واشنطن تواصل فرض العقوبات على شخصيات وكيانات عراقية

عد السياسي العراقي أحمد الجبوري (محافظ صلاح الدين الأسبق والنائب الحالي في البرلمان العراقي) وأحد المشمولين الأربعة بالعقوبات الجديدة التي أعلنت عنها وزارة الخزانة الأميركية، أول من أمس، أن «سيادة العراق على حافة الهاوية» في إشارة إلى الصمت الحكومي حيال قيام الولايات المتحدة باستمرار فرض العقوبات المالية والسياسية، على شخصيات وأحزاب وكيانات عراقية، معظمها مقرب من إيران.
وقال الجبوري، تعقيباً على القرار الأميركي الذي أعلنته وزارة الخزانة الأميركية، وعلق عليه نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، وشمل إضافة إليه، نوفل العاكوب محافظ نينوى السابق (سُنيان)، وريان الكلداني، قائد فصيل مسلح بـ«الحشد الشعبي» (مسيحي)، ووعد القدو، قائد فصيل مسلح بـ«الحشد الشعبي» (شيعي)، إن «أميركا نصبت نفسها ولي أمرنا، بعد أن صمتت الحكومة ورئاسة الجمهورية عن الرد على هذا القرار الذي استباح السيادة العراقية، وأعطى رسالة بأن العراق رعية بلا راعٍ». وأضاف: «منذُ الأمس وأنا أراقب المتشفي والناقم والممتعض، ولم أشاهد موقفاً وطنياً للانتفاض لسيادة بلد وكرامة شعب منتهكة، ولم أشاهد مواقف أصحاب الشعارات محاور المقاومة السياسية، التي تدعي مناهضتها للمشروع الأميركي، من خلال إصدار بيان أو موقف مناهض للقرار الأميركي، وذلك أضعف الإيمان».
وطبقاً لموقع وزارة الخزانة الأميركية، فإن العقوبات فرضت على الأربعة بسبب انتهاك حقوق الإنسان، وممارسات تنطوي على فساد. وبموجب العقوبات الجديدة ستفرض واشنطن حظراً على ممتلكات العراقيين الأربعة في الولايات المتحدة، كما ستمنع مواطنيها من إجراء أي تعاملات تجارية معهم.
وفي هذا السياق، أكد أثيل النجيفي، محافظ نينوى الأسبق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا القرار تضمن جزأين: الجزء الأول منه كان استجابة للشكاوى التي قدمها المسيحيون للمجتمع الدولي، عن طريقة معاملتهم في سهل نينوى، ومطالبة كثير منهم بحماية أممية لحقوقهم ولوجودهم في المنطقة، وهذه الشكاوى طالت السيدين الكلداني والقدو». وأضاف النجيفي: «أما الجزء الثاني الذي طال العاكوب والجبوري فهو رسالة للمجتمع السني، بأن الولايات المتحدة لديها إجراءات للحد من النفوذ الإيراني في نينوى، وأن الفساد الذي وقع فيه كثير من السنة المندفعين خلف المشروع الإيراني للحصول على الحماية الداخلية من الملاحقات القانونية، سيقع مرتكبوه تحت طائلة الملاحقات الدولية»، موضحاً أن «ما حصل الآن هو رسالة أولية وتحذيرية بضرورة إجراء تغيير في أسلوب التعامل مع المنطقة، ومن المؤكد أن الخطوات اللاحقة ستعتمد على رد الفعل من الطرف الآخر».
من جهته، أكد الأكاديمي العراقي الدكتور إحسان الشمري، رئيس «مركز التفكير السياسي» لـ«الشرق الأوسط»، أن «القائمة الأميركية كانت متوقعة؛ حيث سبق أن أصدرت وزارة الخزانة الأميركية، أو حتى بعض المؤسسات الأميركية، قوائم وضعت من خلالها بعض الفصائل وبعض الشخصيات على قائمة الإرهاب». وأضاف الشمري أن «ما يميز هذه القائمة أنها كانت خارج دائرة العنوان الطائفي بمعناه الشيعي، للمقربين من إيران؛ لكن يبدو أن أميركا تحاول قطع الطريق أمام بعض الشخصيات القريبة من إيران، المؤيدة لبعض الفصائل المسلحة القريبة من إيران، رغم أن العقوبات ركزت على مسارين، وهما حقوق الإنسان والفساد؛ لكنها رسالة واضحة من قبل الولايات المتحدة الأميركية بأن كل من يقف سواء مع الفصائل المسلحة أو إيران، لغرض تمكينها من الداخل العراقي، سوف تطاله مثل هذه العقوبات».
وأوضح الشمري أن «الهدف الأساس لهذه العقوبات هو إيقاف عمليات التمويل والدعم للأطراف المناصرة المؤيدة لإيران، على مستوى الداخل العراقي».
ورداً على سؤال حول كون جميع المشمولين بهذه القائمة الجديدة هم إما من الموصل وإما لديهم أنشطة هناك، أكد الشمري أن «الموصل لها خصوصية؛ حيث إن بعض الفصائل المقربة من إيران تركز على الفصل في قضية استراتيجية العبور الآمن نحو سوريا، ومن ثم (حزب الله) في لبنان؛ حيث إن الهدف هو قطع الطريق أمام هذه الفصائل لاستكمال الاستراتيجية».
وعما إذا ستكون لهذه العقوبات تداعيات في الداخل، أكد الشمري أن «التداعيات المحتملة سوف تكون على الفصائل الأخرى، التي ربما سوف تشمل في قوائم لاحقة لكي يتم التضييق عليها، وهو أمر بات متوقعاً، وبالتالي سيبحثون عن مساحة لمشاكسة أميركا في الداخل العراقي، كما أنه سيكون هناك حرج شديد لبعض هذه الفصائل، لا سيما التي هي ضمن مظلة (الحشد الشعبي)، بوصفه مؤسسة رسمية، وبالتالي وجود مثل هكذا أسماء ضمن مؤسسات رسمية سيكون إحراجاً لتلك المؤسسة، ولتلك الشخصيات». وأوضح: «في الوقت الذي لا توجد فيه وصاية للقانون الأميركي على القانون العراقي؛ لكنها مقدمة لمرحلة جديدة، قد تكون رسالة لإقرار قانون منع زعزعة استقرار العراق، الذي سوف يناقشه الكونغرس الأميركي، والذي يمتلك صلاحيات كبيرة على مستوى الوزارات الأميركية الأساسية، مثل الخارجية أو المالية أو الدفاع، والذي يعطي مشروعية لأميركا بالتدخل تحت هذه الذريعة».