السلطة تريد تحقيقاً دولياً بعد وفاة أسير في زنزانته

محكمة توافق على تشريحه... والفلسطينيون يتحدثون عن «جريمة عنصرية»

وقفة منددة باستشهاد الأسير نصار طقاطقة في سجون الاحتلال الإسرائيلي (وفا)
وقفة منددة باستشهاد الأسير نصار طقاطقة في سجون الاحتلال الإسرائيلي (وفا)
TT

السلطة تريد تحقيقاً دولياً بعد وفاة أسير في زنزانته

وقفة منددة باستشهاد الأسير نصار طقاطقة في سجون الاحتلال الإسرائيلي (وفا)
وقفة منددة باستشهاد الأسير نصار طقاطقة في سجون الاحتلال الإسرائيلي (وفا)

اتهمت السلطة الفلسطينية إسرائيل بالتسبب في «استشهاد» أسير فلسطيني بعد تعرضه للتعذيب والإهمال الطبي، وطالبت بتحقيق دولي يرأسه الصليب الأحمر، الذي رد بأنه لا يشارك في مثل هذه التحقيقات، قبل أن توافق محكمة إسرائيلية على فتح تحقيق في الأمر.
وتوفي الأسير نصار طقاطقة (31 عاماً) داخل زنزانته بعد أقل من شهر على اعتقاله. وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر، إن طقاطقة قضى في العزل الانفرادي بمعتقل «نيتسان» الإسرائيلي في الرملة. وحمّلت الهيئة سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه «الجريمة العنصرية» متهمة إسرائيل بانتهاج التعذيب الجسدي، والنفسي، والإهمال الطبي بحق الأسرى، وغيرها من الانتهاكات والإجراءات التنكيلية المرتكبة بحقهم. واعتقل طقاطقة من منزله في بلدة بيت فجار في بيت لحم قبل أقل شهر. ثم أعاده الجنود الإسرائيليون قبل أسبوعين إلى منزل ذويه مكبل اليدين من أجل حملة تفتيش في المكان.
وقال نادي الأسير، إن نصار اُعتقل في 19 يونيو (حزيران) الماضي 2019، وما يزال موقوفاً وقيد التحقيق. وأضاف، أن «الأسير طقاطقة استشهد وهو في فترة التحقيق، الأمر الذي يستدعي التوقف عند هذه الفترة التي ينفذ فيها المحققون أقسى أنواع التعذيب النفسي والجسدي»، لافتاً إلى أنه «باستشهاد الأسير طقاطقة يرتفع عدد شهداء الحركة الوطنية الأسيرة في معتقلات الاحتلال منذ عام 1967 إلى 220 شهيدا».
ولم تعقب مصلحة السجون الإسرائيلية على الاتهامات الفلسطينية، لكنها قالت إنه تم العثور على طقاطقة ميتا في زنزانته، وإن طواقم الإسعاف استدعيت وفشلت في محاولات إنعاشه. وتسبب موت طقاطقة بحالة من التوتر في السجون واستنفار كبير سواء من قبل الأسرى أو إدارة مصلحة السجون.
وطلب الفلسطينيون فتح تحقيق دولي. وقالت الحكومة الفلسطينية إنه يجب تشكيل لجنة تحقيق دولية بإشراف الصليب الأحمر الدولي للوقوف على ملابسات وتفاصيل هذه الجريمة العنصرية، ومن أجل توفير الحماية القانونية والسياسية للأسرى جميعاً.
ودعت هيئة شؤون الأسرى إلى فتح تحقيقات بقضايا المخالفات القانونية بحق الأسرى، وفرض القانون الدولي على الاحتلال. واتهمت وزيرة الصحة مي الكيلة، إسرائيل، بتعذيب المعتقلين، وقالت إن «استشهاد طقاطقة يؤكد فظاعة ما يتعرض له الأسرى داخل أقبية التحقيق وزنازين العزل». وأضافت: «سلطات الاحتلال تعلم أنه يعاني من عدة أمراض، إلا أنها لم تلتفت إلى ذلك، ولم تقدم له العلاج اللازم بعد اعتقاله استمراراً لسياسة الإهمال الطبي، ما أدى إلى استشهاده».
وطالبت كيلة بتدخل جميع المؤسسات الدولية للتحقيق في ظروف استشهاد الأسير طقاطقة، لعدم تكرار هذه الجرائم وحماية أسرانا. كما طالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتسهيل زيارة الطواقم الطبية الفلسطينية للأسرى المرضى في سجون الاحتلال، والوقوف على احتياجاتهم الطبية والصحية وعمل الفحوصات اللازمة لهم، والتأكد من تلقيهم الرعاية الصحية المناسبة.
لكن اللجنة الدولية للصليب الأحمر قالت إنها «لا تشارك في لجان تحقيق أو تشريح، إنما تتابع وبشكل حثيث مع السلطات المعنية وتبقي العائلة على علم بالمستجدات».
وأبرقت اللجنة الدولية في بيان لها تعازيها لعائلة الشهيد في هذه الظروف الصعبة. وأضافت: «تتابع اللجنة الدولية وفاة الأسير ناصر طقاطقة داخل العزل بسجون الاحتلال صباح الثلاثاء. لكنها لا تفصح عن أي معلومات من شأنها المساس بمشاعر العائلة».
ولاحقاً وافقت محكمة صلح الاحتلال الإسرائيلية، على طلب هيئة شؤون الأسرى والمحررين بفتح ملف تحقيق حول نصار طقاطقة. وقالت الهيئة إنها قدمت طلباً رسمياً لكشف الأسباب الحقيقية لاستشهاد الأسير طقاطقة وكل الظروف المتعلقة بذلك، وإنه جرت نقاشات بين محامي الهيئة والشرطة الإسرائيلية، وتم التوصل إلى الموافقة على تشريح الجثمان في وقت لاحق بحضور طبيب فلسطيني مختص بالطب الشرعي.
ولا يرى الفلسطينيون أن هذه الخطوة كافية. وطالبت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، بضرورة محاسبة إسرائيل على جرائمها المتكررة والمتصاعدة بحق الشعب الفلسطيني. واعتبرت عشراوي «استشهاد طقاطقة جريمة جديدة في سجل إسرائيل الحافل بالإجرام والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني، يتعاظم بتسارع، بسبب غياب المحاسبة وصمت الأسرة الدولية على الانتهاكات الجسيمة والمنهجية ضد الأسرى وعدم مواجهة الرواية الإسرائيلية العنصرية التي تجردهم من إنسانيتهم وتبرر اعتقالهم وتعذيبهم».
وأضافت أن إسرائيل تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية لهذه الجريمة وطالبت بفتح تحقيق مستقل ونزيه في ظروف استشهاد الأسير طقاطقة وغيره من الأسرى، الذين ارتقوا أثناء الأسر والاعتقال في ظروف غامضة أو بسبب التعذيب والإهمال الطبي أو من خلال الإعدامات الميدانية.
ورفضت عشراوي استمرار الصمت الدولي إزاء هذه الجرائم وقالت إنه أمر غير مقبول وغير مبرر ويعتبر موافقة ضمنية على انتهاكات جسيمة للقانون الدولي.
وقالت حركة حماس في بيان، إن استشهاد الأسير نصار طقاطقة في سجون الاحتلال يؤكد مرة أخرى على الوجه الإجرامي للاحتلال في تعامله مع أسرانا البواسل من خلال أقبية التحقيق المظلمة، وعبر سياسة الإهمال الطبي والعزل الانفرادي، فالأسير طقاطقة لم يمض على اعتقاله سوى أسبوعين ليعود جثمانا محمولا لعائلته.
وأضافت الحركة في بيانها: «تفاصيل جريمة استشهاد الأسير طقاطقة تتطلب لجنة تحقيق دولية، لتظهر للعالم تفاصيل التعذيب الذي تعرض له خلال أسبوعين ليرحل شهيداً في عزل الرملة».
يذكر أنه يوجد في السجون الإسرائيلية نحو 5500 معتقل فلسطيني بينهم نساء وأطفال.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.