الحكومة الموريتانية تلتقي المعارضة لتنقية الأجواء السياسية

TT

الحكومة الموريتانية تلتقي المعارضة لتنقية الأجواء السياسية

بدأت الحكومة الموريتانية سلسلة لقاءات مع مرشحي المعارضة للانتخابات الرئاسية الأخيرة، في مساعٍ جديدة لتنقية الأجواء السياسية في البلاد، والخروج من الأزمة التي أعقبت إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، التي رفضت المعارضة الاعتراف بها.
وبدأت هذه اللقاءات، مساء أول من أمس (الثلاثاء)، من طرف الوزير الناطق باسم الحكومة سيدنا عالي ولد محمد خونة، الذي اجتمع بالمرشح السابق والناشط الحقوقي بيرام ولد الداه اعبيد، صاحب المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية. ومن المنتظَر أن تستمر اللقاءات خلال الأيام المقبلة لتشمل بقية مرشحي المعارضة.
وكانت المعارضة الموريتانية قد دخلت الانتخابات الرئاسية، التي نظمت في 22 من يونيو (حزيران) الماضي، بأربعة مرشحين، لمنافسة المرشح المدعوم من طرف السلطة محمد ولد الغزواني، الذي نجح في حسم السباق الرئاسي من الشوط الأول، بنسبة 52 في المائة، لكن المعارضة طعنت في النتائج، ووصفتها بأنها «مزوّرة»، داعيةً إلى فتح «حوار» للخروج من الأزمة.
وبعيد اللقاء الأول من نوعه بين الحكومة والمعارضة، قال الوزير إن اللقاء يأتي «تلبية لدعوة المعارضة إلى الحوار»، وأكد أن الهدف من اللقاء هو «تطبيع العلاقة بين معارضة تنقد وتقترح، وأغلبية حاكمة تُقرر»، قبل أن يضيف أن «لجنة فنية» من المعارضة ستعكف على صياغة نقاط ومحاور الحوار المقبل.
من جانبه، قال ولد الداه اعبيد إن اللقاء الذي جمعه بالوزير «لقاء تمهيدي للحوار»، مشيراً إلى أنه جرى في «أجواء إيجابية»، من شأنها أن تساهم في تهدئة الأجواء وتنقيتها للخروج من الأزمة، وقال إن «النظام رد بشكل إيجابي على دعوتنا لحل الأزمة عن طريق الحوار وبالطرق السلمية، ونشكره على ذلك».
وحول فحوى اللقاء، قال ولد الداه اعبيد إنه تعرض لطبيعة العلاقة التي يجب أن تكون قائمة بين المعارضة والنظام، بالإضافة إلى السبل الكفيلة بما سماه «تنقية الأجواء وتبادل الآراء لحل المشاكل العالقة، وخاصة تلك المتعلقة بالمسلسل الديمقراطي»، على حد تعبيره.
لكن ولد الداه اعبيد أكد أنهم كمعارضة يعتقدون أن تنقية الأجواء تبدأ «بإطلاق سراح جميع المعتقلين، بمن فيهم الصحافي أحمدو ولد الوديعة، وتوقيف جميع المتابعات القضائية ضد المعارضين الموجودين في الخارج»، وخلص إلى أن الطرفين (المعارضة والحكومة) اتفقا على «ضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار من أجل تبادل الآراء وحل المشاكل، وهناك استعداد من مختلف الأطراف».
في غضون ذلك، تعكف لجنة فنية من المعارضة على صياغة بنود ومحاور الحوار المقبل، إلا أن المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» تؤكد أن الحوار لن ينطلق إلا بعد تنصيب الرئيس الجديد محمد ولد الغزواني، وتشكيل حكومة جديدة، هي التي ستوكَل إليها مهمة التفاوض مع المعارضة.
وتعيش موريتانيا منذ عدة سنوات حالة من التأزيم السياسي والاستقطاب الحاد دفع المعارضة في أكثر من مرة إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية والتشريعية، كما رفضت في أكثر من مرة التفاوض مع نظام الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز الذي تتهمه بأنه «لا يفي بوعوده».
ويسعى الرئيس الجديد إلى الخروج من حالة التأزم السياسي، حيث عبّر في أكثر من مرة خلال حملته الانتخابية بأنه مستعد للتعاطي مع المعارضة والحوار معها، مشيراً إلى أن موريتانيا لم تعد تتحمل الاستمرار في وضع الأزمة السياسية.
وعلى مستوى المعارضة، يبدو واضحاً أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة أسفرت عن قيادات جديدة للمعارضة، تتمثل في الناشط الحقوقي بيرام ولد الداه اعبيد، والوزير الأول الأسبق سيدي محمد ولد ببكر، تبدو أكثر واقعية سياسية من المعارضة التقليدية، التي تراجعت كثيراً وتقلص نفوذها، وهي التي كانت توصَف بأنها «راديكالية» في مواقفها السياسية من النظام الحاكم في موريتانيا.



السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
TT

السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)

تعكف الرياض والقاهرة على وضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري»، وفق ما أعلنه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي. وهو ما عدَّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «خطوة على طريق تعميق التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية».

وقال عبد العاطي، في تصريحات متلفزة، مساء الخميس: «نعمل حالياً على وضع الهيكل التنسيقي للمجلس المصري - السعودي»، مؤكداً على «العلاقة الاستراتيجية الوطيدة، والتنسيق المستمر بين البلدين».

وكان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد شهدا في ختام مباحثاتهما بالقاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التوقيع على تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي» برئاسة الرئيس السيسي، وولى العهد السعودي.

ومنتصف الشهر الماضي، وافقت الحكومة المصرية على قرار تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي». وأوضحت الحكومة في إفادة لها، أن «المجلس يهدف إلى تكثيف التواصل وتعزيز التعاون بين مصر والمملكة العربية السعودية في مختلف المجالات التي تهم الجانبين».

وعدَّ الإعلامي السعودي، خالد المجرشي، «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري» بمثابة «خطوة تؤكد إمكانية توسيع تكامل العلاقات بين الرياض والقاهرة، في إطار سلسلة من الخطوات التي بدأت قبل نحو عقد من الزمان».

وقال إن «المجلس يأتي في إطار بناء الآلية المستقبلية لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما مع توجيهات رسمية من قادة البلدين لتشجيع الاستثمار والتبادل التجاري». واستشهد المجرشي بما سبق أن قاله وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، عن تكليفه بتشجيع الاستثمار في مصر.

ونهاية عام 2018، قال القصبي، خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات «مجلس الأعمال المصري - السعودي»، إنه «تلقى تكليفاً واضحاً من ولي العهد السعودي بأن يعد نفسه وزيراً بالحكومة المصرية سعياً لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «وجود مجلس أعلى للتنسيق بين القاهرة والرياض من شأنه تذليل أي عقبات أمام التعاون الثنائي لا سيما أنه برئاسة الرئيس السيسي وولي العهد»، موضحاً أن «المجلس خطوة لتعميق العلاقات بين السعودية ومصر في مختلف المجالات».

بدر عبد العاطي خلال استقبال الأمير فيصل بن فرحان بالقاهرة في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وأوضح عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية بالبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، أن «السعودية ومصر هما قبة الميزان في المنطقة، وتعزيز التعاون بينهما ضروري لمواجهة التحديات الإقليمية»، وَعَدَّ سعيد «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «نقطة بداية لمواجهة التحديات، وتحقيق الاستقرار الإقليمي».

وأضاف: «لا تستطيع دولة عربية واحدة مواجهة عدم الاستقرار الإقليمي»، مشيراً إلى أن «تعميق العلاقات السعودية - المصرية من خلال (مجلس التنسيق الأعلى) من شأنه حماية القاهرة والرياض من الأخطار، وأيضاً التنسيق لمواجهة ما يحيط بالمنطقة من تحديات».

وكان وزير الخارجية المصري أكد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في القاهرة، سبتمبر (أيلول) الماضي، أن «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «سيكون مظلة شاملة لمزيد من تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، والدفع لآفاق التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتنموية والاستثمارية، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووفق بيان الحكومة المصرية، الشهر الماضي، «يتألف المجلس من عدد من الوزراء والمسؤولين من البلدين في المجالات ذات الصلة»، كما «يعقد اجتماعات دورية بالتناوب في البلدين، ويحق له عقد اجتماعات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك». والمجلس «سيحل محل الاتفاق الخاص بإنشاء اللجنة العليا المصرية - السعودية المشتركة».