هجوم إرهابي عنيف في مقديشو يخلف 17 قتيلاً

بريطانيا تدفع بـ250 جندياً إلى مالي لمواجهة الجماعات المتطرفة

أقارب يساعدون أحد جرحى التفجير الإرهابي بالعاصمة مقديشو أمس الذي تبنته «حركة الشباب المجاهدين» التي بايعت «القاعدة»... (رويترز)
أقارب يساعدون أحد جرحى التفجير الإرهابي بالعاصمة مقديشو أمس الذي تبنته «حركة الشباب المجاهدين» التي بايعت «القاعدة»... (رويترز)
TT

هجوم إرهابي عنيف في مقديشو يخلف 17 قتيلاً

أقارب يساعدون أحد جرحى التفجير الإرهابي بالعاصمة مقديشو أمس الذي تبنته «حركة الشباب المجاهدين» التي بايعت «القاعدة»... (رويترز)
أقارب يساعدون أحد جرحى التفجير الإرهابي بالعاصمة مقديشو أمس الذي تبنته «حركة الشباب المجاهدين» التي بايعت «القاعدة»... (رويترز)

استيقظت العاصمة الصومالية مقديشو أمس (الاثنين) على دوي انفجارات ضخمة وإطلاق نار كثيف خلّف 17 قتيلاً و15 جريحاً، وهو هجوم إرهابي تبنته «حركة الشباب المجاهدين» المبايعة لتنظيم «القاعدة» والساعية إلى إقامة إمارة متشددة في الصومال، وتشكل تهديداً أمنياً في منطقة «القرن الأفريقي».
ونقلت مصادر محلية (أمنية وإعلامية) أن مقاتلين من «حركة الشباب المجاهدين» الإرهابية استهدفت بتفجير ضخم نقطة تفتيش أمنية وفندقاً على الطريق السريعة المؤدية إلى «مطار آدم عدي»، وسط العاصمة مقديشو، وذلك باستخدام سيارة مفخخة، ما أسقط 17 قتيلاً و15 جريحاً، وهي حصيلة مؤقتة وقابلة للارتفاع.
ووصفت وسائل إعلام محلية؛ من بينها «راديو مستقبل» الانفجار بأنه «ضخم»، وقالت إنه تسبب في موجة ذعر في أوساط السكان والمارة؛ إذ وقع عندما كان كثير من سكان العاصمة يتجهون إلى أماكن أعمالهم، فيما كان آخرون يتجهون إلى المطار للسفر نحو المملكة العربية السعودية، من أجل أداء فريضة الحج.
وقال الراديو المحلي في وصفه للهجوم الإرهابي: «التفجير يعتقد أنه بسيارة مفخخة، من داخل فندق في المنطقة، وتسبب بحريق كبير، وتصاعد دخان كثيف». من جهة أخرى، قال مسؤول أمني كان موجوداً بموقع الانفجار لحظة وقوعه: «رأينا السيارة المعادية عندما حاولت تجاوز السيارات الأخرى المصطفة، من خلال الانحراف إلى يسار الطريق، لقد انفجرت بالقرب من فندق (أفريكا)». وحول الحصيلة الأولية يقول المسؤول الأمني: «أستطيع أن أؤكد مقتل 5 أشخاص، هم 3 مدنيين وعنصر أمن على الحاجز»، ولكن هذه الحصيلة سرعان ما ارتفعت.
وقالت صحف محلية صومالية إن السلطات شنت عملية أمنية واسعة بعد الهجوم الإرهابي لملاحقة المتورطين فيه، خصوصاً في ظل الحديث عن تبادل لإطلاق النار بين قوات الأمن وإرهابيين مسلحين في أعقاب الهجوم.
ويأتي الهجوم الإرهابي بعد أسبوع من مقتل 26 شخصاً في هجومٍ إرهابي آخر استهدف فندقاً في جنوب الصومال، وهو الهجوم الإرهابي الذي وصف بأنه «الأعنف» من نوعه في الصومال منذ عام 2012.
وتشكل «حركة الشباب المجاهدين» تهديداً أمنياً خطيراً للصومال؛ إذ ينفذ مسلحوها تفجيرات دامية، وقد توسعت هجماتهم مؤخراً لتشمل دولة كينيا المجاورة التي تشارك في قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام، وهي قوات تساعد في الدفاع عن الحكومة الصومالية.
وتعد «حركة الشباب المجاهدين» جماعة صومالية متطرفة ظهرت عام 2006 بصفتها ذراعاً عسكرية لـ«اتحاد المحاكم» التي كانت تسيطر على مقديشو وتهدف إلى فرض الشريعة، وساهمت الحركة في مساندة «(المحاكم) خلال معاركها ضد القوات الحكومية المدعومة بقوات إثيوبية اضطرت إلى الانسحاب في نهاية عام 2008، تاركة الساحة لقوات الاتحاد الأفريقي التي تمركزت على الخطوط الأمامية في الحرب ضد الجماعة الإرهابية».
والحركة ذات توجه متشدد، وهدفها إقامة دولة على أسس الشريعة، ولكن تفسيرها للشريعة يعد متشدداً، وارتبطت بتنظيم «القاعدة» من خلال وساطة بعض مسؤولي خلايا التنظيم الدولي في شرق أفريقيا؛ واستمرت الصلة بين «الشباب» و«القاعدة» حتى 2009 حين أعلنت الحركة الصومالية الولاء لـ«القاعدة» بشكل رسمي.
ومؤخراً نفذت القوات العسكرية الصومالية عمليات ضد «حركة الشباب المجاهدين» في البلدات والقرى بمنطقتي شابيلي السفلى والوسطى في جنوب البلاد، في محاولة لطرد مسلحي فلولها؛ وقال مسؤول عسكري صومالي إن العمليات ستستمر حتى يتم القضاء على مقاتلي الجماعة، وفق تعبيره.
وفقدت الجماعة المتشددة بلدات رئيسية في الجنوب والوسط لصالح قوات الجيش الصومالي وقوات الاتحاد الأفريقي، ولكنها لا تزال قادرة على شن هجمات إرهابية بين الحين والآخر، تستهدف بشكل أساسي الفنادق والمباني الحكومية ونقاط التفتيش الأمنية.
وتعد «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، من الجماعات الإرهابية التي تهدد الأمن في أفريقيا، على غرار جماعة «بوكو حرام» في شمال شرقي نيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد، وجماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» في منطقة الساحل الأفريقي، خصوصاً في شمال دولة مالي التي تدهور فيها الأمن بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة.
وتجد دولة مالي صعوبة كبيرة في مواجهة خطر الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، مما دفع بالأمم المتحدة إلى تمديد مهام قوات حفظ السلام التابعة لها في هذا البلد، كما أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أمس (الاثنين) أنها سترسل 250 جندياً إلى مالي ابتداء من العام المقبل ضمن عملية لحفظ السلام تقودها الأمم المتحدة.
وذكرت وزيرة الدفاع بيني موردونت: «في واحدة من أفقر المناطق وأكثرها هشاشة... من الصواب أن ندعم بعضاً من أكثر سكان العالم ضعفاً، ونعطي الأولوية لجهودنا الإنسانية والأمنية في (منطقة) الساحل»، وأضافت الوزيرة أن جنود المملكة المتحدة «سيعملون مع شركائهم في المنطقة للمساعدة في توطيد السلام من خلال محاربة تهديد التطرف الذي ينتهج طريق العنف، وحماية حقوق الإنسان في مالي».
وكانت الجماعات الإرهابية قد تمكنت من السيطرة على شمال مالي عام 2012، ولكن تدخلاً عسكرياً دولياً قادته فرنسا مطلع عام 2013 نجح في طرد هذه الجماعات من كبريات المدن في شمال مالي، إلا إن مقاتلي هذه الجماعات لجأوا للصحراء والجبال الوعرة واتخذوها قواعد خلفية لشن هجمات إرهابية ضد القوات الدولية والجيش المالي.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.