حمّلت تركيا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي المسؤولية عن التدهور الراهن في العلاقات معها، مؤكّدة أنها لم تتخل عن توجهها نحو الغرب.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، في مقال لـ«بلومبيرغ» الأميركية نُشر أمس، إن بلاده «لم تتخل عن الغرب، وإن واشنطن والاتحاد الأوروبي يتحملان المسؤولية عن الوضع الراهن في العلاقات لكل منهما مع بلاده». وأضاف، في المقال الذي جاء رداً على مقال للصحيفة ذاتها بعنوان: «تركيا لم تعد حليفاً للغرب»، أن الاتهامات التي أخذت تنهال على بلاده مؤخراً، وبينها ما سماه بـ«مزاعم استبداد الرئيس رجب طيب إردوغان داخلياً، وتقويض عمل قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) خارجياً، لا أساس لها من الصحة».
وتابع أن «شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية المضادة للطائرات والصواريخ (إس 400) أثار جدلاً قديماً حول ما إذا كانت تركيا تبتعد عن الغرب، وتتراوح الاتهامات ما بين مزاعم استبداد الرئيس إردوغان في الداخل، وتقويض عمل قوات حلف الناتو في الخارج، لكن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة، وإن دلت على شيء فإنّما تدل على فشل عميق في تفهم المخاوف الأمنية المشروعة لتركيا من ناحية، والديناميات الإقليمية والوقائع الجيوسياسية الكبرى المحيطة بها من ناحية أخرى.
واعتبر أن «الادعاء» بأن تركيا لم تعد حليفاً موثوقاً لحلف الناتو لا أساس له من الصحة أيضاً، «وعلى العكس تماماً، لعبت تركيا ولا تزال دوراً حاسماً في تنفيذ جميع مهام الحلف الرئيسية، من كوسوفو والبوسنة إلى لبنان وأفغانستان، وذلك باعتبارها عضوا مسلما».
وأشار كالن إلى أن الأمور اتّجهت مؤخراً لتصوير تركيا على أنها «دولة منبوذة»، ويعود ذلك إلى سببين رئيسيين: الأول هو قرار تركيا شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس - 400»، الأمر الذي أدى إلى أزمة مع الولايات المتحدة، والثاني هو قرار تركيا مواصلة الاستكشاف والتنقيب في شرق البحر المتوسط، ما أدى إلى أزمة مع الاتحاد الأوروبي. واعتبر أنه سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن هذه هي القضايا الوحيدة التي أوصلتنا إلى الأزمة الحالية... «فالأزمة ملحة وتتطلب منظوراً أوسع نطاقاً».
وقال إن «قرار إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بالتحالف مع الأجنحة السياسية والعسكرية لحزب العمال الكردستاني (المحظور) في سوريا، ألحق أضراراً إضافية بأواصر الثقة بين الحليفين»، لافتا إلى أن هذه السياسة، التي تستمر في الوقت الراهن في ظل إدارة ترمب، تشكل أيضاً «تهديداً خطيراً لسلامة أراضي سوريا ووحدتها السياسية، وتفتح البلاد أمام حروب بالوكالة على أسس عرقية وطائفية».
وأضاف كالن أن محاولات تركيا المتكرّرة لشراء منظومة صواريخ «باتريوت» من الولايات المتحدة لم تتمخض للأسف عن أي اتفاق، وما كان أسوأ هو قرار إدارة أوباما بسحب «باتريوت» من تركيا في عام 2015، بينما ظلت تركيا تحت تهديد الحرب السورية، ولم تسفر جهود تركيا لشراء صواريخ «باتريوت» خلال العامين الماضيين عن أي نتائج، ولم يعد نظام الدفاع الجوي الروسي خياراً، لكن ضرورة لتركيا.
كما أوضح المتحدّث باسم الرئاسة التركية أن حالة مماثلة من الإهمال والإحباط شابت العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي بشأن القضية القبرصية، معتبراً أن قبول قبرص كعضو كامل بالاتحاد دون تسوية القضية القبرصية، ألحق أيضاً «ظلماً كبيراً» بالقبارصة الأتراك، ولم ينتهك بذلك الاتحاد الأوروبي مبادئه فحسب، بل في الآونة الأخيرة، قوبل بالرفض العرض الذي قدمه الجانب التركي لتأسيس نظام يتسم بحصة عادلة ومتساوية من الموارد في شرق البحر المتوسط.
في سياق متصل، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن تركيا علّقت اتفاقية إعادة قبول اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي، وإن تركيا تريد الجلوس مع اليونان لحل النزاع، في إشارة إلى توتر تشهده العلاقات مع اليونان بعد تنقيب تركيا عن النفط قبالة سواحل قبرص، تبعه فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على تركيا.
وأضاف جاويش أوغلو، في تصريحات نشرت أمس: «نحن نؤيد التصريحات الإيجابية لنظرائنا اليونانيين، نريد أن نتعاون من أجل توزيع النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، وخاصة بالقرب من الجانب القبرصي».
وتابع: «نحن ندعم الخطوات المتخذة لمشاركة الموارد، لكن الاتحاد الأوروبي يتخذ خطوات لإرضاء الجانب اليوناني فقط، والعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي علينا لا قيمة لها، وقد قمنا بتعليق اتفاقية إعادة القبول مع الاتحاد الأوروبي».
ووقعت الحكومة التركية والاتحاد الأوروبي في 18 مارس (آذار) 2016، 3 اتفاقيات تقبل فيها تركيا اللاجئين من دول الاتحاد الأوروبي مقابل حرية التنقل للمواطنين الأتراك داخل الاتحاد الأوروبي، وتنص على إعادة كل لاجئ وصل إلى اليونان قبل 20 مارس 2015 إلى تركيا، مقابل لاجئ ستستقبله دول الاتحاد الأوروبي بشكل قانوني.
وبموجب الاتفاقية تمت إعادة 1564 لاجئاً من اليونان إلى تركيا مقابل 12489 لاجئاً سورياً استقبلتهم دول الاتحاد الأوروبي من تركيا خلال سنتين.
والأسبوع الماضي، قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وقف المفاوضات بشأن إبرام صفقة طائرات، وإلغاء اجتماعات سياسية رفيعة المستوى، وخفض المخصصات المالية لتركيا باعتبارها مرشحة لعضوية الاتحاد واقتطاع مبلغ 145.8 مليون دولار من مبالغ تابعة لصناديق أوروبية من المفترض أن تُعطى لتركيا خلال عام 2020، مع قيام البنك الأوروبي للاستثمار بمراجعة شروط تمويله لتركيا. وقللت تركيا من أهمية هذه العقوبات وقالت إنها لا تأخذها على محمل الجد، وإنها سترسل سفينة رابعة إلى شرق المتوسط للتنقيب قبالة سواحل قبرص، لكن جاويش أوغلو عاد وقال أول من أمس إنه لا حاجة في الوقت الراهن لإرسال المزيد من السفن.
في سياق آخر، أصدرت السلطات التركية، أمس، قرارات اعتقال بحق 47 من العسكريين، بينهم 35 ما زالوا بالخدمة، على خلفية مزاعم بالانتماء إلى حركة الخدمة التابعة لفتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة انقلاب فاشلة وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016.
وصدرت قرارات الاعتقال عن النيابة العامة في مدينة إزمير (غرب تركيا) وشملت 47 مشتبهاً به، بينهم 35 ما زالوا بالخدمة، من ولايات مختلفة بينها إسطنبول وأنقرة وتكيرداغ وكونيا وأسكي شهير، متهمين بالتواصل مع قيادات بحركة غولن، عبر نظام الاتصال الدوري والمتسلسل عبر الهواتف العمومية التي تستخدمها الحركة بين الجنود ومن يطلق عليهم الأئمة السريون الموجودون داخل الجيش؛ لتجنب رصد المكالمات وتحديد أطرافها.
وشنت قوات الأمن على الفور عمليات متزامنة ألقت خلالها القبض على 31 من المطلوبين فيما لا يزال البحث عن الباقين جارياً.
وتشن السلطات التركية بشكل منتظم حملات اعتقال طالت عشرات الآلاف منذ المحاولة الانقلابية، بتهمة الاتصال بحركة غولن.
تركيا تحمّل أميركا والاتحاد الأوروبي المسؤولية عن توتر العلاقات
حملة اعتقالات جديدة في صفوف العسكريين
تركيا تحمّل أميركا والاتحاد الأوروبي المسؤولية عن توتر العلاقات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة