نهاية الثنائية الحزبية والتناوب على إدارة الحكم في المشهد السياسي الإسباني

تمهّد للعودة إلى صناديق الاقتراع للمرة الرابعة في أقل من 4 سنوات

مفاتيح تشكيل حكومة إسبانية في يد بابلو إيغليزياس زعيم حزب يونيداس بوديموس اليساري الراديكالي (أ.ف.ب)
مفاتيح تشكيل حكومة إسبانية في يد بابلو إيغليزياس زعيم حزب يونيداس بوديموس اليساري الراديكالي (أ.ف.ب)
TT

نهاية الثنائية الحزبية والتناوب على إدارة الحكم في المشهد السياسي الإسباني

مفاتيح تشكيل حكومة إسبانية في يد بابلو إيغليزياس زعيم حزب يونيداس بوديموس اليساري الراديكالي (أ.ف.ب)
مفاتيح تشكيل حكومة إسبانية في يد بابلو إيغليزياس زعيم حزب يونيداس بوديموس اليساري الراديكالي (أ.ف.ب)

أجواء من السوريالية السياسية خيّمت على الجولة الأولى من جلسة البرلمان الإسباني لبّت طلب المرشّح الاشتراكي بيدرو سانتشيز تشكيل الحكومة الجديدة، وأظهرت عمق الانقسامات في المشهد السياسي الإسباني واستحالة العودة إلى مناخ الاستقرار الذي كان يقوم على الثنائية الحزبية والتناوب شبه المنتظم على إدارة الحكم، الأمر الذي شكّل عاملاً أساسياً في النهضة الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها إسبانيا في العقود الثلاثة التي سبقت الأزمة المالية الأخيرة.
الجولة الأولى من التصويت أكدت ما كان بحكم المحسوم، أي أن سانتشيز لا يملك الأغلبية المطلقة التي تمكّنه من تشكيل الحكومة، وأن عليه الانتظار ليوم غد (الخميس)، لمعرفة ما إذا كان سيحصل على الأغلبية البسيطة لتحاشي العودة إلى صناديق الاقتراع كما حصل منذ عامين عندما غرقت إسبانيا في أزمة سياسية عميقة ما زالت تجرّ أذيالها إلى اليوم. لم يحصل سانتشيز إلا على تأييد نوّاب حزبه فيما صوّتت الأحزاب اليمينية والكتلة الانفصالية الكاتالونية ضدّ ترشيحه وامتنع حزب «بوديموس» اليساري والحزب القومي الباسكي عن التصويت.
ومن المقرر أن يعود البرلمان إلى الاجتماع، غداً، لإجراء التصويت الثاني والأخير على طلب الثقة، حيث يكفي المرشّح أن يحصل على عدد من الأصوات المؤيدة يزيد على عدد الأصوات المعترضة على ترشيحه لينال ثقة المجلس ويشكّل الحكومة الجديدة. لكن السجال العنيف الذي دار بين سانتشيز وزعيم حزب «يونيداس بوديموس» بابلو إيغليزياس الذي يعد «الحليف الطبيعي» للحزب الاشتراكي في التوزيع الحالي للقوى السياسية في البرلمان، يُنْذر بصعوبة التوصل إلى اتفاق بين الطرفين حول تشكيل حكومة ائتلافية تنقذ البلاد من تكرار انتخابات عامة يُستبعد أن تؤدي إلى تغيير في المشهد السياسي.
ويُجري حزب العمال الاشتراكي مباحثات مع حزب «يونيداس بوديموس» منذ أسابيع، عقب أن استبعد في بادئ الأمر تشكيل ائتلاف مع الائتلاف اليساري. ويطالب حزب «يونيداس بوديموس» بالحصول على أربع حقائب وزارية، حسبما ذكرته وسائل إعلام محلية.
أوساط عديدة وجّهت انتقادات إلى سانتشيز تتهمه بعدم التحضير كفاية لجلسة الثقة التي يعود له وحده قرار تحديد موعدها، وبالارتجال في السعي إلى تأمين الأصوات الكافية لضمان تكليفه تشكيل الحكومة. وقد بدت المناقشات التي دارت، أمس (الثلاثاء)، بين سانتشيز وإيغليزياس قبل التصويت كأنها مفاوضات علنيّة بين الحزبين اللذين بات مصير طلب الثقة معلّقاً بالاتفاق على صيغة ما بينهما.
كان زعيم «بوديموس» قد حذّر سانتشيز من أنه «إذا ضيّع هذه الفرصة فلن تكون هناك فرصة أخرى أمامه لتولّي رئاسة الحكومة»، وشكا من أن الاشتراكيين عرضوا على حزبه «إحدى نيابات رئاسة الحكومة من غير صلاحيات فعلية وبعض الحقائب الوزارية الثانوية». لكن سانتشيز، الذي بات يخشى أن يستقرّ في أذهان المواطنين الاعتقاد بأن الحزب الاشتراكي يناور في المفاوضات ويمارس التسويف لرغبته في العودة إلى الانتخابات، ردّ بأن العرض الذي قدّمه لـ«بوديموس» يجعل من هذا الحزب «شريكاً كاملاً على قدم المساواة في الحكومة».
ويشغل حزب العمال الاشتراكي و«يونيداس بوديموس» 167 مقعداً في البرلمان. ويشار إلى أن سانتشيز يتولى منصب رئيس الوزراء منذ يونيو (حزيران) 2018 عندما أطاح بسلفه ماريانو راخوي في تصويت بحجب الثقة.
أوساط «بوديموس» من جهتها أكّدت أن الاشتراكيين رفضوا خلال المفاوضات التخلّي عن أيٍّ من الحقائب التي تتمتع بصلاحيات أساسية وموازنة كبيرة، مثل المال والإسكان والعمل والبيئة، واقترحوا إعطاءهم حقائب مثل الشباب والرياضة والمساواة بين الأجناس.
الأمر الواضح الوحيد في هذا المشهد السياسي المعقّد هو أن الجلسة الثانية والأخيرة غداً مفتوحة على احتمالات عدة مرٌّ أحلاها بالنسبة إلى كل الأطراف المعنية. العودة إلى صناديق الاقتراع، للمرة الرابعة في أقل من أربع سنوات، دليل على وهن النظام السياسي الإسباني وعدم نضوج مكوناته، ورسالة ملتبسة إلى أسواق المال والقوى الاقتصادية، وانتكاسة قوية على الجبهة الأوروبية التي بدأت إسبانيا تستعيد دوراً قيادياً فيها. والحكومة الائتلافية مع حزب «بوديموس»، الذي قام على فلول الحزب الشيوعي والمنشقّين عن الحزب الاشتراكي الذي ينافسه على نفس القاعدة الشعبية، ستكون محفوفة بالمطبّات والصعاب ومضمونة الأزمات التي ستؤدي حتماً إلى استنزاف الاشتراكيين الذين بدأوا يستعيدون موقعهم الأساسي في المشهد السياسي الإسباني.
يبقى الاحتمال الثالث، وهو تكرار التجربة الراهنة التي يحكم فيها الحزب الاشتراكي منفرداً لا يعتمد إلا على تأييد أقلية برلمانية، مما يجعل من كل خطوة يقْدم عليها في مجلس النواب عملية قيصرية مضنية وتعرّض الحكومة للسقوط في أي لحظة. لكن يبدو أن سانتشيز الذي يهوى المجازفات السياسية، والذي لم يُظهِر بعد أي ميل إلى المشاركة في الحكم والقرار، يراهن على الوصول إلى هذا الاحتمال الثالث.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.