الرئيس التونسي يتجه لحسم الجدل حول تعديل قانون الانتخابات

مرشح للرئاسيات يصف قرار منعه من السفر بـ«حملة مسعورة» ضد حزبه

TT

الرئيس التونسي يتجه لحسم الجدل حول تعديل قانون الانتخابات

من المتوقع أن يحسم الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي الجدل القائم بشأن تعديلات أقرها البرلمان على قانون الانتخاب، تتيح استبعاد مرشحين بارزين من الاستحقاقين النيابي والرئاسي المقررين نهاية العام، بحسب ما أفاد به مصدر قريب من الملف لوكالة الصحافة الفرنسية أمس.
وفي حين تستعد تونس نهاية العام لاستحقاقين انتخابيين كبيرين، أقر مجلس النواب في يونيو (حزيران) تعديلات على قانون الانتخاب أثارت جدلاً، إذ تفرض شروطاً جديدة على المرشحين، من بينها عدم توزيع مساعدات مباشرة على المواطنين، وعدم الاستفادة من «الدعاية السياسية»، وهي خطوة من شأنها استبعاد مرشحين كبار، على غرار سيدة الأعمال ألفة التراس رامبورغ، وقطب الإعلام نبيل القروي مؤسس قناة نسمة، الذي بنى شعبيته من خلال حملات خيرية تلفزيونية، والملاحق بتهمة تبييض الأموال.
وقد عارض نحو 50 نائباً التعديلات، معتبرين أنه يستحيل تعديل عملية انتخابية جارية، وقدموا طعناً أمام «الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين». لكن الهيئة رفضت الطعن، وأبلغت الرئيس بقرارها، بحسب ما أعلن كاتبها العام (أمينها العام) حيدر بن عمر لوكالة الصحافة الفرنسية.
وكانت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين قد أفادت بأن رئيس الحكومة طلب من الهيئة استعجال النظر في الطعن المقدم من قبل 51 نائباً من الكتل النيابية، الرافضة لتعديل القانون الانتخابي، مؤكدة أنها فتحت المجال لحق الرد على هذا الطعن، إما من قبل رئيس الجمهورية، أو من رئيس الحكومة، أو من أعضاء البرلمان، لمدة 3 أيام منذ تلقيها الطعن.
ولدى الرئيس مهلة 5 أيام لرد الطعن، وإعادة التعديلات إلى البرلمان، وإلا سيتوجب عليه في غضون 9 أيام أن يصادق على رد الطعن، وتوقيع القانون الانتخابي بنسخته المعدلة.
وتمارس الهيئة المؤقتة صلاحيات المحكمة الدستورية لعدم اتفاق الأحزاب الكبرى على تشكيلتها منذ ثورة عام 2011.
وبعد سنوات من المماطلة، سيعقد البرلمان جلسة عامة هذا الأسبوع للتصويت على إنشاء المحكمة الدستورية. ومن المقرر إجراء الانتخابات التشريعية في 6 من أكتوبر (تشرين الأول)، على أن تليها في 17 من نوفمبر (تشرين الثاني) الانتخابات الرئاسية.
وتعرض الرئيس التونسي في 27 من يونيو (حزيران) الماضي لوعكة صحية أبقته في المستشفى حتى الأول من يوليو (تموز) الجاري. وأعلن السبسي (البالغ 92 عاماً) عدم ترشحه لولاية ثانية.
وعلى صعيد متصل، وصف نبيل القروي، الذي أعلن ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية في تونس، قرار السلطات القضائية أول من أمس منع سفره وتجميد أمواله بـ«الحملة المسعورة» ضد حزبه قبل الانتخابات.
وأعلنت النيابة العامة في تونس، مساء أول من أمس، عن قرارها منع سفر القروي، وتجميد أمواله، في إجراء احترازي ضمن التحقيق في قضية فساد مالي. ويشمل القرار الذي أصدرته النيابة العامة بالقطب (الجهاز) القضائي الاقتصادي والمالي أيضاً غازي القروي، شقيق نبيل القروي مالك «قناة نسمة» الخاصة، ويتضمن تجميد أملاكهما وأرصدتهما البنكية.
وتلاحق الأخوين تهم غسل أموال وتهرب ضريبي، لكن حزب «قلب تونس»، الذي يرأسه القروي، رد بالقول إن هذه العملية هي «إلهاء للرأي العام الدولي والوطني»، بعد الأحداث الإرهابية التي شهدتها تونس قبل أيام، ومرض الرئيس.
وأضاف الحزب، في بيان إلى الرأي العام: «هذه الحملة المسعورة كانت متوقعة منذ مدة، باعتبارها جزءاً من خطة كاملة للمس من سمعة السيد نبيل القروي شخصياً، والتضييق على شقيقه غازي القروي، وأفراد عائلته، والسعي إلى عرقلة حزب (قلب تونس)».
وكانت منظمة «أنا يقظ» قد تقدمت بدعوى قضائية منذ 2014 ضد نبيل القروي، وشقيقه غازي، للاشتباه بتورطهما في عمليات غسل أموال عبر شركات يملكونها في الخارج. ونقلت وكالة الأنباء التونسية، أمس، أن القطب القضائي وجه إنابات (إخطارات) قضائية دولية إلى السلطات القضائية في دول المغرب والجزائر ولكسمبورج للتحري بخصوص أنشطة الأخوين القروي، والشركات التي يساهمون فيها ويديرونها، والتقصي بخصوص أملاكهما العقارية والمنقولة خارج التراب التونسي. كما أفادت بمخاطبة قاضي التحقيق للبنك المركزي لبيان كيفية تحويل أموال الأخوين إلى الخارج.
وكان نبيل القروي قد أعلن في مايو (أيار) الماضي قراره الترشح في الانتخابات الرئاسية لهذا العام. كما كشف عن حزبه الجديد (قلب تونس) الذي سيشارك في الانتخابات التشريعية. وقد تصدر القروي نوايا التصويت للانتخابات التشريعية والرئاسية على مدار الأشهر الأخيرة، لكن فرصه في الترشح للرئاسية باتت مهددة، بعد أن صادق البرلمان قبل نحو شهر على تعديل لقانون الانتخابات.



تصعيد الحوثيين في الجبهات يتصدّر مخاوف المبعوث الأممي

جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بتطورات الأزمة في اليمن (أ.ف.ب)
جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بتطورات الأزمة في اليمن (أ.ف.ب)
TT

تصعيد الحوثيين في الجبهات يتصدّر مخاوف المبعوث الأممي

جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بتطورات الأزمة في اليمن (أ.ف.ب)
جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بتطورات الأزمة في اليمن (أ.ف.ب)

تصدّرت المخاوف من عودة القتال باليمن في ظل تصعيد الحوثيين بالجبهات واستمرارهم في التعبئة العسكرية والاعتقالات وتهريب الأسلحة، الإحاطة الأحدث لمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، إذ أكد أن اليمن بات عند «نقطة تحول حاسمة».

وكانت الجماعة المدعومة من إيران التي باتت مصنّفة «منظمة إرهابية أجنبية» من قِبل واشنطن، كثّفت في الأسابيع الماضية من تصعيدها العسكري ضد القوات الحكومية لا سيما في جبهات محافظة مأرب وتعز والضالع، بالتوازي مع التعزيز بحشود جديدة من المجنّدين إلى خطوط التماس.

وعبّر غروندبرغ عن أسفه لجهة هذا التصعيد، وقال: «للأسف، لا تزال العمليات العسكرية مستمرة في اليمن، مع ورود تقارير تفيد بتحريك تعزيزات ومعدات نحو خطوط المواجهة، بالإضافة إلى القصف والهجمات بالطائرات المسيّرة ومحاولات التسلل التي يقوم بها الحوثيون في عدة جبهات، بما في ذلك أبين، والضالع، ولحج، ومأرب، وصعدة، وشبوة، وتعز».

ودعا المبعوث الأممي جميع الأطراف اليمنية إلى تجنّب أي تحركات عسكرية وتصعيدية من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من التوتر وتزج بالبلاد مجدداً في دائرة النزاع. وأشار إلى أن مكتبه يواصل اتصالاته المنتظمة مع الأطراف؛ لحثهم على خفض التصعيد واتخاذ تدابير لبناء الثقة من خلال لجنة التنسيق العسكري.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

وفي تلميح إلى مساعي الجماعة الحوثية لتحقيق مكاسب ميدانية، قال غروندبرغ إنه يدرك «أن البعض يعتقد أن العودة إلى العمليات العسكرية واسعة النطاق قد تحقّق لهم مكاسب»، مؤكداً بوضوح أن «هذا سيكون خطأ كارثياً على اليمن، وسيهدّد استقرار المنطقة بأكملها»، وفق تعبيره.

وشدد المبعوث الأممي على المسؤولية المشتركة للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية التي قال إنها تتحمّل مسؤولية مشتركة في دعم المساعي الدبلوماسية، والتهدئة، وتعزيز الحوار الشامل.

تذكير بالاعتقالات

بالإضافة إلى المخاوف من العودة إلى القتال في اليمن والإشارة إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، احتلت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين محوراً مهماً من إحاطة غروندبرغ، خصوصاً بعد وفاة أحدهم في معتقل حوثي.

وأوضح المبعوث الأممي إلى اليمن لمجلس الأمن أنه من بين التطورات المقلقة للغاية موجة الاعتقالات التعسفية الرابعة التي نفّذها الحوثيون الشهر الماضي واستهدفت موظفي الأمم المتحدة.

وقال إن هذه الاعتقالات ليست فقط انتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية، بل تمثّل أيضاً تهديداً مباشراً لقدرة الأمم المتحدة على تقديم المساعدات الإنسانية إلى ملايين المحتاجين. والأمر الأكثر استنكاراً وإدانة هو وفاة زميلنا في برنامج الأغذية العالمي في أثناء احتجازه لدى الحوثيين.

الحوثيون يواصلون التعبئة ويكثّفون خروقاتهم للتهدئة لا سيما في جبهات مأرب (إ.ب.أ)

ومع تأكيد إجراء تحقيق عاجل وشفاف وشامل في وفاة الموظف ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، طالب غروندبرغ بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة، والعاملون في المنظمات غير الحكومية، وأفراد المجتمع المدني، وأعضاء البعثات الدبلوماسية.

وبينما أبدى المبعوث قلقه من تبعات تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية أجنبية من قِبل واشنطن، على العمل الأممي في مناطق سيطرة الجماعة، قال إنه ينتظر مزيداً من الوضوح بشأن هذا الأمر.

واعترف المبعوث أن «اليمن عند نقطة تحول حاسمة»، وأن الخيارات التي سيتمّ اتخاذها اليوم ستحدد مستقبله، لكنه أبدى تفاؤله بأن الحل المستدام للنزاع لا يزال ممكناً، داعياً الأطراف إلى الالتزام بالعمل بجدية وحسن نية، واتخاذ الإجراءات الضرورية لترجمة التزاماتها إلى واقع ملموس.

شحنتان من إيران

إلى جانب التصعيد الحوثي على الجبهات وتهديد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بالعودة إلى مهاجمة السفن في البحر الأحمر والانخراط العسكري في الصراع المرتبط بغزة، زادت الجماعة من عمليات التحشيد وتهريب الأسلحة ومهاجمة القوات الحكومية في مأرب.

وفي جديد شحنات الأسلحة المهرّبة، أفاد الإعلام العسكري التابع لقوات «المقاومة الوطنية» التي يقودها طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، بتوقيف شحنتين قادمتين من إيران، وتوقيف البحارّة الذين يضمون 9 إيرانيين و3 باكستانيين بالإضافة إلى بحارة يمنيين.

وذكرت المصادر أن قوات خفر السواحل في قطاع البحر الأحمر ضبطت بالتنسيق مع شعبة الاستخبارات العامة في «المقاومة الوطنية»، شحنة أسلحة نوعية قادمة من إيران إلى الحوثيين عبر ميناء جيبوتي كانت متجهة إلى ميناء الصليف بمحافظة الحديدة.

وحسب المعلومات الرسمية، كان على متن القارب خمسة بحارّة يمنيين مرتبطين بالقيادي الحوثي حسن العطاس، وتضم الشحنة التي أوقفت في جنوب البحر الأحمر معدات عسكرية نوعية، منها أجسام صواريخ مجنحة ومحركات نفاثة تُستخدم في الصواريخ المجنحة والطائرات المسيّرة الانتحارية.

كما تحتوي الشحنة على طائرات مسيّرة استطلاعية، ورادارات بحرية حديثة، ومنظومة تشويش حديثة، ومنظومة اتصالات لاسلكية حديثة.

وجاء إعلان هذه الشحنة بعد يوم من إعلان ضبط قوات البحرية، التابعة لـ«المقاومة الوطنية»، 9 إيرانيين و4 باكستانيين قادمين من ميناء تشابهار في إيران إلى ميناء الصليف في الحديدة، حيث كانوا على متن قارب يحمل شحنة أسمدة مجانية للحوثيين.

وحسب ما أورده الإعلام العسكري التابع لقوات «المقاومة الوطنية»، يعتمد «الحرس الثوري» الإيراني على أساليب وطرق متنوعة لتمويل الجماعة الحوثية؛ إذ يقدّم إليها سِلعاً؛ مثل: السماد والمشتقات النفطية والمخدرات، لتبيعها وتستفيد من ثمنها.

وبثّت قوات «المقاومة الوطنية» التي ترابط على الساحل الجنوبي الغربي لليمن، اعترافات مصوّرة للبحارة، اشتملت على تفاصيل تهريب الشحنتين.