تركيا توسّع الاعتقالات في صفوف الجيش مع اقتراب ذكرى المحاولة الانقلابية

تركيا توسّع الاعتقالات في صفوف الجيش مع اقتراب ذكرى المحاولة الانقلابية
TT

تركيا توسّع الاعتقالات في صفوف الجيش مع اقتراب ذكرى المحاولة الانقلابية

تركيا توسّع الاعتقالات في صفوف الجيش مع اقتراب ذكرى المحاولة الانقلابية

صعّدت السلطات التركية من حملات الاعتقالات التي تستهدف العسكريين مع اقتراب الذكرى الثالثة لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016 والتي اتهمت «حركة الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة منذ عام 1999 بالوقوف وراءها.
وأصدر مكتب المدعي العام لمدينة إسطنبول أمس (الثلاثاء) مذكرات اعتقال بحق 176 من العسكريين للاشتباه في صلات تربطهم بـ«حركة غولن»؛ من بينهم ضابط برتبة عقيد، واثنان برتبة مقدم، و5 برتبة رائد، و7 برتبة ملازم أول، و100 برتبة ملازم، في عملية تشمل القوات البرية والبحرية والجوية.
وتعد هذه الحملة الثالثة في أوساط الجيش على مدى أقل من أسبوعين؛ حيث أمر الادعاء العام في تركيا الأسبوع قبل الماضي بتوقيف 220 من العسكريين برتب مختلفة، والأسبوع الماضي بتوقيف 63 آخرين، للاشتباه في وجود صلات تربطهم بحركة غولن، التي صنفتها الحكومة «منظمة إرهابية مسلحة» عقب محاولة الانقلاب. وتتهم تركيا الداعية فتح الله غولن، وهو حليف وثيق سابق للرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، بأنه العقل المدبر لمحاولة الانقلاب الفاشلة، بينما ينفي غولن، الذي اختار ولاية بنسلفانيا الأميركية منفىً اختيارياً له منذ 1999، أي صلة له بهذه المحاولة.
وأسفرت الحملات الأمنية المستمرة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة عن خضوع 402 ألف شخص لتحقيقات جنائية، وسجن نحو 80 ألفاً، بينهم 319 صحافياً، وإغلاق 189 مؤسسة إعلامية، وفصل 175 ألفاً من وظائفهم، ومصادرة 3003 جامعات ومدارس خاصة ومساكن طلابية، بالإضافة إلى وفاة نحو 100 شخص في ظروف مشبوهة، أو تحت التعذيب، أو بسبب المرض جراء ظروف السجون السيئة، وفرار عشرات الآلاف من المواطنين إلى خارج البلاد، وفق التقارير الأخيرة التي نشرتها المنظمات الحقوقية الدولية.
وانتقد حلفاء تركيا في الغرب ومنظمات لحقوق الإنسان، فضلاً عن المعارضة التركية، حجم الحملة الأمنية، وقالوا إن الرئيس رجب طيب إردوغان يتخذ من محاولة الانقلاب ذريعة لسحق المعارضة. وتقول الحكومة إن الإجراءات الأمنية، التي تسميها «حملة التطهير»، ضرورية نظراً لجسامة الخطر المحدق بتركيا، وتعهدت بالقضاء على عناصر حركة غولن في جميع المؤسسات.
في سياق مواز، أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا بانتهاك حرية التعبير للزعيم الكردي المعارض صلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشارك السابق لـ«حزب الشعوب الديمقراطي»؛ (مؤيد للأكراد)، بسبب إدانته جنائياً على خلفية وجهة نظره في مقابلة تلفزيونية.
وقالت المحكمة في حيثيات قرار أصدرته أمس، بناء على شكوى دميرطاش بهذا الشأن، إنه «بعد التحقق من تصريحات تلفزيونية للزعيم المؤيد للقضية الكردية صلاح الدين دميرطاش في 2005، رأت أنه لا يمكن النظر للتصريحات بمجموعها على أنها تتضمن دعوة لاستخدام العنف، أو دعوة للمقاومة المسلحة أو التمرد، ولا يمكن اعتبارها خطاباً محرضاً على الكراهية». واعتقلت السلطات التركية دميرطاش، وسجن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، لاتهامه بقيادة «منظمة إرهابية»، ومن المقرر أن تبدأ محاكمته الثلاثاء المقبل. وتطالب المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان منذ نوفمبر العام الماضي بإطلاق سراح دميرطاش، بسبب انتهاك حقوقه القانونية وإبقائه رهن الحبس الاحتياطي لمدة تتجاوز المسموح به قانوناً، لكن دون جدوى. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، أمرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا بإطلاق سراح دميرطاش «في أسرع وقت ممكن»، عادّةً أن توقيفه يندرج في سياق «الهدف غير المعلن بخنق التعددية في تركيا».
ورفض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان القرار الصادر عن المحكمة الأوروبية، عادّاً أنه «غير ملزم لتركيا».
ويتهم «حزب الشعوب الديمقراطي»، ثالث أكبر الأحزاب التركية في البرلمان، بأنه الواجهة السياسية لـ«حزب العمال الكردستاني»؛ (المحظور). ونظرت المحكمة الأوروبية، أمس، في شكوى أخرى من دميرطاش تتعلق بتهم تعود إلى عام 2010، مرتبطة بتصريحات له عبر الهاتف في برنامج تلفزيوني، بصفته «رئيساً لجمعية حقوق الإنسان ومتحدثاً باسم المنتدى الديمقراطي في ديار بكر» في ذلك الوقت؛ حيث دعا يومها «السلطات والرأي العام إلى الأخذ في الاعتبار الدور الذي يمكن لعبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في تركيا مدى الحياة، أن يلعبه في التوصل لحل سلمي للمسألة الكردية، وكذلك إلى تحسين شروط سجنه». وأدين دميرطاش بعد تلك التصريحات «بالدعاية لصالح منظمة إرهابية»، ويصل مجموع الأحكام في قضايا تتهم السلطات دميرطاش بها إلى السجن 143 عاماً.
وقررت المحكمة الأوروبية بالإجماع أن «الإجراءات الجنائية ضد المشتكي (دميرطاش)، بتهم الدعاية لصالح منظمة إرهابية، لم تستجب لحاجة اجتماعية ملحة، ولم تكن متناسبة مع الأهداف القضائية المستهدفة؛ ولم تكن، بالتالي، ضرورية في مجتمع ديمقراطي». وأدينت تركيا بدفع تعويضات بـ2500 يورو عن الضرر المعنوي للمعارض الكردي، وألف يورو رسوماً قانونية.
والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، هي الجهاز القضائي لـ«مجلس أوروبا»، وتركيا عضو فيه، ومقرها ستراسبورغ. ولا يمكن أن يلجأ إليها أي مواطن إلا بعد استنفاد كل السبل القضائية الأخرى في بلاده.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.