جدل في العراق بعد حادثة في نقطة أمنية

محافظ أهان ضابطاً فتباينت المواقف

TT

جدل في العراق بعد حادثة في نقطة أمنية

رغم الغضب الذي أبداه وزير الداخلية العراقي، ياسين الياسري، حيال إقدام محافظ واسط محمد جميل المياحي على إهانة ضابط برتبة رائد في نقطة أمنية، إلا أن المتابعين للقضية تباينت وجهات نظرهم حيال القضية، بين منتقد بشدة لسلوك المحافظ، وآخر يرى أن «الإذلال الذي يمارسه الجنود والضباط في السيطرات الأمنية ضد المواطنين يبرر ما قام به المحافظ».
وأظهر شريط فيديو مصور في سيطرة «اللج» الأمنية الواقعة على الطريق الرابط بين بغداد وواسط (150 كيلومترا جنوب العاصمة بغداد)، قيام المحافظ بإهانة ضابط الشرطة ودفعه إلى الوراء احتجاجا على الزحام الشديد في السيطرة.
وفيما يبدو احتجاجا على تصرف المحافظ، استقبل وزير الداخلية المتحدر من محافظة واسط في مكتبه أمس، قائد شرطة محافظة واسط اللواء علاء غريب والرائد محمد رياض الضابط في سيطرة اللج الذي وقع عليه الاعتداء من قبل المحافظ. وذكر بيان صادر عن مكتب الوزير، أن الأخير «نقل تحيات رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة للرائد محمد ولجميع ضباط ومنتسبي شرطة المحافظة، مؤكدا دعمه المطلق لهم في أداء واجباتهم»، مشددا على أن «الوزارة تدعم الإجراءات الإدارية والقانونية وأن يأخذ القضاء مجراه وحسب القانون».
من جانبه، وجه محافظ واسط محمد جميل المياحي، عبر مقطع صوتي على خلفية الحادث، تحية لوزير الداخلية ووصفه بـ«الكفء» وقدم اعتذاره «للضباط والمراتب الذين ربما شعروا بالإهانة بعد تصرفه مع الضابط». وشرح المحافظ المياحي تصرفه مع الضابط بالقول: «عدت في الساعة الثالثة عصرا من بغداد إلى واسط ووجدت أن طابور الانتظار للمواطنين والسيارات يصل إلى نحو 3 كيلومترات، رأيت أطفالا ونساءً وهم يعانون الأمرّين في السيطرة، ذكرني الوضع بسيطرات عام 2007. أيام موجة أعمال العنف، فلم أتمالك نفسي من شدة التأثر لذلك المنظر».
وأضاف: «ليس لدي مشكلة شخصية مع الضابط، لكني وجدت أنه يتصرف بقلة اكتراث بحجة تطبيق التعليمات، كان يجدر به أن يؤدي واجبه بمهنية وأن يكون حريصا ويسهل حياة الناس ولا يزيد من معاناتهم وهو ضابط بدرجة عالية».
من جانبه، اعتبر الناطق باسم مفوضية حقوق الإنسان على البياتي أن «تصرف أي مسؤول مع أي موظف في دوائر الدولة بهذه الطريقة يعد إهانة غير مقبولة ومخالفة صريحة للدستور والقوانين العراقية ومعايير حقوق الإنسان العالمية». وقال البياتي لـ«الشرق الأوسط»: «كان يجدر بالمحافظ اتباع الطرق القانونية في محاسبة الضابط في حال ثبوت تقصيره في الواجب».
لكن البياتي وجه انتقادا شديداً إلى الإجراءات المتبعة في السيطرات الأمنية، واعتبر أن «طرقها في ضبط الأمن تقليدية وغير صحيحة وتفتقر إلى التقنيات اللازمة، وهي بالتالي تتسبب بإهانة وأذى كبير للمواطنين وتأخرهم لساعات طويلة عن الوصول إلى مقاصدهم».
وأكد البياتي أن «جميع السيطرات متشابهة في طريقة تعاطيها مع المواطنين وتخالف معايير حقوق الإنسان وحرية التنقل، بما فيها تلك الموجودة في إقليم كردستان التي ترهق المواطنين في ساعات طويلة من الانتظار ولا تسمح لهم بالعبور إلا بعد إجراءات مذلة وغير صحيحة».
إلى ذلك، أبدى رئيس هيئة النزاهة السابق رحيم العكيلي، استغرابه من الانتقادات التي وجهت لمحافظ واسط، وتساءل عبر صفحته في «فيسبوك»: «لماذا ندافع عمن يهيننا يوميا؟ ولا أحد منا يستطيع أن يفتح فمه ضد استهتاره وتغطرسه» في إشارة إلى المراتب والضباط في السيطرات.
وطالب العكيلي وزير الداخلية بضرورة إيقاف العمل بالطريق العسكري (مخصص لمرور المسؤولين فقط) وأن يمر الجميع بالترتيب من نفس الممر الذي يمر منه المواطن»، معتبرا أن «الطريق العسكري تمييز عنصري مخالف للدستور والقانون». كما طالب العكيلي رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بـ«جعل السيطرات في (دولة المواطن) بدل سيطرات (دولة المسؤول)».
وفي تطور لاحق من عصر أمس، زار مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان جواد الشمري سيطرة (اللج) التي وقع فيها الحادث وشكل فريقا لتقصي الحقائق. والتقى الشمري آمر السيطرة وعددا من الضباط والمنتسبين للوقوف على تداعيات وتفاصيل الحادث. وذكر بيان أن «الضابط المعتدى عليه الرائد محمد رياض الطائي أوضح تفاصيل الحادث كما ظهرت في شريط الفيديو وأنه تقدم بشكوى قانونية إلى القضاء لغرض الحصول على حقه سيما وأن الاعتداء يمس كرامته الإنسانية وهو يؤدي واجبه أثناء فترة عمله».
ونقل البيان عن الضباط والمنتسبين قولهم لمدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان بأنهم «يتعرضون بين الحين والآخر إلى اعتداءات وتجاوزات عديدة من شخصيات متنفذة ومسؤولين وغيرهم نتيجة عملهم في تطبيق القانون».
لكن الشمري طالب بـ«تخفيف إجراءات التفتيش الخاصة بعجلات المواطنين خصوصا في هذه الأجواء اللاهبة وتفادي وقوفهم لأوقات طويلة في طوابير تشكل عبئا كبيرا عليهم وضرورة اتباع وسائل تقنية حديثة وتوفير أجهزة خاصة بتلك الإجراءات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.