مئات الطائرات المدنية تقتحم أجواء رام الله بسبب التشويش الروسي

TT

مئات الطائرات المدنية تقتحم أجواء رام الله بسبب التشويش الروسي

كشفت مصادر في هيئة الطيران المدني الإسرائيلية، أمس الاثنين، أن دائرة التوجيه تدفع بمئات الطائرات المدنية التي تهبط في مطار بن غوريون قرب تل أبيب إلى اقتحام أجواء مدينة رام الله التابعة للسلطة الفلسطينية وهي تطير على ارتفاع منخفض. وقالت هذه المصادر إن هذه العملية، التي لا تتم بالتنسيق أو التفاهم مع الفلسطينيين، تهدد بوقوع كوارث.
وقال مصدر أمني في تل أبيب معقبا على هذا الكشف إنه يستغرب كيف وافقت قيادة الجيش والمخابرات الإسرائيلية على هذا الإجراء. وأضاف: «كما هو معروف فإن إسرائيل في عز موسم السياحة. في كل يوم تهبط فيها أكثر من ألف طائرة. على سبيل المثال بلغ معدل عدد الرحلات الجوية إلى إسرائيل في شهر يونيو (حزيران) الماضي 1291 رحلة. وإذا أقدمت كل طائرة تهبط في إسرائيل على دخول أجواء رام الله واقتربت من حدود مدينة نابلس أيضا، وهي تخفض من ارتفاع طيرانها تمهيدا للهبوط في تل أبيب، فإنها ستصبح في مرمى ليس فقط الصواريخ بل أيضا الرصاص من رشاش ثقيل. فيكفي أن يطلق فتى فلسطيني النيران على طائرة كهذه حتى تسقط الطائرة وتقع كارثة».
وقالت هيئة الطيران الإسرائيلية إنها اضطرت إلى تغيير مسار الهبوط بسبب التشويشات التي اكتشفت على أنظمة التوجيه العالمية (GPS) في إسرائيل ومنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط. فقد تمكن هاكرز، يعتقد أنهم تابعون لشبكة الهاكرز التي تفعّلها روسيا وربما حلفاؤها في المنطقة أيضا، من اختراق الشبكة في إسرائيل وقبرص واليونان وعدة دول عربية في المنطقة منذ أكثر من أسبوعين، وهيئات السايبر في هذه الدول تسعى لمعالجة المشكلة. وإلى ذلك الحين، وجدت الهيئة ضرورة تغيير مسار هبوط الطائرات القائم منذ عشرات السنين، والذي يمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولكن في أطرافها الغربية حيث لا توجد مناطق تابعة مباشرة للسلطة الفلسطينية. ويسير خط الطيران الجديد عند الهبوط، إلى الشرق أكثر، فعندما يقطع خط شاطئ البحر شرقا، يبدأ من أجواء مدينة نتانيا الإسرائيلية (25 كيلومترا جنوبي اتل أبيب) ويصل إلى أجواء مدينة أرئيل الاستيطانية غرب نابلس ثم يقطع أجواء مدينة رام الله من شمالها وحتى جنوبها وقرية بيتونيا، ثم يعود إلى إسرائيل حيث مطار بن غوريون في مدينة اللد.
وتحذر أوساط إسرائيلية أمنية من خطر هذا المسار على سلامة الطيران القادم إلى إسرائيل، وتقول إن «مثل هذا المسار لم يستخدم في أشد حالات الطوارئ في إسرائيل، مثل فترة الحروب على قطاع غزة. فالجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية تعرف أن هناك عدة منظمات عسكرية في قطاع غزة والضفة العربية تمتلك صواريخ ورشاشات ثقيلة بإمكانها إصابة الطائرات المدنية. والتنظيمات في القطاع لم تخف نواياها لضرب مطار بن غوريون بل حاولت ذلك في عملية (الجرف الصامد) (الحرب الأخيرة على قطاع غزة). وأمين عام حزب الله حسن نصرالله يكثر من تهديده للمطار. وهذا يعني أنه يجب على إسرائيل أن تأخذ هذه الأخطار بجدية».
الجدير ذكره أن هيئة السايبر الإسرائيلية اتخذت عدة إجراءات صارمة لمواجهة التشويشات المذكورة، قبل أسبوعين، بالتنسيق التام مع الجيش والمخابرات. وقالت إن تغيير مسار الطائرات المدنية هي مغامرة محسوبة ومؤقتة وسيستمر إلى فترة محدودة حتى ينتهي العلاج الجذري لمشكلة التشويش.
وكشفت مصادر مطلعة أن إسرائيل تجري تنسيقا في الموضوع مع روسيا مباشرة. وتضيف، بناء على معطيات غير رسمية، أن التشويش المتعلق بروسيا على إسرائيل يأتي من مصدرين، الأهم والأخطر هو من الجيش الروسي مباشرة والثاني من هاكرز مستقلين. فالجيش الروسي اتخذ إجراءات دفاعية لطائراته في سوريا، وهذا يشوش على حركة الطيران الإسرائيلية. ومع أن السفارة الروسية في تل أبيب نفت ذلك، إلا أن المصادر الإسرائيلية أكدت أنه يجري الآن العمل على تعميق التنسيق مع الروس حتى تحل المشكلة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».