آريين روبن... لاعب استثنائي جلب السعادة والألقاب أينما حل

أعلن اعتزاله بعد مسيرة حافلة بالنجاحات في أيندهوفن وتشيلسي وريال مدريد والمنتخب الهولندي

روبن يحرز الهدف القاتل عندما فاز بايرن على دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا 2013
روبن يحرز الهدف القاتل عندما فاز بايرن على دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا 2013
TT

آريين روبن... لاعب استثنائي جلب السعادة والألقاب أينما حل

روبن يحرز الهدف القاتل عندما فاز بايرن على دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا 2013
روبن يحرز الهدف القاتل عندما فاز بايرن على دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا 2013

دائما ما تكون الأشياء غير المتوقعة جميلة ومثيرة، لكن بعض الأشياء المتوقعة قد تكون كذلك أيضا، فقد كان الجميع يعرف جيدا الطريقة التي يلعب بها النجم الهولندي آريين روبن، لكن لم يكن بمقدور المدافعين إيقافه. لقد كان روبن يتسلم الكرة على الناحية اليمنى من الملعب، وينطلق بها باتجاه خط التماس ثم يتجه للعمق ويسجل الأهداف. وكان النجم الهولندي الكبير يفعل هذا الأمر مرارا وتكرارا، رغم أنه كان يخفق في بعض الأحيان. وفي بعض الأحيان كان يسجل في الزاوية القريبة، وفي أحيان أخرى كان يخطو خطوات قليلة أخرى داخل منطقة الجزاء، أو خارجها مباشرة، ويسجل في الزاوية البعيدة. وفي بعض الأحيان كان يطلق تسديدات أرضية، وفي أحيان أخرى تسديدات في أعلى المرمى.
قد يبدو الأمر بسيطاً، لكنه لم يكن كذلك على الإطلاق، لكن الشيء المؤكد هو أنه كان من الرائع أن تشاهده وهو يقوم بهذا الأمر مرارا وتكرارا. والأسبوع الماضي، أعلن اللاعب الهولندي، الذي رحل عن بايرن ميونيخ في نهاية الموسم الماضي، اعتزاله كرة القدم وهو في الخامسة والثلاثين من عمره، بعد 19 عاماً من ممارسة اللعبة على المستوى الاحترافي. وأصدر بيانا قال فيه إن الإصابات قد أعاقته كثيرا وأنه لم يعد من المنطقي الاستمرار بعد ذلك، مضيفا: «إن حبي للعبة والاقتناع بأنه لا يزال بإمكاني التعامل مع العالم كان ضد الواقع، فأنا لم أعد لاعبا صغيرا في السادسة عشرة من عمره ليس لديه فكرة عما يمكن أن تفعله الإصابات باللاعب».
وأشار إلى أن الوقت قد حان «لقضاء المزيد من الوقت مع زوجتي وأطفالي والاستمتاع بكل الأشياء الجيدة التي تنتظرنا»، وهذا أمر منطقي، لأن روبن قد حقق كل شيء وفاز بدوري أبطال أوروبا والدوري الهولندي والدوري الإنجليزي والدوري الإسباني، بالإضافة إلى ما لا يقل عن ثمانية ألقاب للدوري الألماني الممتاز. وعلاوة على ذلك، قاد روبن منتخب هولندا للوصول إلى المباراة النهائية لكأس العالم 2010، ثم الحصول على المركز الثالث في كأس العالم 2014 بالبرازيل. وفاز ببطولات الكأس 16 مرة، وحصل على الكثير من الجوائز الفردية. وبالتالي، لم يعد هناك المزيد لكي يحققه، خاصة في ظل معاناته من الإصابات التي أثرت عليه كثيرا.
ورغم كل البطولات التي حصل عليها، لم يكن طريقه مفروشا بالورود في عالم كرة القدم، فبعد انضمامه إلى تشيلسي قادما من بي إس في أيندهوفن الهولندي، اكتشف الأطباء وجود ورم في إحدى خصيتيه وقرروا إجراء عملية جراحية لاستئصاله. وتعافى اللاعب الهولندي تماما بعد ذلك، لكن بعد حصوله على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز مرتين خلال ثلاث سنوات، رحل إلى ريال مدريد. وفي إسبانيا، قضى اللاعب الهولندي موسمين سعى خلالهما إثبات أنه يمتلك قدرات كبيرة لكن بمجرد وصول فلورنتينو بيريز كرئيس للنادي وتعاقده مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو والبرازيلي كاكا في صيف 2009، كان ذلك يعني أن وقت روبن مع النادي الملكي قد انتهى.
انتقل روبن إلى بايرن ميونيخ في ذلك الصيف، ليكون هو النادي الذي ينهي معه مسيرته الكروية أيضا. وسيتم تذكره، من نواح كثيرة، على أنه كان لاعبا في بايرن ميونيخ، وليس في أي فريق آخر؛ حيث قاد روبن النادي البافاري للحصول على لقب الدوري الألماني الممتاز ثماني مرات، وكان صاحب الهدف القاتل في الدقيقة 89 عندما فاز بايرن ميونيخ على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا على ملعب ويمبلي عام 2013، ووصف توماس مولر هدف روبين أمام بوروسيا دورتموند بـ«لحظة خالدة من لاعب سيظل في قلوبنا».
ويمكن القول بأن هذا كان هو الهدف الأكثر أهمية في مسيرته الكروية، ومن الغريب أنه لم يسجله بطريقته المعتادة عن طريق الدخول إلى عمق الملعب والتسديد بقدمه اليسرى، لكنه سجله بعد مراوغة اثنين من المدافعين. وفور إطلاق الحكم لصافرة النهاية، دخل روبن في نوبة بكاء شديدة، وقال في تصريحات بعد المباراة: «حسناً، لقد وصلنا مرتين إلى المباراة النهائية خلال السنوات الثلاث الماضية وخسرنا في كل منهما، ولم نكن نرغب في الخسارة مرة أخرى».
ولن يتم تذكره بالطبع بأنه كان خاسرا، على الرغم من أنه كان يتم اتهامه في بعض الأحيان بأنه يدعي السقوط من أجل الحصول على أخطاء وركلات جزاء، وهو أمر صحيح في الحقيقة. ففي مرحلة ما من مسيرته الكروية في ألمانيا، كان يُعرف بأنه «ملك الغطس» وكان يتم السخرية منه على نطاق واسع بسبب ادعائه السقوط أمام المكسيك في كأس العالم 2014، لكن بشكل عام، تخلص روبن من السقوط المبالغ فيه داخل منطقة الجزاء بمرور الوقت. ويوم الخميس الماضي، أعرب زملاؤه في الفريق عن إعجابهم بما قدمه خلال مسيرته الحافلة وعن حزنهم بسبب اعتزاله اللعب.
وقال ديفيد ألابا على حسابه الخاص على «تويتر» إنه فخور باللعب مع روبن، مضيفا: «طريقتك في اللعب كانت مختلفة، وشخصيتك كانت استثنائية»، بينما كتب فيليب لام: «وداعاً للاعب استثنائي». وتعكس هذه الإشادة من جانب لام وألابا حقيقة أن روبن كان لاعبا استثنائيا، لكن لم يكن اللاعبون فقط هم من استمتعوا بمهاراته داخل الملعب، ولكن جمهور الساحرة المستديرة أيضا استمتع بمهارات هذا اللاعب الكبير.
من جانبه عبر فرانك ريبيري، لاعب بايرن ميونيخ السابق، عن حزنه بسبب قرار روبن اعتزال كرة القدم عقب نهاية. وقال ريبيري: «أنا أتأسف لاعتزاله. أنا حزين. ولكن هذا هو قراره، وهو الوحيد الذي بإمكانه اتخاذه، ويجب أن تحترم هذا». وأرهب الثنائي ريبيري وروبن دفاعات الفرق التي يواجهها بايرن ميونيخ على أرضه أو خارجها لعدة سنوات، ولكنهما لم يحصلا على تجديد لعقديهما. وودعا الفريق بالفوز بلقبي الدوري والكأس في الموسم المنقضي. وقال ريبيري (36 عاما): «وقتنا سويا في بايرن كان عظيما وناجحا».
وهذا هو السبب الذي جعلني أطلب من ابني أن يجلس ويشاهد خمس دقائق لآرين روبن وهو يتقدم للأمام ويتجه لعمق الملعب ويسجل أهدافا، عندما أحاول تحفيزه قبل مبارياته في فريق الناشئين تحت عشر سنوات، بدلاً من مقاطع الفيديو الرائعة التي يفضل أن يشاهدها لكل من ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو.
وأجلس مع نجلي لنشاهد روبن وهو يقوم بهذه الأشياء الرائعة، وأقول له: «هل رأيت ذلك؟ كيف سجل من هناك؟»، ثم نجلس في صمت ونرى الكرة وهي تتهادى في الشباك بعد خروجها من القدم اليسرى للاعب الهولندي المبدع. ثم نبتسم، وهذا هو ما كان يفعله روبن، فقد جعل الناس يبتسمون، وأعتقد أنه لا توجد إشادة أو ثناء لأي لاعب أكثر من ذلك!



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».