الحريري يسعى لتجنيب الحكومة اشتباكاً يهدد الاستقرار

عون فشل في إقناع أرسلان بعدم إحالة حادثة الجبل إلى المجلس العدلي

الرئيس ميشال عون خلال استقباله مستشار الرئيس الحريري الوزير السابق غطاس خوري أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون خلال استقباله مستشار الرئيس الحريري الوزير السابق غطاس خوري أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري يسعى لتجنيب الحكومة اشتباكاً يهدد الاستقرار

الرئيس ميشال عون خلال استقباله مستشار الرئيس الحريري الوزير السابق غطاس خوري أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون خلال استقباله مستشار الرئيس الحريري الوزير السابق غطاس خوري أمس (دالاتي ونهرا)

قالت مصادر وزارية لبنانية إن إصرار البعض على ربط انعقاد مجلس الوزراء بإحالة حادثة الجبل إلى المجلس العدلي لا يلقى تجاوباً من رئيس الحكومة سعد الحريري، وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن موقفه هذا ليس دفاعاً عن رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وإنما عن الاستقرار الذي يمكن أن يقترب من حافة الانهيار ما لم يتم الالتفات فوراً إلى الوضعين الاقتصادي والمالي، بدلاً من التمادي في هدر الوقت وإضاعة الفرص بدلاً من السير على طريق الإنقاذ.
ولفتت المصادر الوزارية إلى أن الحريري مع انعقاد مجلس الوزراء في أقرب وقت على أن يُدرج على جدول أعماله الوضع الاقتصادي والمالي، خصوصاً أنه لم يعد هناك سوى أشهر قليلة للعمل لتفادي الانهيار. ورأت المصادر أن الحريري غير مرتاح للمقاربات التي ستُقحم مجلس الوزراء في اشتباك سياسي، وسألت عن الجدوى من الربط بين انعقاد مجلس الوزراء وإحالة حادثة الجبل على المجلس العدلي. واعتبرت أن من الضروري الإسراع في إنقاذ البلد مع انتهاء لجنة المال والموازنة النيابية من دراسة مشروع الموازنة لما تبقى من العام الحالي وإحالته على الهيئة العامة للتصديق عليه بعد أن يدرس مجلس الوزراء التعديلات التي أُدخلت على المشروع تمهيداً لإحالته بصيغته النهائية.
وحثت المصادر جميع الأطراف على عدم القفز فوق التحقيقات الأمنية في حادثة الجبل تمهيداً للبدء بالتحقيقات القضائية، وقالت إن هناك ضرورة لتغليب المعالجة السياسية على أي خيارات أخرى يراد منها الثأر من «التقدّمي» لاعتبارات محلية وخارجية في إشارة إلى استجابة البعض لما يخطط له النظام السوري لفرض المزيد من الحصار على جنبلاط مع أن الأخير بات في موقع يمكن أن يستعيد من خلاله زمام المبادرة.
وأثنت المصادر الوزارية على الدور الذي يتولاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري لإخراج البلد من التأزم، وسألت عن الأسباب الكامنة وراء عدم السير في اقتراحه الذي تقدّم به فور حصول حادثة الجبل، والذي يقوم على إفساح المجال أمام القضاء المختص للتحقيق في جميع الملابسات التي أدت إلى حصولها. وقالت إن بري اقترح التريث في إحالة الحادثة على المجلس العدلي إلى حين انتهاء التحقيق القضائي للتأكد ما إذا كانت تستهدف السلم الأهلي وتنم عن محاولة لاغتيال الوزير صالح الغريب أو آخرين.
وتأكد أن الرئيس بري حمل اقتراحه هذا إلى رئيس الجمهورية ميشال عون الذي استمهل إعطاء الجواب ريثما يتشاور مع رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان والوزير الغريب، لكن تبيّن أن الأخيرين يصران على موقفهما لجهة إحالة الحادثة إلى المجلس العدلي. لذلك تتعامل المصادر الوزارية مع رفض أرسلان على أنه يأتي في سياق التزامه بأمر عمليات يتجاوز من وجهة نظرها الداخل اللبناني إلى النظام السوري، وتؤكد أن هناك «غرفة عمليات» تدعم أرسلان للثبات على موقفه.
وتعتبر المصادر الوزارية أن إصرار أرسلان على موقفه بعد اجتماعه في حضور الغريب مع الرئيس عون، يعني أن الأخير لم يتمكن من إقناعه، وهذا ما يفتح الباب أمام مزيد من التأزم السياسي في ظل تأييد رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل لأرسلان، وهو يلتقي في دعمه له مع «حزب الله» في مقابل ثبات زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية على موقفه وتفضيله الوقوف على الحياد في حال تعذّر التفاهم على مخرج. وعلمت «الشرق الأوسط» أن فرنجية أبلغ موقفه هذا إلى حليفه «حزب الله» وأطراف أخرى من بينها «التقدمي» الذي يستعد وفد عنه للقاء زعيم «المردة» غداً الخميس. ويلتقي فرنجية بموقفه هذا مع الحريري الذي يسعى لتفكيك المحاولات الجارية لتعطيل الحكومة فيما البلد في حاجة إلى رفع منسوب إنتاجها.
وعليه، فإن زمام المبادرة يبقى في يد الرئيس الحريري الذي يتمتع بصلاحية دعوة مجلس الوزراء للانعقاد وإعداد جدول أعماله من دون إسقاط حق رئيس الجمهورية بدعوة المجلس للانعقاد استثنائياً كلما رأى ذلك ضرورياً بالاتفاق مع رئيس الحكومة.
ويبقى الخيار المتاح لتفعيل مجلس الوزراء في تفاهم رئيسي الجمهورية والحكومة وإلا سيدفع البلد الثمن، كي لا يصل البلد إلى حائط مسدود.



الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)

وافقت الجماعة الحوثية في اليمن على طلب أوروبي لقطْر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد تلقيها ضوءاً أخضر من إيران، وغداة إعلان تعيين طهران مندوباً جديداً لها في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء تحت اسم «سفير».

وكانت الناقلة تعرضت لسلسلة هجمات حوثية في غرب الحديدة ابتداء من يوم 21 أغسطس (آب) الحالي، ضمن هجمات الجماعة التي تزعم أنها لمناصرة الفلسطينيين في غزة، قبل أن تقوم بإشعال الحرائق على متنها، عقب إجلاء طاقمها المكون من 29 بحاراً بواسطة سفينة فرنسية.

الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

وتنذر الناقلة التي تحمل نحو مليون برميل من المواد البترولية بأسوأ كارثة بحرية في حال انفجارها وتسرب النفط منها أو غرقها، وسط مساع لقطرها لإنقاذ الموقف.

وجاء الضوء الأخضر الإيراني عبر بعثة طهران في الأمم المتحدة، الأربعاء، حيث ذكرت أن الحوثيين وافقوا على السماح لزوارق قطر وسفن إنقاذ بالوصول إلى ناقلة النفط المتضررة بالبحر الأحمر سونيون.

وأشارت البعثة الإيرانية إلى أن عدة دول «تواصلت لتطلب من أنصار الله (الحوثيين) هدنة مؤقتة لدخول زوارق القطر وسفن الإنقاذ إلى منطقة الحادث، وأن الجماعة وافقت على الطلب (مراعاة للمخاوف الإنسانية والبيئية)»، بحسب ما نقلته «رويترز».

وعقب الإعلان الإيراني، ظهر المتحدث باسم الجماعة الحوثية، محمد عبد السلام، في تغريدة على منصة «إكس»، زعم فيها أن جهات دولية عدة تواصلت مع جماعته، خصوصاً الجهات الأوروبية، وأنه تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة «سونيون».

وفي نبرة تهديد، أكد المتحدث الحوثي أن احتراق سفينة النفط «سونيون» مثال على جدية جماعته في استهداف أي سفينة تنتهك قرار الحظر القاضي بمنع عبور أي سفينة إلى موانئ إسرائيل.

وأضاف المتحدث الحوثي أن على جميع شركات الشحن البحري المرتبطة بإسرائيل أن تدرك أن سفنها ستبقى عرضة للضربات أينما يمكن أن تطولها قوات الجماعة.

مندوب إيران الجديد لدى الحوثيين في صنعاء (يسار) يسلم أوراق اعتماده لوزير خارجية الجماعة (إعلام حوثي)

وكانت وسائل إعلام الجماعة الحوثية ذكرت أن وزير خارجية حكومتها الانقلابية التي لا يعترف بها أحد، استقبل في صنعاء من وصفته بالسفير الإيراني الجديد علي محمد رمضاني، الذي قدم نسخة من أوراق اعتماده.

وسبق أن عينت طهران في 2020 القيادي في الحرس الثوري حسن إيرلو مندوباً لها لدى الجماعة الحوثية في صنعاء تحت اسم «السفير» قبل أن يلقى حتفه في نهاية 2021 في ظروف غامضة، ويتم إجلاء جثمانه إلى إيران.

كما قامت الجماعة الحوثية بتعيين ما تسميه سفيراً لليمن في طهران، حيث مكنت السلطات الإيرانية عناصر الجماعة لديها من السيطرة على المباني الدبلوماسية اليمنية في أراضيها.

لا يوجد تسرب

في أحدث بيانات أوردتها المهمة البحرية الأوروبية في البحر الأحمر (أسبيدس) ذكرت أن الأصول العاملة في المنطقة التابعة للمهمة أفادت، الأربعاء، بأنه تم اكتشاف حرائق في عدة مواقع على السطح الرئيسي للسفينة «سونيون» وأنه لا يوجد تسرب نفطي، وأن الناقلة لا تزال راسية ولا تنجرف.

وأضافت المهمة في بيان أنه «يجب على جميع السفن المارة في المنطقة أن تتحرك بأقصى درجات الحذر، حيث إن السفينة (سونيون) تشكل خطراً ملاحياً وتهديداً خطيراً وشيكاً للتلوث الإقليمي».

ولتجنب أزمة بيئية كارثية، قالت «أسبيدس»: «إن القوات البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي، تقوم بالتنسيق مع السلطات الأوروبية، بتقييم الوضع وهي على استعداد لتسهيل أي مسارات عمل». وأضافت أن «التخفيف الناجح سوف يتطلب التنسيق الوثيق والمشاركة الفعالة من جانب الدول الإقليمية».

ومع المخاوف من كارثة بيئية كبرى، كان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، كشف عن أن الهجوم الذي تعرّضت له «سونيون» هو التاسع من نوعه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ضد ناقلات النفط في البحر الأحمر، مشيراً إلى أنها تحمل 150 ألف طن من النفط الخام.

وقال الإرياني إن الحوثيين استهدفوا الناقلة بسلسلة من الهجمات، ما أدّى لجنوحها وتعطّل محركاتها، وإجلاء طاقمها، وتركها عرضةً للغرق أو الانفجار على بُعد 85 ميلاً بحرياً من محافظة الحديدة، واصفاً ذلك بأنه «إرهاب ممنهج يُنذر بكارثة بيئية واقتصادية وإنسانية غير مسبوقة».

دخان يتصاعد من جراء حرائق على متن ناقلة نفط يونانية تعرضت لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر (رويترز)

يشار إلى أن الحوثيين تبنّوا مهاجمة نحو 182 سفينة منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر الماضي، وأدّت الهجمات إلى إصابة نحو 32 سفينة، غرقت منها اثنتان، البريطانية، «روبيمار» واليونانية «توتور»، كما قرصنت السفينة «غالاكسي ليدر» وحوّلتها إلى مزار لأتباعها.

وتنفّذ واشنطن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي ضربات دفاعية استباقية لحماية السفن من الهجمات الحوثية ضمن ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»، وأقرّت الجماعة بتلقّيها أكثر من 600 غارة شاركت فيها بريطانيا 4 مرات.

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تدّعي تنفيذ هجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران بالمنطقة.