غرينبلات يقول إنه يلتقي فلسطينيين... دائماً

نفى تمثيلهم السلطة... ورام الله تحذر

TT

غرينبلات يقول إنه يلتقي فلسطينيين... دائماً

قال جيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط، إنه «يلتقي فلسطينيين معنيين بإنهاء النزاع، سراً طوال الوقت»؛ لكنه لم يكشف عن هوياتهم.
وأضاف غرينبلات: «كنا حذرين حتى لا نكشف عن هوية الذين نتحدث معهم». وتابع، بالقول، إن «كل واحد عندما يغادر الغرفة يطلب مني ألا أكشف عن هويته، هذا يُؤسف له، ولكن هذه هي الحقيقة، هم يعطوننا الأمل أنه بإمكاننا تجاوز النزاع، وهم معنيون بحل النزاع، ولكن لا يتحدثون».
وما قاله غرينبلات يكشف عن وجود تواصل مع فلسطينيين، على الرغم من قرار السلطة الفلسطينية مقاطعة الإدارة الأميركية. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن غالبية الذين يلتقيهم غرينبلات فلسطينيون ورجال أعمال، وربما يكونون أكاديميين وصحافيين مقيمين في الخارج، وبعض المتعاونين من الداخل، ولا يشكلون أي تأثير يذكر.
وبعدما أثير جدل حول تصريح غرينبلات، ونشرت وسائل إعلام محلية أنه التقى مسؤولين فلسطينيين، محذرة السلطة مما يروجه، نفى غرينبلات ذلك على حسابه على «تويتر»، أمس. وقال إن الذين يلتقيهم «لا يتحدثون باسم الرئيس عباس، إنما هم موجودون بصفتهم الشخصية، وهم لا يثورون ضد الرئيس عباس. إنهم أناس عاديون يريدون ببساطة حياة أفضل».
وأثير جدل حول تصريحات غرينبلات، بعدما ربطها البعض بتقرير إسرائيلي نقل عن مسؤول فلسطيني، أنه تم مؤخراً تبادل رسائل بين رام الله وواشنطن، من أجل تصويب الأمور، وإنهاء مقاطعة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للرئيس الأميركي دونالد ترمب وفريقه، صهره ومستشاره جاريد كوشنر، والمبعوث الخاص إلى المنطقة جيسون غرينبلات.
وأكد المسؤول أنه من المتوقع أن يغادر وفد فلسطيني رام الله، يرأسه ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات العامة، إلى واشنطن قريباً، لمقابلة كبار المسؤولين الأميركيين، وذلك إثر «اتصالات ومناقشات سرية جرت مؤخراً بين مقربين من ترمب وأبو مازن»؛ لكن الفلسطينيين، وغرينبلات نفسه، نفوا ذلك.
والعلاقة بين واشنطن والقيادة الفلسطينية مقطوعة منذ إعلان ترمب نهاية 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتفاقمت المقاطعة إلى عداء بعد اتخاذ ترمب سلسلة خطوات لاحقة، تمثلت في قطع جميع المساعدات المالية عن الفلسطينيين، وإغلاق ممثلية منظمة التحرير في واشنطن، وافتتاح السفارة الأميركية في القدس، وإغلاق القنصلية الخاصة بالفلسطينيين هناك، وإبدائه دعماً غير محدود لإسرائيل، في قضايا تجنبت الإدارات الأميركية السابقة دعم إسرائيل فيها، ومن بينها الاستيطان، والحق اليهودي في القدس الشرقية، وضم أجزاء من الضفة الغربية، وإلغاء الاعتراف باللاجئين الفلسطينيين ومعاناتهم.
وهاجم المسؤول الفلسطيني صائب عريقات والخارجية الفلسطينية، أمس، فريق ترمب، محذرين من خطورة ما يروج له. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات: «إن سياسات الإدارة الأميركية دفعت إمكانية تحقيق السلام الشامل والعادل، إلى طريق مسدود».
واتهم عريقات في بيان صحافي عقب لقائه في رام الله وفداً من أساتذة 28 جامعة أميركية وأوروبية، الإدارة الأميركية، بالخروج عن القانون الدولي والشرعية الدولية في قراراتها بشأن القضية الفلسطينية.
واعتبر أن ممارسات الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية تهدف إلى أن تحل الإملاءات محل المفاوضات، وإلى تدمير مبدأ الدولتين لصالح استمرار الاحتلال تحت منظومة التمييز العنصري.
واتهمت الخارجية الفلسطينية من جهتها: «الطغمة الأميركية»، بتنفيذ مخططات الاحتلال واليمين الحاكم في إسرائيل وتنفيذ رغباته، وقالت إن فريق ترمب أصبح «مجرد أبواق دعاية لمصالح إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال في فلسطين، وتشرف على حماية المسؤولين الإسرائيليين من المساءلة والمحاسبة، في انتهاك فاضح للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومرجعيات السلام الدولية والاتفاقيات الموقعة، وفي تمرد علني على مرتكزات النظام العالمي برمته».
وأكدت الوزارة أنها سوف تتابع كما قالت سابقاً: «بحث إمكانية اتخاذ إجراءات قانونية ورفع دعاوى قضائية بحق هذه الطغمة».
وأضافت: «يكرر فريدمان على سبيل المثال بمناسبة ومن دون مناسبة، مواقفه التي تعطي الحق لإسرائيل في بناء المستوطنات، لينبري غرينبلات في الإعلام رافضاً مصطلح المستوطنات، ويسميها (الأحياء) أو (المدن)، ويتفاخر علناً بأن ما تسمى خطة السلام الأميركية، لا تستخدم عبارة حل الدولتين، تحت شعارات مزيفة وقلب للحقائق بحجة (الواقعية)، لفرض الاعتراف بالتغييرات التي أحدثها الاحتلال على الأرض الفلسطينية كحقيقة يجب التسليم بها؛ خصوصاً في مجال البناء الاستيطاني وتعميقه. أي أن غرينبلات يحاول إسقاط صفة الاحتلال عن إسرائيل من الثقافة السياسية الدولية ووعي المسؤولين الدوليين، كمفاهيم جديدة لطالما رغبت إسرائيل في فرضها على السياق الدولي للأحداث وللتاريخ، في تناقض واضح مع القانون الدولي ومرتكزاته من قرارات أممية».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.