مؤتمر المانحين في الكويت يتعهد بتقديم 2.4 مليار دولار لدعم اللاجئين السوريين

افتتح أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد، أمس، أعمال المؤتمر الدولي الثاني للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا بتبرع الكويت بمبلغ 500 مليون دولار أميركي من القطاعين الحكومي والأهلي لدعم الوضع الإنساني للشعب السوري، فيما بلغ إجمالي قيمة التعهدات الدولية المعلنة في ختام المؤتمر 2.4 مليار دولار.
وأتت مساهمة أمير الكويت خلال افتتاحه أمس المؤتمر الدولي الثاني للمانحين وأشاد في كلمته بموقف «أبناء الكويت الأوفياء الذين جبلوا على حب الخير والعطاء لإغاثة المنكوب ونجدة المحتاج ماضيا وحاضرا وتفاعلهم مع النداءات الإنسانية لإعانة المتضررين والمعوزين في كل أنحاء العالم». وأشاد الشيخ صباح الأحمد كذلك بدور المقيمين على أرض الكويت وجمعيات النفع العام ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والشخصيات الاعتبارية الذين تجاوبوا مع نداء الاستغاثة الذي أطلقه منتصف الأسبوع لإغاثة الشعب السوري.
وبين الشيخ صباح الأحمد أن استضافة بلاده لأعمال المؤتمر الدولي الثاني للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا يأتي من شعور مشترك يربط الكويت والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، «بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا بالنسبة للنزاع الدموي المستمر في سوريا وسعينا المتواصل والحثيث للتخفيف من معاناة أشقائنا هناك والتحدي الكبير والمتزايد بشأن موضوع اللاجئين منهم إلى دول الجوار».
وأشار الشيخ صباح الأحمد إلى أن دولة الكويت استجابت لطلب أمين عام الأمم المتحدة لاستضافة المؤتمر الثاني للمانحين «بعد عام من استضافتنا المؤتمر الأول والذي حقق الأهداف المرجوة منه، الأمر الذي عكس الدلالة الواضحة على المسؤولية التاريخية التي تشعر بها دولة الكويت تجاه أشقائها في سوريا وإدراكها لحجم الكارثة التي يعاني منها الأشقاء وضرورة حشد الجهود الدولية لمواجهتها والتخفيف من آثارها».
وأكد أمير الكويت أن «الاجتماع الثاني للمانحين يعقد ولهيب الكارثة الإنسانية في سوريا ما زال مستعرا حاصدا عشرات الآلاف من الأبرياء ومدمرا كافة مظاهر الحياة ومهجرا للملايين نتيجة لنزاع جائر ومستمر استخدمت فيه كل أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة دوليا ضد شعب أعزل، وإن متابعتنا للأرقام المخيفة لأعداد القتلى والمفزعة لأعداد اللاجئين في الداخل والخارج التي تعلنها الوكالات الدولية المتخصصة ومنها المفوضية السامية لحقوق الإنسان والتي تؤكد مقتل ما يقرب من المائة والأربعين ألف قتيل وهو ضعف عدد القتلى منذ انعقاد مؤتمرنا الأول وتشريد ملايين اللاجئين والنازحين في الداخل والخارج في ظروف معيشية ضاعف من قسوتها دخول موسم الشتاء، كما أن تقرير منظمة الأغذية والزراعة الأخير يؤكد تدهور القطاع الزراعي والحيواني بشكل دمر مقومات وقدرات البلاد على توفير أمنها الغذائي، ولقد طال التدهور قطاعا مهما يتعلق بمستقبل الأجيال في سوريا، إذ تخلف قطاع التعليم وتعطلت المناهج الدراسية ودمرت المدارس.. الأمر الذي بات يهدد مستقبل النشء وبلادهم ويتطلب وضع برامج تعليمية بالتعاون مع المؤسسات الدولية المختصة، كما أن انحدار مستوى الخدمات الصحية ساهم في تفشي كثير من الأمراض وانتشارها، ولعل تقرير منظمة الصحة العالمية الذي يؤكد تفشي مرض شلل الأطفال في الداخل والخارج لدليل واضح على حجم المأساة والمعاناة التي يعيشها أبناء الشعب السوري».
وأهاب الشيخ صباح الأحمد بالمجتمعين قائلا: «إن ديننا وقيمنا وإنسانيتنا تحتم علينا أمام هذا الواقع المرير والكارثة المدمرة أن نستمر بالعمل الدءوب وبلا ككل وبكل جهد لمواجهتها والتخفيف من آثارها وتداعياتها، التي تعد الأكبر في تاريخنا المعاصر، وإنني أناشد الحضور ودول العالم الأخرى التي لم تشارك في المؤتمر وكل المنظمات والوكالات الدولية للمساعدة بالتبرع وتقديم المساعدة للأخوة السوريين، حيث إننا مدعوون أن نجسد للعالم شعورنا بالمسؤولية الإنسانية الملقاة على عاتقنا في نجدة براءة الأطفال وضعف كبار السن والنساء ومستقبل الشباب، تحقيقا للهدف الذي من أجله انعقد هذا المؤتمر».
وأعلن الشيخ صباح الأحمد تبرع الكويت بمبلغ 500 مليون دولار أميركي من القطاعين الحكومي والأهلي لدعم الوضع الإنساني للشعب السوري، في ظل استمرار الأوضاع الكارثية والظروف القاسية التي يعاني منها أشقاؤنا في سوريا في الداخل والخارج.
بدوره، عبر كي مون عن امتنان المنظمات الدولية على مساعدتها للاجئين السوريين ودول الجوار لسوريا على تأقلمها مع تداعيات الصراع، مشيرا إلى أنه خلال عقد المؤتمر الدولي الأول قبل عام كان هناك نحو أربعة ملايين من النازحين داخليا في سوريا إضافة إلى 700 ألف لاجئ تقريبا، أما اليوم وبعد مرور عام أصبح هناك أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري وقتل أكثر من 100 ألف فرد وهناك أيضا نحو 9.3 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية وما يزيد على 80 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين داخل سوريا بحاجة إلى المساعدة. وبين كي مون أن أوجه المعاناة التي يمر بها الأشخاص في سوريا منها الموت جوعا والعنف ضد النساء والأطفال علاوة على أن الصحة العامة هناك تشهد أزمة وكابوس مرض شلل الأطفال عاود الظهور بعد القضاء عليه واستئصاله من المنطقة، كما شهد الصراع في سوريا أسوأ استعمال لأسلحة الدمار الشامل في القرن الـ21 والعالم متحد حاليا على أن الأسلحة الكيماوية لن تستخدم مجددا، وهناك 40 في المائة من المستشفيات لم تعد تعمل واضطر نصف الأطباء في بعض المناطق إلى الفرار وهناك مليونا طفل تقريبا خارج المدارس وتعاني العائلات أسوأ فصول الشتاء منذ فترة طويلة.
وطالب كي مون الجهات المانحة الاستجابة بتوفير 6.5 مليار دولار خلال العام الحالي لتخفيف الأزمة الإنسانية التي يعاني منها نحو عشرة ملايين فرد داخل سوريا وملايين اللاجئين في المجتمعات المضيفة بالدول المجاورة، إضافة إلى تناوله موضوع مؤتمر «جنيف 2» حول سوريا لافتا إلى أن المؤتمر المقرر 22 يناير (كانون الثاني) الحالي يهدف إلى تدشين آلية سياسية لحل الأزمة السورية.
وأكد وزير المالية السعودي، إبراهيم العساف، في كلمته أن المؤتمر الدولي الثاني للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا «يمثل فرصة للتخفيف من معاناة اللاجئين السوريين بمشاركة الدول ومؤسسات التمويل الإقليمية والدولية». وقال العساف إن «المملكة العربية السعودية حرصت على تقديم الدعم للاجئين السوريين بمساعدات بلغت قيمتها 448 مليون دولار صرف منها ما يقارب 260 مليون دولار بالتعاون مع عدد من الجهات العاملة في مجال إغاثة الشعب السوري الشقيق، وجار تخصيص وصرف المبلغ المتبقي». وأعلن العساف استمرار موقف الحكومة السعودية لتخفيف معاناة الشعب السوري من خلال زيادة الاعتمادات المتاحة للتخصيص والصرف على البرامج والمشروعات الموجهة لدعم اللاجئين السوريين بما يزيد عن 60 مليون دولار ليصبح إجمالي المبلغ المتاح للصرف خلال الفترة المقبلة 250 مليون دولار.
وأشاد العساف بدور الكويت المهم في رعاية هذا المؤتمر ودعمها المتواصل لسوريا لا سيما مع زيادة تدفق اللاجئين والتحديات الإنسانية الكبيرة التي تواجه المجتمع الدولي مما يتطلب تضافر الجميع من أجل إيجاد حلول لهذه الأزمة.
من جهته، قال رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، في كلمته أمام المؤتمر إن لبنان وقف منذ تداعيات الأزمة السورية مع الشعب السوري وكان من أكثر الدول التي استقبلت نازحين سوريين، مشيرا إلى أن لبنان تحمل العبء الأكبر من النازحين وذلك لصغر مساحته، كما أظهر لبنان تعاطفا مع اللاجئين السوريين، إذ ينزح يوميا إلى لبنان ثلاثة آلاف سوري باتوا يشكلون ربع السكان، مما أدى إلى انعكاسات على الاقتصاد اللبناني وانخفاض الإيرادات بالإضافة إلى انتشار البطالة بين اللبنانيين بسبب تراجع مستويات الأجور، مناشدا المجتمع الدولي الاستجابة لحاجات الدول المستقبلة للاجئين السوريين، مبينا أن لبنان يحتاج لدعم مالي كبير لتغطية احتياجات اللاجئين السوريين.
وأعلنت الوفود المشاركة في المؤتمر خلال الجلستين الصباحية والمسائية التزاماتها ومساهماتها المادية لدعم الشعب السوري للتخفيف من معاناتهم داخل البلاد وخارجها، مطالبين المجتمع الدولي بالعمل على إيجاد حل فوري وسريع للمعاناة الإنسانية في سوريا، ومتمنين نجاح أعمال المؤتمر وتحقيق الأهداف الإنسانية لتخفيف معاناة اللاجئين السوريين والعبء الكبير الذي تتحمله الدول المجاورة لسوريا، مشددين على ضرورة أن تضطلع الدول والجهات المانحة بمسؤولياتها لإغاثة اللاجئين السوريين وحشد الدعم الكافي في منظمات الأمم المتحدة لتوفير الدعم اللازم للشعب السوري وتحقيق آماله.