في متحف بنك إنجلترا... {السيدة العجوز} تحتفل بـ325 عاماً من العمر

قصص إنسانية وثقافية وتاريخية في معرض خاص يروي تاريخ المؤسسة العريقة باستخدام 325 قطعة

الفنانة جاستين سميث مع باقة الأزهار المصنوعة من الأوراق المالية من فئة 50 جنيها استرلينيا (جاستن بيبيرغر)
الفنانة جاستين سميث مع باقة الأزهار المصنوعة من الأوراق المالية من فئة 50 جنيها استرلينيا (جاستن بيبيرغر)
TT

في متحف بنك إنجلترا... {السيدة العجوز} تحتفل بـ325 عاماً من العمر

الفنانة جاستين سميث مع باقة الأزهار المصنوعة من الأوراق المالية من فئة 50 جنيها استرلينيا (جاستن بيبيرغر)
الفنانة جاستين سميث مع باقة الأزهار المصنوعة من الأوراق المالية من فئة 50 جنيها استرلينيا (جاستن بيبيرغر)

يعد بنك إنجلترا المركزي من أقدم المؤسسات في بريطانيا ويعود تاريخه إلى القرن السابع عشر، وفي هذا العام يحتفل بمرور 325 عاماً على إنشائه. ورغم طبيعة أعمال البنك التي قد تتصف بالجفاف والعملية الشديدة والعمليات الحسابية المعقدة فإن هناك جانب للمؤسسة التي عرفت قديماً باسم «ذا أولد ليدي» أو السيدة العجوز، لا يعرف الكثيرون، وهو جانب شيق يمزج بين المال والثقافة والفن والتعليق الاجتماعي والتاريخ العريق لبريطانيا. ولأن البنك هو معقل الأرقام والمال، فمن الطبيعي أن تكون نقطة الانطلاق وأساس المعرض هي الأرقام، فالبنك الذي يحتفل بـ325 عاماً منذ افتتاحه قرر الاحتفال بتلك المناسبة عبر تنظيم عرض شيق يضم 325 قطعة من مقتنياته، كل قطعة تعبر عن عام من ذلك التاريخ الممتد.
أتجه لمقر المتحف، وهو مجاور لموقع البنك المركزي في شارع اسمه عريق مثل عراقة وسط المدينة وهو شارع «ثريد آند نيدل» وبعد تفتيشات أمنية أتوجه لقاعة العرض، وهي غرفة دائرية ذات قبة عالية تزينها الأعمدة الرومانية الطابع وتتوزع فيها التماثيل الضخمة والصور الزيتية لرؤساء البنك السابقين.
هنا وفي هذه الغرفة التي أعيد بناؤها على نفس تصميم المعماري جون سوم في عام 1795 لغرفته في البنك، تحت القبة نجد خزانات زجاجية توزعت فيها قطع من تاريخ البنك، كلها ترتبط بطريقة العمل في البنك منذ بدايته وأيضاً نجد قصاصات من جرائد وصور مرسومة وآلات قديمة كانت تستخدم في البنك. ولا ينسى المعرض أن يومئ لعدد كبير من رؤسائه، وأيضاً لعدد من العاملين فيه مثل النساء اللواتي شغلن وظائف مبكرة فيه مثل الحارسات والموظفات.
ومع أن المساحة المخصصة للعرض محدودة وتنتشر على عدد من الغرف الصغيرة الملحقة بالقاعة الرئيسية، إلا أن المعروضات كانت تحمل كماً ضخماً من المعلومات القيمة. ولمعرفة المزيد تحدثت مع إحدى منسقات العرض وهي جينيفر آدم حول أهم القطع الموجودة. خلال حديثها تؤكد على أن العرض حرص على إبراز دور الموظفات النساء في البنك مثل ماري سميث وهي من أوائل الموظفات هناك، وأيضاً هناك صور فوتوغرافية لحارستين من حراس البنك. ولعل طريقة تنسيق العرض أظهرت الجانب الإنساني المرتبط بالبنك، فهنا نرى قصصاً لموظفين وموظفات ومصممي أوراق مالية وقصصاً حول الحرب العالمية الأولى والثانية. تقول جينيفر آدم: «استفدنا من أن البنك لم يتخلص من أي من مقتنياته أبداً. وقد مثلت لنا الكمية الضخمة من الموجودات في البنك تحدياً هائلاً، حيث كان علينا اختيار 325 قطعة فقط. العرض يمر بأوائل الأوراق المالية إلى التصاميم التقنية الحديثة للأوراق المالية، ومن أول ظهور للملكة على ورقة نقد إلى آخر تقنية للدفع الإلكتروني. كما أننا سعداء بشكل خاص أن استطعنا إلقاء الضوء على أول عاملة في البنك وعلى ملامح من حياة الموظفين».
من المعروضات المميزة نجد أول ورقة مالية طبعها البنك تعود لـ26 يونيو (حزيران) عام 1702 أصدرها البنك لمستثمرة اسمها إليزابيث هيد، ونسخة من مفتاح خزانة سبائك الذهب تعود لعام 1784. تقول آدم خلال حديثها معنا: «لدينا مزيج هائل من القطع بداية من أقلام وحاسبات قديمة استخدمها موظفون في البنك في وقت من الأوقات مروراً بأجهزة كومبيوتر إلى الهواتف الذكية... يمكنك التجول في المعرض وتخيل كيف تغيرت الحياة هنا على مر 325 عاماً».
تتساءل إحدى الصحافيات الموجودات عن تأثير الكوارث على مبنى البنك وتقول جينيفر آدم إن العرض يتطرق للحربين العالميتين الأولى والثانية. ومن القطع المتميزة في العرض تشير جينيفر آدم إلى حاسبة للإشعاع «صنعت أثناء الحرب الباردة وصممت لحساب نسب الإشعاع في حال انفجار قنبلة ذرية».
في العرض نسخ من كل ورقة مالية أصدرها البنك وتحمل صوراً شخصية سواء للملوك أو لأشخاص من التاريخ، وهنا يتبادر سؤال عن أهمية الشخصيات التي تأخذ مكانها على العملات الورقية وآلية اختيارها. تقول جينيفر آدم: «الاختيار يتم حسب موضوع محدد سواء كان علوماً أو آداب أو غيرها وتحدد ذلك لجنة خاصة. فعلى سبيل المثال العملات الورقية الجديدة ستحمل صور العالم آلان تورينغ عالم حاسوب بريطاني بارز، ومن عالم الفن ستوضع صورة الرسام الشهير من القرن الثامن عشر جي دبليو تيرنر».

قصص صغيرة
تؤكد المنسقة أن العرض يقدم عدداً كبيراً من القصص التي ترتبط بشخصيات كان لها علاقة بالبنك بشكل أو بآخر، فبالإضافة لرؤساء البنك والعاملين فيه هناك قصص حول أشخاص عاديين مثل قصة «راهبة البنك» كما كان يطلق عليها وهي راهبة اسمها سارة وايتهيد التي اعتادت على زيارة مبنى البنك كل يوم في الفترة ما بين 1812 إلى 1837 وهي مرتدية ملابس الحداد. وحسب ما يذكر العرض فهي كانت شقيقة أحد العاملين بالبنك الذي حوكم وصدر عليه حكم بالإعدام لتزويره وصل تسلم لفاتورة، حسب القصة ظلت وايتهيد تزو مبنى البنك يومياً على أمل رؤية شقيقها».
وفي العرض ورقة مالية من فئة 10 شيلينغ لها قصة طريفة حيث تقول الورقة المثبتة أسفلها أن العملة دفعها أحد الأشخاص وكان يعمل في وزارة التعليم للطاهية في في منزله غير انها أضاعتها، ولاحقا إكتشفت أنها قد وضعت الورقة في داخل فطيرة تفاح وخبزتها في الفرن وإكتشفتها بعد ذلك بيومين.

قطع أثرية
على مدى تاريخه الطويل تمت أعمال بناء وهدم في مكان البنك وفي كل مرة كانت الأعمال تظهر قطعاً أثرية مدفونة تحت الأرض، ولا عجب في ذلك فهو يقع في منطقة تاريخية ثرية، تقول جينيفر آدم: «تم بناء البنك حول نهر (والبروك)، الذي كان مسرحاً للتجارة في عهد الرومان، ولهذا فإن كل عملية هدم أو بناء كانت تظهر بعضاً من آثارهم. لدينا عدد من تلك القطع هنا في المعرض مثل بعض المفاتيح الرومانية والعملات والمسكوكات من نفس العصر... هنا مجموعة هائلة في المخازن وقطعتي المفضلة منها هي زوج أحذية صغيرة من الجلد».

قصة السيدة العجوز
في أكثر من مكان نرى إشارة إلى اسم «السيدة العجوز في ثريد آند نيدل ستريت»، وهو اسم أطلق على البنك في وقت من الأوقات، تقول جينيفر آدم إن التسمية أطلقها الرسام جيمس غيلراي في رسم ساخر نشر في عام 1797 يصور رئيس الوزراء في ذلك الوقت، ويليام بيت وهو يحاول التقرب من سيدة عجوز ترتدي رداءً مصنوعاً من الأوراق المالية وتجلس على صندوق خشبي مليء بالنقود، ليتمكن من وضع يده على ممتلكاتها من الذهب.
تشير جينيفر إلى أن العرض لا يتوقف عند المال والأرقام، بل هو أيضاً يقدم معروضات طريفة لها قصص خاصة مرتبطة بالبنك مثل مجموعة من الدمى البلاستيكية على هيئة جنود مرتدين بزات حمراء، في إشارة إلى الجنود الذين كلفوا بحراسة البنك في وقت من الأوقات.

باقة الأزهار المالية
تتوسط القاعة باقة أزهار من اللون الزهري موضوعة في كأس من الفضة الخالصة، بالاقتراب منها نجد أن الأزهار مصنوعة من أوراق نقدية تم قصها وتشكيلها بعناية لتصبح قطعة جمالية متميزة. الفنانة صاحبة الباقة هي جاستين سميث، وهي متخصصة في فن القصاصات الورقية. تشرح لنا جاستين بعض جوانب العمل الذي يستوقف الزوار، وتقول إنها استخدمت أوراقاً من فئة الخمسين جنيهاً إسترلينياً. بالنسبة لهذه القطعة أمامنا تشرح تفاصيل عملها بالقول: «أردت تصوير الأزهار البرية في بريطانيا، وهي مرتبطة في ذهني بالكفاح والعمل والمقاومة، فالأزهار البرية تنمو في أي مكان متاح لها وبطريقة ذاتية تضع بذورها وتتمدد، هي نباتات قوية. بشكل من الأشكال يتماثل ذلك مع فكرة النقود لدي، حيث إنها تعبر عن العمل والكفاح. هي أيضاً تعبر عن القوة والتاريخ والثقافة، يمكنك قراءة الكثير عن أي بلد بالنظر إلى عملتها الورقية. لهذا أحب أن أستخدمها في أعمالي، هي ليست مادة خام مجردة من الشخصية». وعندما فكرت جاستين سميث بالمزهرية أو الإناء الذي سيحتضن تلك الباقة الثمينة اتجه فكرها إلى الفضة «استخدم دائما الآنية الفضية التي كثيراً ما أبتاعها من محلات الأنتيكات، وقد سألت المسؤولين عن المعرض واقترحوا علي استخدام إحدى القطع الأثرية من خزانة البنك واخترنا هذه القطعة التي يعود تاريخ صنعها إلى ذات العام الذي أنشئ فيه بنك إنجلترا وهو 1694.
أسألها إن كان العمل مع الأوراق المالية مختلفاً، وتقول: «هو مختلف بالفعل، فالورق سميك وقوي كما أن حجمه محدود ومن الناحية النفسية أعتقد أنني متعودة على تقطيع الأوراق المالية» وتضحك، أسألها: «كم المبلغ الذي قطعتيه هذه المرة؟»، تقول: «ثلاثة آلاف جنيه إسترليني ولكن هي أوراق غير متداولة وبعض منها نسخة خاصة بالبنك. ومع كل ذلك كانت عملية تسلمها معقدة، فالبنك أرسل لي كل ورقة على حدة في غلاف بلاستيكي وكان علي التوقيع بتسلم كل ورقة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».