قائد القوات المصرية في «عاصفة الصحراء»: المساعي الأميركية لحرب «داعش» ستسفر عن ميليشيات جديدة

حذر في حديث لـ {الشرق الأوسط} من خطورة خلق صراع طائفي من شأنه تفتيت المنطقة

اللواء أركان حرب محمد علي بلال (في الاطار) و صورة أرشيفية لرتل من الدبابات أثناء المشاركة في «عاصفة الصحراء» عام 1991
اللواء أركان حرب محمد علي بلال (في الاطار) و صورة أرشيفية لرتل من الدبابات أثناء المشاركة في «عاصفة الصحراء» عام 1991
TT

قائد القوات المصرية في «عاصفة الصحراء»: المساعي الأميركية لحرب «داعش» ستسفر عن ميليشيات جديدة

اللواء أركان حرب محمد علي بلال (في الاطار) و صورة أرشيفية لرتل من الدبابات أثناء المشاركة في «عاصفة الصحراء» عام 1991
اللواء أركان حرب محمد علي بلال (في الاطار) و صورة أرشيفية لرتل من الدبابات أثناء المشاركة في «عاصفة الصحراء» عام 1991

مع تنامي الجهود الإقليمية والدولية لتكوين تحالف موسع لمكافحة بؤر الإرهاب المتنامية في منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع المخاوف الغربية من تمدد لهيبها إلى أوروبا وأميركا، حذر اللواء أركان حرب المصري محمد علي بلال من أن تركيز الولايات المتحدة الأميركية على تكوين تحالف سني لمواجهة خطر تنظيم «داعش» الإرهابي هو خطأ كبير يجب النأي عنه، لأنه سيخلق بالتوازي تحالفا شيعيا، ما سيؤدي لا محالة إلى صناعة صراع «سني - شيعي» جديد، من شأنه تفتيت الدول العربية.
وأوضح اللواء بلال، بما له من خبرة ميدانية وعملياتية واسعة كقائد للقوات البرية المصرية في عملية «عاصفة الصحراء» لقوات التحالف الدولي ضد القوات العراقية في عام 1991 وهي منطقة عمليات قريبة للغاية من حدود الضربات المرتقبة ضد داعش، أن المساعي والخطط الأميركية التي تعلنها إدارة الرئيس باراك أوباما لمكافحة خطر داعش من شأنها أن تعيد تكوين ميليشيات جديدة، وما يتبع ذلك من مخاطر إعادة تدوير الكرة مرة أخرى دون حل للأزمة. مؤكدا أن العلاج الأنجع هو تقوية الحكومات المركزية لمحاربة الإرهاب على أراضيها بجيوش وطنية، وليس بقوات خارجية أو ضربات جوية لا طائل منها.
وقال اللواء بلال لـ«الشرق الأوسط» إن «المعلومات المتاحة حتى الآن لا تكشف عن آلية مفهومة أو واضحة للولايات المتحدة لتنفيذ العمليات التي من شأنها أن تقضي على خطر مثل هذا التنظيم. فحتى الآن غير مفهوم من سيفعل ماذا، وما هو دور كل دولة من دول التحالف».
وتقول مصادر دبلوماسية دولية إن مؤتمر باريس الذي يعقد اليوم (الاثنين) حول الأمن في العراق، سيسعى لتوزيع المهام على مختلف الدول المشاركة في التحالف، وستتيح لكل طرف مزيدا من الدقة في تحديد ما يمكنه فعله. فيما أعربت واشنطن عن استعدادها لتوجيه ضربات جوية على مواقع التنظيم في سوريا مع توسيع رقعة الضربات التي تشنها في العراق، كما تردد أن البنتاغون الأميركي يتطلع إلى تدريب خمسة آلاف سوري من صفوف المعارضة سنويا، في إطار حملة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الجديدة لمحاربة مسلحي ما يسمى بتنظيم «داعش».
وحول الدور المصري، وخاصة في ظل تأكيدات القاهرة المتكررة أنها لن تشارك في عمليات برية ضد داعش في العراق أو سوريا، رغم دعمها لجهود التحالف وترحيبها به، ثمن اللواء بلال قرار القاهرة ومطالبة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في لقائه مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري أول من أمس بأن يكون أي ائتلاف دولي لمكافحة الإرهاب «شاملا»، ولا يقتصر على تنظيم معين، بل يتوسع لمواجهة الإرهاب «حيثما وجد في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا».
وأشار الخبير العسكري البارز إلى أن مصر تحارب فعليا الفكر المتطرف، وهو ما يربط بين داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية، على أراضيها ممثلة في جماعات مثل «أنصار بيت المقدس» وغيرها. موضحا أن الأفضل أن تحارب كل دولة الفكر المتطرف على أراضيها لأن تعدد جبهات القتال في نفس الوقت ليس محبذا في الفكر العسكري.
وتناولت تقارير أميركية حديثة أمس أن السيسي طالب كيري بحشد جهود دولية لضبط الأوضاع في ليبيا مقابل مشاركة مصر في الدعم اللوجستي لعمليات مكافحة داعش، وليس التدخل العسكري الصريح. فيما قال كيري أمس بأن هناك دولا - لم يسمها - أعلنت عن موافقتها لإرسال قوات برية لحرب داعش، لكن الولايات المتحدة «لا تفكر في ذلك في الوقت الراهن».
وأشار قائد القوات المصرية السابق إلى أن كلمة كيري في المؤتمر الصحافي مع نظيره المصري سامح شكري، والتي قال فيها إن «مصر في الخطوط الأمامية لمواجهة التطرف»، والتي ربما عدها البعض بمثابة الإشارة إلى مشاركة مصرية في العمليات، هي جملة منقوصة؛ حيث أوضح كيري أن دور مصر واضح في مكافحة الإرهاب في سيناء، وكذلك دور مؤسساتها الدينية في مواجهة التطرف.
وعلى الصعيد المصري، يشير اللواء بلال إلى أن طول مدة مكافحة مصر لجماعات الإرهاب المسلحة على أراضيها، وخاصة في سيناء، لا يعني فشل تلك العمليات، قائلا إن حجم العمليات الإرهابية تقلص تقلصا ملحوظا خلال الفترة الماضية بفضل جهود الجيش والشرطة، ومشددا على أنه لا يمكن «القضاء نهائيا على الإرهاب في أي مكان في العالم، لكن يمكن تحجيمه إلى أدنى حد ممكن».
ويرى الخبير العسكري المصري البارز أن مواجهة «داعش»، وغيره من التنظيمات الإرهابية، يجب أن تركز على تقوية الحكومات المركزية، سواء في سوريا أو العراق أو ليبيا، من أجل محاربة الإرهاب على أراضيها بجيوش وطنية، ويكون ولاؤها الأول والأخير للدولة. لأن العمليات العسكرية ضد ميليشيات غير نظامية لن تسفر عن شيء إذا اقتصرت على الضربات الجوية، بينما القوات البرية الخارجية لن تتمكن من محاربة تلك الميليشيات غير النظامية أو الثابتة في قواعد وأماكن واضحة، وهو ما يختلف عن مقاتلة جيش نظامي على غرار ما حدث في عملية عاصفة الصحراء تحت مظلة دولية.
أما عما يثار عن تدريب واشنطن مقاتلين محليين من سوريا لمواجهة «داعش»، حذر اللواء بلال من مغبة ذلك، موضحا أن هذا المسلك يعيد تكرار ما فعلته أميركا في أفغانستان حين دعمت المجاهدين في معاركهم ضد الاتحاد السوفياتي السابق، وهو ما تفرع منه لاحقا أغلب التنظيمات الإرهابية في العالم ومنها «القاعدة»، والمنشقون عنه الجدد مثل «داعش» و«جبهة النصرة» وغيرهما. وبالتالي ستقوم واشنطن بصناعة ميليشيات جديدة في المنطقة.
ويشير محللون ومراقبون دوليون إلى وجود خلافات عميقة وتوترات بين عدد من دول التحالف، على غرار الموقف السياسي بين القاهرة من جهة، وواشنطن والدوحة وأنقرة من جهة أخرى، وهو ما قد يؤثر على طريقة التعاون والتعاطي مع القضية. ويضيف اللواء بلال أن وجود دولة إقليمية مثل إيران ربما تستغل الموقف لتغذي الصراع السني الشيعي بالتزامن مع العنوان المعلن في الحرب على الإرهاب، وهو ما من شأنه تفتيت المنطقة العربية.
وعلى صعيد ذي صلة، يشكك اللواء بلال في مدى «صدقية» ما يذاع من مقاطع مصورة لإعدامات يقوم بها عناصر «داعش» لمواطنين أجانب، قائلا إن تلك الفيديوهات تصور بتقنيات كبيرة لا يفهم كيف وصل إليها عناصر داعش، يفترض أنهم في مناطق عمليات، ولا يمكنهم الوصول إلى تقنيات «هوليوودية»، مشيرا إلى أن المشاهدة الدقيقة لهذه المشاهد لا تظهر لحظات الذبح الفعلي ولا مظاهره «من دماء أو انهيار انفعالي للضحايا المفترضين»، ومرجحا أن يكون «لجهات ما» أهداف من إذاعة مثل تلك التقارير من أجل تحفيز المجتمع الدولي على المشاركة. وهو ما يتزامن في رأيه مع حماس واشنطن «الذي ظهر فجأة» لمكافحة الإرهاب، وخاصة في ظل اقتراب موعد انتخابات الكونغرس وضعف موقف حزب الرئيس الأميركي في مواجهة القضايا الخارجية، واحتياجه الشديد لـ«نصر رمزي» يرفع من أسهمه الانتخابية.



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.