اكتمال صياغة مسودة الإعلان الدستوري... وتوقيع الاتفاق غداً

«العسكري» السوداني ملتزم اتفاقه مع «الحرية والتغيير»... وعودة خدمة الإنترنت بأمر قضائي

مبعوث الاتحاد الأفريقي محمد الحسن لابات (يسار) يجلس إلى جانب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي) عقب مؤتمر صحافي لإعلان التوصل إلى اتفاق الاسبوع الماضي في الخرطوم (أ.ف.ب)
مبعوث الاتحاد الأفريقي محمد الحسن لابات (يسار) يجلس إلى جانب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي) عقب مؤتمر صحافي لإعلان التوصل إلى اتفاق الاسبوع الماضي في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

اكتمال صياغة مسودة الإعلان الدستوري... وتوقيع الاتفاق غداً

مبعوث الاتحاد الأفريقي محمد الحسن لابات (يسار) يجلس إلى جانب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي) عقب مؤتمر صحافي لإعلان التوصل إلى اتفاق الاسبوع الماضي في الخرطوم (أ.ف.ب)
مبعوث الاتحاد الأفريقي محمد الحسن لابات (يسار) يجلس إلى جانب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي) عقب مؤتمر صحافي لإعلان التوصل إلى اتفاق الاسبوع الماضي في الخرطوم (أ.ف.ب)

جدد نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني محمد حمدان (حميدتي)، التزام مجلسه بالاتفاق الموقع مع «قوى إعلان الحرية والتغيير»، في الوقت الذي أنهت فيه لجنة «صياغة مسودة الاتفاق» عملها، والتأم اجتماع «حسن نوايا» بالقصر الرئاسي، تمهيداً لتوقيع الاتفاق في غضون 24 ساعة.
وقال حميدتي في بيان صادر عن الإعلام العسكري أمس، عقب لقائه مع رئيس البرلمان العربي مشعل بن فهم السلمي ووفده، إن المجلس ملتزم ما تم الاتفاق عليه مع «قوى إعلان الحرية والتغيير»، التي تقود الثورة السودانية.
وحسب البيان، جدد السلمي تأييد ودعم البرلمان العربي للشعب السوداني، وحرصه على وحدته وسلامة أراضيه، وإسناد حقه في رفض التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية. وقال السلمي إن السودانيين قادرون على حل قضاياهم داخلياً، وإن برلمانه سيواصل جهوده الرامية لحذف اسم السودان من قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وتعهد بتوجيه رسائل مكتوبة إلى الرئيس دونالد ترمب، ورئيسي مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين.
وفي 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 ألغت الإدارة الأميركية عقوبات اقتصادية وحظراً تجارياً مفروضين على السودان منذ 1997، بيد أنها أبقت عليه ضمن لائحتها للدول الراعية للإرهاب، والتي يخضع لها منذ 1993 على خلفية استضافة نظام المعزول عمر البشير زعماء تنظيمات إسلاموية إرهابية على رأسهم زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن.
من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن اللجنة القانونية المكونة لإحكام الصياغة القانونية للإعلان الدستوري للاتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي و«قوى الحرية والتغيير» أكملت عملها، ويرجّح أن تكون قد سلمت النسخة النهائية للطرفين، بينما عقدت «قوى إعلان الحرية والتغيير» وقيادات المجلس العسكري الانتقالي اجتماعاً بالقصر الرئاسي حضره رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان.
وعقب أول اجتماع مشترك بين الجانبين، كشف المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي شمس الدين الكباشي، اكتمال صياغة الوثيقة الدستورية، بيد أنه أشار إلى حاجتهم إلى التدقيق النهائي بها، وأضاف: «وحسب اطّلاعنا عليها لا يوجد شيء مقلق»، وتابع: «الاجتماع بين رئيس المجلس ووفد (قوى إعلان الحرية والتغيير) كان الهدف منه التشاور والتفاهم على ترتيبات الاحتفال الكبير المزمع تنظيمه بتوقيع الاتفاق».
وبدوره، قال عضو وفد «قوى إعلان الحرية والتغيير» إبراهيم الأمين، إن الاتفاق بين الطرفين يمثل بداية فاصلة لانتقال الشعب السوداني من الفترة التي حدث فيها كثير من المظالم والمفاسد، إلى مرحلة تمهّد للديمقراطية وكفالة حقوق الإنسان، وتابع: «رئيس المجلس شكر قوى الحرية على تعاونهم مع اللجنة السياسية التابعة للمجلس العسكري، بالوصول إلى هذا الاتفاق».
وأوضح الأمين أن رئيس المجلس التقى أول من أمس، القوات المسلحة «الجيش» وهنأها على انحيازها إلى الشعب السوداني، وتابع: «بدورنا شكرناه على هذه الروح الطيبة، وتعاهدنا منذ اليوم على العمل بيد واحدة لإنفاذ الاتفاق، والالتفات إلى قضية معاش المواطنين واحتياجاتهم الحياتية». وقال عضو وفد «قوى إعلان الحرية والتغيير» المفاوض بابكر فيصل، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الوساطة الإثيوبية الأفريقية المشتركة أبلغتهم بانتهاء اللجنة من إحكام نصوص الاتفاق، وقطع بأن الأطراف اتفقت على ترشيح الخبير الأممي عبد الله حمدوك رئيساً لوزراء الفترة الانتقالية.
ونقل فيصل عن رئيس المجلس العسكري البرهان قوله بضرورة التعاون المشترك بين الشريكين وترجمة هذا التعاون لمصلحة الشعب السوداني، كما تقدم بالشكر للقوى التي قادت الحراك الشعبي والجهود التي قامت بها الوساطة الأفريقية والإثيوبية للوصول إلى الاتفاق. ووصف فيصل اجتماع القصر بين الطرفين بأنه «بداية مبشرة وحسن نيات من الطرفين»، وتابع: «تطرق الاجتماع إلى ترتيبات الاحتفال الذي سيقام عند التوقيع على الاتفاق رسمياً» الذي يُنتظر غداً (الخميس).
من جهة أخرى، أصدرت محكمة سودانية أمراً قضائياً بإعادة خدمة الإنترنت المقطوعة عن البلاد منذ أكثر من شهر، وسادت فرحة عميمة بين قطاعات السودانيين الذين حُرموا من التواصل مع العالم طوال الفترة الماضية.
وفور صدور قرار محكمة الخرطوم الجزئية، بناءً على دعوى مقدمة من الجمعية السودانية لحماية المستهلك وآخرين، أمس، ضد شركتي الاتصالات «إم تي إن»، و«سوداني»، بإعادة الخدمة لمشتركيها لحين الفصل في الدعوى، سارعت شركات الاتصالات السودانية الثلاث «زين السودان، و«إم تي إن»، و«سوداني» بإعادة الخدمة إلى مشتركيها.
وبعودة خدمة الإنترنت عادت الحياة لـ«الهواتف الذكية» التي ظلت ميتة في البلاد طوال أسابيع، وعاد ملايين المشتركين إلى التواصل وتبادلوا التهاني بعودة الخدمة التي وصفها البعض بأنها عودة من القرن الماضي إلى القرن الحادي والعشرين.
كانت خدمة الإنترنت قد قُطعت عن البلاد بتوجيهات من المجلس العسكري الانتقالي، عقب الأحداث الدامية التي نتجت عن فض الاعتصام في الثالث من يونيو (حزيران) الماضي، من أمام القيادة العامة، وراح ضحيتها أكثر من مائة قتيل، ومئات الجرحى والمصابين.
وبرر «العسكري» قراره بأن خدمة الإنترنت تشكل «تهديداً على الأمن القومي»، وهو ما اعتبره النشطاء محاولة لتقليل تأثير وسائط التواصل الاجتماعي في تصعيد الاحتجاجات.
وأصدرت ذات المحكمة حكماً قضائياً مشابهاً لصالح أحد المواطنين قبل أسبوعين ضد شركة «زين سودان»، بإعادة الخدمة له فوراً إلى حين الفصل في الدعوى.
واشترطت «قوى إعلان الحرية والتغيير»، «عودة الإنترنت» باعتباره أحد قرارات «إبداء حسن النية» المطلوب من المجلس العسكري تقديمها، قبل العودة للتفاوض مع «العسكري»، وذلك قبل تدخل الوساطة الإثيوأفريقية لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، ما أدى إلى توقيع الاتفاق.
كان المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري شمس الدين كباشي، قد وعد أول من أمس، بإعادة خدمة الإنترنت خلال أيام، وذلك بعد ضغوط داخلية مكثفة وتنديدات دولية وحقوقية بحرمان السودانيين من حقوقهم الأساسية في الحصول على الإنترنت.
وتسبب حجب الإنترنت عن البلاد في خسائر مالية فادحة في الاقتصاد تقدر بملايين الدولارات، وإصابة قطاعي الخدمات والاتصالات بأضرار بالغة، وتوقُّف المعاملات المالية والمصرفية في البنوك والمصارف.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.