القوات الكردية تتقدم في ريف القامشلي وتطرد «داعش» من 14 قرية

أحرز المقاتلون الأكراد، تقدما واسعا في ريف القامشلي في محافظة الحسكة (شمال سوريا)، إثر اشتباكات بدأت الخميس الماضي لطرد مقاتلي «داعش» من المنطقة، وتمكنت، بمساعدة مقاتلين من عشائر عربية، من استعادة السيطرة على 14 قرية. ونفت وحدات حماية الشعب الكردي اتهامات بارتكاب مجزرة بحق المدنيين في تلك المناطق، ومؤكدة أن التنظيم يتخذ من المدنيين دروعا بشرية.
وتواصلت الاشتباكات في ريف الحسكة، أمس، بالقرب من بلدة تل حميس في الريف الجنوبي الشرقي لمدينة القامشلي، ليرتفع إلى 14 عدد القرى والمزارع التي تمكنت الوحدات من السيطرة عليها حتى الآن خلال الاشتباكات الدائرة منذ أيام قليلة، كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ووصف مصدر بارز في المعارضة السورية هذا التقدم بأنه «المرحلة الأولى من الهجوم»، لافتا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المؤشرات تقود إلى أن وجهة المقاتلين الأكراد، هي السيطرة على تل حميس التي تعد أبرز المدن التي يسكنها أكراد، وتخضع لسيطرة (داعش)». وأشار إلى أن مقاتلين من عشائر عربية تشارك في المعركة، وخصوصا مقاتلين من عشيرة شمر، مؤكدا أن المقاتلين الأكراد استفادوا من الغارات الجوية والقصف المدفعي الذي نفذته القوات الحكومية ضد معاقل «داعش» في المنطقة، مما مهد الهجوم على التنظيم. ولفت المصدر إلى أن القوات الحكومية «توفر التغطية النارية في كامل أرياف الحسكة، وفي داخل المدينة حيث يشتبك (داعش) مع قوات النظام السوري في حي غويران».
لكن الناطق باسم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي «بي واي دي» نواف خليل، نفى لـ«الشرق الأوسط» أي تنسيق مع النظام السوري، مؤكدا أن المناطق التي يقصفها النظام «لا يوجد فيها أي فصيل أو مقاتل كردي»، مستدلا بالاتفاق مع الجيش السوري الحر في كوباني (عين عرب) بريف حلب الملاصق للرقة. وقال: «لا يمكن أن يكون هناك تنسيق مع المعارضة في الرقة، وتنسيق مع النظام في الحسكة»، مشيرا إلى أن قوات الحماية الكردية قدمت عشرات الشهداء في الحرب ضد النظام، وخصوصا في قرى ريف حلب، ما ينفي أي تقارب بيننا.
وأكد خليل أن مقاتلي «داعش»، «يأخذون السكان المدنيين دروعا بشرية، مما يعيق تقدمنا في أكثر من مكان، ويبطئ سير المعركة العسكرية»، مشيرا إلى أن «المعركة مع (داعش) في هذا الوقت انطلقت، وسنستعيد تل حميس بريف القامشلي، وسنطرد (داعش) من كل المناطق التي يمكن أن تشكل تهديدا للمدنيين في المنطقة الكردية، سواء بريف الحسكة أم بريف الرقة أو ريف حلب».
ويطرح التقدم الميداني الذي حققه الأكراد، علامات استفهام كبيرة حول نوع المساعدة التي يتلقونها لشن هجوم متزامن في أكثر من مكان، وسط ترجيحات معارضين سوريين بأن النظام السوري أو واشنطن دعم الأكراد في المعركة ضد «داعش». لكن خليل، نفى لـ«الشرق الأوسط» مشاركة النظام، أو «حزب الله» في التخطيط للمعارك، كما نفى الحصول على الأسلحة من النظام أو من واشنطن.
وقال: «قادتنا الذين يمتلكون خبرات 25 عاما من القتال في حرب العصابات، يتمتعون بإمكانيات كبيرة على صعيد التخطيط وتنفيذ الهجمات»، مؤكدا في الوقت نفسه أن السلاح «موجود معنا منذ بدأنا استعداداتنا للدفاع عن أنفسنا عام 2011، كما أننا نمتلك إمكانيات مالية كبيرة تتيح لنا شراء السلاح من السوق السوداء، تدخل إلينا عبر مصادر متعددة، بينها عبر كردستان العراق، وأخرى من الداخل السوري». وأضاف: «صحيح أننا نحمل أسلحة أميركية، لكننا لم نحصل عليها من واشنطن، بل اشتريناها من تجار أسلحة»، مشددا على أن المناطق الكردية في سوريا التي تعادل ضعف مساحة لبنان الجغرافية، كما مساعدات التجار والمتمكنين الأكراد توفر إمكانيات مالية تكفي لشراء الأسلحة، وقد امتلكنا صواريخ حرارية مضادة للدروع والدبابات، وهي أفضل الأسلحة الموجودة معنا.
وفي سياق متصل بالمعارك، أدان الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، أمس، «المجازر التي ترتكبها ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردي (بي واي دي) بحق النساء والأطفال والمدنيين العزل»، وقال إن مقاتلي «واي بي جي»، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، «ارتكبت مجزرة بحق المدنيين، الأحد الماضي، في قرى تل خليل والحاجية وشرموخ بريف محافظة الحسكة، راح ضحيتها 55 شهيدا، بينهم 13 طفلا و5 سيدات»، لافتا إلى «إبادة أسرة كاملة بعد استهداف منزلها بقذائف «الآر بي جي، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان».
وحذر الائتلاف حزب الاتحاد الديمقراطي من الاستمرار باعتداءاته المتكررة بحق المدنيين في محافظة الحسكة وريفها، مؤكدا أن هذه التصرفات تصب في سياق مخططات النظام الرامية لإثارة الفوضى وخلق حالة من الاقتتال الداخلي بين مكونات المجتمع السوري، معتبرا أن «الاستمرار بهذا النهج يمهد ويشجع لنمو التطرف الطائفي والعرقي في المنطقة».
لكن الحزب الكردي، نفى على لسان المتحدث باسمه، ارتكاب مجزرة، مؤكدا «إدانة أي عملية قتل لأي مدني»، مشددا على أننا «نقف بحزم ضد أي انتهاك لحقوق الإنسان».
وأصدرت القيادة العامة لوحدات حماية الشعب، في وقت لاحق، بيانا أوضحت فيه أنه «إثر تقدم قواتنا في القرى، لجأت عصابات (داعش) المهزومة كعادتها إلى ممارساتها الخارجة عن كل القوانين والأعراف الدولية المتعلقة بالحروب والنزاعات المسلحة، إذ حجزت المدنيين ومنعتهم من الانسحاب من ساحات المعارك واستخدمتهم كدروع بشرية»، مضيفة أن «(داعش)، توجه نحو تنفيذ إعدامات ميدانية جماعية للمدنيين بينهم أطفال ونساء بعد اتهامهم بالتعامل مع وحدات حماية الشعب».
وقال قيادة الوحدات الكردية إن «سكان شرموخ الجدعان استنجدوا بوحداتنا مساء الأحد، طالبين إنقاذهم من العصابات التي تحتجزهم وتمنع نزوحهم وعائلاتهم عن القرية تحت طائلة القتل والتنكيل»، ناقلة عن أحد وجهاء القرية قوله إن «هؤلاء قتلوا أعدادا منهم ممن أبدوا امتعاضهم من تصرفاتهم وحاولوا النزوح، ويهددون بقتل الباقي إذا لم يشاركوهم في القتال جنبا إلى جنب»، مشيرا إلى أن ذلك «دفع قواتنا لوقف القتال في محيط القرية وعلى أطرافها لأكثر من 4 ساعات حفاظا على أرواح المدنيين». وقال البيان إن «(داعش) قصف المناطق السكنية في أحياء قامشلي، مما أدى إلى استشهاد خمسة مدنيين بينهم أطفال ونساء وجرح آخرين، واستمر هذا القصف على المدنيين بشكل متقطع حتى منتصف الليل».