ترجيحات بالتفاف فصائل في «الحشد» على أمر رئيس الوزراء العراقي

قيادي: بعضها انشطر إلى اثنين أحدهما يعمل في الداخل والآخر في الخارج

TT

ترجيحات بالتفاف فصائل في «الحشد» على أمر رئيس الوزراء العراقي

ما زال الأمر الديواني الذي أصدره رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بشأن إعادة هيكلة «الحشد الشعبي»، مثار اهتمام المراقبين والعاملين داخل هيئة الحشد أو خارجها. وتتركز معظم الأسئلة المطروحة هذه الأيام، حول مدى استجابة الفصائل المسلحة لأمر رئيس الوزراء، والأسباب التي دفعت الأخير إلى إصدار أمره الديواني وصلته بما يدور بمنطقة الخليج والتوتر القائم فيها بين الولايات المتحدة وإيران.
وكان عبد المهدي أصدر في الأول من يوليو (تموز) الجاري أمراً خاصاً بـ«الحشد الشعبي»، تضمن عشر نقاط، تشدد على ضرورة إنهاء المظاهر المسلحة وارتباط الحشد رسمياً بالقائد العام للقوات المسلحة وإنهاء جميع التسميات التي كانت تستعمل خلال فترة الحرب على «داعش»، واستبدالها بـتسميات عسكرية، وحدد نهاية الشهر الحالي موعدا أخيرا لتنفيذ بنود الأمر.
وعلى مستوى الاستجابة، كان زعيم التيار الصدري الذي أسس «سرايا السلام» بعد يونيو (حزيران) 2014. أول المرحبين والمستجيبين وأعلن فك ارتباطه بالسرايا وطالبهم بإغلاق مقارها. وكذلك رحب بالأمر الديواني زعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، ومنظمة «بدر» التي يقودها هادي العامري، وغالبية الكتل السياسية الشيعية والسنية.
وفي هذا السياق، أكد المتحدث باسم «سرايا السلام» صفاء التميمي، «المباشرة بغلق مقرات السرايا في جميع المحافظات ورفع العناوين الدالة على السرايا في كافة المقرات». وأضاف التميمي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «السرايا وبمجرد صدور الأمر الديواني وتعليق السيد الصدر عليه، اتخذت جميع الإجراءات المتعلقة بغلق المقرات، ومنها المقرين الرئيسيين في بغداد والناصرية، إضافة إلى المكاتب في بقية المحافظات». وأشار إلى أن «سرايا السلام ترى أن الأمر الديواني يصب في صالح تقوية الدولة وحصر السلاح بيدها، لذلك تفاعلت معه، واليوم لدينا ثلاثة ألوية تابعة لهيئة الحشد وتعمل في سامراء تحت مظلة الحشد».
وتوالت في اليومين الأخيرين، بيانات وتصريحات الفصائل المختلفة الكاشفة عن موقفها من أمر عبد المهدي. وقالت حركة «النجباء» المعروفة بصلاتها القوية بإيران، إن «المسميات التي تحدث بها الأمر الديواني لرئيس الوزراء، سبق وأن عمل بها الحشد الشعبي». وتحدث عضو المجلس السياسي للحركة فراس الياسر بوضوح عن جناحي الحركة المقاتلين في سوريا والعراق، وقال في تصريحات: إن «الأمر الديواني تحدث عن القوات التي التحقت بهيئة الحشد الشعبي، ونحن في حركة النجباء لدينا فقط اللواء 12 تحت إمرة الهيئة، وهذا لا يمنع وجود أفراد آخرين في المجتمع العراقي ممن يحملون ثقافة المقاومة في الدفاع عن المقدسات». كاشفا عن إن «وجود النجباء في سوريا جاء بطلب من الحكومة السورية، إضافة إلى أن الحكومة العراقية على دراية بوجودهم، لذا فإنه لا يوجد أي إشكال في ذلك».
بدورها، لم تعلن «كتائب حزب الله»، الموالية لإيران هي الأخرى، موقفا صريحا من حيث قبول أو رفض الأمر الديواني، لكنها دعت الحكومة إلى منع ما أسمته «الشبكات التجسسية المرتبطة بالسفارات وعلى رأسها السفارة الأميركية في بغداد». وفي إشارة إلى اعتراضها على عدم شمول قوات البيشمركة الكردية ببنود الأمر الديواني، شنت الحركة هجوما شديدا على تلك القوات وشدد بيان الحركة الصادر أول من أمس، على «ضرورة معالجة دور (ميليشيات) البيشمركة التي تأتمر بأمر الأجنبي وتتلقى الدعم من أطراف ودول أجنبية». كما دعت الحكومة إلى «منع نشاط المجاميع المسلحة الأجنبية في العراق» ومنها حزب العمال الكردستاني. كذلك، طالبتها بمعالجة ما اسمتها «ميليشيات النجيفي (محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي) البالغ عددها ستة آلاف مقاتل يأتمرون بأوامر دول أجنبية».
بدوره، يرجح قيادي في أحد فصائل «الحشد الشعبي» أن «جميع القوى التي لها تمثيل في هيئة الحشد ستلتزم ببنود الأمر الديواني بما فيها الموالية لإيران، لأنها قادرة على الالتفاف عليه، لذلك نرى أن إعلان المواقف صار على المكشوف بعد صدور الأمر». ويقول القيادي الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه بأن «أكبر المفارقات الموجودة في الحشد الشعبي، هي انشطار بعض فصائله إلى شطرين، الأول مع الحشد ويلتزم بجميع أوامر وتعليمات الحكومة العراقية، والآخر يعمل خارج البلاد ويتبع الأوامر الإيرانية».
ويؤكد المصدر أن «الإيرانيين يشددون على اتباعهم بضرورة الالتزام بتعليمات الحكومة داخل العراق، لكن الأمر غير الواضح ما إذا ستبقى هذه التعليمات سارية المفعول في حال نشب نزاع مسلح بين واشنطن وطهران».
ويرى القيادي، أن «خلفية الأمر الديواني هي قضية فقدان الثقة العميق داخل أوساط الحشد الشعبي، سواء على مستوى العلاقة بين الفصائل والدولة، أو بين الفصائل مع بعضها، خاصة ونحن نعلم أن بعض الفصائل موالية لإيران وتخشى الحكومة من أن تتسبب لها بمشاكل مع الجانب الأميركي».
وإلى جانب فقدان الثقة، يشير المصدر إلى «ارتباط الأمر الديواني بما يجري في المنطقة هذه الأيام من توتر، وتنامي قدرة بعض الفصائل التسليحية، وكذلك الاتهامات الأميركية لبعض الفصائل بتهديد مصالحها في المنطقة».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.