النائب عن «القوات» سيزار المعلوف: حريصون على مصالحة الجبل... وباسيل يمارس الاستفزاز

سيزار المعلوف
سيزار المعلوف
TT

النائب عن «القوات» سيزار المعلوف: حريصون على مصالحة الجبل... وباسيل يمارس الاستفزاز

سيزار المعلوف
سيزار المعلوف

أكد النائب في «تكتل الجمهورية القوية» سيزار المعلوف أن «حزب القوات اللبنانية» لن يقبل أن تمس مصالحة الجبل، وهو حريص على العلاقة والتواصل الدائم مع «الحزب التقدمي الاشتراكي»، معتبراً في الوقت عينه أن مشكلة وزير الخارجية رئيس «التيار الوطني الحر»، جبران باسيل هو أنه يمارس الاستفزاز، ونبش دفاتر الماضي، عبر حديثه الدائم عن الحروب.
وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، قال المعلوف إن «رئيس حزب القوات سمير جعجع حكيم في مقاربة الأوضاع ومعالجتها، وحكيم لدى الشدائد والمفاصل الصعبة، عندما ينبغي على المرء أن يعالج التطورات والأحداث بحكمة وروية، وهذا ما قام به في محطات كثيرة، كان آخرها بعد أحداث الجبل المؤسفة، حيث دعا إلى التهدئة، ومعالجة ما جرى من خلال الاحتكام إلى القانون، وبالتالي أكد أن مصالحة الجبل ثابتة متماسكة، هذه المصالحة التي حصلت مع (الحزب التقدمي الاشتراكي)، وبرعاية البطريرك الماروني الراحل نصر الله صفير، التي كان لها الأثر البالغ في إرساء هذا التعايش الدرزي - المسيحي والوطني في الجبل، وليس في استطاعة أحد أن يعكر صفو هذه المصالحة».
وأشار المعلوف إلى أن «زيارة رئيس حزب القوات اللبنانية إلى دار الطائفة الدرزية، للتعزية بوفاة رئيس مؤسسة (العرفان التوحيدية) الشيخ علي زين الدين، وبرفقته النائب السيدة ستريدا جعجع، ووفد وزاري ونيابي وقيادي من القوات، دليل على الحرص على التواصل مع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، وتالياً على التأكيد على العلاقة التاريخية مع الطائفة الدرزية الكريمة». وأضاف: «من هذا المنطلق جاء موقف جعجع ليؤكد أن (القوات) أحد الأركان البارزين في مصالحة الجبل، التي لن تقبل تحت أي طائل أن تُمسّ، لأننا في ظروف صعبة، وثمة تطورات وأحداث إقليمية ودولية، والبعض في لبنان يحاول بين الفينة والأخرى زرع الشقاق وإثارة الغرائز بين اللبنانيين، ما يستدعي تحصين هذه المصالحة أكثر من أي وقت مضى».
وهل يرى النائب المعلوف أن الوزير باسيل تسبب بأحداث الجبل، جراء هذه الزيارة التي لم تُستكمل وما سبقها من مواقف تصعيدية؟ أجاب: «لنكن واقعيين. يحق لأي زعيم أو قيادي أو مسؤول أن يزور أي منطقة لبنانية، ولا يمكن منعه من ذلك، وبالتالي باسيل رئيس تيار سياسي كبير لديه 11 وزيراً وكتلة نيابية كبيرة، ولكن وبصراحة متناهية، فإن مشكلته أنه يمارس الاستفزاز ونبش دفاتر الماضي، والحديث دوماً عن الحروب التي حصلت في الجبل وغيرها، وهذا ما أثار حفيظة (الاشتراكي) وأبناء الجبل». وأضاف: «كان الأجدى أن ينسّق ويتواصل مع «الاشتراكي» الذي له أيضاً وزراؤه ونوابه ويمثل الأكثرية الوزارية والنيابية لدى الدروز»، سائلاً: «ما المشكلة إذا زار المختارة وجال في الجبل؟ لأن التواصل والتنسيق بين المكونات السياسية أياً كانت توجهاتها وانتماءاتها يصبّ في خانة التوافق وترسيخ الوحدة الوطنية، وقد أثبتت كل التجارب الماضية أنه ليس باستطاعة أي فريق لبناني أن يلغي الآخر مهما بلغ حجمه وقوته».
من هذا المنطلق، يرى المعلوف أن «التحديات والاستفزازات التي سبقت زيارة باسيل إلى الجبل، أثارت حفيظة الكثيرين، ما أدى إلى هذه الأحداث المؤسفة التي ندينها، ولا يمكننا أن نعود إلى الماضي، وبالتالي القضاء هو المخول تحديد الفاعلين والمشاركين فيما جرى بعيداً عن أي تصعيد سياسي»، وأكد أن «المهم أن ينصاع الجميع إلى القانون كذلك علينا تثبيت الطائف والحفاظ على السلم الأهلي والشروع في الاهتمام بقضايا الناس وأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية المزرية، التي باتت تحتاج إلى جهود مضنية، وكما قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فمن الضروري أن تتحول الحكومة إلى حكومة طوارئ اقتصادية للانكباب على معالجة أوضاع الناس وشؤونهم وشجونهم».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.