيت بوتيجيج عمدة ساوث بيند في ولاية إنديانا، في خطاب عن السياسة الخارجية الشهر الماضي: «إنه مهما كانت عيوب الاتفاق، فقد يكون أقرب إلى فن الصفقة».
وحده المرشح السيناتور كوري بوكر من ولاية نيوجيرسي، رفض التعهد بالعودة إلى الاتفاق النووي، وقال إذا أتيحت له الفرصة للاستفادة من صفقة أفضل، فلن يتردد في ذلك. بوكر مقرب من النشطاء المؤيدين لإسرائيل التي تعارض كليا الاتفاق النووي مع إيران.
ويرى الكثير من المسؤولين الأميركيين السابقين أن الوقائع الجارية تقود إلى التكهن بأن الاتفاق لن يكون قائما حتى بداية عام 2021. ورغم أن البعض يميل إلى تحميل ترمب مسؤولية سلوك طهران، التي تتدرج في تخليها عن الاتفاق، فإن الأمر يشكل معضلة للديمقراطيين. فقد بدأ بعضهم يشير إلى أن تعهدهم بالعودة إلى الاتفاق مشروط بامتثال طهران لشروطه.
وبمعزل عن النقاش حول من يتحمل مسؤولية انهيار الاتفاق، وعن احتمالات تغيير المشهد السياسي جراء الانتخابات المتوقعة سواء في الولايات المتحدة أو إيران، التي ستشهد هي الأخرى انتخابات عام 2021 تبرز حقيقة أخرى تتعلق بعناصر الاتفاق النووي نفسه، والقيود الدولية الموضوعة على إيران التي تقترب من الانتهاء.
فمن المقرر أن ينتهي الحظر الذي تدعمه الأمم المتحدة على مبيعات الأسلحة التقليدية لإيران في عام 2020، وبحلول عام 2023 ستدعو الأمم المتحدة إيران إلى تقييد برنامجها للصواريخ الباليستية. وعام 2025 ستنتهي مدة الاتفاق، مما يسمح لإيران باستخدام أجهزة الطرد المركزي المتقدمة وتخصيب اليورانيوم فوق الحدود الحالية، ضمن خطوات أخرى.
وبموجب الاتفاق وافقت إيران على السماح على أساس دائم بعمليات تفتيش ومراقبة دولية معززة لأنشطتها النووية. فإيران طرف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي دخلت حيز التنفيذ عام 1970، مما يعني أنها تعهدت بعدم السعي لامتلاك أسلحة نووية.
ومع ذلك، فإن منتقدي إيران سوف يشيرون إلى تحايلها السابق على تلك التعهدات فيما مواعيد انتهاء صلاحية الاتفاق، تلوح في الأفق بشأن عناصر منه كأسباب لعدم العودة إليه فعلا. ويقول البعض إن العودة إلى الاتفاق سيتطلب من الرئيس الأميركي الجديد رفع العقوبات ذات الصلة بالسلاح النووي، التي فرضها ترمب على إيران، وهذا بحد ذاته مشكلة معقدة. لكن العودة عن العقوبات ذات الصلة بالملف النووي قد لا تكون كافية. فالعقوبات التي فرضها ترمب تحت عنوان «أقصى قدر من الضغط على إيران»، تجاوزت بكثير العقوبات السابقة.
العودة عن تصنيف «الحرس الثوري» الإيراني كمنظمة إرهابية، قد يشكل وحده مشكلة للديمقراطيين، الذين يعتبر الكثير منهم سواء كانوا من المرشحين أو من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب بأنه كذلك. وإذا أصرت إيران على رفع العقوبات عن «الحرس الثوري»، فقد يتسبب الأمر في مشكلة سياسية حقيقية للرئيس الديمقراطي.
ويعتبر البعض وخصوصا من الديمقراطيين أن بعض صقور إيران قد يكونون هم السبب في دفع ترمب لفرض تلك العقوبات المعقدة والصعبة، التي قد تمنع الرئيس الجديد من العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 بعدما أمعنوا في سياسات التحدي والاستيلاء. وقد يستغل ترمب هذا الأمر لمهاجمة خصمه الديمقراطي متهما إياه بتعريض الأمن القومي للولايات المتحدة للخطر، إذا ما قرر العودة إلى الاتفاق.
في المقابل بات واضحا أن لغة جديدة قد دخلت على قاموس الديمقراطيين. حتى جو بايدن المرشح الأوفر حظا حتى الساعة للفوز بترشيح الحزب، قال أخيرا إنه لن يعود إلى الاتفاق إلّا بعد امتثال إيران، متعهدا في الوقت نفسه بإدخال تعديلات عليه لتقويته وتوسيعه.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.