من ذاكرة الإعلام: سعوديّات بريادة إعلاميّة

من ذاكرة الإعلام: سعوديّات بريادة إعلاميّة
TT

من ذاكرة الإعلام: سعوديّات بريادة إعلاميّة

من ذاكرة الإعلام: سعوديّات بريادة إعلاميّة

لم يمرّ عام 1963، الذي عَرَضت فيه الإذاعة السعودية ندوة عن دور المرأة المسلمة في المجتمع، تطرّق النقاش فيها إلى قضيّة الحجاب، وأدارها مدير عام الإذاعة عبّاس غزّاوي آنذاك، بمشاركة صفوة من مثقّفي المجتمع (أحمد السباعي وعبد العزيز الرفاعي وفيصل المبارك وعبد الله منّاع وصالح جمال، 30 - 6 - 1963)، حتى ثارت عاصفة غاضبة من دوائر الحسبة، لدرجة أدّت لمحاكمة المُنتدين وتقريعهم. وقد روى أول وزير للإعلام، جميل الحجيلان، تفاصيلها في مخطوط ذكرياته المرتقبة: لم يكد يمرّ ذلك العام، حتى أصبحت مشاركة المرأة بالصوت، ثم بالصوت والصورة، عبر وسائل الإعلام ممكنة وحقيقة، وصارت الفتاة على موعد مع ثاني نقلة اجتماعيّة مهمّة في حياتها، بعد 3 أعوام من إقرار التعليم النسائي الرسمي (1960، إبّان عهد الملك سعود).
انفتح الباب لهن على مصراعيه بعد تلك الندوة (سنة إنشاء وزارة الإعلام 1963)، غير أنه وبسبب انعدام الدراسات الاجتماعيّة والإعلاميّة والاهتمام بها في حينه، لم يتسّنَ توثيق تلك البدايات بالأسماء والتواريخ بشكل دقيق، فأصبح كلٌ يُدلي بدلْوه، بالدقّة أو بغيرها.
ورغم مضي ما ينيف على خمسة عقود على تلك البدايات، فإنه لا توجد دراسة قاطعة بتحقيق أسماء رائدات الأعمال الإذاعيّة، وتواريخها وبرامجها، ومهما يكن الحال، فالمهم في الأمر هو اقتحام الفتاة، بكل ثقة وعلى قدر واجب من المحافظة، هذا الميدان بكل قطاعاته في وقت مبكّر، بالنظر لطبيعة المجتمع المحافظ الذي عاشت فيه، فضلاً عن تقدير جرأة من وَقَف إلى جانبها بالتأييد ومنحها الثقة من أهل أو مسؤولين، حتى حقّقت فيه المكانة التي صقلها التعليم، ووصلت فيه إلى ما وصلت إليه الآن في جميع مناحي الحياة العامة.
يعتقد كاتب هذا المقال الذي أدرك النصف الثاني من سنة تأسيس الوزارة (1963) أن هناك خمس نساء لهن الحق في لقب الريادة الإذاعيّة من محطة إذاعة جدة، وهنّ: أسماء زعزوع، ود. فاتنة أمين شاكر، وشيرين حمزة شحاتة، ونجاة حسن عوّاد، ونجديّة الحجيلان (سارة إبراهيم)، فهن وإن تفاوتت بداياتهن بفترات قصيرة، يشكّلن جيلاً واحداً، ويُلحظ أن الأسماء تلك أتين من محيط أسر متفتّحة ذوات ثقافات عالية، وكان ميدان بداياتهن تقديم برامج المرأة والأطفال والبيت السعيد، ثم البرامج المنوّعة الأخرى، وصرن بإقدامهن قدوة لغيرهن من صاحبات المواهب.
ولم يختلف الأمر كثيراً بالنسبة للتلفزيون الذي بدأ بعد عامين (1965). فبعد أن شاركت فيه الفتيات بالصوت لفترة محدودة، ما لبثت لولوة العماري وفريال كردي ومنيرة الأحيدب أن تجاوزتها، لكن الأمر احتاج إلى الانتظار حتى عام 1974 ليتجرأ المسؤولون على دعوة هدى عبد المحسن الرشيد (الإعلامية السعودية في إذاعة لندن منذ أربعة عقود) لقراءة أول نشرة أخبار في تلفزيون الرياض.
قد يكون الإعلام السعودي، المقروء والمسموع والمرئي، تأخّر نوعاً ما في فتح المجال للطاقات النسويّة لدخول باب الريادة، لكنه سرعان ما تفاعل مع متطلّبات الزمن، لتخوض الفتاة الإعلام بكل فنونه ودروبه كأي فتاة عربيّة أخرى.
أما بالنسبة للريادات الصحافية، فأمكن تثبيتها بالاستفادة من المعلومات المدوّنة على المطبوعات، وصدرت كتب وثّقت البدايات المبكّرة والرائدة فيها، ومنها مؤلّفات د. عبد الله الجحلان الذي كانت له رسالة جامعيّة بهذا الشأن، والصحافية أمجاد رضا التي كتبت عام 2008 بحثاً عنوانه «عمل المرأة السعودية في مجال الإعلام»، استقصت فيه البدايات، وركّزت فيه على جهود الصحافيات، مع إلمامة عن عمل الإذاعيّات، ورجّحت أن لطفيّة الخطيب كانت أول من نشر مقالاً باسمها الصريح عام 1952، كما أتت على ذكر عشرات الصحافيات ذوات الأسبقيّة اللاحقة زمنيّاً، كسميحة أحمد وصفيّة عبد السميع وثريّا قابل وسارة القثامي ود. خيريّة السقّاف ود. فاتنة شاكر، وتطرّقت بإيجاز إلى رائدات التقديم الإذاعي والتلفزيوني. وللباحث محمد عبد الرّزاق القشعمي بحوث عدّة تُعنى بالبدايات الصحافية، ومن بينها كتاب «المرأة في المملكة العربيّة السعودية 2015»، أفرد فيه فصلاً عن بداياتها في كل مطبوعة، بدءاً من جهان الأموي (مجلة المنهل، 1955).
ويظل البحث بمجمله بحاجة إلى مزيد من التدقيق، يضاف إليه ريادات التخصّص الأكاديمي في هذا المجال، وكذلك عالم الإعلام البديل ووسائل التواصل الاجتماعي، وإبداعات الفتاة السعودية فيها، وأقدمها صحيفة «كل الوطن» الإلكترونيّة التي تصدرها الصحافية هداية درويش سلمان من موقعها على الإنترنت منذ عقدين، وما زالت.
- إعلامي وباحث سعودي



تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
TT

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)

شدد تميم فارس، رئيس «ديزني+» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، على أن منصة «ديزني+» مهتمة بالعمل على «تقديم محتوى يلائم ويحترم ويراعي الثقافة المحلية للجمهور» في المنطقة. وأشار إلى أن «ديزني+» ماضية قدماً ليس فقط في تقديم أفلام ومسلسلات مشهورة مع ضمان ملاءمتها واحترامها للثقافة المحلية، بل إن «جميع المحتوى الموجه إلى الجمهور تجري مراجعته بدقة لتحقيق هذه الغاية».

تميم استهلّ اللقاء بقوله «أولاً وقبل كل شيء، يسعدني أننا أطلقنا منصة هنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهذه المنطقة غنية بالثقافة والتراث والتقاليد. ولقد كان بمثابة حلم يتحقق أن نقدّم هذا المحتوى المميز إلى الجمهور المحلي العاشق للسينما والترفيه».

وتابع، من ثم، ليتطرّق إلى مواجهة بعض التحديات خلال هذه الرحلة فيقول: «ونحن بعد سنتين تقريباً على إطلاق (ديزني+)، نواصل - مثلاً - التعلّم من جمهورنا، وتنقيح محتوى المنصة؛ كي يراعي الثقافة المحلية للمشاهدين في المملكة العربية السعودية. ويشمل هذا نهجنا المحلي للمحتوى، وهذه أولوية كبيرة بالنسبة لنا».

إطلاق «ديزني+»

تميم فارس شرح أن «ديزني+» منصة توفّر خدمة عرض المحتوى الترفيهي حول العالم، منذ إطلاقها في عام 2022 في 16 سوقاً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنها «تعرض مجموعة واسعة من أشهر القصص من إنتاج شركة (والت ديزني)، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والأفلام الوثائقية والأعمال الأصلية الحصرية من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) وغيرها الكثير».

ثم ذكر أن كثيرين اعتادوا مشاهدة الأفلام الكلاسيكية من «ديزني» بدءاً بـ«الأسد الملك» و«علاء الدين»، ووصولاً إلى «موانا» و«إنكانتو». بالإضافة إلى عرض هذه الأفلام العائلية المفضلة على «ديزني+»، فهي متوافرة كذلك للمشاهدة بخياري الدبلجة باللهجة المصرية أو اللغة العربية الفصحى المعاصرة.

وبعدها علّق من واقع تجربته الشخصية: «أنا مثلاً، نشأت على مشاهدة الكثير منها مدبلجاً بصوت أشهر الممثلين والممثلات مثل محمد هنيدي ومنى زكي وعبلة كامل وخالد صالح، والآن أُتيحت لي فرصة مشاهدتها مرة أخرى مع ابني زين على المنصة».

ثم لفت إلى أن «ديزني+» تقدّم محتوى جديداً باستمرار، بما في ذلك الإصدارات السينمائية الحديثة والضخمة الصيفية، وكان آخرها فيلم «قلباً وقالباً 2» من إنتاج «ديزني» و«بيكسار» على «ديزني+» في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأفاد بأن «هذا الفيلم تصدّر قائمة أفلام الأنيميشن الأعلى تحقيقاً للإيرادات على الإطلاق، وجارٍ الآن عرضه حصرياً على (ديزني+)... وفي الواقع، يجري عرض أعمال (ديزني) السينمائية كافّة على منصة (ديزني+) في نهاية المطاف».

تميم فارس، رئيس "ديزني+" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (ديزني)

التكيّف مع المشهد التنظيمي الإقليمي

من جانب آخر، بالنسبة إلى الامتثال للقوانين المحلية للبث، أكد تميم فارس أن «فريقنا الإقليمي في (ديزني+) يقدّر الثقافة العربية تماماً، وأنا بصفتي أباً عربياً، أشارك تجربة شخصية مع ابني زين البالغ من العمر 7 سنوات؛ إذ نشاهد المحتوى معاً أو يشاهده بمفرده أحياناً. لذلك، أحرص على أن يكون ما يشاهده آمناً ومناسباً لثقافتنا العربية، ويتماشى مع قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا».

وأردف: «وكما ذكرت سابقاً... المحتوى هو الركيزة الأساسية لكل ما نقدّمه. ومنذ إطلاق المنصة، أنشأنا فريق امتثال متخصصاً على المستوى المحلي، وهو الفريق المسؤول عن مشاهدة المحتوى المعروض ومراجعته وفحصه بدقة. ولا يُجاز شيء إلا بعد تأكد هذا الفريق من أن كل كلمة تُنطق أو تُترجم أو تُدبلج تتوافق أو يتوافق مع قيمنا العربية وتقاليدنا. ولا بد أن يتوافق المحتوى الموجه إلى الجمهور الأصغر سناً مع هذه الإرشادات ليصار إلى عرضه على (ديزني+)».

وفي الاتجاه نفسه ركّز تميم على أنه «بالإضافة إلى فريقنا، ونظراً إلى أنني أب عربي لابن صغير، أدرك أن ابني يستطيع مشاهدة مسلسلاته وأفلامه المفضلة ضمن بيئة آمنة ومناسبة لكل أفراد العائلة من دون استثناء، وذلك من خلال تمكين الوالدين من ضبط إعدادات المشاهدة بسهولة مطلقة لمراقبة المحتوى الذي يشاهده الأطفال، بما في ذلك خيار إعداد حسابات خاصة بهم وحمايتها من خلال رمز سري».

وأضاف شارحاً: «وحقاً، نحن نولي أهمية قصوى للحفاظ على صدقنا وأصالتنا تجاه جمهورنا العربي، ونلتزم بتقديم محتوى عالي الجودة يتماشى مع قيمنا العربية الأصيلة. وبصفتي أباً، أشعر بالطمأنينة لمعرفة أن أطفالي يستمتعون بمحتوى آمن ومناسب لأعمارهم».

استراتيجيات «ديزني+» في المنطقة

وحول استراتيجيات «ديزني+» في منطقة الشرق الأوسط، أوضح أن المحتوى الذي تقدمه المنصة كفيلٌ بالتأكيد على مدى نجاحها، وقال: «منصة (ديزني+) تعرض ثمانية من أفضل عشرة أفلام تحقق أعلى مستوى مبيعات حول العالم التي تُعرض تقريباً معظمها بشكل حصري على (ديزني+)، ويمكن لمشاهدي المنصة مشاهدة آلاف المسلسلات والأفلام من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) والمحتوى الترفيهي للبالغين من (ستار). إننا نقدم حقاً المحتوى الذي يناسب تفضيلات الجميع من الفئات العمرية كافّة ومختلف شرائح المجتمع».

وزاد: «إننا نحرص دوماً على عرض الأعمال الجديدة على منصتنا، لكننا ندرك في الوقت نفسه أن خيارات مشاهدينا المفضلة تتغيّر وتتوسع لتشمل رغبتهم في مشاهدة المحتوى العالمي أيضاً». وتابع: «لقد بادرنا مثلاً إلى تنظيم مجموعات متخصصة في الكثير من المدن السعودية، للتفاعل مع المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي والوقوف على المحتوى الذي يشاهدونه عبر المنصة. وفي الوقت نفسه، نحرص دوماً على الاستفادة من عملائنا المحليين والارتقاء بإمكاناتنا والمحتوى الذي نقدمه إليهم؛ كي ننجح في توفير خدمات تلبي احتياجات المنطقة».

المحتوى المحلي

تميم فارس قال إن «ديزني+» تتطلع لمزيد من الأعمال والإنتاجات التي تعزّز مكانتها في المنطقة، وبالتحديد على المستوى المحلي، «على سبيل المثال، أعلنا شعارنا الجديد الذي يضم للمرة الأولى على الإطلاق كلمة (ديزني) باللغة العربية. وبادرنا إلى إطلاق أول حملة إعلانية ننتجها محلياً على الإطلاق، ويشارك فيها فريق عمل سعودي بامتياز يضم أشهر صناع المحتوى المحليين، لتعزيز شعور المشاهدين على مستوى المنطقة بالشمولية والانتماء».

ثم أضاف: «وثانياً هناك المحتوى الذي تقدّمه المنصة؛ حيث نؤكد مواصلة التزامنا بتقديم محتوى جديد ومتنوع والحفاظ على مكانتنا الحالية، من خلال إضافة أعمال جديدة إلى مكتبتنا الضخمة من المحتوى الذي نعرضه للمشاهدين كل يوم... ونحرص على تقديم المحتوى الترفيهي الذي يرتقي إلى مستوى تطلعات المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتفضيلاتهم، بدءاً من الأعمال العالمية التي تحقق نجاحاً كبيراً وصولاً إلى المحتوى المحلي المدبلج باللغة العربية».

ومع تشديده على أن جميع الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تُعرض على «ديزني+» تتوافق بالكامل مع المتطلبات التنظيمية المحلية السعودية، أوضح تميم أن المنصة تسعى باستمرار إلى عقد مزيد من الشراكات مع أبرز الشركات المزودة لخدمات الاتصالات، مثل شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة «دو»، وشركة اتصالات «زين» في الكويت، لتوفير مجموعة من خيارات الاشتراك، وتتطلّع إلى مواصلة عقد مزيد من الشراكات خصوصاً في السعودية في المستقبل القريب.

واختتم بتسليط الضوء على عروض الأفلام الوثائقية المرتبطة بالمنطقة، فقال: «نعرض حالياً فيلم (كنوز الجزيرة العربية المنسية) على منصة (ناشيونال جيوغرافيك)، لتمكين المشاهدين من رؤية ثقافتهم الغنية وتراثهم العريق من زاوية مختلفة، وننظر أيضاً في فرص توسيع نطاق المحتوى الذي نقدمه إلى المشاهدين، من خلال بناء شراكات واتفاقيات تعاون مع مجموعة محلية من صناع المحتوى وشركات الإنتاج».