السفير البحريني يعاود عمله في بغداد

وسط تطمينات رسمية بحماية أمن البعثات الدبلوماسية

الرئيس العراقي برهم صالح لدى استقباله سفير البحرين صلاح المالكي أمس (موقع رئاسة الجمهورية)
الرئيس العراقي برهم صالح لدى استقباله سفير البحرين صلاح المالكي أمس (موقع رئاسة الجمهورية)
TT

السفير البحريني يعاود عمله في بغداد

الرئيس العراقي برهم صالح لدى استقباله سفير البحرين صلاح المالكي أمس (موقع رئاسة الجمهورية)
الرئيس العراقي برهم صالح لدى استقباله سفير البحرين صلاح المالكي أمس (موقع رئاسة الجمهورية)

قدم الرئيس العراقي الدكتور برهم صالح الشكر لملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة لتفهمه وتعامله الإيجابي مع ما حصل لسفارة بلاده في العراق. جاء ذلك لدى استقباله أمس الأحد سفير البحرين لدى العراق صلاح المالكي بمناسبة عودته لمزاولة عمله.
وكان العشرات من العراقيين، غالبيتهم ينتمون إلى «كتائب حزب الله» المقربة من إيران، قد اقتحموا مقر السفارة البحرينية في حي المنصور الراقي وسط بغداد في 27 يونيو (حزيران) الماضي. وكاد أن يتسبب الحادث بأزمة دبلوماسية بين البلدين حيث استدعت المنامة سفيرها لدى العراق قبل أن تتمكن حكومتا البلدين من احتواء الأزمة بسلسلة من التدابير السريعة من قبل السلطات العراقية.
وقال بيان لرئاسة الجمهورية تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن الرئيس صالح أكد للمالكي «عمق الروابط الوثيقة والأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين»، مشيراً إلى «ضرورة تطوير آلـيات العمل المشترك لمواجهة التحديات والمستجدات، وترسيخ دعائم الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي». وشكر رئيس الجمهورية موقف ملك البحرين لدعمه العراق وتعامله الإيجابي مع حادثة الاعتداء على مبنى السفارة البحرينية، مشدداً على «التزام الدولة العراقية بحماية مقار البعثات والسفارات الدبلوماسية العاملة في العراق، وتوفير الأجواء الآمنة لأداء أعمالها ومهامها».
بدوره، نقل السفير المالكي تحيات الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى الرئيس صالح وتمنياته له بالتوفيق والنجاح، مؤكداً دعم بلاده للعراق ووحدته وسيادته وحرصها على تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع آفاق التعاون المشترك.
في السياق ذاته، شدد وزير الخارجيّة العراقي محمد علي الحكيم لسفير البحرين على أهمِية تعزيز آلـيَات العمل المُشترَك بين البلدين لتوحيد الصفِ العربي في مُواجَهة التحدِيات كافة. وقال بيان للخارجية إن «الوزير الحكيم التقى المالكي بعد عودته من المنامة، واستئناف عمله في بغداد، وجرى بحث العلاقات الثنائـيّة بين البلدين، وسُبُل الارتقاء بها إلى ما يُلبّي طموح الشعبين الشقيقين». وأكّد الوزير «اعتزاز العراق بالروابط الوثيقة المُتميِزة والأخويّة التي تجمع بين بغداد والمنامة، مُشدِداً على «ضرورة التصدِي لكلّ ما من شأنه النيل من أمن الدول العربيّة، وما تبتغيه من رخاء واستقرار»، داعياً إلى «أهمّية دعم التضامُن العربي المُشترَك وكلِ ما يُرسِخ دعائم الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدوليّ».
ويرى الأكاديمي العراقي الدكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «عودة السفير البحريني إلى العراق تمثل تفهماً من قبل مملكة البحرين لأهمية علاقاتها مع العراق، من جهة، وأيضاً طبيعة الأوضاع في الداخل العراقي، ويبدو أن المنامة تميز بين القرار أو الرأي الرسمي وبين تحرك بعض الجهات غير الرسمية خارج إطار الدولة فيما يرتبط بمحاولة إيجاد مساحة من التوتر بين العراق والمنظومة الخليجية.
وأضاف الشمري أن «مزاولة السفير البحريني لعمله في العراق هي خطوة في الاتجاه الصحيح، وهي دليل، بل ومؤشر على أن البحرين وحتى بعض الدول الأخرى لا تريد أن تترك الساحة العراقية وتحاول الثبات على رغم من وجود تحديات أخرى كبيرة»، مبيناً أن «هذا الأمر يجب أن يكون من الأهمية بمكان على صعيد أمن السفارات وإرسال رسائل لكل البعثات الدبلوماسية بأن هناك قدرة على حمايتها وفق قواعد القانون الدولي ووفق اتفاقية فيينا بهذا الشأن». وأوضح الشمري أن «اهتمام الحكومة العراقية سواء على مستوى رئاسة الجمهورية أو وزارة الخارجية إنما هو تعبير عن اهتمام بما حصل مع أهمية عدم تكرار مثل هذه الأحداث». وبشأن التصريحات التي أدلى بها المسؤولون العراقيون بشأن استعداد العراق لتوفير الحماية للسفارات الأجنبية، يقول الشمري إن «ذلك رسالة واضحة ليس فقط لسفارة البحرين في العراق بل لبقية السفارات، لا سيما أن هناك قلقاً لدى السفارات العربية والأجنبية خصوصاً بعد اقتحام السفارة البحرينية، لكن العراق يعمل على تثبيت الثقة بحماية هذه السفارات من أجل حماية علاقاته الخارجية وما ترتب عليها من انفتاح على العراق خلال السنوات الماضية».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».