نتنياهو: نستعد لحرب على قطاع غزة

بعد اتهامه بالتقصير في تحرير الأسرى الإسرائيليين

TT

نتنياهو: نستعد لحرب على قطاع غزة

بعد أن أعلن ذوو الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى «حماس» مقاطعتهم واتهامهم له بالتقصير والتقاعس في تحريرهم، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن حكومته ملتزمة بإعادة الأسرى، وفي سبيل ذلك تستعد لشن الحرب على قطاع غزة.
وبالمقابل أعلن مسؤول ملف الأسرى في حكومة نتنياهو، أن تقدماً جرى في الحصول على معلومات عن وضع الأسرى، ورفض الاتهامات ضد رئيسه، وقال إن هناك أموراً كثيرة لا يستطيع الحديث عنها لأسباب أمنية.
وكان ملف الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس» قد انفجر من جديد مع ختام خمس سنوات على سقوطهم في الأسر. ودعا نتنياهو إلى حفل رسمي لإحياء ذكراهم، أقيم مساء الثلاثاء، ولكن عائلات الجنود الأسرى قاطعته وأقامت حفلاً بديلاً خارج مكان الحفل الرسمي، في مقبرة هرتسل في الموعد نفسه، ووجهوا انتقادات شديدة للحكومة ورئيسها، واتهموه بالتقاعس والتقصير.
وحاول مبعوثو نتنياهو ثني العائلات عن نيتها فتح معركة ضده، وألمحوا إلى أن مثل هذه المعركة ستفهم على أنها نشاط سياسي انتخابي قبيل الانتخابات؛ لكنهم لم يرضخوا. وتكلم والدا الجنديين الأسيرين، هدار غولدين، و شاؤول أورون، مهاجمين نتنياهو على سياسته المتقاعسة في هذا الملف، وقالا إن نتنياهو قد أبدى عجزاً حتى عن تفسير سياسته وطمأنة العائلتين، وقالا في بيان صحافي بعيد الاجتماع، أمس، إن «رئيس الحكومة يثبت أنه لا يتخذ خطوات جدية في موضوعنا»، وإن «إعادة الجنود ليست على سلم أولويات نتنياهو».
وقال الوالد سيمحا غولدين، إن «عملية الجرف الصامد (الاسم الإسرائيلي للهجوم على غزة في عام 2014)، لم تنته بعد، ولن تنتهي إلا بإعادة الجنود المفقودين والأسرى». وأكد أن نتنياهو «لا يقوم بما هو ضروري لاستعادة الجنود الذين سقطوا».
واستغلت حركة «حماس» هذا النقد، فتوجه الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أبو عبيدة، لعائلات الجنود الأسرى الإسرائيليين قائلاً: «عليكم أن تسألوا نتنياهو ويعالون وغانتس: أين تركوا أبناءكم؟ وأن تسألوا رافي بيرتس الحاخام الرئيسي للجيش: كيف ضللكم وخدّركم بمعلوماتٍ معينة خدمة لأهداف سياسية رخيصة». وأضاف في خطاب مسجل عممته الكتائب على وسائل الإعلام في أعقاب الوعود التي أطلقها نتنياهو بأن حكومته ملتزمة بإعادتهم: «اسألوا وزراءكم إبان حرب 2014: كيف قبلوا بتجاهل قضية أبنائكم وتركهم للمجهول؟ إنهم يضربون بآلامكم عرض الحائط».
ونقل موقع «تايمز أوف إسرائيل» عن أبو عبيدة في خطاب بُث على «فيسبوك لايف» يوم الثلاثاء، أن هناك «فرصة حقيقية» للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، من خلاله ستعيد الحركة رفات جنديين إسرائيليين، بالإضافة إلى مواطنين إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة منذ خمس سنوات.
وكان نتنياهو قد أعلن في الحفل المذكور، أنه «ملتزم بإعادة الجنديين شاؤول أورون وهدار غولدين، بالإضافة إلى المواطنين الإسرائيليين أفراهام مانغيستو وهشام السيد (المحتجزين لدى حركة «حماس»)». وادعى نتنياهو أن حكومته تقوم بالكثير في هذا الشأن: «لا يمكنني تفصيل كل ما نقوم به؛ لكننا نفعل الكثير، الكثير. أنا ألتزم بواجبي فيما يتسق مع رؤية شاملة لجميع الاعتبارات، بحكم كوني رئيس الحكومة». وأعلن نتنياهو أن حكومته تستعد لتوجيه ضربة عسكرية جارفة ضد «حماس» في قطاع غزة.
المعروف أن الحكومة الإسرائيلية، كانت قد أعلنت عن فقدان جثتي جنديين في قطاع غزة خلال الحرب التي وقعت في 8 يوليو (تموز) 2014، واستمرت حتى 26 أغسطس (آب) من العام نفسه، هما شاؤول وغولدين. ثم أعلنت عن فقدان مواطنين إسرائيليين اثنين، أحدهما من أصل إثيوبي، والآخر من أصل عربي، دخلا غزة بصورة غير قانونية خلال عامي 2014 و2015. وأكدت «حماس» في أكثر من مناسبة أنها لن تكشف عن مصير الإسرائيليين ما لم تفرج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين أعادت اعتقالهم في السنوات الماضية، بعد الإفراج عنهم في صفقة تبادل عام 2011. وتقول حركة «حماس» إنها ستكون مستعدة لاحقاً لتسليم الأسرى مقابل الإفراج عن معتقلين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وخصوصاً ذوي الأحكام العالية.
ومع أن الحكومة الإسرائيلية تتحدث عن تقدم في المفاوضات لإعادة الأسرى، فإن عائلاتهم لا تثق بهذا الكلام، وتعتقد أن الحكومة تستغل تصرفاتهم المسؤولة وعدم الخروج إلى الشوارع في حملات شعبية، وتتقاعس عن عمل أي شيء لتحريرهم.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.