«تفاهمات سورية» أميركية ـ روسية لإضعاف إيران ومحاربة الإرهاب

واشنطن استأنفت قصف متطرفين في ريف إدلب

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما على هامش «قمة العشرين» في اليابان نهاية الشهر الماضي (أب)
الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما على هامش «قمة العشرين» في اليابان نهاية الشهر الماضي (أب)
TT

«تفاهمات سورية» أميركية ـ روسية لإضعاف إيران ومحاربة الإرهاب

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما على هامش «قمة العشرين» في اليابان نهاية الشهر الماضي (أب)
الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما على هامش «قمة العشرين» في اليابان نهاية الشهر الماضي (أب)

أسفرت المفاوضات بين واشنطن وموسكو عن «تفاهمات سورية» تسمح للجيش الأميركي بتوجيه «ضربات جراحية» في شمال غربي سوريا تستهدف متطرفين قريبين من تنظيم «القاعدة» يشكلون «خطراً على الأمن القومي الأميركي»، بالتزامن مع قيام روسيا بـ«خطوات صامتة» لتحجيم نفوذ إيران في المؤسسات العسكرية والأمنية السورية.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قدم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي منتصف مايو (أيار) الماضي بحضور المبعوث الأميركي جيمس جيفري، مسؤول الملف السوري في الإدارة الأميركية، خطة من 8 نقاط، هي: العمل لتنفيذ القرار «2254»، والتعاون في ملف محاربة الإرهاب و«داعش»، وإضعاف النفوذ الإيراني، والتخلص من أسلحة الدمار الشامل، وتوفير المساعدات الإنسانية، ودعم الدول المجاورة، وتوفير شروط عودة اللاجئين، إضافة إلى إقرار مبدأ المحاسبة عن الجرائم المرتكبة.
روسيا استمعت بإيجابية إلى الخطة الأميركية، لكن الخلاف كان حول تسلسل تنفيذها. بعد ذلك، جرت مفاوضات سياسية وأمنية شملت الاجتماع الثلاثي في القدس الغربية بين رؤساء مجالس الأمن القومي الأميركي والروسي والإسرائيلي، إضافة إلى محادثات جيفري مع نظرائه في الخارجية الروسية. كما قام المبعوث الأميركي بجولة شملت عواصم بينها باريس وبروكسل وبغداد.
بحسب المعلومات المتوفرة لـ«الشرق الأوسط»، حدد جيفري «النجاح الأميركي» في سوريا بتحقيق مجموعة أهداف شملت وقف النظام «عمليات القمع» ووقف تهديداته للدول المجاورة، وعدم وجود تهديد بالأسلحة الكيماوية، وعودة اللاجئين، ومغادرة إيران، ومحاربة الإرهاب، ووقف تهديدات «داعش». وأبلغ المسؤول الأميركي محاوريه بأن واشنطن «تدرك تعقيدات البيئة» التي يعمل فيها بوتين في سوريا وهي «تريد مساعدته»؛ رغم صعوبة معرفة ما يريده بوتين بالضبط، وعراقيل داخل الإدارة الأميركية بسبب اتهامات بتدخل روسي في انتخابات عام 2016.
وكان لافتاً أن الجانب الروسي سمع مطالب أميركا (وإسرائيل) بانسحاب إيران العسكري من سوريا وخروج جميع القوات وعودة الوضع إلى ما كان عليه قبل 2011، لكن في الوقت نفسه حرص المسؤولون الروس على إرسال «رسائل طمأنة» لإيران ونفي حدوث «صفقات على حسابها»، إضافة إلى ربط مسؤولين روس «خروج إيران بخروج القوات الأميركية من سوريا وتفكيك قاعدة التنف».
ولوحظ أن إسرائيل شنت غارات «على مواقع إيران في سوريا هي الأعنف منذ مايو (أيار) الماضي» بعد أيام على الاجتماع الثلاثي في القدس الغربية، حيث إن روسيا لم تشغل منظومة صواريخ «إس300» التي نشرتها في سوريا، واكتفت بحملة إعلامية ضد الغارات على عكس صمت سياسي وإعلامي بعد غارات سابقة. تزامن ذلك مع قيام الرئيس بشار الأسد بتغييرات جذرية في قيادة أجهزة الأمن الأربعة.
التقدم في خط واشنطن - موسكو تناول الملف الثاني المتعلق بمحاربة الإرهاب. وأولى «ثمرات» ذلك كانت استهداف الجيش الأميركي اجتماعاً لقياديين من تنظيم مرتبط بـ«القاعدة» بداية الشهر الحالي، في ضربة هي الأولى للولايات المتحدة في هذه المنطقة منذ أكثر من عامين.
وأعلنت القيادة المركزية الأميركية شنّ غارة ضد «قيادة تنظيم (القاعدة) في سوريا استهدفت منشأة تدريب قرب محافظة حلب» شمالاً. واستهدفت العملية، وفق البيان، «عناصر من تنظيم (القاعدة) في سوريا مسؤولين عن التخطيط لهجمات خارجية تهدد مواطنين أميركيين وشركاءنا ومدنيين أبرياء». وأعلن تنظيم «حراس الدين» استهداف «المعهد الشرعي» التابع له في ريف حلب الغربي ما أسفر عن مقتل «ثلة من الإخوة المجاهدين».
وتشكل منطقة شمال غربي سوريا وفق بيان القوات الأميركية «ملجأً آمناً ينشط فيه قياديون من تنظيم (القاعدة) في سوريا لتنسيق أنشطة إرهابية والتخطيط لاعتداءات في المنطقة وفي الغرب».
وإذ أخذت واشنطن على موسكو عدم استهدافها المكثف للمتطرفين المرتبطين بـ«القاعدة» شمال سوريا، شن الجيش الأميركي سلسلة عمليات في إدلب في بداية 2017. وفي مارس (آذار) 2017، قتل 46 شخصاً في قصف استهدف شمال سوريا. وأعلنت واشنطن حينها أنها نفذت غارة ضد تجمع لتنظيم «القاعدة»، يقع على بعد أمتار قليلة من مسجد. وفي نهاية فبراير (شباط) عام 2017 قتل الرجل الثاني في صفوف «القاعدة» أبو هاني المصري بغارة أميركية.
لكن منذ مارس 2017، لم تعلن واشنطن عن أي ضربة ضد متطرفين في إدلب، وتوقف القصف. وقالت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط» وقتذاك إن التوقف حدث بطلب روسي وبسبب خلاف داخل إدارة الرئيس دونالد ترمب حول ذلك. وفي مايو 2017، جرى التوصل إلى تفاهم بين الجيشين الأميركي والروسي لـ«منع الاحتكاك» حدد شرق الفرات (إضافة إلى قاعدة التنف ومنبج غرب الفرات) منطقة نفوذ برياً وجوياً لأميركا وحلفائها، ومناطق غرب الفرات براً وجواً منطقة نفوذ لروسيا وحلفائها وتفاهماتها (مع تركيا في مناطق «درع الفرات» و«غضن الزيتون» وإدلب مثلاً).
وأكدت مصادر أن الغارة الجديدة بداية الشهر جاءت في إطار تفاهم تم التوصل إليه، حيث شعرت الولايات المتحدة بضرورة قصف هؤلاء المقاتلين. والتقى بوتين وترمب على هامش «قمة العشرين» في أوساكا اليابانية الأسبوع الماضي. لكن لم يطرح الملف السوري إلا من زاوية التصعيد الإيراني والتوتر التركي.
في موازاة ذلك، تواصل موسكو وأنقرة العمل لتنفيذ اتفاق «خفض التصعيد» في إدلب عبر تجنب هجوم شامل من قوات الحكومة على الشمال السوري، وعزل المتطرفين بإجراءات متفاهم عليها. كما تواصل أنقرة وواشنطن التفاوض على إقامة «منطقة أمنية» بين جرابلس وفش خابور شمال شرقي سوريا في محاذاة الحدود السورية - التركية. ولا يزال الخلاف الأميركي - التركي قائماً على عمق «المنطقة الأمنية» ودور الجيش التركي ومصير «وحدات حماية الشعب» الكردية، حليفة واشنطن في «قوات سوريا الديمقراطية».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.