الأمم المتحدة تتهم الحوثيين بتعذيب المحكوم عليهم خلال الاحتجاز

لندن تندد بأحكام الإعدام... والبرلمان اليمني يعدها «قتلاً خارج القانون»

عناصر من وحدة لنزع الألغام يزيلون ألغاماً زرعتها جماعة الحوثي حول ميناء الحديدة (إ.ب.أ)
عناصر من وحدة لنزع الألغام يزيلون ألغاماً زرعتها جماعة الحوثي حول ميناء الحديدة (إ.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة تتهم الحوثيين بتعذيب المحكوم عليهم خلال الاحتجاز

عناصر من وحدة لنزع الألغام يزيلون ألغاماً زرعتها جماعة الحوثي حول ميناء الحديدة (إ.ب.أ)
عناصر من وحدة لنزع الألغام يزيلون ألغاماً زرعتها جماعة الحوثي حول ميناء الحديدة (إ.ب.أ)

دعت الأمم المتحدة جماعة الحوثيين إلى إعادة النظر في أحكام الإعدام التي أصدرتها بحق 30 ناشطاً يمنياً، الثلاثاء الماضي، عبر محكمة خاضعة للجماعة في صنعاء، وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أمس إنه «تلقى معلومات موثوقة بأن المحكوم عليهم تعرضوا للتعذيب خلال احتجازهم».
جاء ذلك غداة تنديد بريطاني بالأحكام عبرت عنه السفارة في اليمن، وبالتزامن مع مناشدة البرلمان اليمني للمبعوث الأممي مارتن غريفيث للتدخل من أجل وقف تنفيذ الإعدامات التي عدها «قتلاً خارج القانون».
وأعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن قلق بالغ إزاء فرض عقوبة الإعدام على 30 شخصاً من قبل المحكمة الجنائية المتخصصة الابتدائية التابعة للسلطات القائمة، بحكم الأمر الواقع في صنعاء باليمن.
وأوضحت المتحدثة باسم المفوضية الأممية لحقوق الإنسان رافينا شمداساني في مؤتمر صحافي عقدته في جنيف، أمس، أنه قد «حكم على الرجال الثلاثين، ومعظمهم من الأكاديميين والطلاب والسياسيين المنتسبين إلى حزب (الإصلاح)، الذي ينتقد الحوثيين بالإعدام، يوم الثلاثاء».
وذكرت للصحافيين في جنيف أن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان «تلقى معلومات موثوقة تشير إلى أن العديد من المدانين تعرضوا للاعتقال التعسفي أو غير القانوني، فضلاً عن التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة في الحجز».
وأفادت شمداساني بأنه تم إلقاء القبض عليهم على أيدي الميليشيات الحوثية في نقاط مختلفة في عام 2016. «واتُهموا في أبريل (نيسان) 2017 بالمشاركة المزعومة في جماعة مسلحة منظمة بنيّة ارتكاب أعمال إجرامية ضد الميليشيات، مثل القصف والاغتيال في صنعاء، وتوفير المعلومات للحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها.
وفيما أشار مكتب حقوق الإنسان إلى أن تلك الإدانات والأحكام سيتم استئنافها، طلب من محكمة الاستئناف الخاضعة للحوثيين أن تأخذ في الاعتبار الادعاءات الخطيرة المتعلقة بالتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، وبانتهاكات المحاكمة العادلة وحقوق المدانين.
وقالت شمداساني: «يجب رفض أي تهم ذات دوافع سياسية، والامتثال للمعايير الدولية للمحاكمات العادلة بشكل كامل»، مؤكدة أن الأمم المتحدة «تعارض استخدام عقوبة الإعدام في جميع الظروف».
وكانت سفارة المملكة المتحدة لدى اليمن دانت الأحكام الحوثية بالإعدام ضد الناشطين المعتقلين في سجون الميليشيات الحوثية، وقالت في بيان على «تويتر» إنها تعارض هذه الأحكام لأن الحوثيين ليسوا حكومة شرعية حتى يصدروا هذه الأحكام بحق سجناء سياسيين.
وكانت الحكومة اليمنية طالبت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، بالتدخل بجميع الوسائل الممكنة لوقف تنفيذ حكم الإعدام الذي أصدرته الميليشيات الحوثية ضد مجموعة من المدنيين من الناشطين والصحافيين.
واعتبرت أن ما تقوم به الميليشيات الحوثية من محاكمات صورية وإصدار أحكام إعدام ضد مواطنين أبرياء مشمولين ضمن اتفاقية تبادل الأسرى ضمن «اتفاق ستوكهولم»، يمثل قتلاً خارج نطاق القانون تقوم به مجموعات مسلحة غير شرعية، ولا تمتلك أي سلطة قانونية أو قضائية تخولها إصدار مثل هذه الأحكام.
وفي سياق بيانات التنديد والدعوة لوقف هذه الأحكام، دعت هيئة رئاسة مجلس النواب اليمني (البرلمان)، المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، إلى تحمل مسؤولياته عما تقوم به الميليشيات الحوثية من أعمال وممارسات وانتهاكات للدستور والقوانين، ومنها إصدار أحكام تقضي بإعدام 30 شخصاً من المختطفين والمعتقلين لديها دون مسوغ قانوني، وبالمخالفة للدستور وللمواثيق والأعراف الدولية، رغم كونهم ضمن كشوفات تبادل الأسرى المسلمة للأمم المتحدة وضمن «اتفاق السويد»، معتبرة هذه الانتهاكات التي تمارسها الميليشيات «جريمة لا يمكن السكوت عنها».
كما دانت الهيئة البرلمانية الدعوات التي تطلقها الجماعة الحوثية بشأن ما يُسمّى برفع الحصانة عن أعضاء مجلس النواب الذين حضروا اجتماع سيئون لغرض محاكمتهم والمطالبة بإعدامهم ومصادرة ممتلكاتهم والاستيلاء على منازلهم، واصفة ما تسعى له الميليشيات بأنه «عمل غير مشروع من جهة لا شرعية لها، وهو ما يُعدّ خطراً جسيماً وانتهاكاً واضحاً لكل الحقوق والحريات والمعاهدات والمواثيق الدولية والإنسانية بتلك الإجراءات الباطلة، التي هي بحكم العدم». وناشدت هيئة البرلمان اليمني، الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذات العلاقة، تحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية بالعمل على عدم قيام عصابة الانقلاب الحوثي بتنفيذ أحكام الإعدام الباطلة غير الشرعية بحق الناشطين الذين قالت إنهم «في حكم الأسرى وضمن قوائم تبادل الأسرى».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.