شهدت أنقرة على مدى يومين مباحثات تركية - روسية حول الملف السوري، تضمنت التطورات في إدلب، والعملية السياسية، ومسار آستانة، وتشكيل اللجنة الدستورية.
وعقد وفد روسي، ضم المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشين، مباحثات مع المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، تركزت حول الوضع في إدلب، والعملية السياسية في سوريا.
وناقش الجانبان التطورات الأخيرة في سوريا، مع التأكيد على أولوية الحفاظ على الأمن القومي التركي، وضرورة الحفاظ على اتفاقية سوتشي، الموقعة بين تركيا وروسيا في 17 سبتمبر (أيلول) 2018، بشأن إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح بين قوات النظام والمعارضة في إدلب.
وبحسب مصادر في الرئاسة التركية، تناولت المباحثات أيضاً تشكيل اللجنة الدستورية في سوريا وإعلانها، ومكافحة الإرهاب في أنحاء سوريا، والمنطقة الآمنة في شمال شرقي البلاد، المقترحة من جانب الولايات المتحدة، التي ترغب تركيا في السيطرة عليها، ومكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي، و«وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني (المحظور).
وأضافت المصادر أن الجانبين تطرقا إلى مسألة التوصل إلى حل سياسي في إطار وحدة التراب السوري، وقضايا إعادة الإعمار. كما تناولا القمة الثلاثية المرتقبة حول سوريا في إسطنبول، التي ستضم كلاً من رؤساء تركيا وإيران وروسيا، والقمة الرباعية التي تتبعها بين تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا، المقرر عقدهما في نهاية أغسطس (آب) المقبل.
وأشارت المصادر إلى أن الجانبين أكدا أهمية مواصلة التعاون، واستمرار الاتصال الفعال بين قادة البلدين حول سوريا.
كما التقى نائب وزير الخارجية التركي لشؤون الشرق الأوسط، سادات أونال، الوفد الروسي، وتم بحث الأوضاع في سوريا، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وتم التركيز على الوضع في إدلب، في ضوء تصاعد العمليات العسكرية من جانب النظام السوري، بدعم من روسيا، وضرورة ضمان حماية المدنيين والعسكريين الروس والأتراك المنتشرين هناك.
وبحسب مصادر في الخارجية التركية، تناول الجانبان، في لقائهما الذي عقد بمقر الخارجية التركية في أنقرة ليل الخميس - الجمعة، ملف التسوية السياسية للأزمة السورية، واستكمال تشكيل اللجنة الدستورية، وبدء عملها، بموجب قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
وتطرقت المباحثات إلى القمة الثلاثية التركية الروسية الإيرانية التي ستعقد في إسطنبول نهاية أغسطس المقبل، والقمة الرباعية التركية الروسية الألمانية الفرنسية التي ستعقب القمة الثلاثية. وقالت المصادر إن القمتين ستركزان على الوضع في إدلب، وانتهاكات النظام لمنطقة خفض التصعيد، وتشكيل اللجنة الدستورية، وبدء عملها.
كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد حذَّر، مؤخراً، من استمرار التصعيد العسكري في منطقة إدلب، مطالباً روسيا بضبط نظام الأسد بخصوص وقف الهجمات على المنطقة، وذلك بعد تكرار الهجمات على بعض نقاط المراقبة العسكرية التركية، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من الجنود الأتراك.
وتشنّ قوات النظام، بدعم روسي، منذ أواخر أبريل (نيسان) الماضي، حملة عسكرية على أرياف حماة وإدلب واللاذقية، جاءت عقب فشل جولة محادثات آستانة الثانية عشرة، وعدم الاتفاق بشأن تشكيل اللجنة الدستورية.
ويقول مراقبون إن تركيا كثفت من دعمها العسكري واللوجيستي للفصائل المسلحة في إدلب، بشكل غير مسبوق، بهدف وقف تقدم القوات الحكومية السورية.
وتواجه محافظة إدلب، ومناطق محاذية لها، تأوي نحو 4 ملايين نسمة، تصعيداً في القصف منذ أكثر من شهرين، يترافق مع معارك عنيفة تتركز في ريف حماة الشمالي. وعملت أنقرة خلال الأسابيع الماضية على إيجاد حلّ مع روسيا يضمن استمرار سيطرتها على المحافظة، لكن روسيا أظهرت إصراراً على أنه لا مجال للتراجع عن خطط استعادة النظام لتلك المنطقة الاستراتيجية، وطرد الجماعات الإرهابية منها، بعد مماطلة تركيا في الوفاء بالتزاماتها بإخراجهم من إدلب بموجب اتفاق سوتشي الموقع مع موسكو.
ويعتقد مراقبون أن تركيا تهدف من خلال دعم الفصائل المسلحة في إدلب إلى تحسين شروط التفاوض مع موسكو، من أجل إبقاء نفوذها في إدلب، ومنع وقوع موجة نزوح ضخمة من إدلب لا ترغب تركيا أن تراها على حدودها، بعد أن أعلنت أنها لن تتمكن من قبول أي لاجئين جدد.
بالتزامن، واصل الجيش التركي تعزيز وحداته العسكرية المنتشرة على الحدود مع سوريا، الخميس، بأرتال عسكرية ضخمة، حيث توجهت مساء أول من أمس عشرات الآليات العسكرية، بينها دبابات ومصفحات، من ولاية «كليس» إلى «شانلي أورفة»، على الحدود التركية السورية.
وأطلق الجيش التركي في الأيام الأخيرة حملة تعزيزات ضخمة لقواته على الحدود، فضلاً عن دعم نقاط المراقبة في إدلب بعناصر القوات الخاصة (كوماندوز) والآليات العسكرية.
إلى ذلك، أرسلت الأمم المتحدة 34 شاحنة مساعدات إنسانية إلى محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، دخلت من معبر «جيلفا جوزو» بولاية «هطاي»، جنوب تركيا، وسيتم توزيعها على المحتاجين في مدينة إدلب والقرى المحيطة بها.
مباحثات تركية ـ روسية في أنقرة حول إدلب و«آستانة»
مباحثات تركية ـ روسية في أنقرة حول إدلب و«آستانة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة