لجنة المال النيابية تنهي دراسة الموازنة بتخفيض العجز إلى 6.5 %

كنعان اعتبرها خطوة أولى نحو الإصلاح... وشكوك دولية في تطبيق الإجراءات

النائب إبراهيم كنعان خلال مؤتمره الصحافي (الوكالة الوطنية)
النائب إبراهيم كنعان خلال مؤتمره الصحافي (الوكالة الوطنية)
TT

لجنة المال النيابية تنهي دراسة الموازنة بتخفيض العجز إلى 6.5 %

النائب إبراهيم كنعان خلال مؤتمره الصحافي (الوكالة الوطنية)
النائب إبراهيم كنعان خلال مؤتمره الصحافي (الوكالة الوطنية)

أعلنت لجنة المال والموازنة النيابية الانتهاء من دراسة مشروع موازنة عام 2019، بعد شهر على دراسته تفصيليّاً، ويبقى التصويت عليها وإقرارها في جلسات المجلس النيابي التي حدّدها رئيسه نبيه بري، أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس المقبلة.
وأعلن رئيس اللجنة، النائب إبراهيم كنعان، أمس، عن تخفيض نسبة العجز التي كان نص عليها مشروع مجلس الوزراء بـ7.59 في المائة إلى 6.59 في المائة، مع إقراره بأن العبرة تبقى في التنفيذ من قبل الحكومة، في الوقت الذي يسود فيه الترقّب بلبنان حيال إمكانية تطبيق هذه الإجراءات نتيجة التجارب السابقة غير المشجعة، ولكونها لا تشمل أهم مكامن الهدر والفساد، وفي ظل التشكيك الدولي به.
وكان «صندوق النقد الدولي» قد رجّح أن تؤدي تدابير خفض الموازنة إلى نحو 9.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بدلاً من 7.6 في المائة، معتبرا أن المخاطر وأوجه الضعف ما زالت قائمة، وعدم تحقيق الأهداف وإحراز تقدّم في الإصلاحات قد يؤدّي إلى تآكل الثقة.
وفيما تشكّل الموازنة أهم امتحان للبنان الذي ينتظر مساعدات «مؤتمر سيدر»، اعتبر عضو لجنة المال النائب نقولا نحاس أنّ الموازنة بصيغتها التي قدمتها اللجنة هي خطوة أولى نحو الإصلاح، آملاً أن يتم إقرارها في الهيئة العامة، وتلتزم بها الحكومة، علماً بأن الأخيرة لم تعتمد التعديلات التي أدخلتها لجنة المال إلى موازنة عام 2018، وهي التي وصل عجزها إلى 11.5 في المائة.
وأتى إعلان لجنة المال عن الانتهاء من دراسة الموازنة بعدما كان البحث قد تركز في الفترة الأخيرة على عدد من البنود، وتحديداً تلك التي لاقت رفضاً اجتماعياً لها، كتلك المتعلقة برواتب العسكريين، أو بزيادة نسبة 2 في المائة على بعض البضائع المستوردة، وهي التي تحدّث عنها كنعان، أمس، لافتاً إلى أنه تم تصحيح بعضها وإيجاد بدائل لها. وفي هذا الإطار، أوضح النائب نقولا نحاس أن البند المتعلق بفرض ضريبة على رواتب العسكريين خفّض من 3 في المائة إلى 1.5 في المائة، بينما قدمت اللجنة توصيات حيال زيادة الـ2 في المائة على المنتجات المستوردة، على ألا تمس الطبقات الفقيرة والوسطى، وأن تساعد الصناعات اللبنانية، مشيراً كذلك إلى أنه «تم تخفيض أو إلغاء بعض الاعتمادات المرصودة لمؤسسات في الدولة هذا العام، وهي في معظمها مؤقتة، أي مرتبطة فقط بموازنة هذا العام»، وليست إجراءات جذرية ونهائية.
وانطلاقاً من التجارب السابقة والسياسة اللبنانية المعتمدة منذ سنوات، تشكّك الخبيرة الاقتصادية فيوليت بلعة في أرقام الموازنة، مع تأكيدها أن العبرة في التنفيذ وليست فقط على الورق، واصفةً المرحلة التي يمر بها لبنان اليوم بـ«مفترق الطريق». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «التشكيك ينطلق من عوامل عدّة، أهمها من التجارب السابقة غير المشجّعة، إضافة إلى أن هذه الإجراءات لا تعالج جذور المشكلة، والحكومة لم تعمد إلى وضع خطّة على خمس سنوات، تجاوباً مع شروط (مؤتمر سيدر)، الذي طالب لبنان بتخفيض العجز بنسبة واحد في المائة سنوياً». وترى بلعة أن «الحكومة التي تحاول القيام بمعجزة هي نفسها تضع العوائق أمامها، في موازاة الضغوط الخارجية التي تتعرض لها، وكان آخرها العقوبات الأميركية على (حزب الله)، التي لا شك أنها تشكّل إرباكاً للبنان»، متوقفة كذلك عند الخلافات الداخلية الحاصلة بين الفرقاء، التي أدَّت أخيراً إلى تعطيل الحكومة، وتنعكس سلباً على صورة لبنان.
وفي مؤتمره الصحافي الذي خصصه للحديث عن الموازنة والتعديلات التي أُجريت عليها، أكد كنعان أنه «تم الأخذ بعين الاعتبار الهمّ الاجتماعي وتخفيض النفقات بأكثر من 550 مليار ليرة (نحو 366 مليون دولار)، والتزمنا فعليّاً لا كلاميّاً بعدم شطب أي إيراد من دون تقديم إيراد بديل وصل إلى 400 مليار (نحو 266 مليار دولار)، وخفضنا نسبة العجز من 7.59 إلى 6.59 في المائة، وتبقى العبرة بالتنفيذ الذي تُسأل الحكومة عنه».
ولفت كنعان إلى تكامل بين اللجنة والحكومة، وأشار إلى أن المشروع الذي خفضت الحكومة فيه نسبة العجز إلى 97.5 في المائة كان يمسّ لأول مرة المعاشات التقاعدية، ويفرض رسوماً على مواد استهلاكية تطال جميع المواطنين، وحتى على تدخين النرجيلة.
وأوضح: «خفضت النفقات بأكثر من 550 مليار ليرة، واقترحت إحداث إيرادات إضافية من البناء المستدام أو البناء الأخضر، بما يعادل 200 مليار ليرة، كما اقترحت احتساب إيرادات سبق إقرارها بإقرار تسوية مخالفات البناء، بنحو 200 مليار ليرة، أي ما مجموعه 400 مليار ليرة، ما يؤسس إلى تخفيض نسبة العجز إلى 6.59 في المائة من الناتج المحلي». وأكد: «تبقى العبرة في التنفيذ الذي تسأل الحكومة عنه، لأنها هي التي قدرت الإيرادات التي اقترحتها، وهي المسؤولة عن التحقق والتحصيل».
وأشار كنعان كذلك إلى أن لجنة المال نفذت وعودها بما يتعلق بالتدقيق في الاعتمادات، وشطب أي نفقة مخالفة للتوظيف، ودخلت إلى كل أبواب النفقات الكبيرة الاستثمارية وسواها للصناديق والهيئات التي تدير مالاً عاماً، معلناً أن «هذه السلّة وحدها أدت إلى التخفيض بما يناهز التسعين مليار ليرة».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».