تصعيد فلسطيني في وجه قرار وزير العمل اللبناني

أبو سليمان يصر على إجازات العمل... وموفد عبّاس في بيروت يدعو إلى «الحوار» ويلتقي القيادات اللبنانية

الرئيس سعد الحريري خلال اجتماعه أمس مع عزام الأحمد والسفير الفلسطيني في بيروت (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري خلال اجتماعه أمس مع عزام الأحمد والسفير الفلسطيني في بيروت (دالاتي ونهرا)
TT

تصعيد فلسطيني في وجه قرار وزير العمل اللبناني

الرئيس سعد الحريري خلال اجتماعه أمس مع عزام الأحمد والسفير الفلسطيني في بيروت (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري خلال اجتماعه أمس مع عزام الأحمد والسفير الفلسطيني في بيروت (دالاتي ونهرا)

لم تنجح تطمينات وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان، في التخفيف من غضب اللاجئين الفلسطينيين، الرافضين قراره الذي يلزمهم الحصول على إجازات عمل أسوة بباقي العمّال الأجانب المقيمين على الأراضي اللبنانية، ووجّهت أمس نداءات عبر مكبرات الصوت داخل المخيمات، تدعو إلى استئناف التحركات في الشارع والتعبير عن غضب الفلسطينيين لعدم تراجع وزير العمل عن قراره، في وقت دعا الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس مواطنيه إلى التهدئة، وإفساح المجال أمام المعالجات التي يتولاها مسؤولو السلطة الفلسطينية مع الحكومة اللبنانية.
وأعلن وزير العمل كميل أبو سليمان في مؤتمر صحافي عقده أمس في مقرّ البرلمان اللبناني، أنه «حصل لغط فيما يتعلق بالإخوة الفلسطينيين». وأكد أنه لا قرار يستهدفهم أو يصيبهم بل تطبيق لخطة عمل، وهذه الخطة تطلب من العمال غير اللبنانيين تطبيق القانون والحصول على إجازة عمل، معترفاً بأن الفلسطينيين «لديهم معاناة ونحن نريد مساعدتهم وليس زيادة مشاكلهم، ونقدم لهم تسهيلات ومنها عدم دفع رسوم للحصول على إجازات العمل، كما طلبت تسهيل وتسريع عملية إعطائهم الإجازات».
وبرر أبو سليمان خطوته بأنها «تأتي في سياق تطبيق القانون، وانسجاماً مع طلب لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني التي تضمّ كلّ الأحزاب، التي طالبت في عام 2017 بإعطاء إجازات عمل ونحن نطبق القانون». وشدد على «ضرورة وقف الشغب الذي يحصل على الطرقات، لأنه لا معنى له خصوصا أن هذه الإجراءات (الحصول على إجازة) تساعد العمال». وختم قائلا: «عندما يتم تسجيلهم، فإن قانون العمل يقدم لهم الضمانات ضد الصرف التعسفي ويأخذون الحد الأدنى للأجور».
وفي موازاة اللقاءات التي كان يجريها موفد الرئيس محمود عباس، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد والسفير الفلسطيني أشرف دبّور مع القيادات اللبنانية، دعا شباب مخيم عين الحلوة إلى لقاء موسّع لمناقشة موقف وزير العمل اللبناني، وصدحت مآذن المساجد في عين الحلوة ومخيمات جنوب لبنان، بالنداءات التي تحضّ الشبان الفلسطينيين على النزول إلى الشارع والتعبير عن غضبهم، والاستمرار بالتحركات الاحتجاجية.
وكان عزّام الأحمد استهلّ لقاءاته في بيروت، بزيارة رئيسة كتلة «المستقبل» النيابية النائبة بهية الحريري، وعرض معها تفاعلات قرار وزارة العمل والمسار الذي سلكته المعالجات، ورأى أنّ «القضية أخذت حجماً أكبر من حجمها، كان بالإمكان تطبيق قانون العمل اللبناني بشكل طبيعي وهادئ». وقال: «هناك اتصالات لتطويق الأزمة ومنع أي مضاعفات أو محاولات لاستغلالها، كما تستغل أحيانا المخيمات من قوى إقليمية وتجاذبات محلية للإساءة للسلم الأهلي». وتابع الأحمد: «هذه المسألة لا تُحلّ إلا بالحوار، والرئيس محمود عباس كان واضحاً في كلمته خلال اجتماع اللجنة التنفيذية التي على أثرها كلفني بالذهاب إلى لبنان، وهذه الزيارة من أجل تعميق الحوار مع المسؤولين اللبنانيين المعنيين، وكل الدولة اللبنانية معنية بهذا الموضوع وليس فقط وزارة العمل».
من جهتها، طمأنت النائبة بهية الحريري، إلى أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري «يقوم بمساعٍ ويتجاوب معه وزير العمل كميل أبو سليمان، وتمّ التفاهم على آليّة للمعالجة السريعة والإيجابية لهذا الموضوع، تأخذ بالاعتبار خصوصيّة الإخوة الفلسطينيين، كما وردت في قانون العمل».
وأكد مصدر في وزارة العمل لـ«الشرق الأوسط»، أن «إصرار الوزارة على تطبيق القانون لا يشكّل انتقاصاً من حق اللاجئ الفلسطيني». وقال: «ما دام القانون لم يعدّل ولم يصدر عن الدولة اللبنانية أي قرار معاكس، فنحن مستمرون بتطبيقه»، معتبراً أن «الشغب القائم وقطع الطرقات وحرق الإطارات لا توصل إلى نتيجة، وعلى الفلسطيني أن يطمئن إلى أنه غير مستهدف ولا خلفيات سياسية لهذا القرار».
من جهته، أوضح عضو المجلس المركزي في منظمة التحرير الفلسطينية هيثم زعيتر، أن «الأمور ستأخذ طريقها نحو المعالجة الهادئة». وكشف لـ«الشرق الأوسط» عن وجود «تباين لبناني - لبناني بشأن تعريف الفلسطيني وحقوقه وواجباته». وقال هناك من يدعو إلى اعتبار اللاجئ المسجل في قيود وزارة الداخلية اللبنانية ليس بحاجة إلى إجازة عمل، بينما يرى آخرون أن هناك ضرورة للحصول على إجازة معفاة من الرسوم.
وقال زعيتر الذي يرافق السفير الفلسطيني في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، إن «القرار متخذ منذ سنتين، فلماذا توقيت تنفيذه الآن؟ وهل المطلوب إعطاء تفسيرات تثير حفيظة اللاجئ الفلسطيني؟». معتبراً أن «التوقيت خاطئ، والفلسطيني الموجود في لبنان قسراً ليس أجنبياً ليتم التعاطي معه على هذا الأساس». وأضاف: «الأمور ستعالج بهدوء والحكومة اللبنانية بصدد اتخاذ قرارات ومراسيم تستثني الفلسطيني من الحصول على إجازة عمل، لكونه مولودا على الأراضي اللبنانية»، مؤكداً أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعا إلى التهدئة، وشدد على «استكمال الحوار الهادئ والهادف مع الإخوة اللبنانيين، بعيداً عن تأجيج الشارع الذي يسعى إليه البعض».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».