لجنة مشتركة بين بغداد وأربيل لحل مشكلة النفط العالقة

TT

لجنة مشتركة بين بغداد وأربيل لحل مشكلة النفط العالقة

تتحدث الأوساط النيابية العراقية عن بوادر حل يلوح في أفق العلاقة المتوترة بين بغداد وإقليم كردستان بشأن عدم التزام الأخير بتسليم حصته من النفط البالغة 250 ألف برميل يومياً إلى بغداد، خصوصاً بعد الزيارة الأخيرة التي أجراها رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور البارزاني لبغداد، الأسبوع الماضي. وكشف وزير المالية في الحكومة الاتحادية الكردي فؤاد حسين، أمس، عن «محادثات معمقة» ستجري الأسبوع المقبل للتوصل إلى اتفاق بين بغداد وأربيل بشأن تصدير نفط إقليم كردستان.
ويتهم نواب عرب، الإقليم بعدم الإيفاء بالتزاماته مع بغداد المتعلقة بتسليم حصته من النفط، على الرغم من بيعه أكثر من 500 ألف برميل يومياً. وفي مسعى لحل أزمة النفط بين بغداد وأربيل، كشفت اللجنة النيابية للنفط والطاقة والثروات الطبيعية عن تشكيل لجنة مشتركة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان للمباشرة في تسليم 250 ألف برميل من النفط الخام يومياً إلى بغداد. وقال عضو اللجنة أمجد العقابي لـ«الشرق الأوسط» إن «الإيرادات النفطية للشهور السابقة سيجري تسليمها للحكومة الاتحادية بأثر رجعي».
وأضاف أن «الطرفين اتفقا على تشكيل لجنة من وزارتي النفط في كلٍّ من حكومَتي المركز والإقليم للمباشرة في تسليم 250 ألف برميل من النفط الخام يومياً في الإقليم لشركة تسويق النفط (سومو)، علماً بأن الإقليم ينتج ما بين 480 و500 ألف برميل يومياً». وأوضح العقابي أن «الإقليم أكد أن عدم تسليمه تلك الإيرادات منذ بداية العام ولغاية الآن سببه تأخير تشكيل الحكومة هناك». ويعترف العقابي بمجمل «تعقيدات ملف النفط مع الإقليم، وحتى المتخصصين في هذا المجال يشعرون أحياناً بالحيرة لما يجري حوله، وهناك عتب شديد على رئيس الوزراء بسبب التهاون في هذا الملف، كما أن هناك اتهامات للأكراد، بعضها واقعي وصحيح بالسعي إلى عدم الالتزام والتنصل من الاتفاقيات».
كان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قد جدد أول من أمس، التزام حكومته بقانون الموازنة المالية الاتحادية الذي يوجب على إقليم كردستان «تسليم 250 ألف برميل من النفط يومياً للدولة العراقية». وشدّد عبد المهدي، خلال مقابلة تلفزيوينة، على أنه في «حال لم يسلم الإقليم حصته فسيتم اقتطاع مبلغها من الموازنة، وهذا ما نقوم به بالضبط». وأشار إلى أن «رواتب موظفي الإقليم تدفع في إطار الموازنة وبشكل مشروع، وهذا يفرح سكان كردستان ويربط أبناء الوطن الواحد بوطنهم الواحد».
ورغم أجواء التفاؤل السياسية برؤية حل قريب للمشكلات العالقة بين المركز والإقليم، خصوصاً فيما يتعلق بقصة النفط، فإن مصدراً مطلعاً في وزارة النفط أكد رفع الأخيرة دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية ضد وزير الثروات في إقليم كردستان ورئيس وزرائها بسبب تصدير النفط دون الرجوع إلى الحكومة الاتحادية، كما أكد وجود دعوى قضائية ضد الدولة التركية لمساهمتها في ملف تهريب النفط. ويقول المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن «ممثلين قانونيين يترافعون بشكل منتظم منذ أشهر أمام المحكمة الاتحادية لكسب دعاوى قضائية رُفعت ضد رئيس وزراء الإقليم ووزير ثرواته، لقيامهم بتصدير النفط بعيداً عن شركة (سومو) النفطية المسؤولة عن ملف النفط الاتحادي».
ويلفت المصدر إلى أن «الدعوى القضائية تمتد لسنوات سابقة، لكنها فُعّلت في الأشهر الأخيرة». غير أنه من غير المتوقع أن «تجد الدعوى طريقها إلى الحكم، نظراً إلى التعقيدات السياسية والفنية التي تحيط بها وعدم وجود قانون للنفط يفصل في المنازعات بين الطرفين، إلى جانب الحراك الذي حدث مؤخراً بين بغداد وأربيل». وكشف عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، ريبين سلام، أول من أمس، عن أن «حجم ديون الإقليم المستحقة للشركات النفطية التي تقوم باستخراجه، يقارب الـ30 مليار دولار». واعتبر سلام في تصريحات أن «تقاعس الحكومة الاتحادية عن إرسال موازنة الإقليم لمدة 4 سنوات دفع حكومة كردستان إلى استخراج النفط والاعتماد عليه».
وفي شأن نفطي آخر، أعلنت وزارة النفط العراقية، أمس، عن «تطمينات» قدمها الجانب الإيراني للعراق تتعلق بضمان حرية حركة الملاحة الآمنة في الخليج العربي ومضيق هرمز وخليج عُمان، في أثناء زيارة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لطهران، أول من أمس. وقالت وزارة النفط في بيان أمس، إن وزيرها ثامر الغضبان، أعلن عن تطمينات إيرانية قدمها الرئيس الإيراني حسن روحاني للوفد العراقي برئاسة عادل عبد المهدي حول ضمان حرية حركة الملاحة الآمنة في الخليج العربي ومضيق هرمز وخليج عُمان واحترام القانون الدولي الذي يضمن حرية الملاحة الدولية. وشدد الغضبان على «أهمية مضيق هرمز في حركة ومرور ناقلات النفط لدول المنطقة والعالم التي تصل بمعدلاتها اليومية إلى أكثر من 18 مليون برميل»، مشيراً إلى أن «العراق يصدر عبر مضيق هرمز النفط الخام بمعدلات تصل ما بين 3.4 و3.5 مليون برميل يومياً، فضلاً عن تصدير الغاز السائل ومكثفاته».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.