مجلس النواب الليبي يعتبر السراج «رهينة للميليشيات»

استمرت المواجهات، أمس (الاثنين)، بين قوات «الجيش الوطني» وقوات حكومة «الوفاق» جنوب العاصمة الليبية طرابلس، في وقت شنّ عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب في شرق ليبيا، هجوماً على رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» فائز السراج، معتبراً أن الأخير «لا يمتلك من أمره شيئاً»، وأنه «رهينة الميليشيات المسلحة».
ووزع المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي تصريحاً له أمس، رد فيه على إعلان السراج «مبادرة لحل الأزمة السياسية في ليبيا». وقال عقيلة صالح في بيانه: «إذا كان بإمكان فائز السراج الاعتراف بوجود إرهابيين ومتطرفين في صفوف الميليشيات المسلحة، وأن يوقف هيمنة هذه الميليشيات على مصرف ليبيا المركزي ومؤسسات الدولة السيادية في العاصمة، وأن يدين ما تقترفه من أعمال نهب للمال العام وابتزاز المؤسسات والمسؤولين في طرابلس (...)، وأن يقرّ بعمليات الجيش الوطني في محاربة الإرهاب والتطرف في غرب البلاد، وأن يستطيع تنحية أمراء الميليشيات المسلحة المسيطرين على طرابلس، وإذا استطاع إدانة التدخل التركي والقطري... فإذا ما امتلك فائز السراج الشجاعة لذلك، وقتها بإمكانه أن يقدم حلولاً لليبيا وشعبها».
وتابع: «ليس هناك دولة ما دامت هذه الميليشيات موجودة، والدولة والميليشيات المسلحة ضدان، والجيش الوطني هو حامي الدستور والقانون وسيادة الدولة».
وكان السراج اعتبر أول من أمس الهجوم الذي يشنّه الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر على العاصمة طرابلس «محاولة انقلاب تستهدف إعادة البلاد إلى الحكم العسكري الشمولي»، لافتاً إلى مقتل نحو ألف شخص في المعارك الدائرة منذ أبريل (نيسان) الماضي.
وطالب السراج، في كلمة وجهها مساء أول من أمس، خلال اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي في النيجر، الاتحاد الأفريقي بإدانة القصف الجوي الذي تعرض له أخيراً مركز إيواء للمهاجرين في طرابلس، كما طالب بإرسال لجنة تحقيق لكشف حقيقة ما حصل. وأضاف: «مدركون جيداً بأن لا حل عسكرياً للصراع في ليبيا، وأنه لا يوجد رابح من الصراع، بل هناك خاسر واحد هو ليبيا»، موضحاً أن حكومته تعوّل على ما أسماه بالدور المهم للاتحاد الأفريقي في الشأن الليبي، داعياً إلى دعم مبادرته لـ«الحل السياسي السلمي»، ومساعدة الشعب الليبي على المضي قُدماً على طريق الأمن والاستقرار والسلام.
واتهم السراج دولاً لم يسمّها، بمنح «المعتدي»، في إشارة إلى قائد الجيش الوطني، مختلف أنواع الأسلحة وتوفير دعم سياسي ومالي له.
ميدانياً، قالت عملية «بركان الغضب» التي تشنها قوات موالية لحكومة السراج إن مقاتليها في المنطقة الوسطى المتمركزة في المحور الجنوبي لطرابلس، اعتقلوا 9 عناصر من الكتيبة 106 التابعة للجيش الوطني كانوا في طريقهم إلى ترهونة مروراً بوديان بني وليد، مشيرة إلى أنها نجحت في قطع «أهم خطوط الجيش» في الشويرف - القريات، من الشرق إلى الغرب. وادعت أيضاً أن قواتها عزّزت سيطرتها في محاور طريق الخلاطات والأحياء البرية والكازيرما، واستهدفت تمركزات لقوات الجيش الوطني، ودمّرت له أربع آليات، بينها راجمة صواريخ.
وكانت قوات الجيش الوطني أعلنت أول من أمس تصديها لهجوم شنّته قوات موالية لحكومة السراج في منطقة الأحياء البرية في محور طريق المطار جنوب طرابلس، والذي يعتبر أحد سبعة محاور تشهد عمليات عسكرية بين الطرفين. ولفت الناطق باسم الجيش الوطني اللواء أحمد المسماري إلى أن «الروح الانهزامية أصبحت ظاهرة على الميليشيات الموجودة حالياً في طرابلس»، مؤكداً أن «المعركة الآن ضد دول وعواصم ومخابرات أجنبية داعمة للإرهاب في ليبيا».
وقال للصحافيين مساء أول من أمس إنه «لم يتبق للعدو إلا الطائرات من دون طيار بعد القضاء على سلاحه الجوي»، لافتاً إلى أن قوات الجيش منتشرة في كل المناطق، وأصبحت مسيطرة على ما يقرب من 95 في المائة من الأراضي الليبية، مؤكداً تدمير غرف التحكم الرئيسية للطائرات من دون طيار في طرابلس.
وأشار إلى رصد هوائيات الاتصالات العسكرية فوق بعض الأماكن في طرابلس، محذراً من أن تلك الهوائيات ستكون هدفاً لقوات الجيش.
إلى ذلك، أعلن مطار معيتيقة الدولي إعادة فتح المجال الجوي للمطار الوحيد الذي يعمل في طرابلس، بعد ساعات من إغلاقه بعد سقوط قذائف عليه. وأعلنت سلطات المطار إصابة 3 موظفين من شركة الخطوط الجوية الأفريقية جراء هذه القذائف، بينما قال المدير العام للمطار لطفي الطبيب، إن سقوط قذائف عشوائية داخل المطار خلّفت إصابتَين في صفوف الطاقم الفنّي التابع لإحدى الشركات المحلية.
ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية: «تمّ استئناف الملاحة الجوية بمطار معيتيقة الدولي، بعدما تعرّض أحد المواقع داخله لسقوط قذائف عشوائية». وأضاف: «نتيجة الواقعة، أُصيب اثنان من الطاقم الفنّي (مهندسان) يعملان في شركة الخطوط الأفريقية إصابة طفيفة».
ولم تتبنّ أي جهة رسمية مسؤوليتها عما حدث، لكن قوات حكومة السراج وجهت كالعادة الاتهام إلى قوات الجيش الوطني.
وأُغلق المطار مراراً، خصوصاً بسبب تعرّضه بين حين وآخر لقصف جوي شنّه الجيش الوطني الذي يتهم حكومة السراج باستخدامه «لأغراض عسكرية»، فضلاً عن اتهامات أخرى بإقلاع طائرات من دون طيار تركية من مدرجه، علماً بأن قوات الجيش أعلنت الأسبوع الماضي «تدمير غرفة العمليّات الرئيسيّة للطيران التركي المسير» بعد غارة جوية استهدفت المطار.
وفي شرق البلاد، أعلن عبد الله الثني، رئيس الحكومة المؤقتة الموالية للبرلمان والجيش الوطني، بدء انتخابات المجالس البلدية في البلديات كافة التي تخضع لسيطرة الحكومة غير المعترف بها دولياً. وقال الثني، إن العملية الانتخابية ستتم في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، بعدما أكد انتهاء كل التجهيزات لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة. وطالب المواطنين باختيار أفضل المرشحين لتسيير أمورهم المعيشية، لافتاً إلى أن حكومته اضطرت نتيجة للظروف الراهنة إلى تكليف العمداء بتسيير البلديات حتى هذا الاستحقاق.