سياسة إيطاليا لمكافحة الهجرة تواجه مزيداً من التحديات

سياسة إيطاليا لمكافحة الهجرة تواجه مزيداً من التحديات
TT

سياسة إيطاليا لمكافحة الهجرة تواجه مزيداً من التحديات

سياسة إيطاليا لمكافحة الهجرة تواجه مزيداً من التحديات

«من السجن نخرج؛ لكن من قاع البحر يستحيل الخروج!»، بهذه العبارات ردّ أوسكار كامبس، مؤسس منظمة «الأذرع المفتوحة» غير الحكومية، المالكة لإحدى سفن إنقاذ المهاجرين في المتوسط، على تحذير وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني باحتجاز السفينة في حال دخولها المياه الإقليمية الإيطالية، وإيداع طاقمها السجن.
وكان سالفيني قد وجّه تحذيره هذا فيما كانت سفينة شراعية إيطالية تتحدّى أوامره مرة أخرى، وتدخل إلى ميناء جزيرة لامبيدوسا وعلى متنها 41 مهاجراً، أنقذتهم قبالة السواحل الليبية. ورفض وزير الداخلية الإيطالي إنزالهم إلى اليابسة، رغم النداء الذي وجّهه قبطان السفينة، قائلاً: «الجميع في حال من الإعياء الشديد، والمهاجرون يحتاج معظمهم للعلاج والمساعدة. إننا نعيش وضعاً سوريالياً، وليس هناك ما يستدعي إطالة هذه المعاملة الوحشية. أطلب منك الموافقة على إنزالهم فوراً».
لكن بعد ساعات من تأكيدات سالفيني أنه لن يسمح بإنزال المهاجرين، كانت جبهة المعارضة لمواقفه تتسع داخل الحكومة وخارجها، إثر الانتقادات التي وجهها إلى وزيري الدفاع والاقتصاد لعدم التعاون معه في معالجة القضية. لكن وزيرة الدفاع ردّت بأنها عرضت على وزير الداخلية نقل المهاجرين إلى مالطا ورفض، رغم وجود اتفاق مع السلطات المالطية.
وكان وزير الداخلية الألماني هورست سيخوفير، الذي سبق وأبدى تأييده للسياسة المتشددة التي يتبعها سالفيني في ملف الهجرة، قد انتقد القرارات الأخيرة لزميله الإيطالي، ودعاه إلى «إعادة النظر في مواقفه، والتعاون في إطار الاتحاد الأوروبي والاتفاقات المعقودة لمعالجة هذه الأزمة».
وبينما كانت السلطات الإيطالية تصادر السفينة الشراعية وتحتجزها بعد إنزال المهاجرين في ميناء الجزيرة، صرّح الناطق بلسان المنظمة غير الحكومية التي تملكها قائلاً: «المهم أننا أنزلنا المهاجرين، ولن يردعنا احتجاز كل السفن عن إنقاذهم بكل الوسائل الممكنة».
وتجدر الإشارة إلى أن سياسة سالفيني قد أصيبت بنكسة شديدة بعد المواجهة الأخيرة مع قبطان سفينة الإنقاذ «سي واتش 3» الألمانية، كارولا راكيتيه، التي أحيلت إلى المحاكمة بعد دخولها عنوة ميناء لامبيدوسا، وإنزال المهاجرين الذين كانت تحملهم، واتهامها بعصيان الأوامر العسكرية، وتعريض حياة رجال الأمن الإيطاليين للخطر. لكن القاضي الذي نظر في الدعوى التي رفعها ضدها وزير الداخلية، أمر بالإفراج عنها معتبراً أن «واجب الإنقاذ لا ينتهي عند صعود الغرقى على متن السفينة؛ بل عند إيصالهم إلى ميناء آمن». ويشكّل هذا القرار الذي صدر عن المحكمة الإيطالية ضربة قاسية لسياسة سالفيني بإغلاق الموانئ في وجه سفن الإنقاذ، وفتح ثغرة قانونية في الإجراءات التي فرضتها الحكومة الإيطالية، بدأت المنظمات غير الحكومية تستغلّها لعدم الانصياع إلى الأوامر والتهديدات الصادرة عن وزير الداخلية.
لكن من المستبعد أن يتراجع سالفيني عن سياسته المتشددة لمعالجة ملف الهجرة الذي كان وراء الصعود السريع لشعبيته وهيمنته على المشهد السياسي الإيطالي، خصوصاً أن استطلاعات الرأي الأخيرة عادت لتؤكد هذا الصعود، وترجّح حصول حزب الرابطة الذي يتزعمه على نسبة تتجاوز 40 في المائة من الناخبين، مما يسمح له بتشكيل حكومة منفرداً من غير اللجوء إلى التحالفات.
وبينما يواصل زعيم الرابطة توجيه الاتهامات إلى المنظمات الإنسانية بالتواطؤ مع العصابات التي تتاجر بالمهاجرين، وهي اتهامات «كاذبة» في معظمها، كما بيّنت وسائل إعلام إيطالية عدة، يستمرّ في محاصرة حلفائه في الحكومة من حركة «النجوم الخمس» وابتزازهم نفسياً أمام الرأي العام، طارحاً نفسه كضحيّة لدفاعه عن مصالح المواطنين، كما جاء في التغريدة التالية: «أشعر من حين لآخر بأني وحيد في هذه المعركة. أطلب من وزيري الدفاع والاقتصاد مساعدتي في هذه المعركة من أجل الشرعية وإنقاذ الأرواح. حبذا لو وقفا بجانبي، وإلى جانب الشعب الإيطالي، وإلا فستكون تلك سابقة بالغة الخطورة».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».