جلسة الحكومة مؤجلة بانتظار نتائج اتصالات عون والحريري

وزير الدفاع يدعو أرسلان إلى تليين موقفه

TT

جلسة الحكومة مؤجلة بانتظار نتائج اتصالات عون والحريري

اتفق رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري على عدم عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع لإفساح المجال لمعالجة التداعيات السلبية التي تركتها حادثة الجبل التي أدت إلى مقتل اثنين من مرافقي الوزير صالح الغريب، واستكمال إلقاء القبض على المشتبه بهم.
ويرتكز جوهر الاتصالات التي تكثفت أمس وشملت رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، إلى استكمال تسليم المطلوبين من «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«الحزب الديمقراطي اللبناني» اللذين شملتهما اللقاءات.
وقالت مصادر مواكبة لهذه الاتصالات لـ«الشرق الأوسط»، إن الأجواء تؤشر إلى حلحلة يعمل عليها الرئيسان عون والحريري ومسؤولون آخرون سياسيون وأمنيون.
ولوحظ أن الرئيس سعد الحريري تريث في زيارة عون، لكنه أوفد مستشاره السياسي الوزير السابق غطاس خوري ليطّلع من رئيس الجمهورية ميشال عون على حقيقة موقف رئيس «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان. وما جعل الحريري يتريث في الاجتماع مع الرئيس عون هو أن يتولى الأخير إقناع أرسلان بعدم إحالة حادثة الجبل إلى المجلس العدلي في أول جلسة لمجلس الوزراء؛ لأن الحريري يعارضها وهو كما موقف الرئيس عون مع إجراء التحقيقات مع جميع المشتبه بهم من مطلقي النار إلى كل من ساهم في أعمال شغب، ليتم تحديد الجهة القضائية التي سيحال إليها الملف، سواء القضاء العادي أو المجلس العدلي، وهذا ما أفهمه رئيس الجمهورية للنائب أرسلان.
أما موقف وزير الدفاع الوطني إلياس بو صعب من السرايا أمس الذي أكد فيه أن وزراء «التيار» سيحضرون جلسة مجلس الوزراء إذا دعي إلى الانعقاد، فقد رأت فيه المصادر موقفاً إيجابياً. وفسّر متابعون للاتصالات التي تضاعفت أمس أن موقف بو صعب هو رسالة مباشرة لأرسلان بأنه يجب أن يبدّل موقفه وفقاً لما سمعه من الرئيس عون، أي تليين موقفه من موضوع إحالة الحادثة إلى المجلس العدلي، وانتظار التحقيقات لمعرفة ما إذا كان مرتكبو الجريمة قد كمنوا للوزير صالح الغريب ومرافقيه عن سابق تصور وتصميم ما سيؤدي إلى الإحالة، أم نتيجة التطور الميداني الذي كان سائداً في المنطقة. وبعد نحو 24 ساعة من زيارة أرسلان والغريب إلى القصر الرئاسي أوفد الرئيس عون المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، للقاء أرسلان، وذلك بعد مغادرة خوري للقصر، في إطار المساعي الجارية لانعقاد مجلس الوزراء والمطالبة بتسليم عدد من مرافقي الغريب للتحقيق معهم.
وخلا البيان الرسمي الذي صدر عن المكتب الإعلامي الرئاسي من أي إشارة إلى موضوع تعطيل الحكومة، بل أشار فقط إلى أن البحث كان عبارة عن جولة أفق تناولت التطورات الراهنة والمستجدات السياسية. من جهته، اكتفى الوزير السابق غطاس خوري بالقول: إنه «نقل إلى الرئيس عون رسالة شفهية من الرئيس الحريري تناولت المستجدات الأخيرة، ولا سيما تداعيات الأحداث التي وقعت في منطقة قبرشمون قبل أسبوعين». وأوضح أن «المشاورات مستمرة للوصول إلى نتائج إيجابية».
وفي موازاة هذا الحراك، عاد أرسلان يوم أمس وجدّد تمسكه بالإحالة إلى المجلس العدلي، مذكراً بالحوادث التي أحيلت سابقاً إلى المجلس العدلي.
في المقابل، أكد رئيس «الحزب الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط الذي يجد في الممارسات الأخيرة محاولات لتطويقه، أن «مصلحة البلاد فوق كل اعتبار»، وقال «إن الحزب (الاشتراكي) ليس من رواد الفضاء كالبعض الذي يريد تعويم نفسه بأي ثمن. لذلك؛ يضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار وهو منفتح على جميع المسارات ومطمئن ومرتاح، لكنه يطالب بالحد الأدنى من احترام العقول والكف عن المزايدات الهزيلة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.