صعّدت تركيا من لهجتها وهددت بالخيار العسكري لضمان «حقوق القبارصة الأتراك في ثروات البحر المتوسط»، مؤكدةً أنها لن ترضخ للضغوط أو التلويح بالعقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي وستواصل التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط. وقال الرئيس رجب طيب إردوغان، إن «جيش تركيا لن يتردد في الإقدام على خطوات كالتي اتخذها قبل 45 عاماً عندما يتعلق الأمر بحياة وأمن الشعب القبرصي التركي». وأضاف إردوغان، في رسالة إلى مصطفى أكينجي، رئيس ما تسمى «جمهورية شمال قبرص التركية» التي لا تحظى بأي اعتراف دولي والتي تعترف بها تركيا فقط، بمناسبة الذكرى الـ45 لما يُعرف بـ«عيد السلام والحرية» في شمال قبرص، أن «تركيا قامت بعملية السلام العسكرية، عام 1974 بهدف حماية حقوق ومصالح الشعب القبرصي التركي الذين هم شركاء متساوون في جزيرة قبرص». وتابع: «لا ينبغي لأحد أن يعتقد أن الجيش التركي سيتردد في الإقدام على الخطوة التي اتخذها قبل 45 عاماً عندما يتعلق الأمر بحياة وأمن الشعب القبرصي التركي... من يعتقدون أن جزيرة قبرص وثروات المنطقة تابعة لهم فقط سيواجهون حزم تركيا و(جمهورية شمال قبرص التركية)».
كانت تركيا قد أطلقت في 20 يوليو (تموز) عام 1974 ما عُرفت بـ«عملية السلام العسكرية» في جزيرة قبرص، بعد أن شهدت الجزيرة انقلاباً قاده نيكوس سامبسون، ضد الرئيس القبرصي مكاريوس الثالث، في 15 يوليو من العام ذاته، بدعم من المجلس العسكري الحاكم في اليونان. وفي 13 فبراير (شباط) 1975، أُعلنت «دولة قبرص التركية الاتحادية» في الشطر الشمالي من الجزيرة، وتم انتخاب رؤوف دنكطاش رئيساً للجمهورية.
وفي مايو (أيار) الماضي، أطلقت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط قبالة سواحل قبرص، أثارت ردود فعل غاضبة من جانب الاتحاد الأوروبي ومصر وقبرص واليونان والولايات المتحدة وإسرائيل، بسبب انتهاك تركيا للمنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص وإعلانها أنها تقوم بالتنقيب فيما يعرف بـ«الجرف القارّي» لها. وأرسلت تركيا سفينة «الفاتح» أولى سفن التنقيب في بدايات مايو، أعقبتها بإرسال السفينة «ياووز» منذ نحو أسبوعين إلى جانب سفينة دعم لوجيستي.
والاثنين الماضي، قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وقف المفاوضات بشأن إبرام صفقة طائرات، وإلغاء اجتماعات سياسية رفيعة المستوى، وخفض المخصصات المالية لتركيا باعتبارها مرشحة لعضوية الاتحاد واقتطاع مبلغ 145.8 مليون دولار من مبالغ تابعة لصناديق أوروبية من المفترض أن تُعطى لتركيا خلال عام 2020، مع قيام البنك الأوروبي للاستثمار بمراجعة شروط تمويله لتركيا. وقللت تركيا من أهمية هذه العقوبات وقالت إنها لا تأخذها على محمل الجد، وإنها سترسل سفينة رابعة إلى شرق المتوسط للتنقيب قبالة سواحل قبرص.
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع التركية استمرار وصول معدات منظومة الدفاع الصاروخي الروسية «إس 400» عبر جسر جوي من روسيا، انطلق يوم الجمعة قبل الماضي، لافتةً، في بيان أمس، إلى أن تسليم أجزاء المنظومة يجري كما هو مخطط له. وأجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اتصالاً هاتفياً، أمس، مع نظيره الأميركي مايك بومبيو، بحث خلاله أزمة ملف استبعاد تركيا من مشروع تطوير مقاتلات «إف 35» بسبب اقتنائها منظومة «إس 400».
وقررت واشنطن، الأربعاء، إبعاد تركيا من مشروع حلف شمال الأطلسي (ناتو) لتطوير المقاتلة «إف 35» ووقف تدريب طياريها على الطائرة التي طلبت تركيا التزود بـ100 منها في إطار المشروع، اعتباراً من نهاية يوليو الجاري. على صعيد آخر، أصدرت النيابة العامة في إزمير (غرب تركيا)، أمس، قرارات اعتقال بحق 52 عسكرياً بالقوات الجوية، للاشتباه في ارتباطهم بحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة انقلاب فاشلة، وقعت في 15 يوليو 2016، وشملت قرارات الاعتقال مشتبهين في 12 ولاية مختلفة من بينها إسطنبول، وبورصة، ومانيسا، وكونيا، وأسكي شهير، وأوشاك. وتتهم السلطاتُ العسكريين المطلوبين، وهم من رتب مختلفة، بالانتماء إلى حركة غولن، التي صنّفتها الحكومة «منظمة إرهابية مسلحة» عقب الانقلاب الفاشل، واستخدام تطبيق «بايلوك» للتراسل الفوري، الذي تعتبر السلطات أنه كان وسيلة التواصل بين منتسبي الحركة ومخططي ومنفّذي محاولة الانقلاب.
وأطلقت الشرطة التركية أمس، عمليات أمنية متزامنة في الولايات الاثنتي عشرة لضبط المطلوبين. وكانت قوات الشرطة التركية قد اعتقلت أول من أمس، 68 شخصاً بتهمة انتمائهم إلى حركة غولن، واستخدام تطبيق «بايلوك».