«تجمع المهنيين» يطالب «العسكري» السوداني بإلغاء حالة الطوارئ

أحد قيادييه أكد أنهم يقبلون بـ«الحصانة المقيدة» ويرفضون «المطلقة»

TT

«تجمع المهنيين» يطالب «العسكري» السوداني بإلغاء حالة الطوارئ

انتقد تجمع المهنيين السودانيين بشدة قرار المجلس العسكري الانتقالي بتجديد إعلان حالة الطوارئ لـ3 أشهر إضافية، وطالب بإلغائه، وأعلن رفضه القاطع للحصانة «المطلقة» المنصوص عليها في مسودة الإعلان الدستوري، وتوقع حدوث اختراق بتوقيع الاتفاق السياسي، حال التوافق على تقييد حصانة المجلس السيادي، مع استمرار التفاوض على المرسوم الدستوري.
وأصدر رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان، أول من أمس، مرسوماً جدّد بموجبه حالة الطوارئ المعلنة في البلاد، لـ3 أشهر إضافية، دون أن يقدم المرسوم مبررات جديدة للتمديد. وقال القيادي في تجمع المهنيين السودانيين، إسماعيل التاج، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن وثيقة الاتفاق السياسي لا خلاف عليها، وتتماشى ما مع جاء في وثيقة الاتفاق الإثيوبية، بشأن السلطات الثلاث وهياكلها وصلاحياتها، مع تحفظ على تكوين لجنة التحقيق المستقلة في مجزرة فض الاعتصام، والتي يرى أن تُدعم من قبل مفوضية حقوق الإنسان الأفريقية.
وتولى تجمع المهنيين السودانيين قيادة وتنظيم الاحتجاجات السودانية التي اندلعت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وانتقل بها من مطلبية إلى المطالبة بتنحي الرئيس السابق عمر البشير وحكومته، وتوجت باعتصام 6 أبريل (نيسان)، الذي أجبر قيادة الجيش على عزل البشير، قبل أن تنضم إليه القوى السياسية، المكونة لتحالف إعلان الحرية والتغيير، في مطلع يناير (كانون الثاني).
وأضاف التاج: «نحن في (تجمع المهنيين) ليست لدينا ملاحظات كثيرة على الإعلان السياسي، عدا تكوين لجنة التحقيق في (مجزرة) فض الاعتصام، ونرى أن تدعم من قبل مفوضية حقوق الإنسان الأفريقية، بما يضمن استقلالها». ودعا التاج إلى تضمين مشاركة الشباب والنساء خلال الفترة الانتقالية، ضمن الاتفاق السياسي، وتابع: «عدا ذلك، نحن وافقنا على الاتفاق السياسي».
واعتذر التاج لـ«الشعب السوداني» عما أطلق عليه الارتباك الذي سبّبه «تسريب» وثيقة الإعلان الدستوري، ما جعلها تبدو كأنها وثيقة متفق عليها، وقال إنها أطروحة مقدمة من المجلس العسكري الانتقالي، مقابل أطروحة قوى إعلان الحرية والتغيير. وأضاف: «هي ليست اتفاقاً، بل أطروحة مشتركة، أضاف إليها المجلس العسكري بعض البنود، تتعلق بالحصانة»، واستطرد: «كان ينبغي تقديمها عقب الاتفاق السياسي كإعلان دستوري، تتم الموافقة عليه في إطار قانوني شامل».
وانتقد المتحدث باسم المهنيين «حصانة» رئيس وأعضاء المجلس السيادي، الواردة في نص الوثيقة، ووصفها بأنها «حصانة مطلقة» تمنع ملاحقة أي عضو في مجلس السيادة طيلة الفترة الانتقالية، مشيراً إلى أن النص لم يحدد «إجراءات واضحة لرفع هذه الحصانة»، بما يهدم الوثيقة الدستورية وما جاء فيها من حقوق تؤكد خضوع الأفراد والهيئات والجمعيات لسيادة حكم القانون.
واعتبر التاج النص على «الحصانة المطلقة» هدماً للإعلان الدستوري، وفتحاً للباب أمام الإفلات من العقاب، ودعا لتعديلها ووضع حدود وأطر تمكن من رفعها من رئيس وأعضاء مجلس السيادة أو المجلس التشريعي أو أي شخص، وأضاف: «توافق قوى إعلان الحرية والتغيير على الحصانة المقيدة إجرائياً، وستعرض ذلك في اللقاء المباشر مساء اليوم (أمس)».
من جهة أخرى، دعا التاج للالتزام بجداول الاحتجاجات التي ينظمها تجمع المهنيين السودانيين، وقوى إعلان الحرية والتغيير، وعدم الالتفات للجهات التي تدعو إلى مواكب لا تنادي بالتحول السلمي ومدنية الدولة والتحول الديمقراطي.
ونفى التاج أن تكون المواكب والمخاطبات التي تنظمها قوى الحرية والتغيير تصعيداً ضد «العسكري»، ووصفها بأنها مشروعة، وقال: «هي مشروعة ما دامت سلمية، والحد الفاصل هو سلميتها»، وتابع: «نحن نلتزم بالسلمية، ولا نراها تصعيداً، مهما كانت مطالبها»، وأضاف: «ما يقوم به الشارع ردّ فعل طبيعي وضروري في ظل الأوضاع الحالية».
وتوقع التاج حدوث اختراق بتوقيع الإعلان السياسي، حال تجاوز الطرفين لـ«النقاط الخلافية» في الإعلان السياسي، استناداً إلى مؤشرات بموافقة المجلس العسكري على التخلي عن «الحصانة المطلقة» بقوله: «إذا تم تجاوز نقاط الخلاف فسيحدث اختراق بين المجلس العسكري، و(الحرية والتغيير)»، وتابع: «هذه مسألة يعلمها المجتمع الدولي والإقليمي، ويضغط باتجاه التخلي عنها، لأنها تؤدي للإفلات من العقاب».
وحدّد التاج نقاط خلاف أخرى في وثيقة الإعلان الدستوري، بجانب الحصانة، وتتعلق بتعيين رئيس القضاء من قبل مجلس السيادة، وتعيين النائب العام، وقال: «هناك خلافات تتعلق بتعيين رئيس القضاء، ونرى أن تعيينه يجب ألا يكون من سلطات المجلس السيادي، بل يتم تعيينه من السلطة القضائية أو نادي القضاة، أو القضاة الوطنيين داخل الهيئة»، وتابع: «هناك خلاف حول كيفية تعيين النائب العام من قبل المجلس السيادي أو رئيس مجلس الوزراء، فالنائب العام في السابق كان يخضع لوزارة العدل».
من جهة أخرى، وصف التاج لقاء قوى إعلان الحرية والتغيير مع المبعوث الأميركي دونالد بوث، أول من أمس، بأنه كان «فرصة جيدة لتبادل وجهات النظر، حول مسار العملية التفاوضية والنظرة المستقبلية». وأضاف أن اللقاء يعد من اللقاءات التي «تساعد في ردم الهوة والفجوة بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي»، وتابع: «هنالك عدم ثقة حدثت بيننا بعد مجزرة 29 رمضان» الماضي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.