موغيريني تقلل من انتهاكات إيران لـ{النووي}

طهران تلوّح بالعودة إلى وضع «ما قبل الاتفاق»

فيديريكا موغيريني مع عدد من الوزراء المشاركين في اجتماع بروكسل أمس (أ.ف.ب)
فيديريكا موغيريني مع عدد من الوزراء المشاركين في اجتماع بروكسل أمس (أ.ف.ب)
TT

موغيريني تقلل من انتهاكات إيران لـ{النووي}

فيديريكا موغيريني مع عدد من الوزراء المشاركين في اجتماع بروكسل أمس (أ.ف.ب)
فيديريكا موغيريني مع عدد من الوزراء المشاركين في اجتماع بروكسل أمس (أ.ف.ب)

قالت فيديريكا موغيريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أمس (الاثنين)، إن الأطراف الباقية في اتفاق إيران النووي لا تعتبر مخالفات طهران للاتفاق انتهاكات كبيرة، ولم تشر إلى أي نية لتفعيل آلية فض النزاع بالاتفاق.
وقالت موغيريني في مؤتمر صحافي بعد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في بروكسل: «في الوقت الحالي، لم يشر أي من أطراف الاتفاق إلى أنه ينوي تفعيل هذا البند، وهو ما يعني أنه لا أحد منهم يعتبر في الوقت الحالي وفي ظل البيانات الحالية التي تلقيناها ولا سيما من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن المخالفات تعتبر انتهاكات كبيرة»، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «رويترز».
وأوضحت موغيريني أن وزراء الخارجية أجروا نقاشات جيدة، حول استكمال العمل من أجل الحفاظ على الاتفاق الدولي بشأن برنامج إيران النووي، مضيفة أنهم ناقشوا عدد الدول التي وافقت طوعاً على الانضمام إلى الآلية التجارية مع إيران، وإمكانية انضمام دول أخرى إليها، وفي الوقت نفسه العمل على إعادة إيران إلى «الطريق الصحيح» لتنفيذ الالتزامات المتعلقة بالاتفاق النووي الشامل، والامتثال الكامل لبنوده.
وأشارت إلى أن الآلية مفتوحة لانضمام أي دولة؛ لكنها أضافت أنه حتى الآن غير معروف موعد ومكان انعقاد اللجنة المشتركة للأطراف الموقعة على الاتفاق مع إيران. وشددت، في ردها على أسئلة الصحافيين، على أن الاتحاد الأوروبي يريد أن يرى عودة إيران بشكل كامل للامتثال لبنود الاتفاق. كما شددت على أهمية الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وعدم التصعيد، وخفض التوترات في المنطقة.
وكانت طهران قد طالبت الأوروبيين بالوفاء بالتزاماتهم فيما يعرف بـ«الآلية التجارية» التي تساعد إيران على الالتفاف على العقوبات الأميركية.
وكان وزير خارجية بريطانيا، جيريمي هانت، قد قال قبل بدء اجتماع بروكسل، إن «الاتفاق (النووي) لم يمت بعد... ونحن ملتزمون بالاتفاق الشامل، ونبحث عن أفضل الطرق لتحقيق هذا؛ لأن تطلع إيران ودول أخرى إلى النووي يجعل الأمور خطيرة للغاية، ولهذا لا بد من جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي على المدى الطويل». وتابع بأن الخلاف في وجهات النظر «يكمن حول كيفية التوصل إلى ذلك».
أما فيديريكا موغيريني فقالت بدورها قبل بدء الاجتماع: «سنرى كيف نحافظ مع جميع الدول الأعضاء وبقية الشركاء الدوليين على الاتفاق النووي مع إيران، والعمل على تطبيق جميع التدابير حتى تتمكن إيران من العودة إلى الامتثال الكامل، كما كان الوضع قبل أيام وأسابيع».
وحول التوترات في المنطقة، أكدت موغيريني أن الاتحاد الأوروبي «عازم على القيام بدوره لخفض التصعيد في المنطقة». وعبّرت عن مخاوفها من خطر حدوث تصعيد عسكري في منطقة الخليج.
وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال ستيف بلوك، وزير خارجية هولندا: «نحن قلقون بشأن تطورات ملف إيران، ويجب أن تلتزم حكومة طهران بالاتفاق، وأتمنى ألا نكون قد وصلنا إلى نهاية للاتفاق».
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، قد شدد من جهته، على ضرورة الحفاظ على وحدة الصف الأوروبي تجاه الاتفاق الموقع مع إيران بشأن أنشطتها النووية. وأشار رئيس الدبلوماسية الفرنسية إلى أن بلاده بوصفها أحد الأطراف الموقعة على اتفاق عام 2015، ستسعى مع بقية الأطراف لدفع إيران للعودة إلى هذا الاتفاق.
وفي طهران، قال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أمس، إن إيران يمكنها «العودة إلى الوضع» الذي كان سائداً قبل إبرام اتفاق يوليو (تموز) 2015 بشأن برنامجها النووي، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال بهروز كمالوندي في تصريح نقلته الوكالة الإيرانية الرسمية (إرنا): «إذا لم يرغب الأوروبيون والأميركيون في الإيفاء بالتزاماتهم، فنحن أيضاً، ومن خلال خفض التزاماتنا... سنعود إلى ما كان عليه الوضع قبل أربعة أعوام». وأضاف: «خفض إيران التزاماتها النووية ليس من باب العناد، بل لإعطاء الدبلوماسية فرصة ليستيقظ الطرف الآخر ويعود للالتزام بتعهداته»، بحسب «إرنا».
وفي الإطار ذاته، حضت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان أمس، الأطراف الأوروبية في الاتفاق النووي الموقع عام 2015 «على اتخاذ قرارات عملية وفعالة ومسؤولة» لإنقاذ الاتفاق التاريخي. وقالت «نشدد على أن الإجراءات التي تواصل جمهورية إيران الإسلامية القيام بها على أساس طوعي وبحسن نية تستند إلى مبدأ المعاملة بالمثل في الحقوق والواجبات» فيما يتصل بالاتفاق النووي.
ولحظ الاتفاق النووي فوائد اقتصادية لإيران وتخفيف العقوبات عنها. لكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحب من الاتفاق في مايو (أيار) 2018 وأعاد فرض إجراءات عقابية مشددة على طهران.
في غضون ذلك، أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني، عبد الناصر همتي، عن زيادة مبيعات النفط الإيراني. ونقلت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية عن همتي قوله، خلال اجتماع «لجنة الاقتصاد المقاوم» في محافظة خراسان الشمالية (شمال شرقي البلاد)، إنه وفقاً لأحدث المعلومات الواردة، فإن بيع النفط من قبل إيران شهد زيادة تدريجية، وإنه تم أيضاً تسهيل عملية دخول العملة الأجنبية إلى البلاد، بحسب ما جاء في تقرير أوردته وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ). وأضاف همتي، أن البنك المركزي بصفته الجهة المسؤولة عن العملة الأجنبية والنقدية في إيران، فإنه ما زال تحت الحد الأقصى من الضغوط، إلا أن سوق الصرف تحظى الآن باستقرار نسبي.
من ناحية أخرى، أعلن همتي عن توفير 12 مليار دولار عملة أجنبية لدعم توريد السلع الأساسية للبلاد منذ 20 مارس (آذار) الماضي. وأوضح همتي أن مبلغ الـ12 مليار دولار مصدره موارد البنك المركزي ومبيعات المصدرين.



ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
TT

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

احتلت ملفات الشرق الأوسط حيزاً واسعاً في الكلمة التي ألقاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ظهر الاثنين، في قصر الإليزيه، بحضور سفراء فرنسا عبر العالم وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. وبالنظر للتطورات الجارية في سوريا، فقد حرص ماكرون على إبراز موقف واضح، مشدداً على أن بلاده «لم تصدق أبداً أن الديكتاتور (في إشارة إلى بشار الأسد) يمكن إعادة تأهيله».

إلا أنه في الوقت عينه، دعا إلى التزام الحذر «من خلال النظر إلى تغيير النظام في سوريا من دون سذاجة». وما حرص عليه ماكرون يكمن في رسم ما يمكن تسميته «خريطة طريق» لكيفية التعامل مع السلطات الجديدة في دمشق، وما تتوقعه باريس والعواصم الأوروبية الأخرى، من السلطة الجديدة، مع التذكير بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، ونظيرته الألمانية أنالينا بايربوك مؤخراً إلى دمشق.

الأكراد «الحلفاء الأوفياء»

قوات من «قسد» في تدريب مشترك مع القوات الأميركية شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وفيما تتصاعد المعارك في الشمال السوري بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، والقوات الحليفة لتركيا، حرص ماكرون على التأكيد بقوة على موقف بلاده من الأكراد الذين وصفهم بـ«الحلفاء الأوفياء» في محاربة تنظيم «داعش»، ملمحاً إلى أن بعض الدول كانت مستعدة للتخلي عنهم، في تلميح للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي كان مستعداً في عام 2018 لسحب القوات الأميركية لتسهيل سيطرة تركيا على المنطقة.

وقال ماكرون: «نحن نعي الدين الذي ندين به لمجمل (القوات الديمقراطية السورية) وللمقاتلين من أجل الحرية مثل الأكراد، الذين تحلوا بالشجاعة في محاربة المجموعات الإرهابية». وأضاف أن بلاده «لم تتخل عنهم أبداً، ولن نتخلى عنهم في المسار الجديد، ونحن متيقظون لعملية الانتقال السياسي» الجارية حالياً في سوريا.

وتابع: «ما تريده فرنسا هو قيام سوريا ذات سيادة وحرة وتحترم تعدديتها الإثنية والسياسية والطائفية». وشدد ماكرون على أهمية أن تضم العملية الانتقالية الديمقراطية «كل مكونات المعارضة» للنظام السابق، بالتوازي مع «توفير الأمن للاجئين للعودة إلى بلادهم ومواصلة محاربة الإرهاب بشكل واضح، وتدمير كل البنى المنتجة للسلاح الكيماوي وشبكات إنتاج وتهريب المخدرات».

ويرى ماكرون، في إشارة على الأرجح للبنان، أنه «يتعين على سوريا أن تشارك في ضمان الأمن والاستقرار الإقليميين»، مذكراً بـ«مؤتمر بغداد» في نسخته الثالثة التي ستعقد في الربيع القادم، دون أن يحدد مكان انعقادها، لعرض تنفيذ مشاريع إقليمية «لمصلحة الجميع ولتحقيق السلام والأمن».

وسبق لوزير الخارجية الفرنسي أن شدد، في حديث صحافي، الأحد، على ضرورة ألا تستغل أي قوة أجنبية سقوط حكم نظام الأسد لإضعاف سوريا، مشيراً إلى أن سوريا «تحتاج بطبيعة الحال إلى مساعدة، لكن من الضروري ألا تأتي قوة أجنبية، كما فعلت لفترة طويلة روسيا وإيران، تحت ذريعة دعم السلطات أو دعم سوريا... وتُضعفها بشكل إضافي».

وبحسب جان نويل بارو، فإن «مستقبل سوريا يعود إلى السوريين. وانطلاقاً من وجهة النظر هذه، فإن هدف السيادة الذي أظهرته السلطة الانتقالية وممثلو المجتمع المدني و(أفراد المجتمعات) الذين التقيناها كذلك هو أمر سليم». وكان بارو يلمح للدور المتعاظم الذي لعبته وتلعبه تركيا في العملية الانتقالية الجارية حالياً.

الدور الإيراني

قاآني يستقبل الرئيس مسعود بزشكيان خلال مراسم ذكرى قاسم سليماني في طهران الخميس الماضي (الرئاسة الإيرانية)

بيد أن أشد العبارات استخدمها ماكرون في الحديث عن إيران التي اعتبرها «التحدي الأمني والاستراتيجي الرئيسي» في الشرق الأوسط. وجاء في حرفية كلام ماكرون أن إيران «تشكل التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها، وأبعد من ذلك بكثير»، محذراً من أن «تسارع برنامجها النووي يقودنا إلى حافة القطيعة».

وما يعنيه الرئيس الفرنسي أن طهران اقتربت كثيراً من الحصول السلاح النووي. واللافت أن ماكرون يعد أحد القادة الغربيين القلائل الذين يحافظون على خط تواصل دائم مع القيادة الإيرانية. لكن يبدو أن قرب عودة ترمب إلى البيت الأبيض يجعل الأوروبيين ومنهم فرنسا يلجأون إلى خطاب أكثر تشدداً إزاء طهران.

وجاء لافتاً أن ماكرون أشار في كلامه، وفي إطار نظرته لما تمثله إيران، إلى «أنها ستكون، بلا شك، واحدة من القضايا الرئيسية في الحوار الذي سنقيمه مع الإدارة الأميركية الجديدة». ومن المرجح أن ينتهج الرئيس ترمب خطاً بالغ التشدد إزاء طهران، بحيث يذهب أبعد من التدابير التي اتخذها بحقها إبان ولايته الأولى. وثمة مراكز بحثية أميركية لا تتردد في الحديث عن اللجوء إلى ضربات عسكرية مشتركة إسرائيلية - أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني.

حقيقة الأمر أن ماكرون أقام «مضبطة اتهام» بحق طهران وقادتها. وتشمل هذه المضبطة ما تعتبره باريس دوراً مزعزعاً للاستقرار في الشرق الأوسط وأبعد منه تقوم به طهران؛ في الإشارة إلى الدعم الذي تقدمه «للمجموعات التي تشكل خطراً في جميع مناطق المواجهة في الشرق الأوسط»؛ في إشارة إلى «حزب الله» و«حماس» و«المجموعات الميليشياوية في العراق»، فضلاً عن الحوثيين في اليمن.

غير أن أهم إعلان صدر عن ماكرون تناول إشارته إلى احتمال تفعيل الآلية المسماة «سناب باك» التي يعاد بفضلها الملف النووي إلى مجلس الأمن، ويمكن أن تعقبه إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران.

وذهب ماكرون أبعد من ذلك، بإشارته إلى أن أمراً كهذا يمكن أن يحل في الخريف القادم. وقال ماكرون: «خلال الأشهر المقبلة، سيتعين أن نسأل أنفسنا ما إذا كان يتعين علينا استخدام... آلية إعادة فرض العقوبات على إيران»، مشيراً إلى أن أكتوبر (تشرين الأول) 2025، هو الموعد الذي تنتهي فيه اتفاقية 2015 رسمياً.

يأخذ الغربيون على إيران انخراطها في الحرب الروسية على أوكرانيا، كما أنهم يتخوفون من البرنامج الصاروخي - الباليستي الإيراني الذي يمكن أن يشكل تهديداً لأوروبا.

وتخطط باريس لأن يدور حوار واضح بينها وبين واشنطن حول سبل التعاطي مع إيران، التي تزايدت المخاوف الغربية منها بعد أن وصلت صواريخها إلى الأراضي الإسرائيلية. وخلال الاجتماعات الأخيرة لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، صدرت قرارات قوية بخصوص إيران. بيد أن الدول الغربية وعلى رأسها الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015، امتنعت عن تفعيل آلية «سناب باك» لأسباب مختلفة ومتغيرة.

لكن يبدو أن الغربيين عازمون، أخيراً، على اجتياز خطوة مهمة فيما إيران أصيبت إقليمياً بالضعف بسبب حرب إسرائيل على «حماس» ولبنان وضرباتها ضد الأراضي الإيرانية نفسها وضد الحوثيين، ومؤخراً تدمير قدرات الجيش السوري العسكرية. لكن هذا التصعيد يترافق مع محاولات دبلوماسية للدول الأوروبية الثلاث - فرنسا وبريطانيا وألمانيا - للبحث عن مخارج دبلوماسية للأزمة مع إيران، ومن ذلك الاجتماع المقرر في 13 الجاري. وآخر ما تشكو منه باريس هو محاولات إيران الانغراس في أفريقيا، التي ترى فيها فرنسا إضراراً بمصالحها.

لبنان

المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ف.ب)

لم يأت الرئيس الفرنسي بجديد بالنسبة للبنان «حيث لفرنسا تاريخ طويل والكثير من المواطنين والأصدقاء». وما يسعى إليه ماكرون هو توفير الهدوء على طول «الخط الأزرق»، من خلال مشاركة وحدات فرنسية في قوة «اليونيفيل»، وتسهيل انتشار الجيش اللبناني «بشكل حاسم» جنوب نهر الليطاني وامتداداً حتى الحدود مع إسرائيل.

ولم يتوقف ماكرون طويلاً عند العقبات التي يواجهها وقف إطلاق النار والشكاوى الكثيرة التي تقدم بها لبنان ضد الانتهاكات الإسرائيلية، التي لا تحترم الآلية التي توصلت إليها فرنسا بالتشارك مع الولايات المتحدة. كذلك بقي ماكرون عند العموميات فيما يخص موضوع الفراغ المؤسساتي وعملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مذكراً بالحاجة لإنجاح المسار السياسي، ومشيراً إلى الجهود التي يبذلها ممثله الوزير السابق جان إيف لو دريان في هذا الخصوص.

وبحسب ماكرون، فإن انتخاب رئيس جديد «يمثل الخيار الحاسم الذي من شأنه توفير السيادة اللبنانية، ويفتح الطريق لتشكيل حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات الضرورية».

الاعتراف بدولة فلسطين

الدمار والخراب في قطاع غزة بعد أكثر من عام من القصف الإسرائيلي المتواصل (أ.ف.ب)

كالعادة، ذكّر ماكرون بـ«الصداقة التاريخية» بين فرنسا وإسرائيل وتضامنه معها «في مواجهة الهمجية التي ظهرت في هجمات» «حماس» في 7 أكتوبر 2023، وضرورة إطلاق سراح الرهائن. كذلك أعرب ماكرون عن «تفهم بلاده لحاجة إسرائيل بألا تتكرر أمور كهذه وأن تضمن أمنها... ومما شدد عليه اعتباره أن الضربات الإسرائيلية (المستهدفة) في لبنان وسوريا وإسرائيل غيرت الوضع الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ما يرتب علينا جميعاً استخلاص النتائج وفتح أفق لسلام صلب ودائم وآمن للجميع في المنطقة».

وبحسب ماكرون «لا يمكن بناء هذا النوع من السلام على الأمن وحده، إذ يجب أن ينطوي على العمل الإنساني والسياسي، وهو شرط أساسي مطلق، أولاً وقبل كل شيء في غزة». وأضاف ماكرون: «لا يوجد أي مبرر عسكري لاستمرار العمليات الإسرائيلية والعرقلة المتعمدة للمساعدات الإنسانية، ولاستمرار العوز الشديد وحالة الجوع التي وصل إليها السكان المدنيون» في القطاع، معتبراً أنه ينبغي على إسرائيل «أن تضع حداً للحرب دون مزيد من التأخير، وأن تعترف بأن لديها شركاء للسلام، وأن تلتزم بتسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية، وذلك بالتنسيق مع جميع دول المنطقة بشأن غزة، والحفاظ على الأوضاع السياسية في الضفة الغربية وغزة».

ورغم سوداوية الوضع، يرى ماكرون أن «السلام ممكن، حيث إن المملكة العربية السعودية وشركاءنا العرب من ذوي النوايا الحسنة، (الأردن ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة) على وجه الخصوص، ملتزمون بذلك، وفرنسا قدمت ولا تزال تقدم دعمها الكامل».

وحث ماكرون الأوروبيين على العمل في هذا الاتجاه، وبالتنسيق مع الشركاء العرب، «من أجل حل الدولتين، مع احترام الاحتياجات الأمنية للإسرائيليين والتطلعات المشروعة للفلسطينيين».

ودعا الرئيس الفرنسي إلى «بناء إطار جديد للأمن والتعاون في الشرق الأوسط» مشيراً إلى أن «هذا هو هدف المؤتمر الدولي الذي بادرنا به مع المملكة العربية السعودية، والذي سيعقد في نيويورك في يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون علينا أن نجعل من هذا المؤتمر لحظة حاسمة». واختتم كلامه بالإشارة إلى أن فرنسا «يمكنها من هذا المنطلق التحرك نحو الاعتراف بدولة فلسطين».