انتعاش السيارات يدعم نمواً مفاجئاً لاقتصاد بريطانيا

أحد مصانع علامة «جاغوار» في بريطانيا (رويترز)
أحد مصانع علامة «جاغوار» في بريطانيا (رويترز)
TT

انتعاش السيارات يدعم نمواً مفاجئاً لاقتصاد بريطانيا

أحد مصانع علامة «جاغوار» في بريطانيا (رويترز)
أحد مصانع علامة «جاغوار» في بريطانيا (رويترز)

نما اقتصاد بريطانيا أعلى من المتوقع في مايو (أيار) الماضي بدعم من انتعاش إنتاج السيارات بعد توقفات مصانع تتعلق بخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، وفقاً لبيانات ستُهدئ المخاوف بشأن مدى تباطؤ الاقتصاد.
وقال «مكتب الإحصاءات الوطنية» إن الناتج الكلي نما 0.3 في المائة خلال مايو الماضي بعد أن انكمش 0.4 في المائة خلال أبريل (نيسان) الماضي، متجاوزاً جميع التوقعات في استطلاع رأي أجرته «رويترز» أشار إلى زيادة بنسبة 0.1 في المائة فقط.
وقال روب كينت سميث، الإحصائي بمكتب الإحصاءات: «عاود الاقتصاد النمو في مايو، بعد التراجع المسجل في أبريل. ويرجع ذلك في الأساس إلى التعافي الجزئي لإنتاج السيارات».
وأوقفت شركات سيارات في بريطانيا عمليات إنتاج لإجراء أعمال الصيانة الصيفية مبكراً في أبريل تفادياً لاضطراب محتمل في أعقاب الموعد النهائي الأصلي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس (آذار) الماضي، والذي تقرر تأجيله إلى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وأظهرت مسوح شركات الأسبوع الماضي أن خامس أكبر اقتصاد في العالم فقد قوة الدفع في يونيو (حزيران) الماضي، وربما انكمش في الربع الثاني من 2019. لكن البيانات الصادرة أمس تشير إلى أن الاقتصاد ربما يتجه صوب تحقيق نمو محدود في الربع الثاني.
وارتفع الناتج خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في مايو الماضي 0.3 في المائة مقارنة مع الأشهر الثلاثة السابقة، بدعم من مراجعة بالزيادة للنمو في مارس، وليتجاوز الناتج مجدداً متوسط التوقعات لنمو نسبته 0.1 في المائة.
وبالمقارنة على أساس سنوي، بلغ النمو في مايو وحده 1.5 في المائة، ليتجاوز متوسط التوقعات في الاستطلاع، والذي أشار إلى 1.3 في المائة.
وجاءت نتائج أمس لتهدئ قليلاً من القلق حول مستقبل الاقتصاد البريطاني المتذبذب في ظل عدم اليقين العنيف المتزامن مع «بريكست» لا يزال غامضاً.
وتحت وطأة هذا الغموض، أظهر مسح الثلاثاء أن مبيعات التجزئة البريطانية سجلت أبطأ وتيرة نمو لها على الإطلاق على مدار 12 شهراً؛ إذ تضغط مخاوف تتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على المستهلكين.
وقالت هيلين ديكنسون، الرئيسة التنفيذية لـ«اتحاد التجزئة البريطاني»: «بشكل عام، الصورة قاتمة: لم يُترجم رفع الأجور الحقيقية إلى إنفاق أعلى؛ إذ دفعت الضبابية الحالية حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المستهلكين إلى تأجيل مشتريات غير ضرورية».
كما انخفض مؤشر «آي إتش إس ماركت - سي آي بي إس لمديري المشتريات» في قطاع الخدمات، الأسبوع الماضي، بأكثر من التوقعات إلى 50.2 نقطة، من 51.0 نقطة في مايو الماضي. وقال «آي إتش إس ماركت - سي آي بي إس» إن مسوحاً مماثلة أجريت في قطاعي الصناعات التحويلية والبناء، كشفت عن أن هذه القطاعات سجلت انكماشاً في يونيو الماضي، مما يعني أن اقتصاد بريطانيا كله انكمش على الأرجح بنسبة 0.1 في المائة خلال الربع الثاني.
وقال «بنك إنجلترا (المركزي البريطاني)» إن الاقتصاد البريطاني قد يكون انكمش في الربع الثاني بعد نمو قوي في الربع الأول، عندما كانت الشركات تتأهب للاستعداد للانفصال عن الاتحاد الأوروبي، في موعده الأصلي 29 مارس الماضي.
كما حذرت وكالة «موديز» منذ أيام من الأثر الاقتصادي لسيناريو «بريكست من دون صفقة»، عادّةً أن المملكة المتحدة قد تدخل مرحلة ركود اقتصادي. وقالت وكالة التصنيف الائتماني في التحليل السنوي للمملكة المتحدة إن تصنيف بريطانيا «إيه إيه 2» قد يكون تحت الضغوط الهبوطية في حال كان الأثر الاقتصادي لـ«بريكست» أكثر حدة من المتوقع حالياً، مثل سيناريو عملية الخروج من دون صفقة. وكانت «موديز» قد قالت في وقت سابق، إن المملكة المتحدة قد تخاطر بالدخول في ركود اقتصادي مع «بريكست من دون اتفاق». وأوضحت أن مثل هذه النتيجة ستكون مضرة للغاية بترتيبات التجارة الحالية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، كما سيكون لها تأثير سلبي مادي على اقتصاد المملكة المتحدة، وعلى اقتصادات بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وبحسب «موديز»، فإن «بريكست من دون صفقة»، بات السيناريو الأكثر ترجيحاً بسبب ضعف أداء حزب المحافظين في الانتخابات الأوروبية، إضافة لاستقالة تيريزا ماي. وذكرت الوكالة أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى إضعاف الجنيه الإسترليني، وإثارة التضخم، والضغط على الأجور الحقيقية خلال ما بين العامين والأعوام الثلاثة التالية لـ«بريكست»؛ مما يضغط على إنفاق المستهلكين.



«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
TT

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)

يعقد «بنك اليابان» آخر اجتماع له بشأن سياسته النقدية لهذا العام الأسبوع الجاري، ليأخذ قراراً بشأن أسعار الفائدة وذلك بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي المتوقع بخفض الفائدة.

فما الذي يمكن توقعه ولماذا يعتبر قرار «بنك اليابان» بشأن الفائدة ذا أهمية خاصة؟

في مارس (آذار) الماضي، أنهى «بنك اليابان» مسار أسعار الفائدة السلبية، ثم رفع هدف الفائدة القصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز)، مشيراً إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى إذا تحركت الأجور والأسعار بما يتماشى مع التوقعات.

وثمة قناعة متزايدة داخل «بنك اليابان» بأن الظروف باتت مؤاتية لرفع الفائدة إلى 0.5 في المائة. فالاقتصاد الياباني يتوسع بشكل معتدل، والأجور في ارتفاع مستمر، والتضخم لا يزال يتجاوز هدف البنك البالغ 2 في المائة منذ أكثر من عامين.

ومع ذلك، يبدو أن صانعي السياسة في البنك ليسوا في عجلة من أمرهم لاتخاذ هذه الخطوة، نظراً لتعافي الين الذي ساهم في تخفيف الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى الشكوك المتعلقة بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي قد تؤثر على الرؤية الاقتصادية المستقبلية، وفق «رويترز».

وسيكون القرار بشأن رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) أو تأجيله إلى اجتماع آخر في 23-24 يناير (كانون الثاني) صعباً، حيث سيعتمد ذلك على مدى اقتناع أعضاء المجلس بأن اليابان ستتمكن من تحقيق هدف التضخم بشكل مستدام.

ناطحات السحاب والمباني المزدحمة في طوكيو (أ.ب)

ماذا قال صانعو السياسة في «بنك اليابان» حتى الآن؟

يحافظ صانعو السياسة في «بنك اليابان» على غموض توقيت رفع الفائدة المقبل. وفي مقابلة إعلامية حديثة، قال الحاكم كازو أويدا إن رفع الفائدة المقبل قريب، ولكنه لم يوضح بشكل قاطع ما إذا كان ذلك سيحدث في ديسمبر.

إلا أن المفاجأة جاءت من عضو مجلس الإدارة تويواكي ناكامورا، الذي أشار إلى أنه ليس ضد رفع الفائدة، لكنه شدد في المقابل على ضرورة أن يعتمد القرار على البيانات الاقتصادية المتاحة.

وبينما يركز «بنك اليابان» على رفع الفائدة بحلول مارس المقبل، تشير التصريحات غير الحاسمة إلى أن البنك يترك لنفسه حرية تحديد التوقيت المناسب لهذه الخطوة.

متى تتوقع الأسواق والمحللون رفع أسعار الفائدة التالي؟

أكثر من نصف الاقتصاديين الذين تم استطلاعهم من قبل «رويترز» الشهر الماضي يتوقعون أن يقوم «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة في ديسمبر. كما يتوقع حوالي 90 في المائة من المحللين أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة بحلول نهاية مارس 2024.

في المقابل، تقوم السوق بتسعير احتمال رفع الفائدة في ديسمبر بحوالي 30 في المائة فقط.

كيف يمكن أن تتفاعل السوق؟

سيأتي قرار «بنك اليابان» بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، الذي من المتوقع أن يقوم بتخفيض أسعار الفائدة. وقد يؤدي هذا التباين في التوجهات بين المصرفين المركزيين إلى تقلبات في قيمة الين وعوائد السندات.

ومن المحتمل أن يؤدي رفع الفائدة من قبل «بنك اليابان» إلى تعزيز قيمة الين. أما إذا قرر البنك إبقاء الفائدة كما هي، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الين، على الرغم من أن الانخفاض قد يكون محدوداً إذا قامت السوق بتسعير احتمالية رفع الفائدة في يناير بسرعة.

ما الذي يجب أن تراقبه السوق أيضاً؟

بغض النظر عن قرار «بنك اليابان» بشأن رفع الفائدة أو تثبيتها، من المتوقع أن يقدم محافظ البنك أويدا إشارات بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة ويحدد العوامل التي قد تحفز اتخاذ هذه الخطوة في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع.

وإذا قرر «بنك اليابان» الإبقاء على الفائدة ثابتة، فقد يتجنب أويدا تقديم إشارات حادة لتفادي حدوث انخفاضات غير مرغوب فيها في قيمة الين، مع توضيح العوامل الرئيسية التي سيركز عليها في تقييم توقيت رفع الفائدة.

من ناحية أخرى، إذا قرر «بنك اليابان» رفع الفائدة، قد يتبنى أويدا موقفاً متساهلاً لتطمين الأسواق بأن البنك لن يتبع سياسة رفع الفائدة بشكل آلي، بل سيتخذ قراراته بحذر بناءً على الوضع الاقتصادي.

إضافة إلى قرار الفائدة، سيصدر «بنك اليابان» تقريراً حول إيجابيات وسلبيات أدوات التيسير النقدي غير التقليدية التي استخدمها في معركته المستمرة منذ 25 عاماً ضد الانكماش، وهو ما يمثل خطوة رمزية نحو إنهاء التحفيز الضخم الذي تبناه البنك.

محافظ «بنك اليابان» في مؤتمر صحافي عقب اجتماع السياسة النقدية في أكتوبر الماضي (رويترز)

ومن المتوقع أن يستخلص هذا التقرير أن تخفيضات أسعار الفائدة تظل أداة أكثر فعالية لمكافحة الركود الاقتصادي مقارنة بالتدابير غير التقليدية مثل برنامج شراء الأصول الضخم الذي نفذه المحافظ السابق هاروهيكو كورودا.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

إذا رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن يبقى على نفس السياسة النقدية حتى أبريل (نيسان) على الأقل، عندما ينشر التوقعات الفصلية الجديدة التي تمتد حتى السنة المالية 2027 لأول مرة.

أما إذا قرر البنك الإبقاء على الفائدة ثابتة، فإن انتباه الأسواق سيتحول إلى البيانات والأحداث الهامة التي ستسبق اجتماع يناير، مثل خطاب أويدا أمام اتحاد رجال الأعمال «كيدانرين» في 25 ديسمبر، وظهور نائب المحافظ ريوزو هيمينو في 14 يناير.

ومن المرجح أن يقدم تقرير «بنك اليابان» ربع السنوي عن الاقتصادات الإقليمية، الذي سيصدر قبل اجتماع 23-24 يناير، مزيداً من الوضوح لأعضاء مجلس الإدارة بشأن ما إذا كانت زيادات الأجور قد انتشرت على نطاق واسع في أنحاء البلاد.