الوفد المصري في الضفة نهاية الأسبوع بعد لقاء {حماس} ونتنياهو

خلاف بين الحركة والسلطة وإسرائيل حول مستشفى ضخم شمال غزة

TT

الوفد المصري في الضفة نهاية الأسبوع بعد لقاء {حماس} ونتنياهو

قال مسؤول في حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن الوفد الأمني المصري يصل إلى رام الله وغزة نهاية الأسبوع الحالي لبحث ملف المصالحة المجمد.
وأكد ماجد الفتياني أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، أن الوفد المصري الذي يصل لرام الله سيحمل خلال زيارته آلية لتطبيق ما تم الاتفاق عليه عام 2017، وجدولا زمنيا للتطبيق، وخاصة أن اتفاق 2017 حظي بإجماع من الفصائل الفلسطينية كافة.
وربط الفتياني نجاح المساعي المصرية بجدية حركة حماس في تطبيق ما تم الاتفاق عليه عام 2017 وفق جدول زمني، خاصة أن «الجانب المصري يدرك أن العقدة في تطبيق اتفاق المصالحة موجودة لدى حركة حماس». وأضاف: «ما زالت هناك جهود تبذل مع حركة حماس للعودة للمصالحة الفلسطينية وتطبيق اتفاق عام 2017».
وجاءت تصريحات الفتياني في وقت التقى فيه القيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق في القاهرة، مسؤولين مصريين، فيما التقى الوفد الأمني المصري مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في تل أبيب، السبت.
ويعمل المصريون على دفع اتفاق المصالحة الداخلية بين فتح وحماس إلى جانب اتفاق هدنة بين إسرائيل وحماس.
ويوجد خلاف بين فتح وحماس حول إنهاء الانقسام. وتريد فتح تسلم كل الوزارات والهيئات في قطاع غزة بما في ذلك المعابر، وترفض حماس ذلك باعتبارها شريكا. وتتمسك فتح باتفاق 2017 لأنه يقضي بتسليم حماس قطاع غزة فوراً، لكن حماس ترفض وتريد اتفاق 2011 لأنه يقضي بتشكيل حكومة وحدة، مهمتها إجراء انتخابات بعد عدة أشهر.
كما يوجد خلاف بين حماس وإسرائيل، بشأن اتفاق التهدئة. وقال تلفزيون i24NEWS، الإسرائيلي، إنه بناء على لقاء نتنياهو الوفد المصري قبل يومين، أجل الوفد المصري زيارته لرام الله وغزة كما كان متوقعا، كنوع من الضغط على حركة حماس، للقبول بالمقترح الذي أرسله الوفد المصري لقيادة الحركة.
وترفض حماس القبول بالمقترح المتعلق، بحجة أنه «غير مرضٍ». ويدور الخلاف حول الأموال التي تحولها قطر إلى قطاع غزة، إذ تريد حماس رفع المبلغ وأن يشمل موظفيها، لكن إسرائيل ترفض ذلك وتريد أن يحول إلى مشاريع بنى تحتية.
ودب خلاف جديد أمس بين السلطة وحماس وإسرائيل حول تفاهمات إقامة المشاريع في القطاع، بما في ذلك التخطيط لبناء مستشفى ميداني ضخم يشمل 16 قسما صحيا، في منطقة قريبة من حاجز بيت حانون شمال قطاع غزة الخاضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.
وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية، إن فريقاً طبيا دوليا سيشرف على المستشفى، الذي سيتم تمويله من قبل منظمة أميركية، مشيرة إلى «أنه سيضمن تحسنا كبيرا للمرضى في غزة، خاصة مرضى السرطان».
وقالت الحكومة الفلسطينية إنها لا تعارض المشروع، لكن بشرط أن يتم ذلك بالتنسيق معها. وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، أمس: «لم ينسق معنا أحد بخصوص المستشفى المنوي إقامته بتمويل من مؤسسة أميركية خاصة، وبموافقة إسرائيلية على الحدود الشمالية لقطاع غزة، ولا نعلم ماهية هذه المؤسسة ومن تتبع، لكن الحكومة على استعداد للجلوس وبحث المشروع».
وأضاف أن «وزيرة الصحة جاهزة لنقاش كل التفاصيل الخاصة بإقامة مستشفى كهذا، وماذا سيقدم ومن سيستفيد منه وكيف سيعمل؛ ليكون عند تشغيله متكاملا مع الجهاز الصحي الفلسطيني». وشدد اشتية على أن أي نشاط في قطاع غزة «يجب أن يخدم المصلحة الفلسطينية ويخدم أهلنا، ويسهّل حياتهم في ظل الوضع المتفاقم هناك».
وعقبت وزيرة الصحة مي الكيلة، على المشروع قائلة، إن المستشفى الميداني المزمع إنشاؤه على الحدود الشمالية لقطاع غزة من قبل الجانب الأميركي وإسرائيل، يأتي في إطار «صفقة القرن». وأضافت أن «إقامة هذا المستشفى تمت خارج منظومة العمل الوطني والعمل الحكومي، ولم يجرِ التنسيق مع وزارة الصحة مطلقا بهذا الخصوص».
وكان بيان مجلس الوزراء الفلسطيني أكد عقب الاجتماع الحكومي الأسبوعي، الاثنين، أن المستشفى «الذي تسعى إسرائيل وأميركا لإقامته على الحدود الشمالية لقطاع غزة، إنما يأتي في إطار المحاولات المستمرة لتكريس الفصل مع الضفة الغربية تحت ذرائع إنسانية»، وردت حركة حماس بإدانة موقف الحكومة.
وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم، في بيان، إن «محاولات حكومة اشتية التشويش على إقامة المستشفى لحل الأزمة الصحية المتفاقمة التي صنعها الاحتلال الإسرائيلي، تأتي في إطار المحاولات المستمرة للتضييق على أهلنا في غزة، ومفاقمة أزماتهم وضرب مقومات وعوامل صمودهم».
وأضاف أن «السياسة المشينة لحكومة اشتية، تكشف زيف حديثه حول حرصه على غزة ومساعدة أهلها، وتؤكد تخليه عن مسؤولياتها تجاه غزة وأهلها المحاصرين».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.