الخلاف يقسم المعارضة الموريتانية بسبب الحوار مع الحكومة

TT

الخلاف يقسم المعارضة الموريتانية بسبب الحوار مع الحكومة

قال الناشط الحقوقي والسياسي المعارض بيرام ولد الداه اعبيد، الذي حل في المرتبة الثانية خلال الانتخابات الموريتانية الأخيرة، إن «هنالك أجواء من التوتر وسط صفوف المعارضة، سببها كثير من الأخبار الكاذبة، التي يتم تداولها، بخصوص اتصالاتي مع الحكومة»، مشيراً إلى أن «أطرافاً في النظام» هي التي تقف وراء «توتير الأجواء».
وأضاف ولد اعبيد في مؤتمر صحافي، عقده أمس، بنواكشوط، أن حالة التوتر التي تشهدها العلاقات داخل المعارضة سببها «مناورات تقوم بها أطراف داخل النظام، تسعى إلى إفشال هذا الحوار، وذلك من خلال التحكم في أطراف داخل المعارضة».
وكان ناشطون معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الإعلام المحلي، قد شككوا في الاتصالات التي أجراها ولد اعبيد مع الحكومة، وقالوا إنه يسعى ربما لتحقيق «مكاسب شخصية» من وراء ظهر المعارضة، خصوصاً أنه يرغب في الترخيص لحزب سياسي يتولى رئاسته.
لكن ولد اعبيد وصف ما يتم تداوله بأنه «أخبار كاذبة»، وأضاف أمام عشرات الصحافيين داخل مقر حملته بنواكشوط: «أنا راغب في الحوار لكن بشرط أن يشمل هذا الحوار بقية المرشحين، حتى يكون حواراً حقيقياً. لم أذهب وحدي للحوار، ولم أفاوض منفرداً، وما قمت به كان شفافاً، ولم أفاوض من تحت الطاولة، وجميع المرشحين كانوا على علم بتفاصيل اتصالاتي مع الحكومة».
واستعرض ولد اعبيد أمام الصحافيين تفاصيل اتصالاته مع الحكومة، بقوله: «لقد تواصلت معي الحكومة، وهنأتني على مواقفي الداعية إلى التهدئة والحوار، وأبدت استعدادها للدخول فيه. لكنني أكدت أن الرأي الذي عبرت عنه هو الرأي نفسه الذي يتبناه بقية المرشحين، لأننا عندما درسنا الموقف أدركنا أن خيار الشارع والتصعيد لم يكن في مصلحة البلاد، بسبب المخاطر المحدقة بها، وبالتالي كان الطريق الوحيد الذي أمامنا هو الحوار مع السلطة، ولكن لن يكون هذا الحوار جدياً من دون إرادة حقيقية لدى النظام»، على حد تعبيره.
وأكد ولد اعبيد أن الحكومة أبدت استعدادها للدخول في «حوار من دون خطوط حمراء وبلا (تابوهات)»، مشيراً إلى أنه عقد اجتماعاً قبل أسبوع مع بقية مرشحي المعارضة، وأخبرهم باتصال الحكومة به، وأنه اتفق معها على أن مندوباً من الحكومة سيلتقي بهم جميعاً للتمهيد للحوار.
وعاد ولد اعبيد ليؤكد أنه في حالة لم تفِ الحكومة بوعدها، ولم تشمل لقاءاتها جميع المرشحين، فإنه سيوقف اتصالاته معها، وسينهي التمهيد للحوار، لأنه «لا يؤمن» بحوار لا تشارك فيه جميع أطراف المعارضة الموريتانية.
كما اتهم ولد اعبيد «أطرافاً في النظام» بمحاولة إفشال الحوار لأنه «حوار ستخرج منه المعارضة قوية وصلبة ومتوحدة، كما أنه سيحقق مكاسب مهمة للشعب الموريتاني، لأننا سندخله باسم الشعب»، على حد تعبيره. ودعا ولد اعبيد المعارضة إلى «اليقظة والحذر، وعدم الانجراف وراء مخططات أطراف في النظام تسعى لتأزيم الوضع في البلد».
في غضون ذلك، لا يزال مرشحو المعارضة الثلاثة: محمد ولد مولود، وسيدي محمد ولد ببكر، وكان حاميدو بابا، يلتزمون الصمت حيال هذه التطورات، في ظل أنباء تشير إلى أنهم سيعقدون خلال الأيام القليلة المقبلة لقاءات منفردة مع مندوب الحكومة، وذلك تمهيداً للحوار المرتقب.
وكانت الانتخابات الأخيرة قد أسفرت عن خريطة سياسية جديدة، وأعادت تشكيل الصفوف داخل المعارضة، إذ أصبح الناشط الحقوقي والسياسي المعارض بيرام ولد الداه اعبيد يتصدر المشهد المعارض، بعد أن حصل على نسبة 18 في المائة من الأصوات ليحتل المرتبة الثانية بعد الرئيس المنتخب محمد ولد الغزواني (52 في المائة)، فيما حل الوزير الأول الأسبق سيدي محمد ولد ببكر في المرتبة الثالثة بنسبة 17 في المائة، والنائب البرلماني السابق كان حاميدو بابا في المرتبة الرابعة بنسبة 8 في المائة.
أما حلف المعارضة التقليدية الذي دعم النائب البرلماني والمعارض التاريخي محمد ولد مولود، فقد حل في المرتبة الخامسة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.