يمنيات يصارعن جحيم الحوثيين للبقاء على قيد الحياة

نزوح ومجاعة وغياب للرعاية الصحية في مناطق سيطرة الانقلاب

TT

يمنيات يصارعن جحيم الحوثيين للبقاء على قيد الحياة

غادرت منزلها في الحديدة (غرب اليمن) مع طفليها عزام وعواد، وكلاهما دون الخامسة من العمر، وفي أحشائها طفل ثالث يحتاج إلى عملية قيصرية ليرى النور، ولا تزال تنتظر وصول دورها لإجراء هذه العملية بمستشفى السبعين، الخاص بالأمومة والطفولة بالعاصمة صنعاء، مع أنها في الأيام الأخيرة من شهرها التاسع.
إنها أمل محمد قاسم، وهي سيدة في أوائل العقد الثالث من العمر، وجدت نفسها مجبرة على ترك منزلها الكائن بشارع الخمسين بمدينة الحديدة حيث تدور مواجهات مسلحة شبه يومية، وقد حوّل الحوثيون منزلها كما تقول إلى ثكنة لمقاتليهم، فما كان أمامها إلا النزوح صوب العاصمة صنعاء بحثاً عن الأمان وعن أمل الحصول على فرصة لإجراء عمليتها القيصرية الثالثة.
لكن هذه العملية كما تؤكد لا تزال بعيدة المنال في ظل الإقبال الكبير من النساء الحوامل على المشفى الحكومي الوحيد الذي يقدم خدمات الولادة والعمليات القيصرية برسوم مخفضة نسبياً، بالمقارنة مع المشافي الخاصة التي تشترط مبالغ ضخمة مقابل تقديم خدمات الولادة المأمونة. لقد فاقمت الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من 4 أعوام من أوضاع النساء الحوامل، ورفعت من نسبة تعرض الحوامل والمواليد لخطر الوفاة أثناء الحمل أو الولادة، ناهيك عن تزايد عدد الحوامل والمرضعات اليمنيات اللائي يعانين من سوء التغذية.
ويقول تقرير لمنظمة الأمومة والطفولة التابعة للأمم المتحدة «يونيسف» إن هناك أكثر من مليون و100 ألف امرأة حامل ومرضع في اليمن، بحاجة إلى علاج لسوء التغذية الحاد الوخيم. وتشهد المرافق الطبية العامة في اليمن تراجعاً رهيباً في مستوى تقديم خدماتها الصحية للسكان بسبب الحرب المتواصلة، وبحسب تقارير دولية مختصة فإن أكثر من نصف أعداد المرافق الصحية أغلقت أبوابها أو توقفت عن العمل، وهو ما انعكس سلباً على أوضاع المواطنين عموماً، والأطفال والنساء على وجه التحديد.
وتشير التقارير الدولية المختصة إلى أن يمنية واحدة على الأقل من أصل 260 امرأة تفارق الحياة أثناء الحمل والولادة، وأن 3 حالات من أصل 10 ولادات فقط تتم في المرافق الصحية، كما أن مولوداً من بين 37 مولوداً جديداً يموت في الشهر الأول من العمر، وأن واحدة من كل 15 فتاة مراهقة أنجبت بين عمر 15 و19 عاماً.
ويقول أطباء ومختصون إن هذه النسب شهدت في الآونة الأخيرة ارتفاعاً كبيراً في اليمن؛ حيث تساهم الحرب في مضاعفة المعاناة الإنسانية بشكل يومي، بل في كل ساعة تمر، كما تقول ليلى العوامي طبيبة النساء والأطفال بمستشفى الثورة العام في صنعاء.
السيدة أمل محمد قاسم القادمة من الحديدة قبل 3 أسابيع تقريباً، والتي تنتظر دورها لإجراء العملية القيصرية بعد أسبوعين في مستشفى السبعين بصنعاء وفقاً لما أخبرها به الأطباء هناك، تشكو إلى جانب وضعها الصحي الحرج، الذي يجعل من ولادتها الطبيعية أمراً مستحيلاً، من ظروف معيشية صعبة جداً؛ حيث غادرت برفقة أطفالها وحيدة إلى صنعاء وعانت طويلاً في البحث عن منزل للإيجار وحصلت عليه في الأطراف الشرقية للعاصمة وعلى مسافة تبعد كثيراً عن مستشفى السبعين.
وتخشى كما تقول من أي طارئ صحي، وتضيف أن زوجها يعمل سائق باص للأجرة بعدن، ويحاول جاهداً تأمين احتياجاتها المعيشية الضرورية، إلا أن ما يرسله من أموال لا تكفي أبداً لتحمل أعباء أي طوارئ صحية، وتتمنى من القائمين على مستشفى السبعين مراعاة وضعها الصحي، كونها نازحة ووحيدة في مقارعة أعباء الحياة في أرض النزوح.
واضطر نحو 3 ملايين يمني بحسب تقارير منظمات إنسانية دولية إلى ترك منازلهم هرباً من المواجهات العسكرية، ويعيشون الآن نازحين في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الأخرى الأكثر أماناً وسط ظروف إنسانية صعبة وبالغة التعقيد.
وتقول منظمة الأمم المتحدة إن أكثر من 24 مليون يمني باتوا بحاجة فعلية لمساعدات إنسانية مختلفة، وإن أكثر من 10 ملايين أي نصف عدد سكان البلد تقريباً يعانون من الجوع الشديد، ونحو 4 ملايين طفل يعانون من سوء التغذية الحاد والوخيم، فيما يعيش مئات الآلاف من اليمنيين وسط مناطق الصراع المحتدم وفي جيوب من المجاعة الكارثية، ما يشكل تهديداً وجودياً بالنسبة لهم.
أنشطة وبرامج الأمم المتحدة وتدخلاتها الإنسانية ساهمت بشكل ملموس في الحد من تلك المعاناة الإنسانية الناجمة عن الصراع، وخاصة على صعيد مواجهة المجاعة، غير أن قرار التعليق المؤقت لأنشطة برنامج الغذاء العالمي في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات مؤخراً أعاد المخاوف بقوة من انتشار المجاعة في أوساط اليمنيين، وخاصة في أوساط النساء والأطفال.
ويشير تقرير اليونيسف عن الوضع الإنساني في اليمن، الصادر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلى أن مليونين و300 ألف طفل يمني ممن هم دون سن الخامسة يحتاجون إلى علاج لسوء التغذية الحاد، وأن هناك 1.1 مليون امرأة حامل ومرضعة بحاجة إلى علاج لسوء التغذية الحاد الوخيم، وأن 19 مليوناً و700 ألف يمني يحتاجون للوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية.
وأخيراً تبقى السيدة أمل محمد، ومثلها ملايين اليمنيات، أمام تحديات كبرى للبقاء على قيد الحياة، مع أطفالهن قليلي الحيلة إزاء هذه المعضلات والمعاناة المستفحلة يوماً إثر آخر.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

السيطرة على حريق في خط بترول شمال القاهرة

حريق في خط ناقل لمنتجات البترول بمصر (محافظة القليوبية)
حريق في خط ناقل لمنتجات البترول بمصر (محافظة القليوبية)
TT

السيطرة على حريق في خط بترول شمال القاهرة

حريق في خط ناقل لمنتجات البترول بمصر (محافظة القليوبية)
حريق في خط ناقل لمنتجات البترول بمصر (محافظة القليوبية)

سيطرت قوات الحماية المدنية المصرية على حريق في خط «ناقل لمنتجات البترول»، بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة)، الثلاثاء، فيما أعلنت وزارة البترول اتخاذ إجراءات احترازية، من بينها أعمال التبريد في موقع الحريق، لمنع نشوبه مرة أخرى.

وأسفر الحريق عن وفاة شخص وإصابة 8 آخرين نُقلوا إلى مستشفى «السلام» لتلقي العلاج، حسب إفادة من محافظة القليوبية.

واندلع الحريق في خط نقل «بوتاجاز» في منطقة (مسطرد - الهايكستب) بمحافظة القليوبية، فجر الثلاثاء، إثر تعرض الخط للكسر، نتيجة اصطدام من «لودر» تابع للأهالي، كان يعمل ليلاً دون تصريح مسبق، مما تسبب في اشتعال الخط، حسب إفادة لوزارة البترول المصرية.

جهود السيطرة على الحريق (محافظة القليوبية)

وأوضحت وزارة البترول المصرية أن الخط الذي تعرض للكسر والحريق، «ناقل لمُنتَج البوتاجاز وليس الغاز الطبيعي».

وأعلنت محافظة القليوبية السيطرة على حريق خط البترول، بعد جهود من قوات الحماية المدنية وخبراء شركة أنابيب البترول، وأشارت في إفادة لها، الثلاثاء، إلى أن إجراءات التعامل مع الحريق تضمنت «إغلاق المحابس العمومية لخط البترول، وتبريد المنطقة المحيطة بالحريق، بواسطة 5 سيارات إطفاء».

وحسب بيان محافظة القليوبية، أدى الحريق إلى احتراق 4 سيارات نقل ثقيل ولودرين.

وأشارت وزارة البترول في بيانها إلى «اتخاذ إجراءات الطوارئ، للتعامل مع الحريق»، والتي شملت «عزل الخط عن صمامات التغذية، مع تصفية منتج البوتاجاز من الخط الذي تعرض للكسر، بعد استقدام وسائل مخصصة لذلك متمثِّلة في سيارة النيتروجين»، إلى جانب «الدفع بفرق ومعدات إصلاح الخط مرة أخرى».

ووفَّرت وزارة البترول المصرية مصدراً بديلاً لإمدادات البوتاجاز إلى محافظة القاهرة من خلال خط «السويس - القطامية»، وأكدت «استقرار تدفق منتجات البوتاجاز إلى مناطق التوزيع والاستهلاك في القاهرة دون ورود أي شكاوى».

وتفقد وزير البترول المصري كريم بدوي، موقع حريق خط نقل «البوتاجاز»، صباح الثلاثاء، لمتابعة إجراءات الطوارئ الخاصة بـ«عزل الخط»، وأعمال الإصلاح واحتواء آثار الحريق، إلى جانب «إجراءات توفير إمدادات منتج البوتاجاز عبر خطوط الشبكة القومية»، حسب إفادة لوزارة البترول.

تأتي الحادثة بعد ساعات من إعلان وزارة الداخلية المصرية القبض على تشكيل عصابي من 4 أفراد قاموا بسرقة مواد بترولية من خطوط أنابيب البترول، بالظهير الصحراوي شرق القاهرة. وقالت في إفادة لها مساء الاثنين، إن «إجمالي المضبوطات بلغ 3 أطنان من المواد البترولية، و25 ألف لتر سولار».