إسرائيل و{حماس} في طريقهما للعودة إلى مسار التهدئة

مصر تريد الانتقال إلى تبادل الأسرى وممر آمن إلى الضفة وميناء بحري

بائعا طوافات البحر على شاطئ غزة (أ.ف.ب)
بائعا طوافات البحر على شاطئ غزة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل و{حماس} في طريقهما للعودة إلى مسار التهدئة

بائعا طوافات البحر على شاطئ غزة (أ.ف.ب)
بائعا طوافات البحر على شاطئ غزة (أ.ف.ب)

قالت إسرائيل وحركة «حماس» إنهما في طريقهما للعودة إلى مسار التهدئة السابق. وأعلنت حركة «حماس»، أن وفوداً أممية ستزور قطاع غزة خلال الأيام المقبلة، لمتابعة تنفيذ بنود تفاهمات التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
وبحسب المتحدث باسم الحركة، عبد اللطيف القانوع، فإن هذه الوفود ستركز على تمديد خطوط كهرباء ومياه ومن أجل بناء مستشفى ميداني.
وتؤكد تصريحات «حماس» ما نشرته «الشرق الأوسط» حول مباحثات الوفد المصري مع قيادات حركة «حماس» والفصائل في غزة، التي خلصت إلى أن تبدأ إسرائيل بتقديم تسهيلات تشمل توسيع مساحة الصيد وإدخال أدوية طبية ومنح تصاريح إضافية للتجار والعمال وتطوير خطوط الكهرباء، والسماح ببناء المستشفى الميداني ورفع القيود على استيراد الكثير من البضائع التي كانت توصف ببضائع مزدوجة (نحو 30 في المائة منها)، وزيادة التصدير وإدخال الوقود وتحسين مشاريع متعلقة بالمياه.
وتريد مصر إنجاح هذه المرحلة من أجل الذهاب إلى مرحلة أخرى سيجري التباحث حولها قد تشمل صفقة تبادل أسرى وإقامة مشاريع بنى تحتية، مثل ممر آمن إلى الضفة وميناء بحري.
وبالتوازي مع ذلك أطلقت مصر مباحثات مصالحة غير مباشرة بين «حماس» وفتح، باعتبار أن عودة السلطة إلى قطاع غزة هي الضامن لنجاح أي اتفاقات طويلة الأمد.
وجاء هذا التقدم بعد تهديدات متبادلة بعد قتل إسرائيل مسؤولاً ميدانياً في «حماس». وأكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أمس أن إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة تحاولان العودة إلى مسار التهدئة على الحدود فيما بينهما، تحت رعاية الجهود الكبيرة التي بذلها الوسطاء بين مصر وقطر والأمم المتحدة.
ويأتي ذلك بعد مقتل الناشط محمود أحمد صبري الأدهم (28 عاما) في «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، بنيران الجيش الإسرائيلي، وبعد إطلاق صاروخين من القطاع إلى الأراضي الإسرائيلية.
وهدد مقتل الأدهم بإشعال جولة أخرى من العنف واسع النطاق بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة. وخلال عام ونصف العام الماضيين، خاض الجانبان عدة جولات.
وشهد يوم الجمعة أيضا تجمع نحو 6000 فلسطيني عند حدود غزة للمشاركة في مظاهرات، حيث قام بعض المتظاهرين بإلقاء الحجارة والقنابل باتجاه جنود إسرائيليين. وقالت وزارة الصحة التي تديرها «حماس» في غزة إن 55 شخصاً أصيبوا، 33 منهم بالرصاص الحي، بحسب القناة «13».
وبعد ذلك هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضربة مؤلمة لـ«حماس». وردت «حماس» بأنها ستشعل الوضع إذا لم تعد إسرائيل لمسار التهدئة. وردت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، السبت، بأنها جاهزة للرد على أي استهداف إسرائيلي للمواطنين والمقاومة الفلسطينية.
وقالت «سرايا القدس» في بيان لها، إن «قيادة المجلس العسكري أكدت للوفد الأمني المصري أن تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لن تدفع بالحركة إلى أن تكون مكتوفة الأيدي»، مشددة أنها «جاهزة للرد على أي فعل إسرائيلي يستهدف المواطنين والمقاومة». وقالت يديعوت إنه في إسرائيل، هناك رغبة في المضي قدماً في هذه المشاريع، طالما تم الحفاظ على التهدئة على الحدود مع غزة. ويبقى الاختبار الجديد متعلقاً بتحويل إسرائيل أموالاً لـ«حماس». وأبلغ نتنياهو الوفد المصري، بأنه لن يستطيع تحويل أموال لـ«حماس».
وتتطلع الحركة إلى الحصول على منحة تقدر بـ25 مليون دولار شهرياً، تستخدم في مد خط كهرباء ودفع رواتب لموظفيها السابقين وتقديم مساعدات.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.