فنان مصري يبدع بورتريهات عربية على النسيج اليدوي

أسرار المهنة انتقلت إلى محمد محيي من أجداده

أعمال الشرقاوي تبرز التراث العربي والشرقي
أعمال الشرقاوي تبرز التراث العربي والشرقي
TT

فنان مصري يبدع بورتريهات عربية على النسيج اليدوي

أعمال الشرقاوي تبرز التراث العربي والشرقي
أعمال الشرقاوي تبرز التراث العربي والشرقي

بأنامل ذهبية، وقدرات فنية مميزة، يبدع الفنان المصري الشاب محمد محيي الشرقاوي، أشكالاً فنية رائعة على المنسوجات اليدوية، مستلهما بعض أفكاره الفنية من التراث الحضاري العربي والإسلامي والفرعوني. ولأن النسيج اليدوي، من أقدم وأعرق الصناعات اليدوية والتراثية في مصر، فقد توارثته الأجيال على مدار القرون الماضية. ويعد الفنان الشاب محمد محيي الشرقاوي، من أبرز الفنانين المتخصصين في هذا المجال بمصر، إذ تصافح أنامله صباح كل يوم الخيوط المثبتة على «النول اليدوي»، أو المنسج الخشبي الذي تعتمد عليه هذه الحرفة، ولم تكن تخلو منه البيوت الفرعونية، ومن بعدها كثير من البيوت الريفية، وكان يحيك كلّ حاجات المصريين من الملابس والمفروشات والكليم والسجاد على مدى العصور.
يقول الشرقاوي في حواره لـ«الشرق الأوسط»: «النسيج اليدوي هو نسج باليد لخيوط طولية تسمى (السدى) تتبادر معها خيوط عرضية تسمى (اللحمة). وتصنع من عدة خامات كالكتان والصوف الطبيعي، والحرير والقطن، وذلك باستخدام النول اليدوي الذي يتكون من مجموعة من الأخشاب الطولية والعرضية، وعدة أجزاء منها مطواة السدى، ومطواة النسيج، والمشط، والحبل المروحة والسحابات والدواسات». مشيراً إلى أن «هذا الفن يتميز بقدرته على تجسيد التصميمات والأشكال المطلوبة بدقة وبراعة، وأنه يعيش طويلاً، فبعض المنسوجات تعود إلى مئات بل آلاف السنين».
ينسج محمد محيي 36 عاماً إبداعات من المعلقات مثل «التابلوهات» ولوحات الجوبلان و«البورتريهات»، إضافة إلى الكليم واللوحات الفنية والمناظر الطبيعية والمفروشات الأرضية المزخرفة، وحقائب السيدات والأحذية وأقمشة تنجيد الأثاث (صالون وأنتريه)، والوسائد، وكلها من النسيج اليدوي من الصوف الطبيعي، التي يقوم بتنفيذها على النول المصري.
ونسج الشرقاوي عدداً من البورتريهات المميزة لشخصيات عربية شهيرة من السعودية والإمارات، والكويت والمغرب، من بينهم، الشيخ زايد بن سلطان بن زايد، أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، والأمير سلمان بن حمد آل خليفة من البحرين، واللواء ركن الدكتور ظافر بن علي الشهري من السعودية، والأمير الحسن الثالث، ولي عهد المغرب، ونجل الملك محمد السادس.
البورتريهات المنسوجة والتي يتم الاحتفاء بها عبر تثبيتها على الجدران، لقيت إعجاب الكثيرين لدقتها ووضوحها اللافت. وذكر الشرقاوي أن مدة نسج البورتريه الواحد تتراوح ما بين 4 إلى 6 أشهر، إذ يحتاج هذا النوع الدقيق من الفن إلى درجة كبيرة من التركيز والدقة العالية، إضافة إلى تمتع الحرفي بنظر جيد.
ويلفت الفنان المصري إلى أن نسج البورتريه يعد الأصعب دوماً، لأنه لا يتحمل أي خطأ مهما كان بسيطاً، وإلا يظهر النسج مختلفاً عن الشكل الحقيقي، لا سيما بالنسبة للسيدات، حيث تزداد الحاجة إلى مهارة الحرفي ودقته العالية في العمل لنعومة ملامحهن.
نهل محيي أسرار هذا الفن في الخامسة من عمره من والده، الذي ورثه بدوره عن أجداده، ويوضح: «اشتهرت عائلتي بتميزها بنسج أي رسم مهما وصلت درجة صعوبته، كما عرفت ببقاء منسوجاتها لسنوات طويلة محتفظة بمتانتها ورونقها وتفاصيلها، إلى حد أنها تبدو كما لو كانت مرسومة باليد من فرط وضوحها ودقتها».
ويستغرق نسج القطعة الواحدة في المتوسط نحو 4 أشهر، وتظل ألوانها ثابتة مع مرور الزمن، بحسب الشرقاوي، الذي أوضح أيضاً أنه يقوم بتصدير منتجاته إلى فرنسا وهولندا وأميركا وإيطاليا وألمانيا والإمارات والسعودية والمغرب والجزائر وتونس ولبنان وغيرها.
يقدم محيي ابن محافظة كفر الشيخ، والمقيم بمدينة الإسكندرية، روائع فنية تحمل مناظر طبيعية، وتكوينات من البيئة المصرية، والتراث العربي والإسلامي، إلى جانب أعمال المستشرقين التي تبرز أصالة وروعة الحضارات والطبيعة في المنطقة، إضافة إلى الآيات القرآنية، واستلهام بعض الأفكار من الحضارة الفرعونية.
يشعر محمد محيي بالحزن بسبب شبح انقراض هذه الحرفة المصرية: «أصبحت تلفظ أنفاسها الأخيرة، لكني لم أستسلم، وقد دفعني الخوف على مستقبلها إلى إحيائها، والحفاظ عليها ليس فقط من خلال التوسع والتنوع في الإنتاج، لكن أيضاً عبر إنشاء مراكز لتعليم هذا الفن في أنحاء متفرقة من مصر، بهدف الحفاظ عليه وكانت سعادتي لا توصف حين وجدت إقبالاً كبيراً لتعلمها من مختلف الفئات والأعمار والشهادات العلمية».



الدراما اللبنانية تُنافس رمضانياً بعد غياب... وتتخطّى «المُشترك»

العودة إلى تقييم أكثر اكتمالاً مسألةُ وقت («بالدم» و«نَفَس»)
العودة إلى تقييم أكثر اكتمالاً مسألةُ وقت («بالدم» و«نَفَس»)
TT

الدراما اللبنانية تُنافس رمضانياً بعد غياب... وتتخطّى «المُشترك»

العودة إلى تقييم أكثر اكتمالاً مسألةُ وقت («بالدم» و«نَفَس»)
العودة إلى تقييم أكثر اكتمالاً مسألةُ وقت («بالدم» و«نَفَس»)

يُنافس مسلسل «بالدم» على مستويين: الأول لتصدُّر المراتب، والثاني لإثبات عودة مُستحَقّة للدراما اللبنانية بعد غياب. فالعمل المشغول لبنانياً تماماً، يشاء أن يُلقِّن درساً بأنه الأوان لاستعادة الثقة بالصناعة الدرامية المحلّية بعد انكسارات. أعوامٌ قضت على استبعادها كأنها لم تتألّق يوماً ولم تُحقّق ما يُبهج المستثمرين والصنَّاع. استُبعدت كما يحصل حين يتكاثر الجلّادون فوق ضحية ويحيلونها على العقاب ودفع الثمن. يُعلن «بالدم» أنّ المُرَّ بدأ يمرُّ، وهذه الصناعة جديرة بفرصة.

يُعلن «بالدم» أنّ الدراما اللبنانية جديرة بفرصة (ماغي بو غصن في المسلسل)

اعتدنا انتظار المُشتَرك في الموسم الرمضاني؛ وهذه التسمية درجت منذ تحوُّل الدراما اللبنانية - السورية واقعَ حال. والمُشتَرك كان عادةً بطلةً لبنانية مع بطل سوري، يتحابان وتحوم حولهما مشكلات تُشكِّل الأحداث. ولطالما كان مستغرباً تكوُّن العائلة من أفراد يتحدّثون لهجتين بذريعة أنّ الأم من بلد والأب من آخر. في العموم، طغى «الفايك». وهذه التركيبة المُعدَّة لتُسوَّق بما يتجاوز الخريطة الواحدة، انتُقدت لتعذُّر خلوّها من الثغر. حتى إنَّ وجوهاً من لبنان وسوريا، حين وُضعوا في سياق مختلف، وسُلَّموا أدواراً تُشبه بيئاتهم، برعوا. «الترقيع» أضرَّ بروح المشهد وكرَّس التصنُّع.

«بالدم».. بداية موفَّقة

في هذا الموسم الرمضاني، تقول الدراما اللبنانية كلمتها. حضورها ليس شكلياً؛ أي أنه يتجاوز التفاخُر المجاني بأنّ هناك مسلسلاً لبنانياً بين المسلسلات بصرف النظر عن نوعيته. تُبيّن الحلقات الأولى أنه نوعٌ أيضاً. لم يُقدَّم «زيادة عدد» ولا «رفع عتب».

حتى الآن جميع المَشاهد في محلِّها (رفيق علي أحمد وجوليا قصار في «بالدم»)

تتصاعد الأحداث على وَقْع تشويقي. وهو من الأعمال المُشاهَدة برغبة في متابعة الحلقة من الشارة إلى الجنيريك. حتى الآن، جميع المَشاهد في محلِّها. لا حشو، لا افتعال. وجميع الشخصيات تلمع بأدوارها. والحكاية، إن يؤخَذ على مؤلِّفتها نادين جابر اكتفاؤها بالإشارة إلى أنها مقتبسة عن قصة حقيقية، من دون ذِكر المصدر؛ فإنها مؤثّرة، مشوّقة، ممسوكة، لا تضيّع وقت المُشاهد بما لا يُقدِّم ولا يؤخّر ضمن السياق. جابر ماهرة، وباتت مُنتظَرة. نصوصها تلتقط الأنفاس.

مُبكر التقييم لكنَّ البداية مُبشِّرة (ماريلين نعمان في «بالدم»)

مُبكر التقييم، لكنَّ البداية مُبشِّرة. تكتشف «غالية» (ماغي بو غصن) بعد 45 عاماً بأنها مجهولة الأبوين بعدما تبيَّن أنَّ مَن ربّياها ليسا والديها. «بالدم» عما يبقى في الإنسان حين تغدره الجذور. وعن الهوية الضائعة وسؤال «مَن أنا؟». يؤدّي ممثلون الأدوار بإتقان أمام كاميرا المخرج فيليب أسمر: بو غصن وباسم مغنية وبديع أبو شقرا وجيسي عبده ورلى بقسماتي وماريلين نعمان وسعيد سرحان ووسام فارس وسنتيا كرم، مع آخرين أمام الأسماء المُكرَّسة: رفيق علي أحمد وجوليا قصار ونوال كامل وسمارة نهرا وكارول عبود... الإنتاج لـ«إيغل فيلمز» المُغامِرة والواثقة بالمُغامَرة.

ليس المسلسل «زيادة عدد» ولا «رفع عتب» (جيسي عبده ولرلى بقسماتي في «بالدم»)

«نَفَس»: انطلاقة «باردة»

كان الظنُّ أن تركيبةً ثلاثيةً مؤلَّفةً من دانييلا رحمة وعابد فهد ومعتصم النهار ستترك وَقْعاً أعمق. الحُكم مُبكر. الحلقات الثلاث الأولى تُبيّن أنّ الوَقْع هشّ. حتى الآن، القصة (إيمان السعيد) تحوم حول أحداثها ببطء. بانتظار الآتي، لا نزال نترقّب الحدث المفاجئ أو المنعطف المؤثّر على السياق. التشويق يتأخّر. تعبُر التطوّرات على مهل، مُقدّمةً، في عزّ الحماوة الدرامية، انطلاقةً «باردة».

دانييلا رحمة تجتهد ومع ذلك ثمة ما يفلتُ من يديها (لقطة من «نَفَس»)

عابد فهد أثبت مكانةً بين النجوم، لكنَّ بعض خياراته ليس من الأفضل. تَقدُّم حلقات «نَفَس» سيُبيِّن إن كان هذا المسلسل من الخيارات الصائبة أم الخاطئة. وإنما ما تشير إليه شخصية «أنسي الرمال» حتى الآن، لا يُبشِّر بأنها تتفوّق. ضحكاتٌ تفتقر الإقناع والدور ينطلق بلا لمعة. الوقت مُبكر لحسم الحُكم، وهذا مؤكد. لكنّ الانطباع الأول يصنع الفارق. والبداية تقول كثيراً عما ينتظرنا؛ بداية الأحداث أو ملامح الشخصيات، وإن كان يؤمَل من الانطلاقة المتواضعة شدّ الهِمَّة للَّحاق والتقدُّم.

عابد فهد أثبت مكانةً لكنَّ بعض خياراته ليس من الأفضل (لقطة من «نَفَس»)

الحلقات الثلاث الأولى بيَّنت دانييلا رحمة تجتهد من أجل شخصيتها، ومع ذلك ثمة ما يفلتُ من يديها. بأدائها شخصية «روح» الضريرة، تنتقل إلى جديد تعهده للمرة الأولى، وهذه جرأة تُحسَب لها، لكنها، لوهلة، تتسرَّب منها، ثم فجأة تلتقطها؛ وهكذا دواليك. لا يبقى هذا الإمساك التام طوال الوقت. ويغلُب أيضاً انطباع بأنها شخصية «ساذجة». «طفولية» جداً. وإن كان المقصود إظهار النقاء نقيضاً لقسوة العالم، فذلك غيره غلبة «البراءة». ننتظر الآتي لإزاحة هذه الانطباعات أو تأكيدها.

ومعتصم النهار، حتى الآن، بدورٍ عهده. شخصية «غيث السبع» لم تكشف أوراقها بعد، بانتظار تحوُّل المسلسل إلى ساحة صراع بين عاشقين على امرأة واحدة. تلمع إلسا زغيب بين الأدوار العادية، ويبدو أنها تُخبّئ إعصاراً. مشاعر فوّارة هي خليطُ الهوس والحبّ والانتقام والسعي إلى الاستحواذ. ومع غبريال يمّين بشخصية والدها، يقذفان كرة نار باتجاه الماضي والتسلُّط والأخطاء.

معتصم النهار حتى الآن بدورٍ عهده (لقطة من «نَفَس»)

يُحسب للمسلسل (إنتاج «الصبّاح أخوان» وإخراج إيلي السمعان) تناوله فكرة المسرح المُغيَّبة عادةً في الدراما اللبنانية والمشتركة، وجعله من البُعد الفنّي (رقص) خلفية لخطوط وسياقات. يطلّ إيلي متري بشخصية المُخرج، ويُبيّن حتى الآن أداء عفوياً. البطولة أيضاً لجوزيف بو نصار ونهلا داود بدور والدَي «روح»؛ الأب حاضن والأم مُهيمنة، مع رانيا عيسى ووسام صبّاغ (يبشِّران بثنائية عاطفية)، وحسين مقدّم وميا علّاوي وروزي الخولي، مع المكرَّسين: أحمد الزين ووفاء موصللي وختام اللحام. العودة إلى تقييم أكثر اكتمالاً، مسألةُ وقت.