انتقال غريزمان إلى برشلونة مُرتّب منذ عام

تم بث لحظة انتقال اللاعب الفرنسي أنطوان غريزمان إلى نادي برشلونة على الهواء مباشرة على شاشات التلفزيون، بعد 393 يوماً من إعلان اللاعب قراره برفض برشلونة والبقاء في أتلتيكو مدريد في فيلم وثائقي تلفزيوني.
وكانت عقارب الساعة تشير إلى الواحدة بعد ظهر يوم الجمعة عندما وصل الممثل القانوني للاعب إلى مقر الاتحاد الإسباني لكرة القدم وهو يحمل حقيبة فضية اللون بداخلها 120 مليون يورو، هي قيمة الشرط الجزائي في عقد اللاعب مع أتلتيكو مدريد الذي دافع عن ألوانه لمدة خمس سنوات. وأكد برشلونة إتمام الصفقة بعد ذلك بساعتين.
ووقع غريزمان على عقد مع برشلونة يبقى بموجبه في «كامب نو» خمس سنوات، ويحتوي العقد على شرط جزائي - وهو شرط قانوني في إسبانيا - بقيمة 800 مليون يورو. ورغم أن هذه الصفقة قد استغرقت وقتاً أطول مما كان متوقعاً، فقد انتهى الأمر عندما وصل محامي اللاعب، سيفان كاريان، إلى مقر الاتحاد الإسباني لكرة القدم، على الرغم من أن أتلتيكو مدريد يقول إن مبلغ الـ120 مليون يورو ليس كافيا، وإنه يتعين على برشلونة أن يدفع 200 مليون يورو.
وقد انخفضت قيمة الشرط الجزائي في عقد اللاعب إلى 120 مليون يورو في بداية هذا الشهر، لكن برشلونة كان يأمل في التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض مع أتلتيكو مدريد بدلاً من إجباره على دفع المبلغ كله مقدما ودفعة واحدة. لكن أتلتيكو مدريد رفض ذلك، وأصدر بيانا اتهم فيه برشلونة واللاعب الفرنسي بعدم احترامه، وأشار إلى أنه طالب اللاعب بالحضور إلى التدريبات يوم الأحد الماضي. يأتي هذا على الرغم من أن أتلتيكو مدريد كان قد طالب اللاعب بتسجيل مقطع فيديو يعلن فيه عن رغبته في الرحيل عن النادي في 14 مايو (أيار) الماضي، على الرغم من أن غريزمان لم يكن قد حصل على إجازته القانونية التي تستمر لمدة 30 يوماً، وعلى الرغم من استخدام أتلتيكو مدريد لقيمة الصفقة في التعاقد مع جواو فيلكس مقابل 126 مليون يورو ومنحه القميص رقم سبعة الذي كان يرتديه غريزمان.
وسوف ينضم غريزمان لتدريبات برشلونة اليوم، ولن يكون النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي والأوروغواياني لويس سواريز في التدريبات في ذلك اليوم، لكن الشيء المؤكد هو أن مدى تأقلم غريزمان مع اللعب مع ميسي وسواريز سوف يكون حاسما للغاية في نجاحه في «كامب نو».
ولا يمكن الآن معرفة المركز الذي سيلعب به غريزمان في برشلونة، حيث إن مركزه الطبيعي داخل الملعب هو نفس المركز الذي يلعب به ميسي، وهناك بعض التقارير التي تشير إلى أن اللاعبين يرغبان في عودة النجم البرازيلي نيمار من باريس سان جيرمان الفرنسي.
وهناك شعور بعدم الارتياح في برشلونة من إعادة اللاعب الذي رفض النادي على الملأ قبل 13 شهراً. وبعد الهزيمة المهينة للعملاق الكاتالوني أمام ليفربول على ملعب «أنفيلد» برباعية نظيفة في دوري أبطال أوروبا، فمن المؤكد أن معظم جمهور برشلونة سوف يحتفل بانضمام غريزمان الذي ظل النادي يطارده لفترة طويلة وسوف يكون إضافة قوية للفريق.
لقد اقترب برشلونة من غريزمان لأول مرة العام الماضي، وكان يدرك أن قيمة الشرط الجزائي في عقد اللاعب ستنخفض إلى 100 مليون يورو. وكان برشلونة على استعداد لدفع هذا المبلغ والتعاقد مع اللاعب، وتوصل بالفعل إلى اتفاق مع اللاعب حول الشروط الشخصية. وبالتالي، كان مستقبل غريزمان في يده، وتم توثيق هذه المفاوضات في فيلم وثائقي بعنوان «القرار»، والذي أظهر اللاعب في حيرة من أمره بين الرحيل إلى برشلونة أو البقاء مع أتلتيكو مدريد.
وعلى مدار أكثر من 30 دقيقة، شاهد الجمهور لمحات من تفكير غريزمان في مستقبله، وهو يتأمل في الأمر بينما يتناول وجبة العشاء وبينما يلعب كرة السلة وبينما يستقل الطائرة وبينما يركب حصانه.
ويظهر غريزمان وهو يقول: «لا أعرف ماذا أفعل»، لكن في نهاية الفيلم، الذي تم عرضه قبل عام، أعلن اللاعب الفرنسي أنه سيبقى مع أتلتيكو مدريد. ودعا برشلونة للاعتذار، ولم يكن مجلس إدارة برشلونة يعرف شيئا عن إنتاج هذه الفيلم الوثائقي، رغم أن شركة الإنتاج مملوكة جزئيا لمدافع برشلونة جيرارد بيكيه!
ووقع غريزمان على عقد جديد مع أتلتيكو مدريد بمقابل مادي أفضل، على أن يحصل على 20 مليون يورو سنويا بعد خصم الضرائب، لكن العقد الجديد تضمن شرطا جزائيا بقيمة 200 مليون يورو ينخفض مرة أخرى في الأول من يوليو (تموز)، وهو ما يسمح للاعب بالرحيل إذا كان يريد ذلك، ويسمح للأندية التي تريد التعاقد مع اللاعب للتفاوض معه مرة أخرى. وبمجرد أن علمت هذه الأندية برغبة غريزمان في الرحيل تواصلت معه على الفور.
ربما لم يندم غريزمان على تجديد عقده مع أتلتيكو مدريد وبقائه هناك لموسم آخر، لكنه سرعان ما شعر بأنه يريد الرحيل، وبالتالي تم توقيع صفقة انتقاله لبرشلونة بعد 12 شهرا، وبزيادة مالية قدرها 20 مليون يورو، وهو نفس المبلغ الذي دفعه أتلتيكو مدريد للاعب الموسم الماضي.
وفي نهاية المطاف، كان الموسم الأخير لغريزمان مع أتلتيكو مدريد مخيبا للآمال، وهو ما كان أحد العوامل التي أدت إلى رحيل اللاعب. لقد عزز أتلتيكو مدريد صفوفه بعدد من اللاعبين في محاولة لإقناع غريزمان بالبقاء. صحيح أن أتلتيكو مدريد قد أنهى الموسم الماضي متقدما على ريال مدريد في جدول ترتيب الدوري الإسباني الممتاز، لكن ذلك لم يكن كافيا.
والآن يدرك غريزمان تماما أن أي نجاح حققه في أتلتيكو مدريد سوف ينسب إليه، بينما سيتم تقاسم النجاح في أي مكان آخر. لكن هذا يتطلب النجاح في المقام الأول، وهو الأمر الذي لم يتحقق بعد. لقد اعترف غريزمان بأن العيش في ظل ميسي كان أحد العوامل التي جعلته يقرر البقاء في أتلتيكو مدريد في ذلك الوقت، لكنه فكر مرة أخرى. ويذكرنا ذلك بما حدث مع نيمار الذي قرر الرحيل إلى باريس سان جيرمان لكي يهرب من ظل ميسي، لكنه أدرك بعد ذلك أن الأضواء التي تسلط عليه من خلال اللعب مع ميسي أكثر من الظل الذي يخيم عليه في الدوري الفرنسي.
وقبل بداية الموسم الماضي، وضع أتلتيكو مدريد هدفا لنفسه، كما ظهر في الفيلم الوثائقي، وهو الفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا، خاصة أن المباراة النهائية للبطولة كان ستقام على ملعب «واندا ميتروبوليتانو» الذي يحتضن مباريات الفريق. وبالتالي، كان غريزمان مقتنعا بأنه يقوم بمهمته الأخيرة مع الفريق، وهي محاولة الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا.
لكن الفريق لم ينجح في تحقيق هذا الهدف، وبالتالي وافق غريزمان على الانتقال إلى برشلونة في الأيام التالية لهزيمة أتلتيكو مدريد أمام يوفنتوس الإيطالي في دوري الستة عشر لدوري أبطال أوروبا، كما يزعم أتلتيكو مدريد نفسه، لكن من المؤكد أن برشلونة لن يعترف بذلك.
وفي 14 مايو الماضي، سجل غريزمان مقطع فيديو بهاتفه المحمول قال فيه إنه سيرحل عن أتلتيكو مدريد، لكنه لم يعلن عن وجهته المقبلة. ولم يخبر غريزمان أتلتيكو مدريد بهوية الفريق الذي سيلعب له، لكن أتلتيكو يزعم أنه كان يعرف أن اللاعب سيرحل إلى برشلونة.
وكان كل ما يتعين على غريزمان القيام به بعد ذلك هو الانتظار حتى تقل قيمة الشرط الجزائي في عقده، وسار الأمر كما كان يخطط له، فبعد ثلاثة عشر يوماً، كانت الكاميرات تصور رجلا يتجه نحو مقر الاتحاد الإسباني لكرة القدم وهو يحمل 120 مليون يورو لدفع قيمة الشرط الجزائي وإتمام انتقال اللاعب الفرنسي إلى «كامب نو».
وعلى ما يبدو أن إعلان برشلونة الرسمي التعاقد مع غريزمان سيفتح باب الضغينة ضد النادي الكاتالوني من جماهير ومسؤولي أتلتيكو مدريد الذين أكدوا أنهم سيتقدمون بشكوى إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، للتلاعب في طريقة قيمة البند الجزائي لفسخ عقد المهاجم الفرنسي البالغة 120 مليون يورو، والتي اعتبرها نادي العاصمة غير كافية.
وأشارت صحيفة «آس» الرياضية الإسبانية إلى أن أتلتيكو يأمل في أن يفرض الاتحاد الدولي «عقوبة على نادي برشلونة وأيضا على اللاعب».
وكان أتلتيكو قد رفع إلى الفيفا في 2017 مسألة تفاوض غير مشروع من قبل النادي الكاتالوني، لمحاولة التعاقد مع المهاجم الدولي الفرنسي. وما زال أتلتيكو يؤكد على أن برشلونة تحايل ومن الواضح أن الاتفاق المبرم مع اللاعب قد أبرم قبل أن يتم تخفيض الشرط الجزائري من 200 إلى 120 مليون يورو في الأول من يوليو الحالي.