إسرائيل قلقة من تهديد إيران البحري... وتوسع النشاط ضدها في العراق

إعلامها نقل تلميحات أجنبية حول ضرب منطقة قرب بغداد

TT

إسرائيل قلقة من تهديد إيران البحري... وتوسع النشاط ضدها في العراق

في الوقت الذي تنتشر فيه أنباء متفرقة عن علاقة إسرائيل بقصف موقع إيراني قرب بغداد، وبعد أيام من مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بإخراج الإيرانيين ليس فقط من سوريا؛ بل أيضاً من العراق ولبنان، حذر إيران بقوله: «إيران تعرف كيف تمتنع عن المساس بإسرائيل، فنحن الدولة الوحيدة التي تقتل نشطاء إيرانيين في السنتين الأخيرتين».
وقال وزير التعاون الإقليمي في إسرائيل تساحي هنغبي، خلال حديث للإذاعة الرسمية في إسرائيل: «لقد قمنا بضرب الإيرانيين في سوريا مئات المرات. في بعض الأحيان نعترف بذلك، وفي بعض الأحيان يتحدث عن ذلك رئيس أركان الجيش أو قائد سلاح الجو، وفي أحيان كثيرة تكشف الأمور وسائل الإعلام الأجنبية. كل شيء يتم بتنسيق وتخطيط. لكن الإيرانيين محدودي القدرة على الرد. فهم يعرفون أن إسرائيل جادة وصارمة جداً عندما يتعلق الأمر بأمنها الوطني».
ويلفت الانتباه أن هذا التصريح جاء في إطار الرد على عدد من المنشورات التي تتعلق بالجبهة الإيرانية - الإسرائيلية. فقد نشرت في مواقع أجنبية تلميحات بأن القصف الذي نفذ على موقع إيراني شرق بغداد، فجر يوم الجمعة الماضي، له علاقة ما بإسرائيل، وبأن القصف تم بطائرة «إف35» المتطورة، أو بطائرة مسيرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي. وفي إسرائيل نشرت صحيفة «هآرتس»، أمس الأحد، أن «إسرائيل تتخذ إجراءات جديدة، إثر احتجاز ناقلة النفط البريطانية من قبل إيران، وذلك تحسباً لاستهداف سفن إسرائيلية؛ تجارية وعسكرية، أو سفن تكون في طريقها إلى إسرائيل. وأنها (أي إسرائيل) تتخذ خطوات مختلفة لمواجهة تهديدات من هذا النوع في البحار وطرق الملاحة البحرية المختلفة، القريبة من إسرائيل والبعيدة عنها». ولكن الوزير هنغبي رفض التعقيب. وأكد أن الحكومة الإسرائيلية «لا تعلق على كل شيء يحدث في العالم، خصوصا إذا كان بعيداً عنها كل هذه المسافة».
وكان هنغبي هو الوحيد الذي تفوّه في الموضوع، بينما التزمت إسرائيل الصمت المطبق حياله. ولكن الصحافة العبرية نشرت اقتباسات من النشر الأجنبي. فأشارت إلى أن «معسكر الشهداء»، الذي تم قصفه شمال بغداد في محافظة صلاح الدين، هو مركز تدريب تابع لميليشيا «فيلق القدس» الإيرانية ويشغله معها «حزب الله» اللبناني. وعند قصفه كان المقاتلون الإيرانيون واللبنانيون يتدربون على أجهزة إطلاق صواريخ بالستية بعيدة المدى؛ إيرانية الصنع تم تهريبها إلى العراق داخل شاحنات تحمل ثلاجات للمواد الغذائية. كما أشارت إلى أن القصف تم بواسطة طائرة مسيّرة قدمت من اتجاه الحدود الأردنية. وأن هذا التدريب جاء في إطار خطة إيرانية شاملة هدفها إقامة مصانع صواريخ إيرانية دقيقة في العراق. وأشارت صحيفة «يسرائيل هيوم» إلى أن الإدارة الأميركية نفت أن تكون على علاقة بهذا القصف. واقتبست من حساب على «تويتر» يشير إلى أن طائرة إسرائيلية من طراز «إف35» هي التي قصفت.
ونقلت الصحيفة، على لسان «عناصر أجنبية»، أن هناك علاقة ما بين القصف في العراق وتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قبل أيام في حفل تسلم جيشه طائرتين إضافيتين من طراز «إف35»، إذ قال إن «هذه الطائرات قادرة على ضرب إيران». ثم قال لاحقاً إن إسرائيل «لن تكتفي بإخراج الإيرانيين من سوريا، وتصر على أن تخرج أيضاً من لبنان والعراق ولا تقيم فيهما مصانع أسلحة».
وحسب موقع «واللا» الإخباري العبري، فإن جهات إسرائيلية رسمية توجهت بهذا الخصوص إلى دول أوروبية عدة وإلى الولايات المتحدة تحذرها: «إذا لم يتم وقف المشروع الإيراني في العراق ولبنان، فإن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي، ولن يقتصر نشاطها على العمل الدبلوماسي لإخراجهم».
ومن جهة ثانية؛ كشفت صحيفة «معاريف» عن أن طائرات إسرائيلية مقاتلة تدربت قبل شهر في اليونان على خوض معارك على بعد ألف كيلومتر عن إسرائيل. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن إسرائيل أعربت عن قلقها مؤخراً من ازدياد النشاط الإيراني في العراق وعدّته موجهاً لإسرائيل مباشرة.
وكانت مصادر إسرائيلية قد كشفت، أمس، عن أن طاقماً أمنياً إسرائيلياً اجتمع مؤخراً، أكد أن إيران باتت لاعباً مهماً في المياه الدولية والإقليمية المختلفة، سواء في منطقة الخليج العربي أو في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام. وتقرر في الاجتماع المذكور، الذي لم تكشف عنه تفاصيل محددة، طرح احتمالات أن تشكل إيران خطراً على سفن ووسائل نقل بحري إسرائيلية في مضائق عبر البحر الأحمر. كما تقررت إقامة عائق في الميناء العسكري لمدينة إيلات، ضد زوارق ودراجات مائية، وذلك لتحصين وحراسة السفن الراسية في الميناء. وجاء القرار بفعل الحاجة الإسرائيلية لمنع دخول سفن وقوارب مدنية في إيلات إلى الميناء العسكري، وأيضاً على ضوء التوتر في الخليج.
وتدعو التقديرات الأمنية الإسرائيلية إلى وجوب الأخذ بعين الاعتبار إمكانية تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية؛ أيضاً بواسطة دراجات مائية، أو زوارق سريعة، وتحوّل هذه الإمكانات إلى خطر وتهديد محتمل.
ووفقاً للتقديرات الإسرائيلية المعلنة، فإن إسرائيل لا ترصد حالياً رغبة إيرانية للدخول في مواجهة بحرية ضد إسرائيل، وأنها تحاول «جباية ثمن» مقابل العقوبات المفروضة عليها والامتناع عن خطوات يمكن اعتبارها إعلان حرب، «ذلك لأن أي ضربة أو استهداف لقطع بحرية إسرائيلية؛ أياً كانت، لن يترك أمام إسرائيل أي خيار سوى الرد، وأنه في حال قررت إيران تصعيد الأوضاع، فإنها ستلجأ لذلك من خلال تنظيمات تابعة لها، مثل الحوثيين في اليمن، أو (حزب الله). وتمتلك هذه التنظيمات أسلحة متطورة من شأنها ضرب واستهداف السفن الإسرائيلية من مسافة 300 كيلومتر، وهو ما يجعل المجال المائي الإسرائيلي في مرمى الصواريخ الإيرانية المنصوبة في كل من لبنان واليمن وسوريا».
ولفت تقرير إلى تقديرات إسرائيلية سابقة حول تطوير إيران في السنوات الأخيرة صواريخ بعيدة المدى ذات دقة إصابة عالية عبر تقنيات «جي بي إس»، ووسائل بصرية متطورة تحول صواريخ بدائية إلى متطورة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».