نادين لبكي: ما يدفعني إلى دخول مجال التمثيل هو التجربة بحد ذاتها وليس الشهرة

«روك القصبة» و«ريو أحبك» أحدث فيلمين لها من حيث التمثيل والإخراج

نادين لبكي: ما يدفعني إلى دخول مجال التمثيل هو التجربة بحد ذاتها وليس الشهرة
TT

نادين لبكي: ما يدفعني إلى دخول مجال التمثيل هو التجربة بحد ذاتها وليس الشهرة

نادين لبكي: ما يدفعني إلى دخول مجال التمثيل هو التجربة بحد ذاتها وليس الشهرة

قالت المخرجة نادين لبكي، إنها تحب التمثيل، كونه يخرجها من الروتين ويعزز من خبراتها في مجال الإخراج. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ما يهمني في هذا الموضوع هو اكتسابي التجربة أكثر من أي شيء آخر، كما أن التمثيل يجعلني أتعرف أكثر على شعور الممثل ومتطلباته من المخرج». وأضافت المخرجة اللبنانية التي أطلت أخيرا على المشاهدين في فيلم سينمائي بعنوان «روك القصبة» للمخرجة المغربية ليلى مراكشي: «أنا بطبعي لا أحب الروتين وإذا ما حاولت أن أغير في طبعي أو تصرفاتي يوميا سيعتبرني الناس غير متزنة، لذلك أمثل لكي أجسد شخصيات مختلفة فتسكنني لفترة من الوقت كل مرة بطريقة مختلفة (فترة زمنية معينة وحياة جديدة وعائلة مختلفة) هذا الأمر يسعدني ويكسبني طاقة كبيرة».
وعما إذا كانت تبحث عن الشهرة في هذا المجال أجابت: «لا يهمني هذا الموضوع فأنا أمثل من منطلق آخر. كما أنني على علم مسبق بأن لا دوري ولا الفيلم الذي أشارك فيه سيكونان حديث العصر، إلا أن هذه التجربة تغنيني كمخرجة بحيث أطلع على أسلوب مخرج آخر من ناحية، كما أنها تضعني على بينة من الأسلوب الذي يفكر فيه الممثل وتجعلني أعرفه بشكل أفضل».
وعما إذا صارت تتريث اليوم أكثر عندما تختار تجسيد شخصية ما، ردت: «في الآونة الأخيرة لم أكن أحسب لهذا الأمر حسابا فكنت أوافق على أدائي أدوارا عدة من باب شغفي بالتمثيل واكتساب التجربة، لكني أعتقد أنني من اليوم سآخذ الأمر بأسلوب آخر وأتريث في خياراتي، لا سيما أنني قمت أيضا بتجارب مسرحية رغم أنها ليست غنية جدا، إلا أنني أردت من خلالها تجربة ردة فعل الجمهور المباشر وتفاعلي معه. وختمت هذا الموضوع بالقول: «لو كنت قاسية مع نفسي وبخياراتي التمثيلية لما كنت اكتسبت كل هذه التجربة في مجال التمثيل، ولكني أشعر بأنه آن الأوان لتغيير أسلوب خياراتي هذا بشكل أكثر دقة».
وعن العلاقة التي تربط ما بين الممثل والمخرج والتي تصفها بالثنائية المهمة تقول: «برأيي أنه لا يمكننا الفصل فيما بينهما من ناحية التنفيذ، فهذا يحرك ذاك والعكس صحيح. فعلى المخرج أن يضع نفسه مكان الممثل لينجح في تحريك الشخصيات التي يجسدها أمام الكاميرا، مما يتطلب منه انتباها دقيقا على أدائه. فعندما أقف خلف الكاميرا كمخرجة أبدأ في البحث عن مفاتيح أستطيع من خلالها الكشف عن طاقة وموهبة الممثل الذي هو أمامي لإبرازهما. وعندما يكون هناك علاقة جيدة وقوية بيننا، تتوالى هذه المفاتيح ويصبح الكشف عنها أكثر سهولة». وأضافت: «لذلك ترينني أختار ممثلين غير محترفين فأقوم أنا باكتشاف طاقاتهم دون أن أعرف مسبقا مدى قدراتهم في هذا المجال، وهذا الأمر يشعرني وكأنني أحقق أحلام هؤلاء الأشخاص وأساهم في تزويدهم بالسعادة، ولا سيما أنني أتقبلهم على حقيقتهم وأحاول المحافظة على طبيعتهم هذه أثناء التمثيل».
وعن سبب اتباعها أسلوبا معينا في تحريك الممثلين الذين يظهرون في أفلامها قالت: «السينما هي نقل الحياة العادية بعيدا عن الفلسفة والتصنع، ومسؤوليتك تكمن في قولبتك لهذا الواقع دون تشويهه، وأنا كمشاهدة أجد متعة في الأداء الطبيعي للممثل». وتضيف: «عندما تخرجت في جامعتي لم يكن هناك من صناعة أفلام سينمائية لبنانية في تلك الحقبة، فتعلمت من كيسي وابتكرت أسلوبا وطريقة خاصين بي، ولكن هذا لا يعني أنني أقدم الصح، ولكن هذه هي نظرتي للأمور وهي تناسبني».
وعن تجربتها في فيلم «روك القصبة» الذي مثلت فيه إلى جانب الممثل عمر الشريف وعدد من الممثلين في الوطن العربي أجابت: «هي تجربة جميلة اختبرتها مع طاقم العمل ككل ومع المخرجة بحد ذاتها، فليلى مراكشي تقبلت أدائي رغم أن لكل مخرج رؤيته الخاصة في إدارة ممثليه، فكنا نتشاور كثيرا وآخذ بآرائها وملاحظاتها وهي بالمثل، فأنا من الأشخاص الذين يتكيفون مع الآخرين بسرعة ولا آخذ الأمور بجدية أو اجعل رأي فرضا على الآخر». وعن الشخصية التي جسدتها في الفيلم والتي تحكي عن امرأة (ميريام) تهتم كثيرا بمظهرها الخارجي فقالت: «إنها تشبه بعض الشخصيات في أفلامي ففي (سكر بنات) كان هناك امرأة مثلها، لا تهتم إلا لمظهرها الخارجي وتلجأ للجراحة التجميلية. فأنا أهتم بهذا النوع من النساء وبودي أن أتفهم هن، فلا أعتقد أنهن سطحيات، ففي تصرفاتهن المفرطة قليلا والمضحكة أحيانا يخفين الكثير من الآلام والمعاناة». هل هذا يعني أن ما من امرأة سطحية في الحياة؟ ترد: «لا يمكننا أن نجزم بأن جميع تلك النساء هن سطحيات، فلدينا انطباع خاطئ نرسمه في ذهننا تجاه تلك النسوة مجتمعات، فبرأيي يجب التفريق بينهن، وخسارة أن تكون نظرة الرجل تجاههن هي نفسها». وتضيف نادين لبكي عن هذا الموضوع الذي يستفزها: «المرأة تمر بتجارب ليست سهلة إن لناحية شكلها الخارجي أو حياتها الزوجية وغيرهما، فهي تحمل بالأولاد وتتحمل مسؤولية كبيرة تجاههم، والتقدم في السن واقتراب الشيخوخة، وكلها أمور تتطلب منها شخصية قوية، ولا سيما أنها في مجتمعاتنا تحرق مراحل كثيرة من حياتها وتنسى نفسها. هذا يولد لديها الضياع بين عالمي الطفولة والنضوج فتولد لديها مشكلة».
وعما إذا كانت هي أيضا تخاف من الشيخوخة أجابت: «لا يمكنني أن أجزم في هذا الموضوع، لأنني لن أعرف مسبقا كيف سيكون شعوري وإحساسي في عمر معين وماذا ستكون ردة فعلي تجاه تقدمي في العمر».
وعن لقائها بالممثل العالمي عمر الشريف ورأيها فيه قالت: «هو ليس مجرد ممثل، فهو تاريخ بحد ذاته أغنى السينما العالمية، وهو على فكرة رجل هادئ ولطيف لديه حضور أخاذ وفاتن».
وعن مشاريعها المستقبلية قالت: «هناك فيلم من إخراجي سيعرض قريبا في صالات السينما في لبنان بعنوان (ريو أحبك)، وهو عبارة عن 10 قصص تمر في شريط مصور واحد، شارك فيه الكثير من المخرجين العالميين أمثال جون توتورو وفرناندو ميريلليس وغيليرمو أريغا وكارلوس سيلدانتيا وغيرهم. وهو شبيه لفيلم (باريس أحبك) الذي نفذ عام 2006 وتضمن 18 فيلما قصيرا وشارك فيه ممثلون ومخرجون من مختلف الجنسيا ت». وعما إذا هي العربية الوحيدة المشاركة في الفيلم قالت: «نعم كما أن الفيلم ناطق بالبرتغالية والإنجليزية ويمثل أول تجربة لي مع ممثلين محترفين».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».