{ملتقى فلسطين للرواية} يؤكد وحدة الثقافة العربية

اعتماد الثامن من يوليو يوماً للرواية الفلسطينية

TT

{ملتقى فلسطين للرواية} يؤكد وحدة الثقافة العربية

على مدار خمسة أيام متتالية، امتدت من 8 إلى 12 يوليو (تموز)، تواصلت أعمال ملتقى فلسطين الثاني للرواية العربية، الذي تنظمه وزارة الثقافة الفلسطينية في ذكرى استشهاد الروائي الكبير غسان كنفاني، الذي اغتالته إسرائيل عام 1972، بمشاركة واسعة من قِبَل نحو 45 كاتباً وروائياً ومترجماً من 13 دولة عربية مختلفة، هي: مصر وتونس والجزائر والأردن والعراق وسوريا واليمن وليبيا وعُمان والسودان والكويت والمغرب، وفلسطين.
الملتقى، الذي أقيم أول مرة سنة 2017، افتُتح في هذا العام على مسرح بلدية مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، ثم انتقل بعد ذلك لمدنٍ أخرى، لتقديم عدّة ندوات أدبية وفكرية ناقش فيها المختصون قضايا متعددة، بحثت في طبيعة الرواية العربية الفلسطينية ومضامينها والتحديات التي تواجهها، وتناولت شكل الرواية في العصر الرقمي، إضافة للتطرق لمحددات وأصول ترجمة الروايات غير العربية.
ومن أولى الندوات التي أقيمت، ندوة أدبية حملت عنوان «الكتابة عن فلسطين... تأصيل الرواية في مواجهة الآخر»، أدارها الروائي الفلسطيني أحمد حرب، وشاركت فيها الروائية العراقية إنعام كجه جي، والروائي العراقي جنان جاسم حلاوي، والروائي الفلسطيني يحيى يخلف. وتحدث المشاركون عن فكرة المواجهة التي يمكن أن تخلقها الرواية، ومدى إمكانية استخدامها لإثبات الوجود الفلسطيني والحفاظ عليه، ذاكرين بهذا الصدد عدداً من النماذج الأدبية العربية التي ساهمت في الحفاظ على مستوى المواجهة في قضايا متعددة.
وتقسّمت أعمال اليوم الثاني للملتقى بين ندوتين؛ الأولى تناولت موضوع «الكتابة السردية عن الوطن من المنفى»، وتحدث فيها كلّ من السوري جان دوست، وإنعام كجه جي، وجنان حلاوي، والكاتبة الفلسطينية نسمة العكلوك.
وناقشت الندوة الثانية التي عقدت على مسرح بلدية مدينة طولكرم واقع الرواية في السينما والمسرح، وشارك فيها الكتاب من فلسطين محمد علي طه، وأكرم مسلم، وليانة بدر، والسوري هوشنك أوسي، الذين تناولوا مدى إمكانية تعزيز فكرة تحويل الرواية الفلسطينية إلى إنتاج تلفزيوني، خصوصاً في عصر التطور الرقمي.
داخل «متحف الشهيد ياسر عرفات» بمدينة رام الله، عُقدت فعاليات اليوم الثالث للملتقى، الذي تضمن ندوتين؛ الأولى تعنونت بـ«أدب الفتيان تحديات الانتشار في زمن الثورة التقنية»، وأدارتها مديرة «مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي» رناد قبج.
أمّا الندوة الثانية من اليوم ذاته، فحملت عنوان «الرواية في العصر الرقمي ما بين التماهي والتصدي»، وشارك فيها: هوشنك أوسي من سوريا، وعادل الأسطة، وثورة حوامدة، وعاطف أبو سيف من فلسطين، وأدارتها ثورة حوامدة.
وصبيحة اليوم الرابع للملتقى، شارك كل من الأديب أحمد أبو طوق، والناشر أسعد الأسعد، والناشر خالد الناصري من فلسطين - إيطاليا، والروائي طارق الطيب من السودان، في ندوة أدارها مدير عام مؤسسة الناشر سعد عبد الهادي تحت عنوان «نشر الرواية العربية، وجدلية الناشر والمؤلف».
وانتقل المشاركون بعد انتهاء الندوة الأولى من مدينة رام الله إلى بيت لحم، وهناك أجروا جولات سياحية على بعض الأماكن الأثرية والتراثية، قبل الانتقال لقاعة «مؤسسة إبداع» في مخيم الدهيشة للاجئين التي عقدت فيها الندوة الثانية، وناقشت موضوع «ترجمة الرواية العربية» من ناحية جمالية ونقدية، وتحدث فيها كل من الفلسطيني إبراهيم أبو هشهش، والجزائري أمين الزاوي، والسوري خليل النعيمي، والتونسي شكري المبخوت.
«هل باتت الرواية العربية ديوان العرب؟»، تحت هذا العنوان الواسع، افتتحت آخر ندوات الملتقى صباح يوم الجمعة الماضي، بمشاركة: الروائي خليل النعيمي من سوريا، وطارق الطيب من السودان، وحسين ياسين من فلسطين، ومروان علي من سوريا، وأدارها الروائي أحمد رفيق عوض.
واتفق المشاركون على أن حساسية موضوع الرواية العربية تمنع في كثير من الأوقات الحديث عنها، على الرغم من أنّ الإقبال عليها يعتبر أكبر إذا ما قورن بالقصيدة، وذلك لما توفره من مساحة واسعة للبوح والتفصيل، وتمّ التنويه في النهاية إلى أنّ الرواية تمكنت خلال الأعوام الماضية من إزاحة الشعر جانباً.
وأدان الكتّاب الحصار الثقافي الذي تفرضه إسرائيل على الثقافة الفلسطينية بمحاولات عزلها عن محيطها العربي والإنساني، والمس بالهوية الفلسطينية، وإحداث فجوة المعرفة بمنع تصاريح وصول المثقفين والمبدعين العرب إلى فلسطين، ومنع دخول الكتب والمراجع التي تصدر في البلدان العربية، مستنكرين منع عدد كبير من الكتّاب العرب من دخول الضفة الغربية والوقوف في وجه مشاركتهم في فعاليات الملتقى.



«سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد

هدى حمد
هدى حمد
TT

«سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد

هدى حمد
هدى حمد

صدرت حديثاً عن «منشورات تكوين» في الكويت متوالية قصصية بعنوان «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد. وتأتي هذه المتوالية بعد عدد من الروايات والمجموعات القصصية، منها: «نميمة مالحة» (قصص)، و«ليس بالضبط كما أريد» (قصص)، و«الأشياء ليست في أماكنها» (رواية)، و«الإشارة برتقاليّة الآن» (قصص)، «التي تعدّ السلالم» (رواية)، «سندريلات في مسقط» (رواية)، «أسامينا» (رواية)، و«لا يُذكَرون في مَجاز» (رواية).

في أجواء المجموعة نقرأ:

لم يكن ثمّة ما يُبهجُ قلبي أكثر من الذهاب إلى المصنع المهجور الذي يتوسطُ حلّتنا. هنالك حيث يمكن للخِرق البالية أن تكون حشوة للدُّمى، ولقطع القماش التي خلّفها الخياط «أريان» أن تكون فساتين، وللفتية المُتسخين بالطين أن يكونوا أمراء.

في المصنع المهجور، ينعدمُ إحساسنا بالزمن تماماً، نذوب، إلا أنّ وصول أسرابٍ من عصافير الدوري بشكلٍ متواترٍ لشجر الغاف المحيط بنا، كان علامة جديرة بالانتباه، إذ سرعان ما يعقبُ عودتها صوتُ جدي وهو يرفع آذان المغرب. تلك العصافير الضئيلة، التي يختلطُ لونها بين البني والأبيض والرمادي، تملأ السماء بشقشقاتها الجنائزية، فتعلنُ انتهاء اليوم من دون مفاوضة، أو مساومة، هكذا تتمكن تلك الأجنحة بالغة الرهافة من جلب الظُلمة البائسة دافعة الشمس إلى أفولٍ حزين.

في أيامٍ كثيرة لم أعد أحصيها، تحتدُّ أمّي ويعلو صوتها الغاضب عندما أتأخر: «الغروبُ علامة كافية للعودة إلى البيت»، فأحبسُ نشيجي تحت بطانيتي البنية وأفكر: «ينبغي قتل كلّ عصافير الدوري بدمٍ بارد».

وهدى حمد كاتبة وروائيّة عُمانيّة، وتعمل حالياً رئيسة تحرير مجلة «نزوى» الثقافية.