صب مسؤول في حزب الليكود الإسرائيلي، الذي يرأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الزيت على نار السجالات الإسرائيلية - الأميركية، التي اشتعلت بعد وصف وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعالون، وزير الخارجية الأميركي جون كيري بـ«المهووس»، ورد البيت الأبيض بوصف تلك التصريحات بـ«الجارحة وغير مقبولة». وقال المسؤول، الذي لم يكشف عن اسمه، إن «يعالون صرح بصوت عال عن أفكار نتنياهو». وأضاف المسؤول، بعد ساعات من تقديم يعالون اعتذارا رسميا لكيري في محاولة لاحتواء العاصفة أن «وزير الدفاع الإسرائيلي، قال بصوت عال ما كان يريد نتنياهو أن يقوله، وربما وصل نتنياهو إلى نهاية صبره (من جهود كيري)». وتابع: «إذا ما استمعت إلى رجال نتنياهو في المكتب، ستفهم روح ما قاله موشيه يعالون: كيري عبء علينا». وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن «تصريحات يعلون ليست الأولى من نوعها، فقد تحدث وزراء آخرون بلغة مشابهة وأكثر عنفا ضد كيري، لكنها المرة الأولى التي يصدر فيها الكلام عن مسؤول باسمه وعينه».
ونقلت يديعوت، أمس، عن وزير كبير لم تسمه، قوله: «كيري ساذج ومهووس، ويعاني من نقص حاد في فهم الواقع في المنطقة، يبحث عن جائزة نوبل ولا يهمه شيء آخر».
ويضاف ذلك إلى تصريحات سابقة لمصادر وصفت كيري بأنه «لا يظهر أي فهم لما يجري ويحمل برامج سطحية وغير جدية ومنفصل عن الواقع بكل بساطة ولا يبدي إلماما بقراءة الخرائط المعروضة عليه كما أن سلوكه يدل على هوس».
ويشير ما نشرته «يديعوت» إلى أن الأزمة بين إسرائيل والولايات المتحدة لم تنته، على الرغم من تقديم يعالون الاعتذار لكيري.
وقالت مصادر، إن «يعالون قدم اعتذاره تحت ضغط شديد وبعد عاصفة انتقادات أميركية وإسرائيلية واسعة، لكن نتنياهو لم يكلف نفسه عناء استدعائه إلى مكتبه وتوبيخه، في إشارة على أنه موافق ضمنا على التصريحات». وكتب شيمعون شيفير في «يديعوت أحرونوت» أمس: «ليس سرا أن نتنياهو يفكر بالطريقة نفسها. لكن يعلون وخلافا لنتنياهو، ليس مستعدا لأن يكون جزءا من التمثيلية حول المحادثات مع وزير الخارجية الأميركي».
وأضاف: «يعلون أراد التنديد بغياب الشفافية وهذا مهين بحق المواطنين الإسرائيليين حول سير المفاوضات مع الفلسطينيين».
وكان يعلون قدم اعتذارا رسميا لكيري وأصدر بيانا مساء أول من أمس، قال فيه إنه «لم يقصد إيذاء الوزير كيري وهو يعتذر منه إذا لحق ضرر به نتيجة الأقوال المنسوبة إليه». وأضاف أن «إسرائيل تثمن الجهود الجبارة التي يبذلها لدفع المفاوضات مع الفلسطينيين».
ولم يتراجع يعالون عن أقواله مباشرة، لكنه قال، إن «إسرائيل والولايات المتحدة شريكتان في بذل الجهود لدفع مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين قدما بقيادة وزير الخارجية كيري».
وكان يعالون هاجم كيري قائلا إنه: «مسيحاني ومتسلط، ويتصرف كالمخلص المنتظر. الشيء الوحيد الذي يمكنه إنقاذنا منه هو أن يحصل على جائزة نوبل ويتركنا وشأننا». وأضاف في وصف خطة كيري للسلام: «لا تستحق الورقة التي كتبت عليها، ليس فيها أمن ولا سلام». وأغضبت تصريحات يعالون الإدارة الأميركية بشدة ووصفت تعليقات يعلون بأنها «جارحة». وقال البيت الأبيض إن «تعليقاته غير مناسبة وغير لائقة».
واتهم جاي كارني الناطق باسم البيت الأبيض، يعالون بتعمد تشويه مقترحات كيري. وأضاف أن «الوزير كيري وفريقه يعملون على مدار الساعة ودون كلل من أجل ضمان سلام آمن لإسرائيل وذلك بسبب اهتمام الولايات المتحدة العميق والتزامها القوي بمستقبل إسرائيل وشعبها». وأضاف: «لم نتوقع أبدا من وزير دفاع دولة حليفة أن يشكك في دوافع الوزير كيري وأن يشوه مقترحاته». وقالت الخارجية الأميركية: «هذه الأقوال هي ضارة وغير مناسبة».
ورد كيري أمس بقوله إن «تصريحات يعالون لن تؤثر على جهوده في التوصل إلى سلام فلسطيني إسرائيلي». وأكد أنه لن يسمح «لسلسلة تعليقات» أن تثنيه عن هدفه «بإحراز تقدم في عملية السلام»، مشيدا بدعم نتنياهو.
ولم تقتصر تصريحات يعالون على إثارة الغضب الأميركي، لكنها أثارت الجدل في إسرائيل كذلك، إذ نأى نتنياهو والرئيس شيمعون بيريس ووزراء آخرون بأنفسهم عن تصريحات يعلون، وتجندوا في محاولة لتلطيف الأجواء مع الولايات المتحدة. وقال نتنياهو: «الولايات المتحدة هي حليفنا الأكبر، حتى وإن كان لدينا خلافات معها، تستند على أساس الوقائع الموضوعية وليس على أساس فرد من الأفراد».
وبدوره قال بيريس: إن «علاقاتنا مع الولايات المتحدة ذات قيمة استراتيجية عليا لدولة إسرائيل. إن الصداقة العميقة مع الولايات المتحدة هي مركب رئيس في أمن إسرائيل وتدفع السلام قدما في الشرق الأوسط. إن جهود كيري من أجل تحقيق السلام هي دليل على هذا الموقف الأميركي».
وعد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بأنه: «ليس صحيحا ومجديا لأي طرف من الطرفين أن يخوض جدالا صاخبا وعلنيا».
وأضاف: «هناك علاقة مميزة بين إسرائيل والولايات المتحدة، والأخيرة هي الحليف الأشجع لإسرائيل على مدى السنين، وأثبتت ذلك مرات كثيرة. ولذلك فليس صوابا ولا يساعد أيا من الطرفين بأن نثير نقاشا صاخبا وعلنيا، ولا مكان للتلاسن الشخصي حتى وإن كان هناك عدم توافق أحيانا».