تعهد بإعداد «خريطة طريق» في المحادثات الأفغانية

التفاؤل الذي حملته نتائج مؤتمر الدوحة بين «طالبان» والشخصيات الأفغانية، لم ينعكس بشكل كلّي على الأرض في أفغانستان، فقد تواصلت العمليات المسلحة من قِبل الحكومة و«طالبان»، رغم قلة زخمها، منذرةً باستمرار الأعمال العسكرية بين الطرفين إلى أجل غير محدود.
ورغم ذلك لاقى حوار السلام، الذي عُقد في قطر، ردود فعل إيجابية في أفغانستان. وكانت ألمانيا وقطر قد استضافتا الحوار بشكل مشترك في الدوحة، وشارك فيه أكثر من 60 شخصية بينهم ممثلون لـ«طالبان» وممثلون لقطاع واسع من المجتمع الأفغاني وصلوا إلى الدوحة قادمين من كابل. ومحادثات الدوحة هي ثالث لقاء من هذا النوع بين «طالبان» وسياسيين أفغان عقب اجتماعين مماثلين عُقدا في موسكو في مايو (أيار) وفبراير (شباط) الماضيين.
كان المشاركون في جلسات الحوار من الجانبين قد أعربوا عن تفاؤلهم بعد انتهاء أول مؤتمر للحوار الأفغاني بهذا الشكل. وقال المجتمعون في الدوحة إنهم اتفقوا على خريطة طريق للسلام في أفغانستان تؤكد حماية كرامة الشعب الأفغاني، وضمان أمن المنشآت العامة، واحترام حقوق النساء، وتجنيب المدنيين في العمليات العسكرية، والإفراج غير المشروط عن الأسرى والمعتقلين من الجانبين خصوصاً المرضى وكبار السن، وضمان عدم انزلاق الأطراف الأفغانية إلى الحرب الأهلية مجدداً، وتجنب التهديدات والانتقام. وأعلن مكتب الرئيس التنفيذي لأفغانستان عبد الله عبد الله، أنه يرى أن الحوار «خطوة إيجابية» نحو السلام. وأضاف متحدث باسم المكتب أن هناك آمالاً أن تؤدي المحادثات إلى مناقشات مباشرة بين الحكومة الأفغانية و«طالبان».
وقال متحدث باسم المجلس الأعلى الأفغاني للسلام إنه «متفائل بشكل عام» إزاء الجهود الراهنة من أجل السلام. وقال المتحدث أسد الله زئيري، إن الخطوة هي «تطور كبير»، ومن الممكن أن تكون «بداية للسلام في أفغانستان». كما وصف يوسف ساها المتحدث باسم الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، محادثات الدوحة بـ«الواعدة». ولم يصدر القصر الرئاسي الأفغاني بعد بياناً لتوضيح رد فعله. واستأنف الوفد الأميركي في الدوحة برئاسة المبعوث الخاص لأفغانستان زلماي خليل زاد، ووفد من المكتب السياسي لحركة «طالبان»، جلسة المفاوضات السابعة التي توقفت يومين لتمكين وفد «طالبان» من حضور المؤتمر الأفغاني للسلام في الدوحة. وجاء الحوار الأفغاني وسط توقف اجتماعات تُعقد بين مسؤولين من الولايات المتحدة ومن «طالبان» منذ منتصف العام الماضي، أملاً في إيجاد حل سياسي للحرب المستمرة في أفغانستان منذ نحو 18 عاماً. وكانت الجولة الأخيرة من تلك المحادثات قد عُقدت في مايو (أيار) الماضي. وقالت واشنطن إنها تسعى للتوصل إلى اتفاق لبدء سحب الجنود قبل سبتمبر (أيلول)، موعد الانتخابات الأفغانية.
وحسب البيان الختامي الصادر عن الاجتماع فإنّ المشاركين تعهدوا بـ«ضمان حقوق المرأة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والثقافية، وفقاً للإطار الإسلامي للقيم الإسلامية». وقالت المديرة التنفيذية لـ«شبكة النساء الأفغانيات» ماري أكرمي، لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ «هذا ليس اتفاقاً، إنّه أساس لبدء النقاش». وأضافت: «الجيّد في هذا أنّ الطرفين اتفقا».
ويقع البيان الختامي في 700 كلمة وقد قرأه بلغة البشتون أمير خان متّقي الذي كان وزيراً في نظام «طالبان» السابق (1996 - 2001)، وبلغة الداري حبيبة سرابي، نائبة رئيس المجلس الأعلى للسلام في أفغانستان، الذي أنشأه الرئيس السابق حميد كرزاي. وصدر البيان قرابة الساعة التاسعة مساءً بتوقيت غرينتش وقد قوبل بتصفيق حارّ من المشاركين. وكان المبعوث الألماني إلى أفغانستان ماركوس بوتزل، الذي شاركت بلاده مع قطر في تنظيم اجتماع الدوحة، قد قال بُعيد اختتام الاجتماع إنّ أهمّ ما ورد في البيان الختامي هو «النداء والوعد بالحدّ من العنف في أفغانستان». ومثّلت محادثات الدوحة محاولة جديدة لتحقيق اختراق سياسي، بينما تسعى الولايات المتحدة لإبرام اتفاق مع «طالبان» في غضون ثلاثة أشهر لإنهاء 18 عاماً من الحرب.