المشنوق لـ {الشرق الأوسط}: رفضنا نصائح بالتعاون مع النظام السوري في محاربة المتشددين

وزير الداخلية قال إن «حزب الله» يريد أن يطرد الجيش المسلحين كي يبني خط دفاعه الأخير

نهاد المشنوق
نهاد المشنوق
TT
20

المشنوق لـ {الشرق الأوسط}: رفضنا نصائح بالتعاون مع النظام السوري في محاربة المتشددين

نهاد المشنوق
نهاد المشنوق

كشف وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، أمس، عن «نصائح» تلقتها الحكومة اللبنانية للتعاون مع النظام السوري في مواجهة المسلحين المتشددين الذين يتمركزون في جرود بلدة عرسال الحدودية ويحتجزون عددا كبيرا من العسكريين اللبنانيين إثر مواجهات جرت في البلدة ومحيطها في مطلع أغسطس (آب) الماضي. وإذ أكد المشنوق لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة رفضت هذا الأمر، حذر من جولة مواجهات جديدة مع حلول الشتاء واضطرار المسلحين للعودة إلى سوريا.
وأشار المشنوق، الذي يمثل تيار «المستقبل» برئاسة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، في الحكومة اللبنانية، إلى أن «حزب الله» يأمل في أن يتولى الجيش عنه مهمة إزالة المسلحين من عرسال وجرودها ليتفرغ لمخططه لبناء خط دفاع على طول الحدود اللبنانية الشرقية من جهة البقاع يكون بإمكانه وقف تمدد تنظيم «داعش» المحتمل، لكن مع وجود المسلحين في جرود عرسال، فإن الأمر من دون فائدة استراتيجية له. وأكد المشنوق أن الحكومة تقوم بواجباتها في موضوع الانتخابات النيابية من الناحية التقنية، لكنه استبعد حدوثها من الناحية العملية، كاشفا أنه لم يترشح بعد للانتخابات، وأنه قد لا يترشح أحد من تياره السياسي.
وأعلن المشنوق، العائد لتوه من زيارة رسمية إلى قطر، أن نتائج الزيارة كانت «أكثر من ممتازة» على صعيد قضية العسكريين اللبنانيين الذين تختطفهم جماعات سورية مسلحة في جرود بلدة عرسال اللبنانية منذ مطلع أغسطس الماضي. وأبلغ المشنوق «الشرق الأوسط» أنه سيترك رئيس جهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم لمتابعة الملف مع المسؤولين الأمنيين القطريين والأتراك لمعالجة الموضوع.
وأكد الوزير المشنوق أن الحكومة تقوم بكل واجباتها في موضوع العسكريين المخطوفين، مستغربا الحملات التي تشن عليها في الإعلام والمنابر. وقال إن التفاوض لم يتوقف يوما، وعلى أكثر من قناة. وأوضح: «أنا من طالبت هيئة العلماء المسلمين بالاستمرار في الوساطة على الرغم من وجود قنوات أخرى، فنحن سنقوم بكل ما يلزم من أجل استعادة أبنائنا».
في المقابل، رأى المشنوق أن «التطوع في الجيش والقوى الأمنية يحمل في طياته الكثير من المخاطر، والأسر جزء منها». وقال: «عندما تدخل السلك العسكري فأنت مدرك تماما أنك تعرض حياتك للخطر، وأنت ستواجه عدوا، فإما يقتلك أو تقتله، وإما يأسرك أو تأسره، أو يصيبك أو تصيبه. إنها مهنة محفوفة بالمخاطر وفيها الكثير من التضحية، من أجل الوطن والمجتمع».
ونفى وجود أي انقسام بشأن دور الجيش في عرسال، أو وجود «تراخ سني» في هذا الموضوع، مؤكدا أن «الوزراء جميعا وقفوا خلف الجيش بغض النظر عن انتمائهم الطائفي، ومحاضر جلسة مجلس الوزراء التي كان قائد الجيش فيها حاضرا، تشهد بقوة على وقوف جميع الوزراء وراء الجيش وتأييدهم للخطوات التي اقترحها»، مشددا على أن أي أحد لم يكبل يد الجيش. وأشار الوزير المشنوق إلى ما قامت به تركيا خلال أزمة الرهائن الذين وقعوا في يد «داعش» في مدينة الموصل العراقية، وأوضح أن قرارا قضائيا منع وسائل الإعلام من التداول بالموضوع والتعرض له إعلاميا، كي يستطيع المفاوضون القيام بعملهم من دون ضغوط أو تسريبات تعوق عملهم. وتمنى على وسائل الإعلام القيام بمبادرة ذاتية تساهم في مساعدة الحكومة والجهات المفاوضة على القيام بعملها بفعالية.
وبشأن مطالب الخاطفين بإطلاق سراح إسلاميين معتقلين، شدد المشنوق على أنه لا يوجد سجين إسلامي - أو غير إسلامي - واحد يقضي يوما بعد إنهاء عقوبته، لكنه اعترف بوجود تأخر في المحاكمات ناجم عن أسباب عديدة منها الضغط الكبير والكم الهائل من القضايا أمام القضاة. وأشار إلى أن التسريع في محاكمات الإسلاميين بدأ بالفعل، متوقعا إقفال الملف نهائيا خلال فترة 6 أشهر. وأوضح أن «إنهاء هذا الملف كانت أمامه عوائق سياسية وتقنية، وقد حاول الرئيس سعد الحريري إنهاء هذا الملف، لكنه واجه عراقيل منعته من ذلك». وأضاف: «أما الجانب التقني، فقد تجاوزناه بتقسيم ملفات المتهمين بالمشاركة في معارك مخيم نهر البارد ضد الجيش اللبناني من أجل تسريع المحاكمات، بعد أن كان يتوجب إحضار نحو 500 متهم إلى القاعة في كل مرة تعقد الجلسات وإذا غاب أحدهم يتوجب تأجيل الجلسة».
ورأى المشنوق أن الحل الأفضل لأزمة عرسال هو «استثناء خاص من الفيتو العوني» (تيار العماد ميشال عون) عن إقامة المخيمات للسماح بنقل نحو 40 ألف نازح سوري من البلدة إلى مكان آخر في العمق اللبناني، «لأن بين هؤلاء مسلحين قد يشكل وجودهم خطرا على الجيش إذا ما جرت معركة يدير فيها الجيش ظهره لعرسال لمواجهة المسلحين في الجرود، مع وجود احتمال قوي بأن يصبح ظهره مكشوفا». وأشار إلى أن «اقتراح وزير الخارجية جبران باسيل بإقامة مخيمات في المناطق الفاصلة تواجهه صعوبات تقنية»، كاشفا أن «اللجنة العسكرية التي تبحث الموضوع أجرت كشفا ميدانيا، تبين لها من خلاله مثلا أن عرض المنطقة الفاصلة عند الحدود الشمالية في نقطة العبودية مثلا لا يزيد على 60 مترا مما يجعل الأمر مستحيلا». وكشف المشنوق عن «نصائح بالجملة وجهت للحكومة للتعاون مع النظام السوري لمواجهة المسلحين المتشددين في جرود عرسال»، مشيرا إلى أن «هذه النصائح التي أتت من حلفاء سوريا رفضناها بالطبع». وعدّ أن «التنسيق الاستخباري الذي يفرضه الواقع الميداني، لا يجوز أن يجرنا إلى مواقف سياسية». وأضاف: «إذا كانوا (النظام السوري) يريدون أن يستهدفوا المسلحين، فنحن لا نمنعهم، لكننا لن نطلب منهم ذلك في الحكومة».
ونبه المشنوق إلى خطورة الوضع في عرسال مع اقتراب موسم الشتاء، «فالمناخ بارد جدا في الجبال حيث يتجمع المسلحون، ومع حلول الشتاء لا يمكن لهؤلاء البقاء، فإما أن يعودوا إلى الداخل السوري، وإما أن يقرروا النزول إلى عرسال حيث ستكون مواجهة جديدة قد تطيح بالوضع الأمني هناك».وقدر المشنوق عدد المسلحين في الجبال بنحو 2000 مسلح لديهم كثير من الذخائر وأفضل أنواع الأسلحة، «بعضه سرق من مواقع الجيش التي سيطروا عليها في عرسال مطلع أغسطس الماضي». وأضاف أن بحوزة هؤلاء «كثيرا من التموين، لكن مع قطع طرق الإمداد عليهم فنحن لا نتوقع ردة فعلهم، خصوصا أن الجيش يتمركز على ارتفاع 1600 متر، فيما المسلحون في مناطق أعلى بكثير».



انطلاق مشروع طبي تطوّعي سعودي لإنقاذ «قلوب السوريين» عبر نحو 100 عملية جراحية

من جولة سابقة للوفد السعودي لرؤية الواقع الصحي والوقوف على الاحتياجات اللازمة في سوريا (سانا‬)
من جولة سابقة للوفد السعودي لرؤية الواقع الصحي والوقوف على الاحتياجات اللازمة في سوريا (سانا‬)
TT
20

انطلاق مشروع طبي تطوّعي سعودي لإنقاذ «قلوب السوريين» عبر نحو 100 عملية جراحية

من جولة سابقة للوفد السعودي لرؤية الواقع الصحي والوقوف على الاحتياجات اللازمة في سوريا (سانا‬)
من جولة سابقة للوفد السعودي لرؤية الواقع الصحي والوقوف على الاحتياجات اللازمة في سوريا (سانا‬)

وصل إلى مطار دمشق الدولي، الثلاثاء، الوفد الطبي التطوعي التابع لـ«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، المؤلف من 24 متطوعاً من مختلف التخصصات الطبية، بهدف تنفيذ المشروع الطبي التطوعي لجراحة القلب المفتوح والقسطرة القلبية للكبار، في العاصمة السورية دمشق، بالتعاون مع «جمعية البلسم للتدريب والتطوير الصحي» في السعودية.

وأكد الدكتور علي القرني، مدير «إدارة التطوّع» في «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» لـ«الشرق الأوسط» أن هذا المشروع الطبي التطوعي، يعدّ «المشروع التاسع ضمن برنامج (أمل) السعودي التطوعي الذي دشنه الدكتور عبد الله الربيعة، المشرف العام على المركز، في فبراير (شباط) الماضي، والمخصّص للجمهورية العربية السورية، بالتعاون مع وزارة الصحة السورية». وتابع القرني أن المشروع يغطي أكثر من 45 تخصصاً طبياً وغير طبي.

ونوّه القرني بأن البرنامج، الذي يستمر على مدار عام كامل، يشمل أكثر من 104 حملات طبية وتطوعية تغطي 45 تخصصاً طبياً وتدريبياً، ويشارك فيه أكثر من 3 آلاف متطوع سعودي، ضمن خطة تهدف إلى تنفيذ ما يزيد على 218 ألف ساعة عمل تطوعية.

وأشار القرني إلى ما توصّل إليه «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» من أن الحملات تستند إلى تقييم ميداني شامل أجري مطلع العام، كشف عن فجوة كبيرة في الخدمات الصحية، وطول قوائم الانتظار في سوريا.

وخلال حديثه، بيّن القرني أن المشروع الحالي هو مشروع لجراحة القلب المفتوح والقسطرة للبالغين، ينفّذه «المركز» عبر أحد الشركاء التنفيذيين من الجمعيات السعودية، وهي «جمعية البلسم». وبشأن الأثر المنتظر، شدّد على أن مثل هذا المشروع ليس لتخفيف الألم أو تقليل المعاناة فقط؛ بل من شأنه أن «يحفظ حياة هؤلاء الناس (المستفيدين) بعد معاناة طويلة مع الألم»، إلى جانب «تخفيف قوائم الانتظار بوزارة الصحة السورية في هذا التخصص».

جانب من وصول الفريق الطبي التطوّعي السعودي إلى مطار دمشق الثلاثاء (واس)
جانب من وصول الفريق الطبي التطوّعي السعودي إلى مطار دمشق الثلاثاء (واس)

وسألت «الشرق الأوسط» القرني عن عدد العمليات الجراحية المستهدف خلال المرحلة الحالية، فأجاب بأن المُستهدف إجراؤه من 80 إلى 100 عملية قلب مفتوح وقسطرة قلبية.

ولفت مدير «إدارة التطوّع» إلى أن الفريق الطبي التطوعي التابع لـ«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، سوف يعمل في «مستشفى المواساة العام» بالعاصمة السورية دمشق، موضّحاً أن المرضى سيكونون من مختلف محافظات الجمهورية العربية السورية.

وأشارت «جمعية البلسم»، الشريك المنفّذ مع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، إلى أن فريقها التطوعي يجرى 15 عملية قلب مفتوح و80 قسطرة قلبية في سوريا، خلال المدة من 15 وحتى 22 أبريل (نيسان) الحالي. كما نشرت «الجمعية» عبر حسابها الرسمي على منصة «إكس»، صوراً من داخل غرفة عمليات تُظهر الأطباء المتطوّعين خلال تنفيذ المشروع الطبي التطوعي لجراحة وقسطرة القلب في سوريا.

وتأتي هذه الخطوة امتداداً للجهود التي تبذلها السعودية لمساعدة الشعب السوري على مختلف الأصعدة، ولوقفاتها الإنسانية المستمرة معهم؛ للتخفيف من معاناتهم في ظل الظروف بالغة التعقيد التي عاشوها خلال المرحلة الماضية، وذلك في إطار المشروعات الطبية التطوعية التي تنفذها السعودية عبر ذراعها الإنسانية «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»؛ لمساعدة الأفراد والأسر من ذوي الدخل المحدود في الدول ذات الاحتياج.

من جولة سابقة للوفد السعودي لرؤية الواقع الصحي والوقوف على الاحتياجات اللازمة في سوريا (سانا‬)
من جولة سابقة للوفد السعودي لرؤية الواقع الصحي والوقوف على الاحتياجات اللازمة في سوريا (سانا‬)

ودعا «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» عموم المختصين الراغبين في التطوع بخبراتهم، إلى التسجيل في برنامج «أمل» الذي يستمر عاماً كاملاً، لدعم القطاع الصحي السوري الذي تضرر جراء أحداث المرحلة الماضية، وتقديم الخدمات الطارئة والطبية للمحتاجين في مختلف التخصصات؛ للتخفيف من معاناة الشعب السوري.

من داخل غرفة العمليات خلال يومها الثاني ضمن المشروع الطبي التطوعي لجراحة وقسطرة القلب في سوريا بمساهمة سعودية (حساب جمعية البلسم على إكس)
من داخل غرفة العمليات خلال يومها الثاني ضمن المشروع الطبي التطوعي لجراحة وقسطرة القلب في سوريا بمساهمة سعودية (حساب جمعية البلسم على إكس)

وضمّت‏ تخصّصات الكوادر التطوعية المطلوبة للانضمام «جراحة الأطفال، وجراحة التجميل، وجراحة النساء والولادة، والجراحة العامة، وطب الطوارئ، والدعم النفسي، وجراحة العظام، وطب الأمراض الباطنية، وجراحات القلب المفتوح والقسطرة، وأمراض الكلى، والطب العام، والصدرية، وطب الأطفال، والتخدير، والتمريض، وطب الأسرة، والعلاج الطبيعي، والنطق والتخاطب، والأطراف الصناعية، وزراعة القوقعة... وعدداً آخر من التخصصات الطبية المتعددة».

وكان وفد سعودي أجرى زيارة إلى عدد من المشافي مطلع العام الحالي. وأكّد الدكتور سامر الجطيلي، المتحدث باسم «المركز»، لـ«الشرق الأوسط» حينها أن قائمة التخصصات المطلوبة حُدِّدت بعد التواصل مع الجهات الصحية المسؤولة في سوريا، مؤكداً أن البرنامج يهدف إلى إتاحة الفرصة للمتطوعين السعوديين في القطاع الصحي لتلبية حاجة القطاع الصحي السوري في كل مناطق البلاد.

ونوه الجطيلي بـ«جهود الكوادر الصحية السعودية التي تطوعت بخبراتها وعطائها من خلال البرنامج»، وأضاف: «لقد سجل المتطوعون السعوديون في القطاع الصحي حضوراً دولياً مميّزاً، من خلال كثير من الأحداث التي بادروا فيها إلى تقديم العون والمساعدة للإنسان بمناطق جغرافية مختلفة، وكان لهم أثر طيب في نحو 57 دولة حول العالم، وأَجرَوا فيها أكثر من 200 ألف عملية في مختلف التخصصات».

وأشار الجطيلي إلى أن الخبرة التي راكمها «البرنامج» ستسهم في «مدّ يد العون إلى الجانب السوري الذي يعاني من صعوبات خلال هذه المرحلة، وفي إنقاذ حياة كثير من السوريين عبر أشكال متعددة من الرعاية الطبية التي سيقدمها (البرنامج) في المرحلة المقبلة».