«الغفتون» المصرية تفتح الأبواب رافعة شعار السياحة المستدامة

لا تبعد عن الغردقة وتعد مركزاً لمحبي السياحة البيئية في البحر الأحمر

زيارة الجزيرة فرصة لتجديد الطاقة والتأمل
زيارة الجزيرة فرصة لتجديد الطاقة والتأمل
TT

«الغفتون» المصرية تفتح الأبواب رافعة شعار السياحة المستدامة

زيارة الجزيرة فرصة لتجديد الطاقة والتأمل
زيارة الجزيرة فرصة لتجديد الطاقة والتأمل

جزيرة ساحرة وملهمة بلا حدود، حسب رأي كل من زارها وقضى فيها ولو ساعات. أما بالنسبة إلى العارفين فإنها أول محمية طبيعية في البحر الأحمر، والجزيرة الوحيدة المسموح بالنزول فيها والتجول بين أرجائها وطبيعتها البكر. إنها جزيرة الغفتون الواقعة (شرق مدينة الغردقة) بالبحر الأحمر، والتي أصبحت مؤخراً وجهة عالمية، بعد أن اجتذبت عدداً من المشاهير، من بينهم لاعب الكرة المصري محمد صلاح، الذي زارها على يخت سياحي سريع في أثناء استجمامه بالغردقة.
وعموماً فإنه عندما تُذكر هذه الجزيرة فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو الابتعاد عن الازدحام والصخب، والتمتع بالسباحة والغوص إضافة إلى الاستمتاع بمشاهدة محميات طبيعية وشعاب مرجانية فريدة ورقصات تقوم بها مجموعات الدلافين البحرية عندما تظهر على السطح بين الفينة والأخرى. كل هذا يجعلها مناسبة للأطفال وكل أفراد العائلة. ولا يختلف اثنان على أن طبيعتها المتوحشة تزيدها ثراءً وسحراً. فالجزيرة حسبما يشرح الباحث البيئي نور الدين أكرم، انفصلت «بفعل عمليات التصدع إلى جزأين: جزيرة الغفتون الكبرى، ومساحتها 18 كيلومتراً مربعاً تمتد في شكل طولي على مسافة نحو 11 كيلومتراً من ساحل الغردقة فيما يبلغ طول سواحلها 344 كيلومتراً. وجزيرة الغفتون الصغرى وتبلغ مساحتها 3 كيلومترات مربعة وتقع إلى الجنوب الشرقي من الجزيرة الكبيرة، ويبلغ طول سواحلها 8 كيلومترات وتعد من أقرب الجزر إلى شاطئ الغردقة».
وعموماً تعد الجزيرة بجُزأيها من الأماكن التي تحتوي على أنظمة بيئية حساسة جداً، خصوصاً الشعاب المرجانية فضلاً عن كائنات حية نادرة، إذ يسكنها مثلا نحو 50% من طيور النورس في العالم، وأنواع أخرى من الطيور والزواحف والأسماك الملونة والدلافين. يقول نور الدين: «هنا ستشاهد بعض الطيور المهددة بالانقراض مثل العقاب النسارية، والنوارس ذات العيون البيضاء (العجمة) كما ستشاهد هنا مناظر لا تُنسى مثل أماكن (تعشيش) السلاحف، بما فيها السلحفاة (صقرية المنقار)».
أما بالنسبة إلى عشاق الرياضات المائية والمياه الزرقاء النقية فإن الغفتون، حسب قول الخبير السياحي روماني سلامة، ملاذ ومطلب، مشدداً على أهمية وضعها في البرنامج لدى زيارة الغردقة خصوصاً أنها لا تبعد عنها كثيراً.
وتستغرق الرحلة بالقارب من الغردقة إلى الغفتون مدة 30 - 45 دقيقة حسب أحوال الطقس. عند الوصول، أول ما ستراه العين شواطئ رملية ومياهاً صافية تدعو للقيام بالعديد من الأنشطة المائية حتى إذا لم تكن لديك أي تجربة غطس سابقة. فعلى متن يخوت مجهزة بكل الوسائل الترفيهية ستحصل على أعلى مستوى من الخدمة على يد غطاسين محترفين يقدمون للسياح شرحاً مبسطاً عن مبادئ الغوص، والمعدات الخاصة به، بما في ذلك توفير بدلة حسب مقاسك. الأهم أنهم سيرافقونك وأسرتك في أثناء الغطس، ولن يتركوك لحظة واحدة.
غنيٌّ عن القول إن الحياة البحرية الغنية بالشعاب المرجانية ستبهرك، إذ ستبدو لك كأنها غابة من الألوان تتراقص حولها مجموعات متنوعة من الأسماك، مثل نابليون الراس.
الوجهة التالية للرحلة هي جزيرة الغفتون الكبيرة، وتعرف أيضاً باسم «بيغ غفتون». محطة أخرى يتوقف عندها اليخت لنحو ساعة للغوص أو الغطس. ويؤكد الغطاسون أن الغوص فيها أكثر متعة لأن رهبة «الغطسة الأولى تكون قد تبددت» حسب قولهم.
لكن من الخطأ القول إن المتعة هنا تقتصر على الغطس أو أخذ حمامات شمسية، فالجزيرة أيضاً واحة لشحذ الطاقة وإعادة ترتيب الأوراق بعيداً عن الضغوط الحياتية، كونها بعيدة ومنعزلة. وحسب الخبراء فإن يوماً واحداً فيها يفي بالغرض، لما تُوفره من راحة وهدوء ومناظر رائعة.
لكن تذكر أنك إذا قررت التوجه إلى الغفتون، وركبت أحد القوارب البحرية المتوفرة للزائرين من مرافئ القرى السياحية، حيث تبدأ الرحلات في الثامنة صباحاً، وتنتهي عند الرابعة مساءً، أنك أصبحت واحداً من بين نصف مليون زائر سنوي يمثلون 32% من ممارسي الأنشطة البحرية بمدينة الغردقة، والأهم من هذا أنه أصبح لزاماً عليك «الالتزام بقواعد الزيارة، التي ترفع شعار (لا تأخذ شيئاً معك ولا تترك شيئاً خلفك)»، وهو شعار كما يوضح نور الدين تحدده عدد من المحظورات التي يجب التقيد بها في الجزيرة حفاظاً على مواردها وثرواتها الطبيعية والبيئية.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».